صوت صارخ في البراري


سلمان مصالحة || 

صوت صارخ في البراري


لماذا الإعلام العربي على جميع أنواعه، من فضائيات وصحافة ومواقع إنترنت، مُغرم إلى هذا الحدّ بنشر الصّور المُذهلة لأصناف القتل؟ لماذا يعشق العرب نشر كلّ هذا الكمّ الهائل من صور الموت للشيوخ والأطفال، للنساء والرجال؟

ألا يُفكّر كلّ هؤلاء القائمين على هذا الإعلام في تأثير هذه الصّور على نفسيّات الأطفال العرب ممّن يشاهدون هذه الفظائع؟ ألا يُفكّرون بأبعاد هذه المشاهد على الأجيال العربية الناشئة؟ أين هي الأصوات التي تُطالب بوقف هذه بحقّ تفسيّات المشاهد العربي، أيّا ما كانت سنُّه؟

لقد وصلت إلى قناعة أنّ مصدر هذا النّهج الإعلامي العربي هو انعدام القدرة في الذهنيّة العربيّة على التّجريد. يبدو أنّ الذّهن العربيّ لم يصل بعد إلى مرحلة إدراكيّة يستطيع فيها فهم الألم المُجرَّد. إنّه يجنح طوال الوقت إلى التجسيد، إذ بغير هذا التجسيد لا يفهم هذا العالم من حوله.

كم من القرون ستمرّ حتّى نصل إلى مرحلة نُودّع فيها هذا الطّبع البرّي المُتمثّل في التّجسيد، وننتقل إلى امتلاك الطّبع الأهلي الّذي يُدرك كلّ شيء في هذا الكون بالتّجريد.

يا لهول هذه الحال، ويا لهول ما ينتظرنا من مآل!
*

مشاركات



تعليقات فيسبوك:


تعليقات الموقع: يمكن إضافة تعليق هنا. لا رقابة على التعليقات مهما كانت مخالفة للرأي المطروح، بشرط واحد هو كون التعليقات وصيلة بالموضوع.

0 تعليقات:

إرسال تعليق

قضايا
  • كل يغنّي على ويلاه

    إنّ القطيعة التي فرضها الإسلام على العرب مع جذورهم الجاهلية قد سجنتهم في بوتقة الواحدية الأيديولوجية التي لا يمكن أن تكون إلاّ كابتة ومستبدّة، أي فاشية في نهاية المطاف. كذا هي طبيعة الأيديولوجيّات الواحدية، أكانت هذه الأيديولوجيات دينية أو سياسية، لا فرق.
  • شعب واحد أم تشعّبات؟

    قد يظنّ البعض أنّ إطلاق الشّعارات يكفي وحده إلى تكوين مجموعة سكّانيّة هوموجينيّة متراصّة لها مقوّمات الشّعب كما يجب أن يفهم هذا المصطلح على حقيقته.

    تتمة الكلام
 
قراء وتعليقات
  • تعليقات أخيرة

  • جهة الفيسبوك

    قراء من العالم هنا الآن

  • عدد قراء بحسب البلد

    Free counters!