مرثية اكسينوفانس

من الأرشيف (يوليو 2005):

وهكذا أيضًا، يمكننا أن نمضي على هدي اكسينوفانس فنقول: إنّه إذا كان الإنسان عنيفًا فإنّ إلهه يرتسم عنيفًا على شاكلته، وإذا كان الإنسان محبًّا فإنّ إلهه يرتسم محبًّا إلى أبعد الحدود لا يفرّق بين بني البشر، وإذا كان قبليّ النّزعة يأتي إلهه قبليًّا على شاكلته...

سلمان مصالحة || 

مرثية اكسينوفانس

بعض كلام



سلمان مصالحة || 

بعض كلام

بَكَى صَاحِبي أَنْ غَابَ نَجْمٌ
بِأُفْقِهِ، وَأَيْقَــنَ أَنَّ الحَـظَّ
مِنْـهُ تَعَثَّرَا.

لا شيء

سلمان مصالحة || لا شيء

لا شَيْءَ، فِي هذا
الصّبَاحِ، يُفِيقُ. فَالعَيْنُ -
أَنْهَكَهَا الرَّجَا
وَالضِّيقُ.


تداعيات ليلية


سلمان مصالحة || 

تداعيات ليلية



اليَوْمَ أَطْلَقْتُ العِنَانَ لِخَاطِرٍ،
وَمَشَيْتُ خَلْفَ هَواجِسِي
ثَمِلاً بِما أُعْطِيتُ مِنْ هَمٍّ
تَفَتَّحَ فِي اغْتِرَابِي. كُنْتُ
مَحْمُولاً عَلَى أَلَمٍ قَدِيمٍ،
تَنَاثَرَ مِنْ كِتَابٍ مُبْهَمٍ.
فَطَرَقْتُ بَابًا مُوصَدًا مِنْ
أَلْفِ عَامٍ، حَامِلاً حُلُمِي
المُخَبَّأَ فِي الفُؤَادِ. وَطُفْتُ
أَبْحَثُ عَنْ مَنَامٍ لَمْ أَزُرْهُ
وَلَمْ يَزُرْنِي فِي رُقَادِي.
مَرَّ فَجْرٌ، مَرَّ عَصْرٌ،
فَانْثَنَيْتُ عَنِ المُضِيِّ بِدَرْبِيَ
المَرْصُوفِ بِالأَرَقِ المُوَزَّعِ
خَلْفَ بَابِي مِثْلَ غَيْمٍ فِي
السَّرَابِ. فَرَدَّنِي قَلَقِي إلَى
مَا كُنْتُ أَوْرَثْتُ الشَّوَارِعَ
مِنْ شَبَابِي. أَيْنَ بَابِي الآنَ،
أَيْنَ جَوَارِحِي ارْتَحَلَتْ
بِلا أَثَرٍ يُذَكِّرُ بِالَوَدَاعِ؟
وَكَيْفَ جَاءَ الصَّيْفُ بَعْدَ
غِيابِهِ فِي دَمْعَةٍ وَقَعَتْ
عَلَى شَفَةِ اليَرَاعِ. هُناكَ
كَانَ المَوْتُ يَزْحَفُ خَلْفَ
شَيْخٍ حَانِيَ الظَّهْرِ، كَطِفْلٍ
فِي الرِّضَاعِ. سَئِمْتُ مَا
كَتَبَ المَصِيرُ لِهَاجِسٍ.
كَلَّتْ بِهِ عَيْنِي بِهَذا العَصْرِ،
فَانْهَمَكَتْ ذِرَاعِي تَفْرُشُ
النَّجْمَاتِ فِي دَرْبِي، تَحُثُّ
الرِّيحَ أَنْ تَجْرِي بِمَا اشْتَهَتِ
الغُيُومُ، وَتُرْسِلُ الكَلِمَاتِ
عَبْرَ أَصَابِعٍ، سَرَحَتْ
كَسِرْبِ أَيَائِلٍ فِي اللَّيْلِ.
هَذا اللّيْلُ جَاءَ يَقُصُّ
سِيرَتَهُ عَلَيَّ، بِلَحْظَةٍ
وَسَعَتْ سَمَائِي. جَاءَ
يَحْمِلُ بَعْضَ ما تَرَكَتْ
لَهُ سُفُنُ العَنَاءِ، وَكَأَنَّنِي
كُنْتُ الوِعَاءَ لِكُلِّ هَذا الحُلْمِ
فِي طَرَفِ الفَضَاءِ، فَمَنْ
يَكُونُ اللَّيْلُ، مَنْ هذا الّذِي
طَلَبَ اتِّبَاعِي، نَاسِيًا مَا
كُنْتُ أَذْكُرُ فِي رَحِيلِي،
وَاجْتِمَاعِي بِالأَيَائِلِ.
وَحْدَهَا طَرِبَتْ مَعِي،
قُلْتُ ارْجَعِي للأَصْلِ حَيْثُ
تَرَكْتِنِي، لِأَبُوحَ مَا نَسِيَتْ
شُجُونِي فِي الأصَائِلِ. كَانَ
فِي القَلْبِ فَرْخٌ، مِنْ زَمانٍ قَدْ
مَضَى. لَمْ يَلْتَفِتْ للرِّيشِ إذْ
هَبَّتْ بِهِ رِيحٌ فَأَطْلَقَتِ الرِّياحُ
جَنَاحَهُ مَرحًا، وسَافَرَ
للبَعِيدِ، ولَمْ يَعُدْ. فَبَقِيتُ
مِثْلَ هَوَاجِسِي، قَلِقًا عَلَى
حُلُمٍ تَوَلَّى. لَيْسَ عِنْدِي الآنَ
شَيْءٌ غَيرَ هذا اللَّيْلِ، حَلَّ
إزَارَهُ فَفَرْشْتُ سَهْلاً، كَيْ
يَكُونَ لِقاؤُنَا شِعْرًا، وَظِلَّ
سَوَالِفٍ مِنْ بَحْرِ حُزْنٍ، كَيْ
يَطُلَّ مِنَ الفَضَاءِ عَلَيَّ نُورٌ
مِنْ ظَلامِكَ، كَيْ أُفَتَّشَ فِي
كَلامِكَ عَنْ حَكَايَا أُثْقِلَتْ
فِي اللَّيْلِ حِمْلاً مِنْ دُمُوعٍ
شَابَهَا فِي العَيْنِ لَوْنُ
الجَمْرِ، حِينَ خَبَرْتُ أَنِّي
رَاحِلٌ خَلْفَ الحُدُودِ،
وَعَابِرٌ جَبَلاً وَسَهْلاً.
مُبْحِرٌ بِشِتَاءِذَاكِرَتِي الَّتِي
نَبَعَتْ كَفَيْضِ تَوَهُّمٍ فِي
اللَّيْلِ، طِفْلاً. أَيْنَ أَنْتَ
الآنَ فِي هَذا المَكانِ، وَأَيْنَ
اللَّيْلُ مِنْ ذَاكَ الزَّمانِ يُعِيدُ
إلَيَّ مَا أَبْقَيْتُ مِنْ مَرَحٍ
لِفَرْخٍ لَمْ أَكُنْهُ، ولَمْ يَكُنِّي.
لَمْ أَجِدْهُ فِي المَسَاءِ، وَلَمْ
يَجِدْنِي، فِي صَبَاحِي،
هَائِمًا بِرَحِيلِ لَيْلٍ لَمْ يَكُنْ
إلاَّ كَحُلْمٍ عَابِرٍ. يَا لَيْلُ،
أهْلاً بِالنُّزُولِ بِدَارَتِي،
يَا لَيْلُ، أَهْلاً بِالمُرُورِ
عَلَى دِيَارٍ فِي الفُؤَادِ،
حَلَلْتَ طَلاّ.
***

تعب

سلمان مصالحة || تعب

لَوْلا الرّجَاءُ،
لَمَا نَطَقْتُ، وَمَا
اكْتَوَتْ بِلِسانِيَ
الكَلِماتُ مِنْ وَهَجِ
اللَّهَبْ.

في ذمّ الجهل

الشيخ سلمان مصالحة


لقد نما إلى مسامع الشيخ سلمان بن صليبي آل مصالحة أنّ بعضًا من أيتام ابن تيميّة ومن لفّ لفّهم من أنسال الوهابيّة، قد تطاول بكلام فيه تقذيع وتكفير لبعض البريّة.

ولمّا كان الشيخ سلمان، ورغم عيشه في غربة وطنيّة بعيدًا عن مسقط رأسه في الحارة الغربيّة من بلدة المغار الجليليّة، لا ينسى أصوله العربيّة الأبيّة، بخلاف أولئك المُكفّرين من ذوي الأصول الأعرابيّة الغبيّة. وَلمّا كان أيضًا يأنف من الحديث بلغة سوقيّة كلغة هؤلاء الأذيّة، فقد وطّن النّفس أن يقول كلامًا بلغة يعربيّة أصيلة وجليّة، وبنبرة كثيفة ولطيفة في آن.

فمن يدري؟

لعلّ كلامه هذا يُنظّف قلوب ذوي العقول التامّة من خاصّة الإنسان، ويشنّف آذان العامّة من رعاع العربان.

ومن يدري؟

فلعلّ، وعسى أن يكون هذا الكلام مُحرّكًا لذهن من لا يزال يمتلك ذرّة من بصر أو بصيرة.

سلمان مصالحة || 

في ذمّ الجهل


                        (قصيدة بنبرة صوفية)

العَيْنُ تَقْطُـرُ وَالأَكْبَادُ تُعْتَصَـرُ
فِي مَشْرِقٍ عَاثَ فِيهِ البَدْوُ وَالمَدَرُ.

أَضْحَتْ مَرَابِعُهُ قَفْرَاءَ. وَانْبَعَثَتْ،
مِنْ جِيفَةِ الرَّمْلِ، أَفْكَارٌ بِهَا قَذَرُ.

يَا أُمَّةً جُبِلَتْ بِالحِقْدِ مُذْ دَرَجَتْ
وَبَايَعَتْ جَاهِلاً يُفْتِـي. وَيَحْتَقِـرُ

مَنْ بَارَكَ العَقْلَ، إذْ عَزَّ الأَنَامُ بِهِ
مُذْ أَنْ تَصَوَّرَ فِي الأَرْحَامِ، يَبْتَكِـرُ.

لَوْلا العُقُولُ، الَّتِي شَعَّتْ لِبَارِقِهِ،
لَمَا عَرَفْنَا قَدِيـمًا أَنَّنَا بَشَـرُ.

مَنْ كَانَ مِنْ أُمَّةِ الحَمْقَى الَّتِي رَسَمَتْ
إِمَامَهَا الحِقْدَ، فِي الإظْلامِ يَنْقَبِـرُ.
***
العَيْنُ تَنْظُـرُ حَتَّى صَارَ صَاحِبُهَا،
مِنْ شِدَّةِ الظُّلْمِ فِي العُرْبانِ، يَخْتَصِرُ

سَرْدَ الحَدِيثِ الَّذِي أَمْسَى بِهاجِسِهِ
ثِقْلاً عَلَى الرُّوحِ، فَاسْتَاحَتْ بِهِ الفِكَـرُ.

وَأَوْصَلَتْـهُ مَقَامًا، عَزَّ دَاخِلُـهُ
مُفَارِقًا أَرْضَ مَنْ سَبُّوا، وَمَنْ كَفَرُوا

بِنِعْمَةِ العَقْلِ. لا يَدْرُونَ مَا حَمَلَتْ
وَرْقاءُ هَاتِفَـةٌ يَحْيَى بِهَا السَّحَـرُ.

حِينًا تُوَزِّعُ مِنْ تَنْحابِهَا أَمَلاً،
حِينًا تُرَاقِبُ كَيْفَ الفَجْـرُ يَنْفَجِـرُ.
***
العَيْنُ تُبْصِرُ فِي الأَذْهَانِ، مَا بَصَرَتْ،
سِرًّا تَمَثَّـلَ فِيمَا فَاحَ يَنْتَثِـرُ.

لَيْسَتْ كَمَنْ عُصِبَتْ عَيْنَاهُ فِي نُطَفٍ
بِالْبَطْنِ، بِالفَخْذِ، بِالأَنْسَابِ يَفْتَخِـرُ.

مَنْ قُدَّ مِنْ حَلَكٍ يَبْقَى بِحُلْكَتِـهِ
حَتَّى وَإنْ سَطَعَتْ مِنْ فَوْقِهِ الدُّرَرُ

ذَاكُمْ قَضَاءُ الَّذِي، كَالْكَلْبِ قَدْ سُعِرَتْ
أَحْوَالُـهُ. بِعُواءِ الكَلْبِ يَحْتَضِـرُ.
***
العَيْنُ تَحْفِـرُ فِيمَا شَاعَ مِنْ حَلَكٍ
وَاللَّفْظُ يَذْكُـرُ بَعْضَ الحَقِّ، فَاصْطَبِرُوا!

لَمْ يَبْقَ مِنْ كَلِمٍ يُرْجَى لِمُجْتَـرَبٍ
مِنْ أُمَّةِ الحِقْدِ، أَصْفَى زَيْتِهَا العَكَـرُ.

مَاذَا أَقُولُ، وَقَدْ جَرَّبْـتُ كَابِرَهَا،
فَاسْتَكْبَرَتْ وَبَغَتْ وَاسْتَنْكَـرَتْ تَقِـرُ.

مِثْلَ الحِمَارِ الَّذِي تَنْوِي تُعَلِّمَـهُ،
يَرْتَدُّ فِي عَجَلٍ لِلْأَصْلِ، يَنْحَمِرُ.

مَهْمَا تَبَجَّحَ أَهْلُ الجَهْلِ، لَنْ يَصِلُوا
حَدَّ الشُّـرُوقِ الَّذِي يَسْمُو بِهِ البَصَـرُ.

حَيْثُ الأَنَامُ سَوَاءٌ فِي مَعَارِفِهِمْ
يَسْتَذْكِرُونَ عُلُومًا، آنَ أَنْ فُطِرُوا.

كُلُّ الكَلامِ، وَإنْ جَدَّتْ بِهِ صُوَرٌ
قَدْ كَانَ جَوْهَرُهُ فِي العَقْلِ يَزْدَهِرُ.
***
العَيْنُ تَصْبُـرُ عَنْ قَحْطٍ بِنَاظِرِهَا
وَتَسْتَعِينُ بِنُورٍ لَيْسَ يُبْتَصَـرُ

لَنْ يُدْرِكَ القَوْلَ مَنْ تَحْيَى بِهِ نُطَفٌ
مِنْ مَعْدِنِ الجَهْلِ. فِيهِ الشَّـرُّ يَخْتَمِرُ.

الخَيْرُ وَالشَّـرُّ مَخْلُوقَانِ فِي جَسَدٍ،
وَالعَقْلُ يَعْرِفُ مِنْ أَيٍّ لَـهُ خَطَـرُ.

هذا كَلامِي، فَمَنْ يَدْرِي، لَعَلَّ بِهِ
حَبْلاً لِمَنْ مُسِخَتْ أَجْدَادُهُ الحُمُـرُ.

وَالاَّ، خَلَصْتُ، وَخَيْرُ القَوْلِ خَاتِمَةٌ:
نَاسٌ مَعَ العَقْلِ، وَنَسْلُ الجَهْلِ قَدْ فَشَرُوا.

*
والعقل وليّ التوفيق!

---
نشرت أيضًا في: "شفاف الشرق الأوسط"

كلام الواحد الثاني

سلمان مصالحة || 

كلام الواحد الثاني


الحُلْمُ فِي قَفَصٍ
يَزْقُوهُ صَاحِبُهُ،
بِفِكْرَةٍ وَقَعَتْ مِنْ
غَيْمِ نِسْيَانِ.
قضايا
  • كل يغنّي على ويلاه

    إنّ القطيعة التي فرضها الإسلام على العرب مع جذورهم الجاهلية قد سجنتهم في بوتقة الواحدية الأيديولوجية التي لا يمكن أن تكون إلاّ كابتة ومستبدّة، أي فاشية في نهاية المطاف. كذا هي طبيعة الأيديولوجيّات الواحدية، أكانت هذه الأيديولوجيات دينية أو سياسية، لا فرق.
  • شعب واحد أم تشعّبات؟

    قد يظنّ البعض أنّ إطلاق الشّعارات يكفي وحده إلى تكوين مجموعة سكّانيّة هوموجينيّة متراصّة لها مقوّمات الشّعب كما يجب أن يفهم هذا المصطلح على حقيقته.

    تتمة الكلام
 
قراء وتعليقات
  • تعليقات أخيرة

  • جهة الفيسبوك

    قراء من العالم هنا الآن

  • عدد قراء بحسب البلد

    Free counters!