الأحد، 7 ديسمبر 2008

سيرجيو باديّا: ثلاث قصائد


سيرجيو باديّا ||


ثلاث قصائد


(ترجمها من الإنكليزيّة: سلمان مصالحة)



سيرجيو باديّا (Sergio Badilla) هو شاعر وكاتب ومترجم من تشيلي، ولد في ڤالپاريسو في العام 1947. شارك في مجموعات فنيّة مختلفة، وحاز جوائز أدبيّة عديدة. بعد الإنقلاب الّذي ترأسّه پينوشيه في العام 1973 تمّ اعتقال سيرجيو باديّا حيث واجه صنوفًا من التّعذيب، ثمّ نفي إلى الأرجنتين. وفي الأرجنتين قضى سنة واحدة فقط حيث حدث انقلاب آخر في الأرجنتين وسيطرت على الحكم طغمة يمينيّة بدأت تلاحق اللاّجئين السّياسيّين، فانتقل سيرجيو باديّا إلى رومانيا، ومن هناك إلى السّويد. وبعد سنوات من الحياة في المنافي عاد إلى وطنه بعد انتهاء عهد پينوشيه. له مؤلّفات شعريّة عديدة، بالإضافة إلى مسرحيّات وكتابات أخرى. ترجمت أشعاره إلى لغات عديدة. يعيش سرجيو باديّا ويعمل في سانتياغو، تشيلي.



عندما تمقتينني

تتثاقلُ جُفُوني إذ يأتي الحُزنُ
جَسَدِي مُنْهَكٌ
صورتُكِ تَبقَى هُناك، صَخريّة اللاّمُبالاة
غَضَّة المُحَيّا، وقحةَ التّقاسيم
وأنا، أتصيّدُ الوُضُوحَ الّذي لن يأتي.
لا زلتُ أجدُ فيكِ مِسْحَةً من حنان.
مُتْعَبًا أَتخيّلُكِ على أطرافي
في رَحابَة سَريري
والنّوافذ الّتي تعكسُ صفاءَ الشّمس
والأصيل الّذي يُشيّدُ ذاتَه في حُدودِكِ.
الآنَ، تلك الضّوضاءُ البعيدة لن تدعني أسمعُ صَوتَكِ بوضوح
الضّوء الّذي يتساقطُ في الأُفق، برفقٍ تحتضنيني
إنّه حُزنُنا الّذي يَنْمو في المرآة
يُحيلُنا تماثيلَ ذات مَفاصل
الوقتُ ذاتُه يختزلُنا
الشكُّ يُعَرِّينَا، يُطَهِّرُنا، يرسمُ دواخلنا
ما أنا إلاّ جوهر نَفْسي المُقنَّعَة
أنظرُ إلى فُلُول الضّياء في النّافذة،
جَدٌّ يَرفعُ رَأسَه، يَتأمّلُ جاهدًا
طَيرانَ الحَمام
في الميدان المُضاء بضوء خافت.
تنتفخُ جُفُوني، تَتَهدَّلُ مُثقَلَةً بالأحزان
لَفْتَةٌ مُطْمَئنّة بكَلامٍ لا حاجة له
صُورتُك تَبْقَى هناك، كَـ كْوَارْتز لا مُبالٍ
والظّلالُ تكادُ تمحو واجهات المدخنة
رُبّما تخلقُ واقعًا آخر
رُبّما تخترعُ حاضرًا مُنفصلاً.

***

هلوسة

طروادة تَحْترقُ وربّما لا يعنينا الأمر.
هذه الأقنعةُ تحجُبُنا عن العُيون، على شفا البَحْر.
الآنَ أتذكّر.
مدينة الأخشاب المزيّتة في الضّباب.
جَسدُكِ الشّبِقُ على صَدْري
إذْ دَهَمَت النّيرانُ المكانَ، حيثُ أحْببنا من قَبْلُ.
كانتْ صُورُ أَبْعَدَ، مَتاجرُ الفينيقيّين
الضّوءُ الخافتُ الكئيبُ يَتصادَى الآنَ خشنًا على وَجْهِك
وعلى الأرْضِ المُرتَجَلَة:
مانيلاّ شَرْقًا
مضغوطة في نكهةِ التّبْغ في غليوني.
يُخَرفشُ الحنينُ كَما العتمة العمياء
في الفَحْم المُسْتَعر.
الأرضُ الّتي تَنْطَفِئُ خَلْفَ الضّباب ليستْ أرضَنا بَعْدُ.
في النّهايات ثَمَّ المُحيطُ الهادرُ وَدِماغي.
الجُنونُ جَسَدُكِ على مقربة من جسدي، والرّغبةُ الجامحة
احترقتْ بينَ بَقايا الآثار.

***

مُبكّرًا هذا الصّباح

مع السّحَر قَبلَ أنْ أتركَ البيت
ناقلاً الكُتبَ من الرّفّ،
قبلَ النّزول إلى الپارك
سأختلسُ النّظَر إلى وَجْهِكِ الأسْمر.
على كُلّ حال، سَيَراني أحدُهُمْ أخطو صاعدًا نحو اليمين،
مُغْمَضَ العَيْنَيْن في ذا الصّباح الصَّافِن،
الغريبُ الوقحُ
الّذي يَطُوفُ وحيدًا حَوْل قُرًى غير واضحة المعالم.
في مكانٍ ما يَعْوي ذئبٌ إذْ يُخَيّمُ الهُدُوء
سَتُضْحي الشّوارعُ تَقاسيمَ شَخْصٍ يمشي نائمًا،
لا يملكُ أن يَتَخيّلَ هشاشةَ الإنسان
إزاءَ الغريم.
لا زلتَ في حال النَّيْمُومَة
رُبّما تَسْتمتعُ بشبحٍ لا تَراه، لكنّكَ تَستطيعُ الإحساسَ به.
بماذا تحلمُ كُلَّ ليلة في هذا البيت في شارع "إيلْمْ"؟
بماذا تحلمُ في ذلك المَسْكَن الّذي عَضّهُ الضّوء الخافت؟
ضَوضاءُ الشّارع تُحَرّكُ جَسدَكَ المُتَلوِّي عِشْقًا تحتَ الشّراشف،
وعيناكَ تتغامضان في أَلَقِ الشّمْس
في ساعَةِ سَحَرٍ بعدَ خُروجِ النّاسِ على عَجَل.


***


نشرت في: إيلاف


________

Sergio Badilla, 3 poems, translated into Arabic by Salman Masalha






الخميس، 4 ديسمبر 2008

أودن: رَقِيمةٌ عَلَى قَبْر طاغية


و. هـ. أودن


رَقِيمةٌ عَلَى قَبْر طاغية


الكَمَالُ، الكامِلُ الأَحَدُ، هُوَ كُلُّ مَا كَانَ نَشَدْ،
وَالشِّعْرُ، الّذِي ابْتَدَعَهُ، كَانَ سَهْلاً عَلَى الأَفْهامْ؛
كانَ يَعْلَمُ بِحَمَاقَاتِ البَشَرِ كَعِلْمِهِ بِكَفِّ اليَدْ،
وَقَدِ اهْتَمَّ بالجُيوشِ وَالأَسَاطيلِ أَشَدَّ الاهْتِمَامْ؛
حِينَمَا ضَحِكَ، انْفَجَرَ ضِحْكًا شُيُوخُ الوَقَارْ،
وَحِينَمَا بَكَى، مَاتَ في الشَّوارعِ الأَطْفَالُ الصِّغَارْ.

ترجمة: سلمان مصالحة
***
للترجمة العبريّة، اضغط هنا.
قضايا
  • توفيق طوبي: احتفالنا باستقلال إسرائيل

    نقدم هنا خدمة للقارئ العربي ترجمة عربية لخطاب القائد الشيوعي الفلسطيني، توفيق طوبي، والنائب في الكنيست الإسرائيلي لسنوات طويلة. وهو خطاب كان قد ألقاه في باريس في شهر مايو 1949 بمناسبة الاحتفال بالذكرى السنوية الأولى لاستقلال إسرائيل....
    تتمة الكلام
  • هل البطون والأفخاذ عورة؟

    لا فرق، إذن، بين فقهاء الظّلام الّذين يُعوّرون المرأة كلّها، وبين فقهاء الفضائيّات المطبّلين المزمّرين للدكتاتوريات العربيّة على اختلاف مشاربها. فمثلما يرى هؤلاء الفقهاء المرأة كلّها عورة يجب سترها، فإنّ فقهاء الدكتاتوريات العربية يرون في الشّعوب العربيّة بعامّة كلّها عورة. تتمة الكلام...

    بين اللغة والسياسة

    ما من شك في أن القدرة علي التعبير لدى أطفال العالم أكبر بكثير، وأغني وأعمق من تعبير الأطفال العرب الذين حينما يتكلمون فهم مصابون بالارتباك والبلبلة، ولا يستطيعون تقريباً ايصال جملة سليمة للمشاهد أو للمستمع.
    تتمة الكلام
 
قراءات
  • سبحان الذي أسرى

    نتقدّم الآن خطوة أخرى للوقوف على ماهيّة هذا "المسجد الأقصى" الّذي ورد ذكره في سورة الإسراء، أو بالاسم الأقدم للسورة وهو سورة بني إسرائيل...

    تتمة الكلام...
  • بلد من كلام

    هل الكلام عن الوطن، مديحًا كانَ أو هجاءً، هو "مهنة مثل باقي المهن"، كما صرّح محمود درويش في "حالة حصار"؟ وماذا يعني مصطلح الوطن هذا الّذي تكثر الإشارة إليه في الكتابات الفلسطينيّة؟

    تتمة الكلام

مختارات
  • سفر المبدأ

    (1) بَدِيءَ بَدْءٍ بَرَأَ ٱللّٰهُ ٱلسَّمٰواتِ وَٱلْأَرْضَ. (2) وَٱلْأَرْضُ كانَتْ خَرابًا خَواءً، وَظُلْمَةٌ عَلَى وَجْهِ ٱلْمَهْواةِ؛ وَرُوحُ ٱللّٰهِ تُرَفْرِفُ عَلَى وَجْهِ ٱلْماءِ. (3) فَقالَ ٱللّٰهُ لِيَكُنْ نُورٌ، فَكانَ نُورٌ. (4) وَرَأَى ٱللّٰهُ ٱلنُّورَ حَسَنًا، فَمازَ ٱللّٰهُ بَيْنَ ٱلنُّورِ وَبَيْنَ ٱلظُّلْمَةِ. (5) فَسَمَّى ٱللّٰهُ ٱلنُّورَ نَهارًا، وَٱلظُّلْمَةَ سَمَّاها لَيْلًا؛ فَكانَ مَساءٌ وَكانَ صَباحٌ يَوْمًا أَحَدًا.

    تتمة الكلام
  • كشف أسرار الرهبان

    "اعلم أنّ بعض هذه الطائفة أعظم الأمم كذبًا ونفاقًا ودهاء، وذلك أنّهم يلعبون بعقول النصارى ويستبيحون النساء وينزلون عليهم الباروك، ولا يعلم أحد أحوالهم...
  • العباس بن الأحنف

    يا أيُّها الرّجُلُ المُعَذِّبُ نَفْـسَـهُ
    أقْصِرْ، فإنّ شفاءَكَ الإقْصارُ

    نَزَفَ البُكاءُ دُمُوعَ عَيْنِكَ فاسْتَعِرْ
    عَيْنًا، يُعينُكَ دَمْعُها الـمِدْرارُ

عنوان خانة

لغات