أهارون شبتاي | شيزوفرينيا الوطن


أهارون شبتاي


"شيزوفرينيا الوطن"



(قصائد)


ترجمة وتقديم

سلمان مصالحة



ولد أهارون شبتاي في تل-أبيب في العام 1939. درس التراث الإغريقي والفلسفة في الجامعة العبريّة وهو يعمل الآن مُدرّسًا للأدب العبري في جامعة تل-أبيب. ينتمي إلى جيل الشّعراء العبريّين الّذين ترعرعوا مع قيام دولة إسرئيل، ويُعدّ من أبرز مترجمي الدّراما الإغريقيّة إلى اللّغة العبريّة حيث يواصل مشروعه هذا منذ سنوات، وقد ترجم حتّى الآن 24 عملاً دراميًّا إغريقيًّا من الأصل الإغريقي إلى اللّغة العبريّة. له مؤلّفات شعريّة كثيرة حيث نشر منذ العام 1966 ستّ عشرة مجموعة شعريّة بالإضافة إلى مؤلّفات وكتابات أخرى.


يكتب شبتاي الشعر الحرّ، إضافة إلى شعر منظوم بتقتيّات عالية يعتمد الوزن والقافية ما يقف عائقًا أمام الترجمة إلى لغات أخرى.شبتاي هو واحد من الشّعراء الإسرائيليّين المعاصرين المثيرين للجدل. مضامينه الشّعريّة متعدّدة وهي، من جهة، تشمل العادي الشّخصي الّذي يبوح بتجارب حياتيّة لا تختلف كثيرًا عن يوميّات وتجارب الأفراد في كلّ مكان، وحتّى التّعبير عن التّجارب المغرقة في الفردانيّة والإيروسيّة دون أن يجد حرجًا في استخدام الألفاظ المباشرة الدّراجة على ألسنة النّاس في الحديث اليومي، في الشّارع وفي غرف النّوم. ولكنّه من جهة أخرى يحاول أحيانًا توظيف هذه الألفاظ والعبارات والصّور اليوميّة في القول الشّعري من خلال وضعها في سياق متناقض مع ما يُضفَى عادةً على الشّعر من هالة قداسيّة. كذلك يحاول أن يوظّف هذه التّعابير في سياق متصادمٍ مع ما يجري من أحداث راهنيّة على السّاحة السّياسيّة. بذلك فهو يُحدث هزّة في ذهن القارئ ويجعله مُجبرًا على رؤية ذاته المنفصمة في شظايا مرآته المشدوخة ابتغاء دفعه إلى إجراء مصارحة ذاتيّة في خَلْوَته بينما يكون متحرّرًا من القيود الّتي تكبّله في ممارساته اليوميّة لطقوسه الإجتماعيّة، أو تَهَرُّبه من الجوّ السّياسي العام.

ليس ذلك فحسب، بل نراه لا يجد غضاضة في التّعبير المباشر والتّقريري عن رأيٍ في الواقع السّياسي والعام فهو ينزعُ أحيانًا إلى كتابة شعريّة مباشرة غير مُبطّنة يكشف من خلالها عن مواقف سياسيّة تثير الجدل في الشّارع الإسرائيلي. فهو يعلن الحرب على الاحتلال الإسرائيلي، أو يطلب، وبسخرية لاذعة، من الطّيّار الّذي يقصف جنين بأن يطلي الصّاروخ بالشّوكلاطة لكي يبقي لأهلها ذكرى حلوة بعد أن تنهار الجدران على من فيها. وها هو في مكان آخر يعبّر عن مدى الإحباط الّذي يشعر به الفرد، الشّاعر، تجاه ما يجري على السّاحة فيقوم بممارسة طقوسه الإنسانيّة اليوميّة، ومن خلال ذلك يُذكّرنا بأنّ المياه نفسها الّتي يغلي فيها الشّاعرُ الپاسطا هي نفس المياه الّتي يغسل فيها القنّاصة بزّاتهم العسكريّة، وأنّ هذه الحال دائمًا كانت كذلك على مرّ التّاريخ. وحين يرى صور رئيس الحكومة ووزير الدّفاع في الصّحيفة الّتي تظهر فيها العناوين الحمراء البارزة كما لو طليت بلاكة حمراء مثل أظافر عاهرة، يهرب إلى طقوسه اليوميّة، إلى علبة الفاصولياء، إلى النّقانق والكزبرة. حتّى يبلغ به المطاف أخيرًا إلى تخيّل عقد قران ابنته على حفيد حيدر عبد الشّافي، الشخصيّة الفلسطينيّة المرموقة من غزّة.

لقد نشر شبتاي قصائد مباشرة من هذا النّوع في الملحق الثّقافي لصحيفة "هآرتس" فأدّى هذا النّشر إلى حملات تحريضيّة نظّمتها قوى يمينيّة متطرّفة ضدّ الصحيفة داعيةً إلى وقف الإشتراكات فيها.وهنا، ومع ترجمة وتقديم هذه القصائد للقارئ العربي للمرّة الأولى باللّغة العربيّة، رأيت أن أطرح سؤالاً مثيرًا له علاقة وطيدة بماهيّة قراءة الشّعر، على العموم، وماهيّة قراءة هذا الشّعر المترجم من اللّغة العبريّة على وجه الخصوص.

والسؤال الّذي لا أجد مناصًا من طرحه هو، هل يمكن أن تكون ثَمّ قراءةٌ عربيّة واحدة للشّعر العبري؟ وهذا السؤال الّذي قد تبدو الإجابة عليه في غاية السّهولة للوهلة الأولى، ليس كذلك بأيّ حال من الأحوال إن رغبنا التفكُّر فيه مليًّا. في رأيي، القراءة الفلسطينيّة لهذا الشّعر هي شيء واحدٌ وسائر القراءات العربيّة شيءٌ آخر يختلف تمامًا. فالقراءات العربيّة الأخرى للشّعر العبري قد تكون نابعة من حبّ استطلاع أو قد تكون قراءات سياسيّة تنطلق من تضامن عروبي مع الفلسطيني. غير أنّ القراءة الفلسطينيّة للشّعر العبري، بالإضافة إلى ما سبق، فهي قراءة لها أبعاد أخرى. فقراءة الفلسطيني للشّعر العبري، إن تمّتْ هذه في الأصل العبري أو عبر التّرجمة العربيّة، هي قراءة الفلسطيني للتّجربة الفلسطينيّة بمنظار الإسرائيلي، وهي حالة خاصّة تجعل هذه القراءة، على ما تحمله من شحنات، أكثر قربًا من وجدان القارئ الفلسطيني، وأكثر تحدّيًا له. ورغم كلّ الّذي جرى هنا، أو ربّما بسبب هذا الّذي جرى ويجري هنا، ففي وسع هذه القراءة أن تُوسّع للفلسطيني تجربته مع ذاته ومع مكانه. فعلى سبيل المثال، حين يكتب شبتاي: "في كلّ ذرّة من دان إلى إيلات يمتدّ الوطن"، لا يستطيع القارئ العربي، مهما كان متعاطفًا، أن يصل إلى عمق القراءة الفلسطينيّة. فالقارئ العربيّ في مكان آخر يفهم مصطلح الوطن من مكان بعيد فيحيله إلى ما يفهمه هو عن مكانه ووطنه. لكنّ الفهم الفلسطيني لهذا المصطلح هو شيء آخر، إذ أنّ هذه الحدود الّتي يرسمها شبتاي لـ "الوطن" هي هي الحدود الّتي يرسمها الفلسطيني للوطن ذاته ولكن بأسماء أخرى، أسمائه هو. أي أنّنا نجد نحن أنفسنا، فلسطينيّين وإسرائيليّين، في متحفٍ وطنيّ واحد نقف مشدوهين أمام لوحة واحدة نسائلُها وتسائلنا، هي لوحة هذا الوطن المصاب بالفصام.وحتّى حين يتطرّق إلى "أحْفادٍ كنعانيّينَ يَلْهَجُون بِلُغَة الـمِزُوزات"، فلا مناص من رؤية هذا الوجه الآخر لهذه العملة ذاتها الّتي طالما تداولتها أيدي الشّعراء الفلسطينيّين في محاولة لاقتناء الماضي. وبكلمات أخرى، فإنّ هذا التّشبُّث بهذه الأرض ليس تشبُّثًا بما هو فوق سطح هذه الأرض من شجر وثمر فحسب، إنّما هو تشبُّث بما هو تحت هذه الأرض من قبور ومن أساطير سطّرها الأوّلون.

وعلى خلفيّة هذه المسألة تعلو قضيّة أخرى لها علاقة بمسألة التّرجمة بصورة عامّة، والتّرجمة إلى العربيّة على وجه التّحديد. فالمفردات، التّعابير والأسماء الّتي تحمل شحنات حضاريّة في شعريّة ما، هل يمكن ترجمتها إلى مفردات وأسماء قائمة في لغة شعريّة أخرى؟ القضيّة شائكة فيما يتعلّق بالتّرجمة بين العبريّة والعربيّة أي بين ما تحمله هاتان اللّغتان من أبعاد حضاريّة يهوديّة من جهة، وعربيّة إسلاميّة من جهة أخرى. وعلى سبيل المثال، هل يمكن ترجمة اسم ذي شحنات تراثيّة يهوديّة مثل "مغارة الماخپيلاه" أو "حبرون" أو "يهودا" إلى أسمائها العربيّة "الحرم الإبراهيمي" أو "الخليل" وما شابه ذلك، المشحونة في العربيّة بالشّحنات الإسلاميّة؟ وماذا سيتلقّى القارئ من ترجمة كهذه؟ فإذا بلغت ذهنه الشّحنات الإسلاميّة فهي أبعد ما تكون عن الأصل العبري للنّصّ الشّعري، إذ لا يُعقَل أن يكون الشّاعر العبريّ قد شحنَ نصّه بالدّلالات الحضاريّة العربيّة والإسلاميّة. إذن، في حال كهذه حريٌّ بالمترجم الإبقاء على الاسم كما ورد في النّصّ الأصلي، على غرار التّرجمات العربيّة للتّوراة والإنجيل. ولكن ومن جهة أخرى، لا يمكن لهذا المبدأ في التّرجمة أن يسري دائمًا دون مسائلته بين فينة وأخرى. إذ على المترجم أن يبقى مُنصتًا لسياقات النّصّ الأصلي على الدّوام، كما يجب عليه النّظر في كلّ نصٍّ على حدة، فالأسماء والمفردات هذه ليست تأتي دائمًا محمّلةً هذه المعاني في طيّاتها، وفي حال كهذه لا غضاضة في استخدام الأسماء العربيّة المقابلة لها، وهذا ما فعلته هنا مع هذه التّرجمات. والقصائد المنشورة هنا هي من المجموعات التّالية: غرفة المعلّمين (1966)؛ القصيدة البيتيّة (1976)؛ طلاق (1990)؛ زيڤا (1990)؛ في شهر أيّار الرّائع (1997)؛ پوليتيكا (1999)؛ بلادنا (2002).




***

العالم

العالَمُ أُعْطِي لَنَا كَمَا تُعْطَى مكْنسَة
إنْ شِئْتَ اسْتَعْمَلْتَ فَسَائِلَهَا
أَوْ شِئْتَ فَهِيَ عَصَا مَلاّحِين
كُلَّ مَا سَتَصْنَعُهُ سَيَكُونُ قُدْوَةً
لكنْ، لَنْ يُقَطِّبَ أَحَدٌ الجَبِين
لَوْ قَعَدْتَ مَكْتُوفَ اليَدَيْن
وَبَقِيَ الخَيَارُ:
واِحِدٌ يُنَظِّفُ
وَآخَرُ يَجْلِدُ.


من مجموعة: طلاق


***

الوطن

في كُلّ ذَرّةٍ مِنْ دان إلى إيلات يَمْتَدُّ الوَطَن
وَلَسْتُ مَوْجُودًا في أَيّ مَكانٍ غَيْر الوَطَن
سَيَسْأَلُني أَحَدٌ ما: »أَينَ أَنْتَ؟« وَسَأَرُدّ: »في الوَطَن«
حَتّى لو حَمَلَني مِنْ قنْزَعَةِ شَعْرِي وَرمَانِي فِي الغُرْبَة
ثُمَّ سَألني مُهَدِّدًا مُتَوَعِّدًا، سَأَرُدّ: »أَنا في الوَطَن«
وَلنَفْتَرِضْ أَنّه سيُمْسكُ وَتَدًا، ويضربُ به صُدْغِي
وَيَخْرُجَ سائلاً فُلانًا أَوْ عَلاَّن:
»أينَ هو الرّجلُ الأَبْلَهُ الّذِي قَضَيْتُ عَلَيْه؟«
سَيَكُونُ الجوابُ بالضّرُورَة: »الآنَ أَيْضًا، الرَّجُلُ في الوَطَن«
لأَنّ أَهارون لأَنّ أَهارون لأَنّ أَهارون هُوَ فَقَط في الوَطَن.


من مجموعة: طلاق


***

المُرتَحل

مِنْ حَلٍّ صِرْتُ لـِمُرْتَحَلٍ
هذا التَّضادُّ لا يَنْعَكِسُ بِكَثْرةِ التّنَقُّلِ
بَلْ بَكَوْنِ قَلْبي لا يَرْغَبُ بَعْدُ فِي احْتِوائي
بأَنّ قَلْبي غَيْرُ مَحْفوظٍ بَعْدُ كَأُتْرُجَّةٍ في عُلْبَة
لكِنِّي سَأكُونُ مُرْتَحِلاً مُؤَدَّبًا
وَلَنْ أُحَرِّكَ بلا سَبَبٍ ذراعَيّ
لأَنَّ ثَمَّ عِلْمًا عَظيمًا وَمَفْتُوحًا عَلَى مِصْراعَيْه
فِي أَجْنِحَةِ العَصافير.


من مجموعة: طلاق.


***


بن چوريون

يا بِنْ چُورْيُون، السَّيّدَة پُومِيرَانْتس
عَشِقَتْكَ كَمَا لَوْ أَنَّكَ أَسَدٌ مِنْ خَشَب
عَلَى خزانةِ التَّوْراة المُقَدَّسَة.
في وَجَباتِ الفطُور لِسَنَوات الأَرْبَعين
كَانَتْ تَأْكُلُ نِصْفَ بَيْضَة
وَنِصْفَ حَبّةِ بندورة وَتَتَكَلَّمُ
عَنْ دُويْطشْلانْد وَإنْچْلانْد -
عَنِ الأَوْلاد الأَشْقِياء، وَعَنْكَ أَنْتَ

مَلِك مُسْتَعْمَرَة المَشْفَى التّوْراتيّة،
في هذه الصَّباحات مِنَ الشَّاي وَمِلْعَقَةِ العَسَل
وَدُونما انْتِباهٍ كانَتْ تُقََرِّبُ أَشْراطَ السَّاعَة
وَصَلَّتْ لـ بيلطيمور وَلِــ لِيكْ ساكْسِيسْ
كَما لَوْ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ التَّجْربةُ الرُّوحيّة
وَصِرْنا ثانيةً أَوْلادًا في حِبْرُون*
في صَباحِ التّتْويج،**
نُغَنِّي في حَرَّةِ يهودا وَالشَّرْخِ الكَبير
لَـحْمًا وَدَمًا للمَمْلَكَة المُطْلَقَة.

إشارات:
* حبرون: هو الاسم العبري لمدينة الخليل.** صباح التتويج: الصّباح الّذي تُوِّجَ فيه داود مَلِكًا.

من مجموعة: غرفة المعلّمين


***

جدّتي چيلا

جدَّتِي چِيلا، في الحَرير
الأَسْوَد القَديم لِـ سَارَايْ،
نَمْلَةٌ صَغِيرَةٌ عَلَى أَطْراف
أَرْضِ الـ كِيرِنْ كَيِّيمِتْ*،
لَدَى أَكْواخِ بُيُوتِ الخَلاءِ القَرَوِيّة،
بَيْنَ الماعِزِ وَخرْدَةِ أَعْمامِي،
غَيْرَ بَعِيدٍ مِنْ جُرْحِ الأَرْضِ، الوَادِي،
الّذِي وَراءَهُ العَرَبِيُّ المجنون.
في سَاحاتِ الكِلابِ وَالغَسِيل
تَعيشُ وَلا تَنْقُلُ إلاّ
وَعْيَ أَوْعيَةِ التَّنَك وَأَدَوات الإيمايْلْ،
لأَحْفادٍ كنعانيّينَ يَلْهَجُون بِلُغَة الـمِزُوزاتْ**
وَيرْتَدِعُونَ من رائحةِ البُكاءِ وَقَطَراتِ الأَنْف.
غُرْفَتُها كانَتْ مَغارَةَ الماخْپِيلاه***
أَيَّامًا طِوالاً قَبْلَ مَجِيء الكَلْب
الّذِي عَضَّها حَتَّى المَوْت.


من مجموعة: غرفة المعلّمين.

إشارات:
* الكيرن كييمت: هو الصندوق القومي اليهودي الّذي عمل على شراء الأراضي والممتلكات في فلسطين قبل قيام إسرائيل من أجل تحويلها إلى ملكيّة يهوديّة استعدادًا لقيام الدّولة.** مزوزة : هي تميمة تحتوي على ايات توراتيّة تُثبَّتُ في أبواب البيوت الّتي يسكنها اليهود.*** مغارة الماكپيلاه: هو الإسم العبري للحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل.


***

مقاطع من القصيدة البيتيّة

1
أَنَا أَكتُبُ
شِعْرًا

لا يَقْبَلُ التّأْويلَ
إلى أَكْثَرَ مِنْ وَجْه

مَوْضُوعي
هُوَ
نَفْسٌ
تَضْربُ جُذُورًا

2
الموضوع:
إخْلاصٌ

الأُسْلُوب
يُلائِمُ الفِكْرَة

عَنْ علاقاتٍ مُقَدّسَة

عَنْ حُبّ
وَعَنْ إخْلاص

3
عَنْ إخْلاص
عَنْ ثَبَات
عَنْ تَواصُل
عَنْ شُغْل

(عَنْ شُغْل البَيْت
وَعَنْ الشُّغْل في الخارج)

عَنْ التّنظيف
....

11
طاهرٌ هُوَ النّعْتُ
لِلْفَم

الفَمُ يَخْلقُ
كلمةً. الحَدِيثَ

("الإفراز الحقيقي
للرَّخويّ المُسَمَّى إنسان". فرانسيس پونچ)

12
الفَمُ هو
عُضْوُ حُبّ

إضافةً إلَى ذلك،
يَخْلقُ كَلامًا

يُطَوّرُ التّغْذِيَة
يُنْتِجُ وَيَبثُّ الذَّوْق

13
أُحبُّكِ
إحْدَى عَشْرَةَ سَنَة
أَنَا أُحبُّكِ

قبلَ سَنَواتٍ ستٍّ وَنِصْف
عَقَدْتُ قراني عَلَيْكِ

نَحْنُ رَجُلٌ وَامْرأَة
لا يَتَطلّقان

14
نحنُ نَسْكُنُ هُنا
كلانا رَجُلٌ وَامْرأَة
لا يَتَطلّقان

نحنُ نَسْكُنُ هُنا
كلانا رَجُلٌ وَامْرأَة
لا يَتَطلّقان

من مجموعة: القصيدة البيتيّة


***

إلى الطيّار

أيُّها الطيّارُ، إذْ تَحُومُ فِي سَمْتِيَّتِك،
في المرّةِ القادِمَة
فَوْقَ جنين،
تَذَكَّرِ الأَوْلادَ
تَذَكَّرِ العَجَائزَ
فِي البُيُوتِ المَقْصُوفَة.
إطْلِ صارُوخَك
بِطَبَقَةٍ مِنْ شُوكُولاطَة،
وَحاوِلْ أنْ تُدَقِّقْ،
كَيْ تَكُونَ لَهُمْ
ذِكْرَى حُلْوَة
عِنْدَما تَنْهارُ الجُدْران.


من مجموعة: بلادنا


***

إلى ابنتي إلى لوطم

حاوَلْتُ أنْ أشْرَحَ لابْنَتِي
أنّ الإنسانَ يبحثُ عن الرّزق
قُلْتُ لها - النَّسْرُ أَيْضًا
شَبِيهٌ ببائعِ الكَعْك
في زاوية شارع هِسْ وَأَلِنْبِي*.
مِنْ أَجْلِ أنْ أُحبَّ كَمَا يُرام
عليّ أن أبيعَ شيئًا ما
أن أهْتَمّ بِسَلامَةِ مِنْقاري
مَا سَمَّاهُ هوميروس: "جدارُ الأَسْنان"
وَعَرَبيٌّ من الـمَجْدَل باحَ لي مَرّة:
فَقَطْ مَنْ يَقِفُ على رِجْلَيْن
يُنْبِتُ الرِّجْلَ الثّالثة، الأَحْلَى ضِعْفَيْن.


إشارات:
* هِسْ وأَلِنْبي شارعان في تل-أبيب.


من مجموعة: طلاق


***

الحصان

إمْتَطَيْتُ حصانًا فِي ذاتي
ولِكَيْ لا أَقَعَ أَغْدَقْتُ عَلَيْهِ الدَّلال
شَخْصٌ مَيْسُورُ الحال غَذّاهُ مِنْ أَجْلِي بالرّقائق
وَجَدْتُ لَهُ بيتًا وَامْرَأةً
الحصانُ شَمَخَ أَنْفَهُ وأَكَلَ عِنَبًا
وَقارَبَ أَنْ يَمْلُصَ أَيْرِي
لولا أنّي اسْتَيْقَظْتُ يَوْمًا مَا وشِعَارِي عَلَى جَسَدِي
وَذَهَبْتُ كَابْنِ الخَيّاط لِتَعَلُّمِ تركيبِ طاولةٍ بِيَدَيّ
وَحَياتي صَعْبَة
لأَنّي مَنَحْتُ أَجْمَلَ أَعْوامِي، بالجُمْلَة، لِحصاني.


من مجموعة: طلاق

***


الباب

آلةُ الجارة الموسيقيّة هِيَ الباب
في البداية شَكَوتُ
حتّى فَهِمْتُ أَنّ هذا مُؤَلَّفًا لآلاتِ النَّقْر
فَانْتَهَى الغَضَب: أُعِيرُ انْتِباهي إلَى
المَهارَةِ الّتي يَنْقُرُ فيها العازِفُ لَـحْنَ الدُّخُول والخُروج.


من مجموعة: طلاق


***

*
لا أَنْتَبِهُ إلَى هِجْرَةِ العَصافِير
إنّما فقط إلى اخْتِفاءِ كَلْسُونِك
بِالضَّبْط أَقْرَأ كَيْفَ يَذمُّ الحَكيمُ ديموقريطس
أُناسًا مِثْلِي
لا يُشاركون فِي إصلاح الدَّولَة
وهي السَّفِينَةُ الَّتِي يُبْحِرُ فِيها العَوامُ
جَوْفُهَا هُوَ التَّرْبِيَة
مَجاذيفُها العُلُومُ والفُنُون
غَيْرَ أَنّي أَطْوِي الكِتَاب
يَكْفِينِي عَوْدَةُ كَلْسُونِك


من مجموعة: زيڤا


***

*
هَيّا نَصِلُ فَتَحَاتِ شُقَّتَيْنَا
فَمًا لِفَمٍ ، عُضْوًا لِعُضْوٍ
حَدِيقَتِي الوَحِيدةُ تَنْمُو في الأُذنيْن
سَقْفِي جَبْهَتِي
أنا ابْنُ خَمْسين، وَلا بَيْتَ لي
نَوافِذُهُ الوَحيدةُ زُجاجُ نَظَّارَتي
إذَنْ عَلَى الأَقَلّ، زِيڤَا، أَسْكُنُ فِي طِيزِك!
من مجموعة: زيڤا

***

*
القَصِيدةُ هِيَ كَلْسُونٌ أُنَقِّحُهُ،
فيها مَخْرَجانِ لِفَخْذَيْكِ
وَتَفْتَحُ ثُقْبًا لاسْتِقْبالِ الخَصْرَيْن
إخْتَرْتُ كَلِماتٍ تَحْفَظُ الدّفْءَ لكِنَّها مُشْرِعَةٌ مِصْراعَيْها للهَواء
هذا النَّسِيجُ مُلْتَصِقٌ لكنَّهُ يُحافظُ على فُسْحَةٍ ما:
يَجِبُ احْتِرامُ حَقِّ الطِّيزِ فِي صَوْغِ مَقُولَةٍ لَهَا.
من مجموعة: زيڤا

***


الأوقات سيئة

الأَوْقاتُ سَيّئةٌ، أُقْسِمُ يَمينَ الوَلاءِ للطّاولَة
بغِطاءِ الفُورْمَايْكا الأَبْيَض، لفنجانِ الأَقْلام، للمِنْفَضَة.
حَلمْتُ أنَّ الدّولةَ مَاتَتْ وَفاتَتْ،
ونحنُ وَأطفالنا سَكَنَّا في ثَلاثَة مُجَلَّدات القاموس.
بَيْتِي سَيَقُومُ بجانب كَلِمَة سَاقٍ، عَلَى دَرْبِ كَلِمَة أَخْلاق.
سَأَبْذُلُ نَفْسِي لأَجْلِ خَانةٍ واحدةٍ فقط -
سَريري وَسَريرُ طانيا، مِتْرانِ عَلَى مِتْرٍ وَنِصْف.
رَأَيتُ صُورَ رَئيس الحُكومة وَوَزيرِ الدّفاع
في الصّحيفةِ المطْليّةِ بلاكَةٍ حَمْراءَ كما أَظافر عاهِرَة.
أُبْعِدُ عَنْهُما هَواجِسي،
صَوْبَ عُلْبَة فاصولياء مَطْبُوخَة، صَوْبَ نَقانق، صَوْبَ كزْبَرَة.


من مجموعة: پوليتيكا

***


رأس السّنة

حتّى بعدَ قَتْل الوَلَد مُحَمَّد
في رَأْسِ السّنة
لم يُصبح الوَرَقُ أَسْوَد،
في المياه نَفْسِها الّتي
يَغْسِلُ فيها القَنّاصَةُ بزّاتِهم
أَغْلِي پَاسْطَا،
أَسْكُبُ عَلَيْها زَيْتَ زَيْتُون
بِهِ قَلَيْتُ بُذُورَ صَنَوْبَر
وَطَهَوْتُ دقيقتين
مع بندورة مُجَفَّفَة،
هَريسَةِ ثُومٍ، وَمِلْعَقَةٍ من وَرَق الحَبَق،
عِنْدَما آكُلُ يَظْهَرُ
عَلَى الشّاشةِ الوَزيرُ المُثَقَّفُ
لشُؤُونِ الخارجيّةِ والشُّرطَة،
وَعندما يُنْهِي
أَكْتُبُ القَصيدَة،
لأنّ الحالَ هكَذَا كانَتْ دَوْمًا،
القَتَلَةُ يَقْتُلون
المُفَكِّرُ يَصْنَعُ العلاقاتِ العامَّة
وَالشّاعِرُ يَشْعر.


من مجموعة: بلادنا


***


حرب

أنا أيضًا أُعْلنُ الحَرْب،
ستُضْطَرُّ إلى سَحْبِ بعض القُوّات
المُتأَهِّبة للقَضاء عَلَى العَرَب،
لطَرْدِهم مِنْ بُيُوتِهم
وَلِسَلْب أَرْضِهم،
وَتوجيهها ضدّي.
لَكَ دبّاباتٌ وطائرات
وَكَتائبُ عَسْكَر،
بِيَدِكَ الأَبْواقُ الّتي
تُحَرِّضُ الجماهير،
لَدَيْكَ مُحَقّقون ومُعَذِّبون
وغُرَفُ اعْتِقال.
كُلُّ مَا لَدَيّ هُوَ هذا القَلْبُ الّذي
يمنحُ مَلْجَأً
لِوَلَدٍ عَرَبيّ،
صَوِّبْ نَحْوَهُ مَدافِعَكَ،
حَتَّى لو فَجَّرْتَهُ،
دائمًا وَأَبَدًا
سَيَهْزَأُ مِنْكَ.

من مجموعة: بلادنا


***


حضارة

وَصْمَةُ قابيل لن تَنْمُو على جَبين
الجُنديّ الّذي أطْلَقَ النّار
عَلَى رَأْس الوالد
عَلَى ثَنيّةِ التّراب
عندَ سياج مُخيّم اللاّجئين،
لأنّ تحتَ خوذَتِهِ
من النّاحيةِ الاصْطلاحِيَّة
لَهُ رَأْسٌ مِنْ كَرْتون.
فِي مُقابِلِ ذلك، الضّابطُ
قَرأَ "الإنسان المتمرِّد"،
لَهُ رَأْسٌ مُتَنوِّر،
ولذلكَ فهو لا يُؤمنُ
بِوَصْمَةِ قابيل؛
لقد زارَ المتاحفَ
وعندما يُصَوّبُ بُندقيّة
باتّجاهِ فتًى،
بِوَصْفِهِ سَفِيرًا للحَضارَة
فهو يُُكرّرُ ويُجَدِّد
نُقُوشَ چُويَا
وچِيرْنِيكَا.


من مجموعة: بلادنا


***


شارع

الشّارعُ يُعَرُّف بأنّهُ مَا خارجَ
صَفَّيْنِ مِنَ المَبانِي
المباني هي رُزْمَةٌ للعائلات
وَأَنا الّذِي تَرَكَ العائِلَة
مَحْظُورٌ عَلَيَّ العَمُودِيُّ والصّاعِدُ
لا دَخْلَ لِي ولا أَمْلُكُ أَيَّ حَجْم
إمتَزَجْتُ مع إلهِ الأُفُقِيّ


من مجموعة: طلاق


***


القلب

أَعُودُ من القُدْس بِقَلْبٍ كَسِير
لِي وَلَدٌ بعُمْرِ سَنَتَيْن وَنِصْف
في حلكة البَهْو تَوقّفَ وقالَ هايْ هايْ
تِجاهَ مُحَيّاي خَلْفَ الزُّجاج
حينَ وَقَفْتُ في الظّلام في الشُّرْفَةِ قريبًا من النّافذَة
تحتَ حِذائي غطاءُ المجاري كَما قطعة نَقْدٍ رومانيّة
مَرّةً ثانيةً قالَ هايْ هايْ
فَصِرْتُ حصانًا بُنّيًّا مع أَيْرٍ أَسْوَد
سَيَخْتَفِي بينَ الذُّرَى الّتي هِيَ لـِحْيَةُ الشّيطان
إفْهَمُوا أنّ ثَقافَتي وَمَوْهِبَتي طَبْعُهُما الإمِّحاء
يا وَلَدي، يا وَلَدِي، هذا ما أَمْلكُ أَنْ أَمْنَحَكَ من الحُبّ


من مجموعة: طلاق


***


قُبلة لـڤيڤيان

قَبَّلْتُ ڤيڤيان عَلَى الخَدِّ، وفي التّاكسي
فَكَّرْتُ كَيْفََ كُنْتُ يَوْمًا مَا مُحْبَطًا
إزاءَ هذهِ الجَوْهَرَة، وَمَا أَسْهَلَ أَنْ
تَنالَ امْرأَةً بنَظْرَةٍ إلَى أَمْسِ

مِنْ شُبّاكِ سَيَّارَةٍ بَعْدَ عشرينَ عامِ،
إذْ لا يُحَمَّلُ المَفْهُومُ للغايَةِ السّامِي
على زَوْجِ وِرْكَيْنِ لَصِيقَيْن بالظَّهْر؛
هَلْ يُشْتَقُّ مِنْ كُلِّ هذا اسْتِنْتاجٌ

أَنَّنا نَتَعلَّمُ اليَأْسَ عَلَى مَرِّ الأيّامِ
كيْ لا يُنتقصُ من اليَسِيرِ الموجود؟
أَمْ أنّي تَذَكّرْتُهَا عَلَى سَبِيلِ الحُجّة

في حلْكَةِ التّاكسي في الطّريقِ إلى سَهْلِ السّاحِلْ
مِنْ أَجْلِ البُكاءِ مع صَوْتِ الرّيحِ الصّافرَة
عَلَى حَياةِ الـمُقَتِّرينَ وَعَلَى قَلْبي الذَّابلْ؟


من مجموعة: في شهر أيّار الرّائع


***


نوسطالجيا

الرَّجُلُ القَصيرُ القامَة
الّذي يُلَوّحُ بالسّوطِ الحديدي،
في ساعات الفَراغ
يُداعِبُ مَفاتيحَ الپْيَانُو،
التّاريخُ يُعيدُ نَفْسَه.
حقًّا، مِنَ الشَّرْقِ المتَأَخِّر
نَعُودُ إلى الغَرْب؛
فهو سَيَحلُّ مَشاكلَ العَمَل،
العاطِلُونَ سَيُشَغِّلونَ دَبّابات
أَوْ سَيُمْسِكُون بمِعْوَل
وَسَيَحْفرُونَ القُبُور،
وَفِي المساءِ سَنَسْتَمِعُ
إلى موزارت وشوبرت.
يا بلادي، يا بلادي،
فِي كُلِّ صَنْدَل،
في كُلِّ خَيْط
مِنْ بِنْطالِي الكاكي،
أَحْبَبْتُكِ،
كانَ بِوُسْعي أن أَنْظمَ مَزاميرَ
لِسَلَطَةِ البَصَل الأَخْضَر
مَع الجُبْنَة البَيْضاء.
وَالآنَ، بِمَنْ سَأَلْتَقِي
حينَ أَلِجُ إلَى مَطْعَم؟
بِسَجَّاني چرامشي؟
وَأَيُّ صَوْتٍ سَيَخْتَرِقُ النّافذَة
المُطِلَّةِ على الشّارع؟
وحينَ يَنْتَهي كُلُّ شَيْء، عزيزي القارئ،
عَلَى أَيّ الـمَقاعِد
سَنُضْطَرُّ نحنُ الجُلُوس،
الّذِينَ صَرَخُوا
»المَوْتُ للعَرَب!«
وَالّذينَ لَمْ يَعْرِفُوا؟


من مجموعة: بلادنا


***


في شهر أيّار الرّائع

في شَهْر أَيّار الرّائع السَّاحر
عندما تَفَتّحَتْ جَميعُ البَراعِم
آلَ العِشْقُ كَوْمةً من حجارَة
في قَلْبِي العَلِيل بِلا دَواء.

في شَهْر أَيّار تَرَكَتْنِي،
عندما غَنَّتْ جَميعُ الأَطيار،
ارْتَحَلَتْ عَيْناها عَنِّي،
إذَّاكَ بَدَأَ العِشْق.


من مجموعة: في شهر أيّار الرّائع

***


عندما يقول محيّاكِ

عندما يَقُولُ مُحَيَّاك
"لا أَهْواك"
يَضْربُ في جَبِيني وَتدٌ
وَتَنْغَرزُ ثَلاثَةُ مَسامير.

وَإذَّاك، الزُّهُورُ أَيضًا تَعْرِف،
الحَشَرةُ الّتي وُلِدَتْ أَمْس،
الرَّضِيعُ الّذي لَمْ يُختَنْ بَعْدُ
والمَلاكُ عندَ أَبَاهِيمِ الّله:

لَقَدِ انْتَظَرَ الحُبَّ طويلاً
ولشدَّةِ ما كانَ جائعًا
افْتَرَسَهُ كَما الذّئْب
وَخَلَّفَ كَوْمَةَ قمامَة.


من مجموعة: في شهر أيّار الرّائع


***


الحياة للعرب

أوّلَ أمْسِ في رَفَح
قُتِلَ عَرَبٌ تِسْعَة،
أَمْسِ قُتِلَ ستّةٌ فِي
الخليل،
واليومَ فقط اثنان.
قبلَ عام
حينَ تظاهرْنَا فِي شينكين
صاحَ فِي وَجْهِنا
راكبُ درّاجة ناريّة:
"الموتُ للعَرَب!"
فِي زاوية شارع هعَڤُودا،
قِبالَ سُوق بِتْسَلْئِيل،
بجانب مَلْحَمَةِِ بْرَاوْن،
في زاوية بُوچْراشُوڤ -
"الموتُ للعرب!"
عامًا كاملاً ظلّتْ
هذه القصيدة
ملقيّةً على الرّصيف
في شارع الملك جورج،
واليَوْمَ أَرْفعُها
أُؤلّفُ خَرْجَتَها:
"الحَياةُ للعَرَب!"


* الأسماء الواردة في النّصّ هي أسماء مواقع وشوارع في تل-أبيب

من مجموعة: بلادنا


***

لُوطِم عبد الشّافي

يَفّنَى القلبُ بلا فَضاءٍ للحُبّ، بلا أُفُقٍ أخلاقِيّ،
تَخَيَّلُوهُ عُصفورًا حَبيسًا فِي صُندوق.
قَلْبِي يتوقُ إلى حُبِّ أُولئك الّذينَ عَبْرَ الجدار،
إليهم فقط يمكنُ الذّهابُ حقًّا، أي التَّقَدُّم.
بدونِهِمْ أشْعُرُ كما لو أنّي نِصْفُ إنسان.
روميو انْتَسَبَ إلى مونتيچيو، وجولييت إلى كاپوليت،
وأنا تلميذُ شيكسپير، وليسَ بِنْ-چوريون،
لذا سأفرحُ إنْ تَزَوَّجَتْ بِنْتِي حَفِيدَ حيدر عبد الشّافي.
بالطّبع، أعرفُ أنّ هذا مِثالٌ، لكنّ المثالَ هو أَخْلاقِي أنَا،
ولأنّهُ يَمسُّ لـَحْمِي أَكْثَرَ من الأسنان والشَّعْر،
فَلَيْسَتْ الفكْرَةُ وَهْمِيَّةً وَإنَّهُ انّطِلاقًا من حرّيّةٍ شِعْرِيَّة
أَضَعُ مَصِيرَنَا فِي فَرْجِ بِنْتِي.
حقيقةُ أنِّي أَمْنَحُ ذَاتِي هذه الهديّة الخياليّة،
تَشْهَدُ على مَدَى عَيْشِنَا حَتَّى الآن فِي عَالَمٍ سُفْلِيّ،
يُحَدِّدُونَ فيهِ لَنا العُمْرَ وَمُسْتَقْبَلَ الأَمِيبا.
لكنْ، كُلُّ الأساطير تبدأ من حشرات
تَبْرزُ من الأرضِ وَتَفْتَرِسُ بَعْضَها بَعْضًا،
حَتّى يَحْدُثَ قرانٌ مُقَدَّس وَيَدْملَ شُرُوخَ الكَوْن.
أيضًا العَرُوسُ العَرَبِيُّ مِنْ غَزّة سَيُقَدِّمُ لِبِنْتِي
فُسْتانًا طُرِّزَتْ عَلَيْهِ البلادُ النّاجِيَةُ مِنْ وَكْرِ الأپارتهايد،
بِلادُنَا الكاملةُ، مُلْكُ أوْلادِهَا أجمعينَ بالتّساوي،
عندئذ، سَيَرْفَعُ المنديلَ عَنْ وَجْهِِهَا، وَسَيَقُولُ لها:
"الآنَ أَنْتِ زَوْجَتِي، لُوطِمْ عبد الشّافي."


من مجموعة: پوليتيكا

***

نشرت في فصلية "مشارف"، عدد 23، حيفا 2004
____

אהרון שבתאי,
"מולדת שכיזופרנית", מבחר שירים, תרגם והקדים: סלמאן מצאלחה, "משארף" 23, 2004


Aharon Shabtai, "Schizophrenic Homeland", selected poems, translated into Arabic by Salman Masalha, Masharef 23, 2004



مشاركات



تعليقات فيسبوك:


تعليقات الموقع: يمكن إضافة تعليق هنا. لا رقابة على التعليقات مهما كانت مخالفة للرأي المطروح، بشرط واحد هو كون التعليقات وصيلة بالموضوع.

0 تعليقات:

إرسال تعليق

قضايا
  • كل يغنّي على ويلاه

    إنّ القطيعة التي فرضها الإسلام على العرب مع جذورهم الجاهلية قد سجنتهم في بوتقة الواحدية الأيديولوجية التي لا يمكن أن تكون إلاّ كابتة ومستبدّة، أي فاشية في نهاية المطاف. كذا هي طبيعة الأيديولوجيّات الواحدية، أكانت هذه الأيديولوجيات دينية أو سياسية، لا فرق.
  • شعب واحد أم تشعّبات؟

    قد يظنّ البعض أنّ إطلاق الشّعارات يكفي وحده إلى تكوين مجموعة سكّانيّة هوموجينيّة متراصّة لها مقوّمات الشّعب كما يجب أن يفهم هذا المصطلح على حقيقته.

    تتمة الكلام
 
قراء وتعليقات
  • تعليقات أخيرة

  • جهة الفيسبوك

    قراء من العالم هنا الآن

  • عدد قراء بحسب البلد

    Free counters!