الخميس، 15 مارس 2012

مباراة إسرائيل : إيران - للتمديد



إذن، يجب التّيقُّظ والترقُّب. العالم بأسره يشاهد بثّ المباراة. كذلك فإنّ المشجّعين ”المدمنين“ في الشّرق الأوسط ينتظرون التمديد بأعصاب متوتّرة...

سلمان مصالحة

مباراة إسرائيل : إيران - للتمديد

التصعيد الحاصل في الجنوب هو جزء من الرؤيا الشاملة للمبارة لدى مدرّب الفريق الإسرائيلي ومساعده. إنّها سنونوة أخرى من سرب سنونوات لا تبشّر بالربيع بالذّات. الهدف منه هو جرّ أحد جناحي الارتباط الإيراني في المنطقة إلى اتّخاذ خطوة غير مدروسة، وذلك بغية شلّه وإخراجه من اللعبة.

اللعبة المركزية تجري بين إسرائيل وإيران، وإذا ما واصلنا استعارة مصطلحات من عالم كرة القدم، فإنّ المباراة ستنتهي بالتّعادل والمشجّعون الذين يملؤون المدرجات يشعرون بإحباط عميق. إنّهم لا يرغبون بالعودة للبيت دون الحصول على وجبة الانفعال البدائية، ولذلك فهم يشجّعون ويدفعون اللاّعبين إلى الانتقال إلى اللّعب العنيف، إلى لعبة الـ“كسح“. تتعالى في أنحاء المدرّج صرخة ”الحرب“. يرغب المشجّعون في أن تسيل الدماء على أرض الملعب.

حتّى الآن جرت المباراة بصورة مرتبكة. إيران تُمرّر في السنوات الأخيرة كرات عُمق إلى لاعبي التعزيز في جناحي الارتباط لديها، حزب الله وحماس، وترسلهم لمهاجمة المرمى الإسرائيلي. من الجهة الأخرى، يلعب الفريق الإسرائيلي لعبة ”بونكر“ دفاعية، ومن فترة لأخرى يقوم بمحاولات هجوم مباغتة. لكن، وعلى الرغم من بعض الإصابات فإنّه يحافظ على مرمى نظيف من الأهداف.

المتهوّرون في المدرّج الإسرائيلي يُطالبون بالخروج من الـ“بونكر“ والانتقال إلى لعبة هجومية، غير أنّ المموّل الأجنبي للفريق - أوباما اسمه، هو صاحب المال ولذلك فهو صاحب الرأي - يفكّر بصورة مختلفة. إنّه يطالب بالانتظار قليلاً، وفي محاولة منه للطمأنة يُصرّح بأنّ كلّ الاحتمالات مفتوحة، بما فيها الاحتمال الهجومي. في هذا الأوان يفكّر بتقويض الإيرانيين بواسطة العقوبات. من التقارير عن التهامسات في ديسك الفريق الإسرائيلي بين المدرّب والمموّل نفهم أنّه لم يُتّخذ بعد القرار بالانتقال إلى الهجوم.

شهادة مساعد المدرّب الإسرائيلي، إيهود باراك اسمه، لا تبقي مجالاً للشكّ بشأن وجود خطّة دُرج هجومية. لقد كان صرّح في مقابلة مع القناة الإذاعية الثانية أنّ قرارًا لم يُتَّخَذ بشأن الانتقال للعبة هجومية، غير أنّه أكّد على: ”نحن نستعدّ لهذا الأمر“. وفي ردّه على أصوات أخرى، تأتي من لاعبين ومدرّبين سابقين، تُحذّر من كشف المرمى الإسرائيلي، أضاف باراك في ذات المقابلة: ”الحرب ليست نزهة، لكن لن يكون في أي سيناريو خمسون ألف، ولا خمسة آلاف، ولا حتّى خمسمائة قتيل.“

يجب التعامل بجدية مع أقواله. إذ أنّ هذه الحكومة تقصد وتستعدّ ”لهذا الأمر“. على ماذا يستند باراك بتصريحه أنّه لن يكون هنالك خمسمائة قتيل؟ من الواضح أنّ شخصًا ”فهلويًّا“ مثله لن يتّكل على أنظمة مثل ”قبّة حديديّة“، ”حيتس“ وما شابه ذلك. على ما يبدو فإنّ المنتخب الإسرائيلي، بقيادة نتنياهو وباراك، لن ينتقل إلى المرحلة التالية دون شلّ حركة حماس وحزب الله، القريبين من المرمى الإسرائيلي.

هنالك عدّة علامات، إذا ما شهدنا حصولها فبوسعنا القول إنّ كلّ شيء يجري حسب خطّة الدُّرج الهجومية مقابل الفريق الإيراني: التصعيد في الشمال هو واحدة منها. علامات أخرى قد تشهد على تقدُّم جدّي في تنفيذ الخطّة، هي أحداث غير مُفسّرة قريبًا من المرمى في الأرض الإيرانية، على سبيل المثال تفجيرات مجهولة في مخازن الصواريخ بعيدة المدى، وخاصة تلك التي قد تُهدّد الجبهة الداخلية الإسرائيلية. على هذه الخلفية فقط يمكن فهم التصريحات الواثقة لوزير الدفاع الإسرائيلي.

إذن، يجب التّيقُّظ والترقُّب. العالم بأسره يشاهد بثّ المباراة. كذلك فإنّ المشجّعين ”المُدمنين“ في الشّرق الأوسط ينتظرون التمديد بأعصاب متوتّرة.

*
ملاحظة: هذه المقالة نُشرت بالأصل باللغة العبرية، الأربعاء 14 مارس 2012، في صحيفة ”هآرتس“ الإسرائيلية، وهي مقدّمة هنا لقرّاء العربية.
***
نشرت في: ”إيلاف“، 15 مارس 2012

ـــ
For Hebrew, press here
مشاركات



تعليقات فيسبوك:


تعليقات الموقع: يمكن إضافة تعليق هنا. لا رقابة على التعليقات مهما كانت مخالفة للرأي المطروح، بشرط واحد هو كون التعليقات وصيلة بالموضوع.

0 تعليقات:

إرسال تعليق

قضايا
  • توفيق طوبي: احتفالنا باستقلال إسرائيل

    نقدم هنا خدمة للقارئ العربي ترجمة عربية لخطاب القائد الشيوعي الفلسطيني، توفيق طوبي، والنائب في الكنيست الإسرائيلي لسنوات طويلة. وهو خطاب كان قد ألقاه في باريس في شهر مايو 1949 بمناسبة الاحتفال بالذكرى السنوية الأولى لاستقلال إسرائيل....
    تتمة الكلام
  • هل البطون والأفخاذ عورة؟

    لا فرق، إذن، بين فقهاء الظّلام الّذين يُعوّرون المرأة كلّها، وبين فقهاء الفضائيّات المطبّلين المزمّرين للدكتاتوريات العربيّة على اختلاف مشاربها. فمثلما يرى هؤلاء الفقهاء المرأة كلّها عورة يجب سترها، فإنّ فقهاء الدكتاتوريات العربية يرون في الشّعوب العربيّة بعامّة كلّها عورة. تتمة الكلام...

    بين اللغة والسياسة

    ما من شك في أن القدرة علي التعبير لدى أطفال العالم أكبر بكثير، وأغني وأعمق من تعبير الأطفال العرب الذين حينما يتكلمون فهم مصابون بالارتباك والبلبلة، ولا يستطيعون تقريباً ايصال جملة سليمة للمشاهد أو للمستمع.
    تتمة الكلام
 
قراءات
  • سبحان الذي أسرى

    نتقدّم الآن خطوة أخرى للوقوف على ماهيّة هذا "المسجد الأقصى" الّذي ورد ذكره في سورة الإسراء، أو بالاسم الأقدم للسورة وهو سورة بني إسرائيل...

    تتمة الكلام...
  • بلد من كلام

    هل الكلام عن الوطن، مديحًا كانَ أو هجاءً، هو "مهنة مثل باقي المهن"، كما صرّح محمود درويش في "حالة حصار"؟ وماذا يعني مصطلح الوطن هذا الّذي تكثر الإشارة إليه في الكتابات الفلسطينيّة؟

    تتمة الكلام

مختارات
  • سفر المبدأ

    (1) بَدِيءَ بَدْءٍ بَرَأَ ٱللّٰهُ ٱلسَّمٰواتِ وَٱلْأَرْضَ. (2) وَٱلْأَرْضُ كانَتْ خَرابًا خَواءً، وَظُلْمَةٌ عَلَى وَجْهِ ٱلْمَهْواةِ؛ وَرُوحُ ٱللّٰهِ تُرَفْرِفُ عَلَى وَجْهِ ٱلْماءِ. (3) فَقالَ ٱللّٰهُ لِيَكُنْ نُورٌ، فَكانَ نُورٌ. (4) وَرَأَى ٱللّٰهُ ٱلنُّورَ حَسَنًا، فَمازَ ٱللّٰهُ بَيْنَ ٱلنُّورِ وَبَيْنَ ٱلظُّلْمَةِ. (5) فَسَمَّى ٱللّٰهُ ٱلنُّورَ نَهارًا، وَٱلظُّلْمَةَ سَمَّاها لَيْلًا؛ فَكانَ مَساءٌ وَكانَ صَباحٌ يَوْمًا أَحَدًا.

    تتمة الكلام
  • كشف أسرار الرهبان

    "اعلم أنّ بعض هذه الطائفة أعظم الأمم كذبًا ونفاقًا ودهاء، وذلك أنّهم يلعبون بعقول النصارى ويستبيحون النساء وينزلون عليهم الباروك، ولا يعلم أحد أحوالهم...
  • العباس بن الأحنف

    يا أيُّها الرّجُلُ المُعَذِّبُ نَفْـسَـهُ
    أقْصِرْ، فإنّ شفاءَكَ الإقْصارُ

    نَزَفَ البُكاءُ دُمُوعَ عَيْنِكَ فاسْتَعِرْ
    عَيْنًا، يُعينُكَ دَمْعُها الـمِدْرارُ

عنوان خانة

لغات