سلمان مصالحة ||
ظلام سرمدي
(مرثية عربية)
سَقَطَ الهِلالُ
مِنَ الظَّلامِ الأَبْعَدِ،
وَانْسَلَّ مِنْ حُلُمِي
فَقُمْتُ لِمَوْعِدِي
مَعْ بَعْضِ مَنْ سَكَبَ
البُكَاءَ بِدَمْعَةٍ،
غَرِقَتْ بِهَا عَيْنٌ
بِلَيْلِ تَسَهُّدِي.
كُلُّ الدُّمُوعِ،
إذَا عَدَدْتُ، قَواصِرٌ
عَنْ رَسْمِ مَا نَزَفَتْ
عُيُونُ الهُجَّدِ.
فِي مَشْرِقٍ
مَلأَ السَّمَاءَ مَآتِمًا،
ضَوْضَاءَ يَزْرَعُهَا
أَذَانُ المَسْجِدِ.
يَنْعِي إلَيْكَ
سُقُوطَ طِفْلٍ أَوْ فَتًى،
مِنْ دُونِمَا سَبَبٍ،
بِقَلْبِ المَشْهَدِ.
كُلُّ الدُّمُوعِ
هَوَامِلٌ فِي لَحْظَةٍ،
فِي نَظْرَةٍ رَقَدَتْ
وَلَمَّا تَرْقُدِ.
مَا بَيْنَ بُؤْبُئِهَا،
وَبَيْنَ بَيَاضِهَا،
زَمَنٌ تَنَاثَرَ
فِي ظَلامٍ سَرْمَدِي.
وَالحَالِمُونَ،
بِمَا تَبَقَّى مِنْ سَنًا،
أَلْفَيْتُ أَيْفَعَهُمْ
كَشَيْخٍ، يَرْتَدِي
تَرَحًا عَلَى مَا كَانَ
أَسْكَنَ حُلْمَهُ.
حِينًا يَلُوحُ
بِلا كَلامٍ فِي اليَدِ.
حِينًا يَمِيلُ
إلَى زَمِيلٍ قَدْ ثَوَى
فِي بَيْتِهِ عَرَضًا
بِغَيْرِ تَهَدْهُدِ.
قَلِقًا عَلَى مَا كَانَ
مِنْ بَلَدٍ هَوَى
مِنْ شَاهِقٍ،
لَثَمَ الثَّرَى،
مُسْتَعْبَدِ.
وَأَنَا غَرِيبٌ،
مُذْ حَبَوْتُ بِقَفْرَةٍ.
كَتَبَتْ عَلَيَّ
نَوَائِبًا، بِتَرَدُّدِي
بَيْنَ الرِّيَاحِ،
إذَا تَهُبُّ بِحَيِّنَا،
كَشَفَتْ زَمَانًا غَارقًا
فِي المَوْقِدِ.
مَنْ لِي بِلَيْلٍ مُسْتَدِيمٍ،
كَيْ أَرَى بِمَدَامِعِي
مِمَّا اسْتَجَدَّ
بِمَوْلِدِي
فِي عَالَمٍ،
خَلْفَ التِّلالِ رَأَيْتُهُ،
مَا بَيْنَ وَاحِدِهِ
وَبَيْنَ تَعَدُّدِي.
كُلُّ الدُّمُوعِ
وُضِعْنَ فِي غَيْمٍ،
فَمَا وَقَعَ الغَمَامُ
سِوَى بِحُفْرَةِ مَقْعَدِي.
لِلنَّازِحِينَ النَّازِفِينَ،
لِيَأْسِهِمْ. فِي كُلِّ
مَوْطِئِ خَطْوِهِمْ
بُسِطَتْ يَدِي.
لَوْ كَانَ بِي أَمَلٌ
لَكُنْتُ نَثَرْتُهُ،
أوْ كَانَ بِي رَمَقٌ
لَكُنْتُ سَأَبْتَدِي
مِنْ أَوَّلِ الدَّرْبِ
الَّذِي قَدْ قَادَنِي
فِي رِحْلَةِ التَّنْحَابِ
حَيْثُ تَبَدُّدِي.
لَكِنَّ بِي تَوْقًا
لِشَيْءٍ سَرَّنِي
فِي سِرِّهِ أُحْيِي
خُلاصَةَ مَقْصَدِي.
***