بيروت ودمشق قبل قرن من الزمان

 

سلمان مصالحة ||

بيروت ودمشق قبل قرن من الزمان


هوغو برغمان (1883-1975) فيلسوف إسرائيلي، من مواليد براغ. درس الفلسفة في جامعة براغ وفي برلين وفي العام 1920 هاجر إلى فلسطين، حيث عُيّن مديرًا للمكتبة الوطنية. لاحقًا أشغل منصب رئيس الجامعة العبرية في القدس.

قبل قرن من الزمان بالضبط، في شهر آب 1925، قام برحلة إلى لبنان ودمشق بغية التعرّف على أحوال هذه المنطقة. لقد نشر هذه الرسالة التي تكشف لنا أجواء المناطق التي زارها، كما يعرض مقارنة بأحوال بيروت والشام من جهة وبين أحوال فلسطين في ذلك الأوان.

يتّضح من كلامه أنّه كان منبهرًا ممّا شاهده في لبنان إذ يُصرّح بأنّ لبنان في ذلك الأوان كان متقدّمًا على أرض-إسرائيل - فلسطين بقرن من الزمان.

وها نحن الآن بعد مضيّ قرن على رحلته تلك، ولا يسعنا سوى القول بأنّ الآية قد انقلبت الآن إذا ما أجرينا مقارنة بين حال إسرائيل وحال لبنان والشام.

نقدّم هذه الرسالة-الرحلة للقارئ العربي لما تتضمّنه من اهتمامات شخصيات صهيونية بالمنطقة وما تكشفه من أجواء زمان مضى وانقضى.
 





هوغو برغمان | إلى دمشق

(رسالة رحلة)


”إنّه لأمر غريب، كم هي ضئيلة معارفنا بالبلدان المجاورة لأرض إسرائيل. فمصر رأتها غالبيّتنا فقط بطريق الصدفة. سورية مجهولة لنا تقريبًا، لكن من الجدير أن نراها. لست خبيرًا بقضايا الاقتصاد والسوق لكي أصدر حكمًا إن كان بإمكان أرض إسرائيل أن تكون في يوم من الأيام كما هي حال لبنان في هذا الأوان. فهذان البلدان، على ما يبدو، لا يختلفان عن بعضهما البعض، وعلى الرغم من ذلك هما كذلك. إذ يبدو وكأنّ لبنان قد سبقنا بقرن من الزمان.

حين تسافر إلى هنا عبر حيفا تسحرك بيروت: طوال ساعة يسير الموبيل بين غابات التوت، ترى لبنان قرية بجانب أخرى. كلّ القرى مبنية بالقرميد بطراز أوروبي، سطوح بيضاء، وحمراء وثمة انطباع وكأنّك موجود في سويسرا وليس في الشرق. كم هي نظيفة هذه القرى، مستجمّات صيفية هي حقًّا. في الكثير منها توجد كهرباء. حين تسافر بعد الظهر بالموبيل أو بقطار الجبال إلى إحدى تلك القرى وتشاهد غروب الشمس على ميناء بيروت، تشاهد أيضًا سلسلة طويلة من أنوار الموبيلات التي تتقاطر خلف بعضها البعض من بيروت. 
 

انصبّ جلّ اهتمامي على جامعتي بيروت. الأولى پروتستانتية أنشأها أميركيون سنة 1866، والثانية كاثوليكية فرنسية أنشأها اليسوعيّون. لم أجدهما في أوان عملهما، إذ كان ذلك في نهاية آب، وهو أوان العطلة. على الرغم من ذلك، كان بالإمكان مشاهدة شيء ما: المساحة الواسعة للجامعة الأميركية بمبانيها الصغيرة والكثيرة والتي تتحلّق حول بيت المحاضرات. الطلّاب يأكلون ويعيشون هنا. في الأسفل مقابل الشاطئ - ملعب كبير للتنس محاط كلّه بالحدائق الجميلة. المكتبة على ما فيها من 20 ألف كتاب ليست مهمّة جدًّا؛ فمكتبتنا في أورشليم تبزّها بما لا يقاس، غير أنّها مرتّبة وغنية وفيها قاعة جميلة للمطالعة. 
 


ولكن الجامعة اليسوعية تُظهر تلك التقاليد العريقة لحكماء أوروبا التي أُحضرت إلى هذه البقعة البعيدة على أيدي اليسوعيين. المكتبة ليست كبيرة من ناحية كمية الكتب، ولكنها مكتبة مثالية. فبوسعك العثور هنا على كلّ دور النشر الكبرى للكتب الكلاسيكية بجميع المجالات العلمية، وهي التي تنقصنا في أورشليم لقلّة الموارد لاقتنائها، السلاسل الكاملة للدوريات العلمية، الموسوعات الكبرى والباهظة الثمن؛ والقسم الفلسطيني غنيّ جدًّا.

هنالك غرفة خاصة تحتوي على كلّ الكتب التي طُبعت في المطبعة العربية التابعة للجامعة. هنا أيضًا تصدر مجلتان تابعتان للجامعة: “المشرق” بالعربية و “Mélanges” بالفرنسية.

المجلة الفرنسية تشكّل أنبوبًا يمرّ عبره كلّ ما يظهر من جديد في مجال الاستشراق، إذ إنّ كلّ ما يُنشر من جديد بهذا المجال يجد طريقه إلى هذه المجلة. عميد المكتبة، العلّامة العربي الكبير، لويس شيخو، يستعرض أمامي كلّ كنوزها. توجد هنا مئات المخطوطات العربية التي اقتناها شيخو خلال خمسين سنة من جميع أنحاء العالم العربي. يعمل الآن على نشر قائمة بالمخطوطات بمجلته الفرنسية.

النشاط الذي يقوم به اليسوعيون هنا في بيروت ليس مجرّد سياسة تبشيرية، وإنّما هو نشاط ثقافي عربي كبير.

لقد وصل إلى أسماعهم هنا أمر اقتنائنا لمكتبة چولدتسيهر لصالح مكتبتنا المقدسية، وعمّا قريب سيأتي إلينا أحد الپروفيسوريين من هناك للعمل لدينا هنا.

الرحلة بقطار الجبال في ربوع لبنان والبقاع هي رحلة ساحرة. فالحجرات نظيفة وصغيرة في هذا القطار بخلاف “القاعات” في القطار الفلسطيني التي يُزجُّ فيها بالمسافرين قُطعانًا قُطعانًا. وفي منتصف الطريق بين بيروت ودمشق تقع رياق. وهناك أنشأ الفرنسيون معسكر الطيّارين، قاعدة رياق الجويّة.

في الثامن عشر من آب وصلنا إلى دمشق. الأوضاع في المدينة مستقرّة. فقط كثرة الجنود الفرنسيين، وللعلم فإنّ غالبيّتهم من ”فيلق المجنّدين الأجانب“، يُذكّرون بالحرب. الفنادق ممتلئة بالزائرين والسوّاح الصائفين من مصر. كم تبدو المدينة جميلة بإشرافك عليها من مقبرة الصالحية، إنّه جمال لا يُصَدّق؛ خضرة، خضرة تكسو كلّ شيء، واحة في الصحراء بكلّ معنى الكلمة.

جئنا نحن من القدس، هناك الفقر والفاقة وبالكاد تحصل على مياه الشرب، وهنا الماء يتدفّق في كل زاوية. لقد قام الألمان ببحث القيمة الفنية للمدينة في فترة الحرب بصورة جذرية. نذكر بهذا الصدد الكتاب: “دمشق المدينة الإسلامية” من تأليف كارل وولتسينغر وكارل واتسينغر، الذي أصدرته الجمعية الألمانية التركية للحفاظ على التراث (برلين، والتر غرويتر، 1924). إنّ التعرّف على هذا الكتاب في غاية الأهمية وهو زاد لكلّ مسافر.

القادم من فلسطين لا تثير اهتمامه تقاليد مداولات البيع والشراء الشرقية في أسواق المدينة، مع أنّها أكبر وأوسع حجمًا. 


 
المسجد الأموي يثير الانتباه أوّلا وقبل كل شيء لردهاته الكبرى ولكونها لا تستخدم فقط للصلوات، وإنّما لكونها تقوم بوظائف اجتماعية. ففي زاوية يقع نظرنا على خمسة مواقع وبها مجموعات من المصلين، ولكن نرى هنا وهناك مجموعات أخرى واقفة أو مستلقية على السجاجيد وغارقة في محادثة بينها.

العمارة الفريدة بنوعها في دمشق تنعكس بالأبنية المُقَبّبة التي لا صلة لها بالدين وبالمباني المتعدّدة الشقق. كما تشدّ أنظارك مشاهد المخازن الكبيرة التي تعجّ بالسلع، والخان بقبابه المتعددة، شاهد على السلطان والعظمة، وإضافة إلى ذلك هنالك المباني الوظيفية التي أنشئت لتقوم بوظيفتها العملية وتفي بغرض ما. إنّها تذكّرنا بالمتاجر الأوروبية، غير أنّها ينقصها الناس. إنّها تحتوي على السلع فقط: توابل، معادن، سجاجيد - مكدّسة في تلك المخازن الكبيرة، أو يمكن القول “المساجد”  لكثرة قبابها… الخانات تتجه دائمًا نحو الداخل، ومن الخارج يمكن بصعوبة رؤيتها، كذلك من الصعب العثور عليها.

هذا الميل بالتوجّه نحو الداخل هو أيضًا ما يميّز البيوت الخاصّة. فالبيت يفخر بساحته الرحبة وبحوض الماء. هذا الحوض يُطلق عليه العرب اسم “بحر”، كما هي الحال في اسم الحوض بهيكل سليمان. وعلى أطراف الساحة - ثلاثة أروقة مسقوفة درءًا لأشعة الشمس في موسم الصيف. وبهذه الأروقة تتصل كافة الغرف، لكلّ منها أدراج تنقسم إلى أقسام داخلية مرصوفة تكسوها السجاجيد. الجدران مغطاة بخشب ورسومات جميلة، نُقشت فيها أمثال عربية، أو عبرية - في بيوت اليهود من علية القوم - تملأ فضاء الغرفة. أمّا أجمل البيوت في دمشق فقد اقتنته الحكومة الفرنسية وحوّلته إلى متحف أثريّ.

ننتقل إلى حارة اليهود. يقوم فتى بإرشادنا. إنّه يتكلّم عبريّة مُكَسَّرة وفرنسية بليغة. إنّ وضع اليهود مُزرٍ، فهم يعيشون بين طرفين متصارعين، المسيحيين والمسلمين.

لا يوجد هنا من يأخذ على عاتقه تنظيم الشبيبة. كثيرون منهم يهاجرون إلى أميركا، والبعض منهم إلى أرض إسرائيل. حينما كانت هنا المدرسة الكبيرة التي أنشأها الصهيونيون كان الوضع أفضل بكثير، ولأنّهم تعلّموا العبرية فكانت أرض إسرائيل أقرب إليهم. في هذا الأوان لم تعد هذه المدرسة قائمة.

المدرسة العبرية التي أسستها لجنة التربية أُغلقت قبل مدّة نظرًا لقلّة الموارد. فقط حينما تمكث هنا فإنّك ترى بأمّ عينيك قصر النظر بهذه الخطوة. هؤلاء الشبّان الذين يترعرعون في بيئة عربية، هم أفراد من أهل البيت في الشرق، وكان بوسعهم تثقيف جمهرة من الناشطين الصهيونيين، وكانوا سيبنون جسرًا إلى اليهود الشرقيين والعرب. لقد فضّلت الإدارة الصهيونية أن تُخلي المكان للـ"أليانس". من السهل تقدير ما هي الروح التي تقوم فيها الأليانس بتربية أجيال شبيبتنا في هذا البلد الذي يحتلّه الفرنسيون.“

18 سبتمبر 1925


في لبنان - التاريخ لا يعيد نفسه

 

يمكن القول، كذا كان وكذا يكون إلى يوم يبعثون. إنّ حال هذا البلد هي حال الكثير من بلدان هذا المشرق المأزوم والمهزوم في آن

سلمان مصالحة ||

في لبنان - التاريخ لا يعيد نفسه


”إنّ إيمان اللبنانيين كافّة بحقّهم الشرعي في الاستقلال لا يتزعزع، وثقتهم بكفاءتهم له لا تنال منها المحاولات التي يقصد بها أصحاب النيات المشبوهة إيهان عزائمهم، ولقد باءت بالخسران الكامل محاولتهم الجاهدة لبذر بذور الشقاق والتفرقة بين أبناء الوطن الواحد. إنّ زمن التفرقة قد انقضى. واللبنانيون إرادة واحدة وعزم ثابت في سبيل الدفاع عن سيادتهم الوطنية الكاملة.“

لقد كنت أشرت في الماضي غير مرّة وفي أكثر من منبر إلى أنّنا - كأفراد، جماعات ومجتمعات، على سائر مللنا ونحلنا- ملزمون بإعادة النّظر إلى أنفسنا في المرايا وبذل مجهود، ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا، بمحاسبة النفس إزاء ما آلت إليه أحوال مجتمعاتنا وما نزلت عليها من رزايا بدءًا من مغارب العرب إلى مشارقهم، من سودانهم إلى بيضانهم ولبنانهم.

التّناقضات العربيّة لا أوّل لها ولا آخر. غير أنّ السؤال الكبير الّذي يقضّ مضاجع كلّ فرد عربيّ في هذه الأصقاع المترامية الأطراف، هو سؤال يتمحور حول مسألة الهويّة. إنّه السؤال الأصل: ماذا يعني أن تكون عربيًّا في هذا الأوان؟ وماذا يعني أن تكون مصريًّا، مغربيًّا، سوريًّا، عراقيًّا، لبنانيًّا أو فلسطينيًّا، إلى آخر هذه الكيانات غير المحدّدة المعالم؟ نعم، هذا هو السؤال الذي تُشتقّ وتتفرّع منه كلّ الإجابات وكلّ الحلول للمشاكل الاجتماعية، الثقافية والسياسية التي تتخبّط فيها هذه المجتمعات منذ ظهورها على مسرح التاريخ، قديمًا وحديثًا.

من البدهي القول إنّ حدود البلدان في المشرق والمغرب هي حدود مصطنعة لم تخرج إلى النور بصورة طبيعية مستندة إلى جغرافيا طبيعية اجتماعية ثقافية إثنية دينية. لقد رسمت هذه الحدود لاعتبارات قوى عظمى خارج هذه الأقطار وخارج هذه الجغرافيا ولأسباب لا تمتّ للأرض بصلة.

لا شكّ أنّ الكثير من القراء على دراية بمقولة ماركس الشهيرة: ”التاريخ يعيد نفسه، أوّلًا كمأساة ثمّ كمهزلة“. إنّ الديباجة الكلامية التي استهللت بها المقالة أعلاه قد تبدو للوهلة الأولى راهنية إزاء ما آلت إليه الحال في بلد الأرز، غير أنّها ليست كذلك بالمرّة. إنّها ديباجة بيان عممته اللجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني اللبناني في العام 1944.

وبالعودة إلى النظر فيما ورد من كلام قبل عشرات السنين يتجلّى لنا أنّنا نقف الآن وفي هذا الأوان أمام وضع وكأنّ شيئًا ممّا ورد في البيان  المذكور عن أحوال هذا البلد لم يتغيّر قيد أنملة. ليس فقط أنّ التاريخ لم يُعِدْ نفسه، بل يمكن القول أنّ الزمن لم يتحرّك أبدًا. وهكذا يستفيض بيان المؤتمر الوطني بالقول: ”وإذا كان للمؤتمر ما يقوله في هذا المعرض فهو مناشدة الحكومة أن تقضي على العوامل التي من شأنها الحدّ من التوجيه الاستقلالي المنشود سواء كانت هذه العوامل داخلية أم خارجية. وفي طليعة ذلك معاملة العابثين بحرمة الوطنية ... بما يستحقّه الدسّ على الوضع الاستقلالي من عقاب شديد تكون فيه العبرة البالغة.“

وإذا كان حزب الله قد صادر استخدام القوة من السلطة اللبنانية واستولى عليها داخليًّا وخارجيًّا، فقد كان المؤتمر الوطني اللبناني قد نوّه إلى هذه الظاهرة في بيانه المذكور. فقد ورد في البيان بهذا السياق:

”ويلفت المؤتمر نظر الحكومة إلى الأمور بنوع خاص إلى الأمور الآتية:
1 - إنّ أول ما يتطلع إليه لبنان مسألة الجيش. إننا لا نرى وجهًا من الحق والعدل في أن تبقى قوات مجندة ومؤلفة من اللبنانيين، ومقيمة في الأراضي اللبنانية، غير تابعة للحكومة اللبنانية مباشرة.
2 - يجب تنظيم بعض المظاهر التي لها مساس بمعنى السيادة الوطنية وفي الطليعة القضاء على فوضى رفع الأعلام بحيث لا يُرفع في أراضي الجمهورية اللبنانية غير العلم اللبناني، أمّا الأعلام الأجنبية فيجب أن يُحدّد الموضع والزمن والشكل في رفعها.“

يتضح إذن، وفي ضوء هذا الكلام، وكأنّ التاريخ لم يتحرّك خطوة إلى الأمام في هذا البلد منذ تأسيسه. إنّه يتخبّط الآن في القضايا ذاتها ويبحث عن سبيل للخروج من المستنقع ذاته. 

يمكن القول، كذا كان وكذا يكون إلى يوم يبعثون. إنّ حال هذا البلد هي حال الكثير من بلدان هذا المشرق المأزوم والمهزوم في آن.
*

أخي أيها العربي الذكي

سلمان مصالحة ||

أخي أيها العربي الذكي

                            (لزومية)

أَخِي أيُّها ٱلْعَربيُّ ٱلذَّكِيُّ،
أَرَى ٱلأَمْسَ مَوْعِدَنا لا ٱلْغَدَا

فَإمَّا حَياةٌ، وَعَيْشٌ هَنِيُّ
وَإمّا فِرَاقٌ غَدَا ٱلْمَوْعِدَا

فَحاذِرْ، فَإنَّكَ فَرْدٌ سَبِيُّ
بِتارِيخِ شَعْبٍ ثَوَى قَعْدَدَا 

وَإنَّكَ إنْ شَابَ فِيكَ ٱلصَّبِيُّ
فَذٰلِكَ أَنَّكَ رُمْتَ ٱلْهُدَى.

أَخِي أَيُّها ٱلْفَتَى ٱلْيَعْرُبِيُّ
تَلَفَّتْ حَوالَيْكَ جَفَّ ٱلنَّدَى.

أَلَمْ تَدْرِ أَنَّكَ أَنْتَ ٱلْوَصِيُّ
عَلَى ٱلْقَوْمِ، قَمْ وَٱطْلُبِ ٱلسُّؤْدَدَا

بِأَرْضٍ تَمَرَّغَ فِيهَا ٱلنَّبِيُّ
بِرَوْثِ رِجَالِ ٱلْحِمَى وَٱلْعِدَا

فَهٰذَا سَفُولٌ وَذَاكَ دَنِيُّ
فَأَيَّهُمَا زِنْتَ زَانَ سُدَى

وَهٰذَا جَهُولٌ وَذَاكَ غَبِيُّ
وَبَيْنَهُمَا عِشْتَ، مُتَّ فِدَى

تَفَكَّرْ بِقَوْلِي فَإنِّي ٱلنَّبِيُّ
بُعِثْتُ رَسُولًا بِهٰذَا ٱلْمَدَى

فَقَوْلِي دُعَاءٌ عَلَا، سَرْمَدِيُّ،
لِقَوْمٍ مَبَاهِمَ، شَعْبٍ بَدَا.

وَإنِّي دَعَوْتُكَ، قَوْلِي سَوِيُّ،
إلَى ٱلدَّرْبِ هَيَّا، فَكُنْ مُوفَدَا

أَخِي أَيُّهَا ٱلْعَرَبِيُّ ٱلْأَبِيُّ،
تَلَقَّفْ كَلَامِي وَبُثَّ ٱلصَّدَى.
*

وراء كواليس حرب لبنان 1983

وثيقة سرية - بيروت 1983

سلمان مصالحة ||

وراء كواليس حرب لبنان 1983

نظرًا لعدم إتاحة الأرشيفات الرسمية في البلاد العربية لعامّة المهتمّين ولأسباب لا قد تخفى على القارئ النبيه، بدءًا من خشية افتضاح سلوكيات مسؤولين وقيادات من وراء الكواليس في هذه الدول العربية التي لم تعرف في تاريخها مبدأ مصارحة الشعوب التي تزعم قيادته وتمثيله، وانتهاءً بافتضاح أمور شخصية يحاول هؤلاء إخفاءها عن العامّة. 

إذن، والحال هذه، فما على الباحث عن بعض تلك الجوانب وخفاياها والوقوف على حقائق خفيت عن ناظريه سوى الذهاب إلى أرشيفات الآخرين الذين كانوا على مرّ التاريخ على صلة بهذه البلدان.

فها أنذا أقدّم للقارئ العربي بعامّة، واللبناني على وجه الخصوص، هذه الوثيقة الإسرائيلية التي قد تكشف أمورًا لم تصل إلى أسماع هؤلاء من قبل.

وأخيرًا، ملاحظة لا بدّ منها:
من الجدير النظر إلى ما يرد في هذه الوثائق بحذر لأنّها تأتي من طرف واحد، ولأجل التحقّق أكثر من الأمر هنالك حاجة للوقوف على أرشيفات الأشخاص المذكورين (إن وجدت أصلًا) لتصديق الأمور أو دحضها.

الوثيقة مكتوبة باللغة العبرية، وأرسلها المندوب الإسرائيلي من بيروت.

جدير بالتنويه أيضًا إلى ما يبدو أنّه خطأ في الوثيقة، حيث ورد في الأصل بعد اسم شارل خوري المكتوب بحروف لاتينية وبين قوسين التعبير (شيعي).  يبدو أن كاتب الوثيقة كان يقصد بوضع التعبير (شيعي) بعد اسم كامل الأسعد. فمن غير المعقول أن المندوب الإسرائيلي الذي دُعي لوجبة غداء عند مساعد رئيس البرلمان ويقوم بتدوين ما جرى بينهما من حديث ويكتب اسمه بالحروف اللاتينية لا يعرف ذلك. فعلى ما يبدو فإنّ هذا الخطأ قد وقع سهوًا.

كما تجدر الإشارة أيضًا إلى أنّ المقصود بـ”فؤاد” الذي يرد اسمه في الوثيقة هو بنيامين بن-إليعيزر والذي كان أشغل منصب ضابط الارتباط مع القوات اللبنانية في ذلك الأوان.

ولقد وضعت هنا ترجمة عربية لها لمزيد الفائدة. 

***

دولة إسرائيل

وزارة الخارجية
القدس
بيروت، 8 مايو 1983 


سرّي

”إلى: المدير العام…..
من: يتسحاق ليؤور، بيروت

بواسطة سامي الشدياق دعاني اليوم للغداء شارل خوري (شيعي)، مساعد رئيس البرلمان كامل الأسعد. وروى لي ما يلي:

1. لقد أرسله كامل الأسعد إليّ شخصيًّا لأجل ”تحضير الأرضية لعقد لقاء بينه وبينك“. إنّه غير معنيّ بلقاءات مع عسكريّين أو رجال استخبارات. (على ما يبدو إشارة إلى محاولات البريغادير مئير دغان الالتقاء به).

2. سألته ماذا يقصد بالقول ”تحضير الأرضية“. فكان جواب شارل أنّ لدى كامل الأسعد شعورًا بأنّ الأجواء بينه وبين إسرائيل ليست إيجابية. هنالك انعدام ثقة وسوء فهم بين الطرفين. لذلك من المفضّل توضيح عدّة أمور مسبقًا.

3. بحسب أقواله كان كامل الأسعد بين الأوائل الذين طالبوا في 1976 بإجراء مباحثات مع إسرائيل في الوقت الذي كان فيه حتّى كميل شمعون معارضًا لذلك. لقد كان يدعم باستمرار بشير والذي كان رجلنا. لقد حاول حينئذ أن ينضمّ إلى حلقة أصدقائنا (إبّان فترة فؤاد)* غير أنّ شمعون منعه من ذلك. بين السنوات 1977-1979 كانت لدى كامل الأسعد علاقات مع السوريين لكن ليس على حسابنا. بعد مقتل بشير سأل ”ماريون“ بواسطة شارل خوري بمن نحن معنيّون أن يكون رئيسًا للحكومة، غير أنّه لم يحصل على إجابة. في الآونة الأخيرة أطلق في فاس عدة تصريحات لم تُفهم من طرفنا بصورة صحيحة، لأنّها أُخرجت من سياقها. في نهاية المطاف كامل الأسعد هو صديق، وشخصية إيجابية من ناحيتنا. وهو شجاع في اتخاذ مواقف، وهو ممن ”يمكن عقد صفقات معه“ في كلّ ما يتعلّق بالبرلمان، بالترتيبات في جنوب لبنان وبالطائفة الشيعية. ففي جلسة البرلمان الأخيرة (المُغلَقَة) قال كامل الأسعد بصورة لا تقبل التأويل إنّ على لبنان الوصول إلى اتفاق مع إسرائيل.

4. لدى كامل الأسعد إحساس بأنّه ليس فقط أنّنا لا نفهم مقاصده وإنّما أيضًا نضرّ به في الجنوب. أنّنا ندعم منافسيه (ذكر شارل مثلًا، قريب عائلته علي الأسعد من قرية الطيبة)، كما وتعرّض سكرتيره الشخصي في الغازية (قريبًا من صيدا) للضرب من قِبَل جماعة ”أمل“. يعتقد كامل الأسعد أنّ علينا أن نثبت عمليًّا في الميدان تغيير هذه الأمور قبل أن ينعقد اللقاء. 

5. قلت لشارل فورًا إنّي لا أعتقد أنّ هذه هي الطريق لتحسين الأجواء. على العكس، بافتراض - ولسنا شركاء بهذا - أنّ الأجواء معتكرة، فإنّي إن أرسلت للبلاد شروطًا مسبقة كهذه، فإنّ الأمور ستزداد تعكيرًا، وأضفت أنّه بخصوص الموضوع فليس لدينا شيء ضدّ كامل الأسعد الذي نعرفه ونكنّ له الاحترام. لست على علم بتفاصيل الأحداث التي ذكرها، غير أنّني أستطيع القول بثقة تامّة إنّه إن كانت قد حصلت فعلًا فهي لم تكن موجّهة ضدّ كامل الأسعد بالمرّة. وبالتأكيد لن يشعر كامل الأسعد بالارتياح إذا ما وضعنا نحن من جانبنا شروطًا مسبقة للقاء. فأقترح لملمة هذه ”المقدمة“وعدم طرحها بعد هذا الحديث بيننا.

6. لقد وعد شارل بنقل هذه الأقوال بروح طيبة إلى كامل الأسعد. كما قد طرح قضية أخرى. فعلى حدّ قوله، قبل 4 شهور ظهر لدى كامل الأسعد شخص غير معروف واسمه عادل مراد من بلدة عيترون في الجنوب وروى أنّّه قد وصل إلى بيروت في مروحيّة بوصفه موفدًا من قِبَل جهة إسرائيلية سائلًا إن كان كامل الأسعد على استعداد للالتقاء برئيس الكنيست. حسبما قال شارل لقد كان هذا مسًّا بكرامة كامل الأسعد، إذ بوسع إسرائيل إيجاد طرق لائقة للاتصال به. أجبت أنّي لا أعلم شيئًا عن هذه الجهة الإسرائيلية وهذا الحدث، غير أنّنا من طرفنا إذا ما تمّ اللقاء فسنقوم بكلّ الترتيبات اللائقة التي تروق للطرفين. 

7.  كما أضفت من أنّك سترحّب بمبادرة كامل الأسعد إذ إنّ اللقاء المقترح، في خضمّ عملية ستحدّد بمدى كبير مستقبل العلاقات بين لبنان وإسرائيل، بوسعه أن يساهم في التفاهم المتبادل. لقد قلت له إنّه عندما نسمع عن الموعد المقترح سأكون سعيدًا بنقله إليك، وبعدئذ نتّفق على مسألة مكان اللقاء. 

8. سيتحدّث شارل مع كامل الأسعد وسيعود ويخبرني.“

مع التحية
يتسحاق ليؤور

***


رسالة في فضل العقل على النقل

 

سلمان مصالحة ||

رسالة في فضل العقل على النقل


الكتابة، كلّ كتابة، ومنذ قديم الزّمان
هي من عمل هذا الحيوان النّاطق، بل هي مزية، من بين مزايا أخرى، تفرق الإنسان عن سائر المخلوقات. إنّها فعل هو نتاج تجريدي من مهمّات العقل، أمبدعًا كان العقلُ أم ناقلاً لما أبدع آخرون.

قبل وجود الكتاب درج الإنسان على التّدوين بالنّقش في الحجر أو النّقش في الألواح الطّينيّة، عبورًا بالكتابة على العظم والجلود وما إلى ذلك من وسائل تحمل نتاج العقل والنّقل لتبقى على مرّ الزّمن، لتكون ذاكرة وزادًا للأجيال القادمة.  هذه هي بالذّات وظيفة الكتاب منذ القدم وهذه وظيفته في يومنا هذا وستظلّ كذلك في المستقبل المنظور على ما يبدو، رغم الطّفرة الإلكترونيّة المعاصرة.  

ولمّا كان الكتاب وما يحويه من مضامين هو من عمل الإنسان العاقل والنّاقل فإنّه يحتمل الخطأ والصّواب، ولهذا أيضًا فإنّه يحتمل النّقد والنّقض. لا فرق في هذه القضيّة إن كان الكتاب حاملاً لمضامين العلوم الطّبيعيّة أو حاملاً لمضامين العقائد الدّينيّة على اختلاف مشاربها ولأيّ من الدّيانات والعقائد البشريّة كان انتماؤها.

إنّ العقائد البشريّة تعكس كلّ تلك المنظومات المعرفيّة الّتي يتوصّل إليها العقل البشري في مراحل تدرّجه على مرّ تاريخه. وفي الحقيقة فإنّ العقائد الدّينيّة لدى بني البشر تعكس في الأساس منظومات المجاهل وليس منظومات المعارف. إنّ بني البشر على العموم يحيلون الجهل بقوانين الطّبيعة والجهل بالظّواهر الطّبيعيّة إلى قوى أخرى خارقة تقع ما وراء حدود علمهم في مراحل تطوّرهم عبر التّاريخ.  هكذا ينتقل الإنسان من العادي المادّي ومحاولة معرفة علاقاته السّببيّة إلى مرحلة الإيمان. أي إنّ الجهل، على العموم، هو العنصر الجوهري الّذي يتأسّس عليه الإيمان على مرّ الزّمان.

هكذا وُلدت الآلهة عبر التّاريخ 
فلقد خلقها الإنسان لكي ينيط بها كلّ ما لم يقدر عقله على سبره وعلى فهم علائقه. وهكذا على مرّ التاريخ جاءت آلهة البشر على شاكلتهم، تحبّ وتبغض وتتزاوج وتتحارب ثمّ تتصالح إلخ، وبمدى عمق وثراء معارفهم تكون معارف آلهتهم على شاكلتهم. لقد لخّص الفيلسوف الإغريقي اكسينوفان هذه المسألة بالقول: لو كانت الحيوانات، أهليّة كانت أم وحشيّة، تعرف فنّ الرسم، لكانت رسمت آلهتها على شاكلتها، ولكان الحصان، على سبيل المثال، قد رسم إلٰهه على شكل حصان.

وهكذا أيضًا، عندما تذكر التّوراة، في قصّة الخلق، أنّ حوّاء قد خُلقت من ضلع آدم، فلا يمكن النّظر إلى هذه الخرافة إلاّ من باب الأسطورة الّتي تحاول الذّهاب بعيدًا والنّظر في المجهول من أجل وضع تفسير مبسّط لبدء الحياة البشريّة على هذه الأرض.  ولمّا كان العقل البشري منذ القدم قاصرًا عن فهم هذه الظّاهرة الّتي تدبّ على الأرض فإنّ الإحالة إلى الأسطورة تصبح الطريق المثلى لفكّ مجاهل هذه القضايا الشّائكة. وهكذا تتحوّل الخرافة إلى قصّة أسطوريّة تتداخل في فعل الإيمان، لأنّ القداسة على العموم هي أداة تُستخدَم لحفظ الذّاكرة الحضاريّة من خلال العودة مرّة تلو أخرى إلى تكرار وترديد الأسطورة. وبوصفها كذلك فهي لا تحتضر ولا تفنى مهما تناقضت مع المُكتشفات العلميّة لأنّ وظيفتها لا تنتهي باندفاع العلوم قدمًا، لأنّها من طبيعة مختلفة أصلاً.

ومن هذا المنطلق ستحمل الذّاكرة الحضاريّة التّوحيديّة، يهوديّة عبورًا إلى الإسلاميّة، كلامَ الله لموسى عبر عوسجة أو عليقة محترقة في الصّحراء. ومهما بدا الأمر مضحكًا في نظر الإنسان الّذي يعيش في هذا العصر غير أنّ هذه الخرافة تبقى حيّة وعالقة فاعلة في ذهنه لأنّها ترتبط بقضايا الإيمان والّتي لا مجال لوزنها بميزان العقل.

كذا هي الحال في ما يتعلّق بظواهر الطّبيعة
الّتي لم يسبر أغوارها العقل البشري في مراحل تطوّره البدائيّة. فكلّ ما يجهله بهذه الشؤون والقضايا ينسبه إلى الآلهة أو إلى عالم الغيب، عالم الخرافة. فلو نظرنا إلى ظاهرة غروب الشمس على سبيل المثال، فماذا نحن واجدون في الموروث العربي الإسلامي؟  من بين الأمور الّتي قد تثير الضّحك في عصرنا العلميّ هذا هو تلك الخرافات الّتي كان أسلافنا يؤمنون بها، وقد يكون من الصّعب على المؤمنين بالنّصوص المقدّسة التّخلّي عنها.  

مثال على ذلك ما ورد في القرآن بخصوص مغرب الشّمس.  فقد ذكر القرآن في سورة الكهف وفي سياق ذي القرنين: "حتّى إذا بلغَ مغربَ الشّمس وَجدَها تغربُ في عينٍ حمئة" (سورة الكهف: 86).

فلو ذهبنا إلى أحد أقدم التّفاسير القرآنيّة الّتي وصلتنا فماذا نجد في تفسير غروبها في ”عين حمئة؟ ها هو الصّحابي أبو ذر الغفاري يتطرّق إلى هذه المسألة: "قال أبو ذر الغفاري: غربت الشمس يومًا، فسألتُ النبيّ (صلعم)، أين تغرب الشمس؟ فقال النبي (صلعم): تغرب فى عين حمئة وطينة سوداء، ثم تخرّ ساجدةً تحت العرش فتستأذن، فيأذن لها..." (تفسير مقاتل بن سليمان، أنظر كذلك بخصوص ذات الرّواية باختلافات طفيفة في تفسير الطّبري، سنن أبي داود، تفسير القرطبي، تفسير البيضاوي، زاد المسير لابن الجوزي، الدّرّ المنثور للسّيوطي، وغيرها من المصادر).

فما هي، يا تُرى، هذه العين الحمئة؟
أوّلاً، لا يوجد إجماع على النّصّ القرآني بهذه الصّورة، وهذا ما يُخبرنا به الطّبري: "فاختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأه بعض قرّاء المدينة والبصرة {في عين حمئة}، بمعنى: أنها تغرب في عين ماء ذات حمأة، وقرأته جماعة من قرّاء المدينة، وعامة قرّاء الكوفة {في عين حامية}، يعني أنها تغرب في عين ماء حارة." (نقلاً عن: تفسير الطّبري للآية).  فهذه الرّوايات والقراءات المختلفة هي خير شاهد على أنّ هذه النّصوص، ورغم قداستها، ليست ثابتة وإنّما هي من عمل البشر، من عمل ذاكرتهم الّتي لا يمكن أن تكون ذاكرة محكمة لا يعمل فيها تقادم العهود وتقادم الزّمان وتبدُّل المكان، وربّما الأهواء أيضًا، عمله.

الأمر الوحيد الّذي يُجمع عليه المؤمنون في هذا السّياق هو أنّ الشّمس تغيب. ولكن، كيف وأين تغيب هذه الشّمس فهذه القضايا مثار خلافات، إن لم نَقُل، مثار خرافات. فالبعض يقول إنّها تغيب في طينة سوداء والبعض يقول إنّها تغيب في عين ماء حارّة، وكما يذكر الطّبري: "واختلف أهل التّأويل في تأويلهم ذلك على نحو اختلاف القرّاء في قراءته".  ولهذا الغرض يستعينون بالأحاديث النّبويّة: "عن عبد الله، قال: نظر رسول الله (صلعم) إلى الشمس حين غابت، فقال: في نار اللّه الحامية، في نار الله الحامية، لولا ما يَزَعُها من أمر الله لأَحْرَقت ما على الأرض" (تفسير الطبري).

إنّ الطّبري لا يشكّك في المضمون المضحك للخرافة، بل يحاول التّوفيق بين القراءتين لا غير، فيقول: "والصوابُ من القول في ذلك عندي أن يُقال: إنهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار، ولكل واحدة منهما وجهٌ صحيحٌ ومعنًى مفهومٌ، وكلا وجهيه غيرُ مُفسدٍٍ أحدُهما صاحبَه. وذلك أنّه جائزٌ أن تكون الشمس تغرب في عين حارة ذات حمأة وطين، فيكون القارئ {في عين حامية}  بصفتها التي هي لها، وهي الحرارة. ويكون القارئ {في عين حمئة}  واصفَها بصفتها التي هي بها، وهي أنها ذات حمأة وطين" (تفسير الطبري).

ثمّ تسلك الخرافة طريقًا جديدة، إذ تذهب إلى أناس تلك النّواحي لتسرد علينا أحوال معيشتهم.  فها هي الخرافة تتعاظم: "وروى قتادة عن الحسن قال: وجدها تغرب في ماء يغلي كغليان القُدور، ووجد عندها قومًا لباسُهم جُلودُ السّباع، وليس لهم طعام إلاّ ما أحْرَقت الشّمسُ من الدّواب إذا غربت نحوها، وما لفظت العَيْنُ من الحيتان إذا وقعت فيها الشمس." (زاد المسير لابن الجوزي، وتفسير البيضاوي).

غير أنّ هنالك أيضًا من بين السلف
من قام بمحاولات جدّيّة لدحض هذا الغباء الصّحْراوي البدائيّ. فها هو الرّازي ينظر في هذه المسألة في مؤلّفه "مفاتيح الغيب".  لقد تطرّق الرّازي في البداية إلى اختلاف القراءات وحاول، مثلما فعل الطبري من قبله، التّقريب بينها: "واعلم أنّه لا تَنافيَ بين الحمئة والحامية، فجائز أن تكون العين جامعة للوصفين جميعًا" (الرّازي، مفاتيح الغيب).  لقد وفّق الرّازي بين الخلافات هذه، لأنّه رأى أنّ المشكلة لا تكمن في القراءة فحسب، بل هي في مضمون هذه المشاهدة أصلاً، وهي المشاهدة الّتي تسم اللّه بالغباء في نهاية المطاف.

ولذلك يستمرّ الرّازي في بحث المسألة، فيقول: "ثبت بالدّليل أنّ الأرض كرةٌ وأنّ السّماء محيطةٌ بها، ولا شكّ أنّ الشمس في الفلك...".  ولأنّ الأرض كرويّة، يضيف الرّازي مستعينًا بتفسير الجبائي: "إنّ راكب البحر يرى الشمس كأنّها تغيب في البحر إذا لم ير الشطّ وهي في الحقيقة تغيب وراء البحر. هذا هو التّأويل الذي ذكره أبو علي الجبائي في تفسيره... أن للجانب الغربي من الأرض مساكن يحيط البحر بها، فالنّاظر إلى الشّمس يتخيّل كأنّها تغيب في تلك البحار".

غير أنّ الرّازي يشعر بأنّه قد وصل مبلغًا كبيرًا في نقد ونقض الرّوايات التّراثيّة حول نصّ مقدّس فيجنح إلى تخفيف الصّدمة المنوطة بذلك، ربّما، فيضيف: "ولا شك أن البحار الغربيّة قوية السّخونة فهي حامية وهي أيضًا حمئة لكثرة ما فيها من الحمأة السوداء والماء فقوله: {تغرب فى عين حمئة} إشارة إلى أن الجانب الغربي من الأرض، قد أحاط به البحر وهو موضع شديد السخونة".

ثمّ ما يلبث الرّازي أن يعود إلى دحض كلّ تلك الخرافات من خلال تتبّع المشاهدات الفلكيّة في الأصقاع المختلفة من الأرض، فيقول: "وذلك لأنّا إذا رصدنا كسوفًا قمريًا، فإذا اعتبرناه، رأينا أنّ المغربيين قالوا: حصل هذا الكسوف في أوّل الليل ورأينا المشرقيين قالوا: حصل في أوّل النّهار، فعلمنا أنّ أوّل اللّيل عند أهل المغرب هو أول النهار الثاني عند أهل المشرق، بل ذلك الوقت الذي هو أول الليل عندنا فهو وقت العصر في بلد، ووقت الظهر في بلد آخر، ووقت الضحوة في بلد ثالث، ووقت طلوع الشمس في بلد رابع، ونصف الليل في بلد خامس".

ولأنّ الرّازي يأخذ بالعقل لا بالنّقل،
ولأنّه يأخذ بالمشاهدات العلميّة لا بالخرافات النّابعة من جهل ومن أمّيّة، فهو يصل إلى القول الّذي لا بدّ منه: "وإذا كانت هذه الأحوالُ معلومةً بعد الاستقراء والاعتبار، وعلمنا أنّ الشّمس طالعةٌ ظاهرةٌ في كل هذه الأوقات كان الذي يقال: إنها تغيب في الطين والحمأة كلامًا على خلاف اليقين، وكلامُ اللّه تعالى مُبرّأ عن هذه التهمة، فلم يبق إلا أن يُصار إلى التأويل الذي ذكرناه".

فهل نذهب نحن أيضًا، مثلما فعل من قبلنا، صاحب مفاتيح الغيب إلى العمل بالعقل بدل النقل؟
 
ففي نهاية المطاف، العقلُ وليّ التّوفيق.
***

نشرت أيضًا: شفاف الشرق الأوسط

عصافير

 

 سلمان مصالحة || 

عصافير

العُصْفورُ، الَّذِي يَصْدَحُ عَلَى
فَرْعٍ مُتَمايلٍ من الشَّجَرة،
رَأَى، رَأْيَ العَيْنِ، ما كُنْتُ
أَخْفَيتُ في يَدَيَّ - خُفَّيْ

آچي مشعول || كان الطقس متواضعًا

آچي مشعول || 

كان الطقس متواضعًا 


كَانَ الطَّقْسُ مُتَواضِعًا:
مُوَظَّفَةُ مَكْتَبِ االدَّاخِلِيَّةِ قَدَّمَتْ لِي
شَهَادَتَكِ النِّهائِيَّةَ. أَنْتِ ٱلَّتِى
لَمْ تَكُنْ لَدَيْكِ شَهادَةٌ أَبَدًا
حَظِيتِ فَجْأَةً بِشَهادَةِ وَفاةٍ
جَمِيلَةٍ، مَع شِعارِ الدَّوْلَةِ
كَما لَوْ أَنَّكِ ٱمْتَزْتِ جِدًّا بِأَمْرٍ ما
وَأَنْجَزْتِ كُلَّ المُتَطَلَّباتِ.

لَقَدْ سَأَلَتْ إِنْ كُنْتُ أُرِيدُ تَحْدِيثَ
(كَذا قالَتْ) شَهادَةِ وَفاةِ أَبِي،
بَعْدَئِذٍ وَضَعَتْهُما واحِدَةً بِجانِبِ الأُخْرَى
كَشَاهِدَيْنِ تَوْأَمَيْنِ
وَكَبَسَتْ عَلَى جَرَسٍ كَهْرَبائِيٍّ.

نَزَلْتُ إلَى الشَّارِعِ وَواصَلْتُ الخَطْوَ
مِثْلَ بِنْتٍ
صَغِيرَةٍ
تُمْسِكُ يَدَيْ والِدَيْنِ مِنْ وَرَقٍ
يُخَشْخِشانِ فِي الرِّيحِ.

ترجمة: سلمان مصالحة

אגי משעול, הטקס היה צנוע - תרגם: סלמאן מצאלחה 
 *

الأصل العبري


مزامير || 5

 

ترجمة جديدة لفصل من التوراة - مزمور من مزامير داود -


 مزامير || 5


(1) لِعِمادِ ٱلنَّحَائِلِ مُزْمُورٌ لِدَاوُدَ.  
(2) لِدُعَائِي ٱسْتَمِعْ يَا كَيُّونُ، ٱفْقَهْ نَجْوَايَ.  
(3) أَنْصِتْ لِصَوْتِ تَضَرُّعِي يَا مَلِكِي وَإلٰهِي، فَإِلَيْكَ أُصَلِّي. 
(4) يَا كَيُّونُ، بَاكِرًا تَسْمَعُ صَوْتِي، بَاكِرًا أَقُومُ لَكَ وَأَنْتَظِرُ.  
(5) فَلَسْتَ إِلٰهًا رَاغِبَ شَرٍّ أَنْتَ، وَلَا يَدْخُلُكَ سُوءٌ.  
(6) لَنْ يَقِفَ ٱلْمُسْتَهْتِرُونَ قِبَلَ عَيْنَيْكَ، شَنَأْتَ كُلَّ فَاعِلِي ٱلْغُبْنِ.  
(7) تُفْنِي نَاطِقِي ٱلْكَذِبِ، رَجُلُ ٱلدِّمَاءِ وَٱلْغِشِّ يَمْقُتُهُ ٱلْكَيُّونُ.  
(8) وَأَنَا، لِفَيْضِ نِعْمَتِكَ، آتِي إِلَى بَيْتِكَ. أَجْثُو فِي هَيْكَلِ قُدْسِكَ لِتَقْوَاكَ.  
(9) يَا كَيُّونُ ٱهْدِنِي إلَى سَوَاءِ سَبِيلِكَ قِبَلَ مُتَرَبِّصِيَّ، ٱمْهَدْ أَمَامِي طَرِيقَكَ.  
(10) فَلَا شَيْءَ بِأَفْوَاهِهِمْ حقٌّ، بَوَاطِنُهُمْ مَهَاوٍ، قَبْرٌ مَفْتُوحٌ حَلْقُهُمْ، لِسَانَهُمْ يُمْلِسُونَ.  
(11) فَٱئْثِمَنَّهُمْ ٱللّٰهُمَّ لِيَهْوُوا بِمَكَائِدِهِمْ، بِكَثْرَةِ شُرُورِهِمْ ٱكْبُبْهُمْ لِأَنَّهُمْ عَصَوْكَ.  
(12) فَيَفْرَحُ كُلُّ مُسْتَجِيرٍ بِكَ، إلَى ٱلْأَبَدِ يَتَرَنَّمُونَ، وتَكْنِفُهُمْ فَيَزْهُو بِكَ مُحِبُّو ٱسْمِكَ.  
(13) فَأَنْتَ تُبَارِكُ ٱلصِّدِّيقَ يَا كَيُّونُ، كَٱلْمِجَنِّ مَشِيئَةً تُوَشِّيهِ.

ترجمة: سلمان مصالحة

***
الأصل العبري

תהילים || ה


(א) לַמְנַצֵּחַ אֶל-הַנְּחִילוֹת מִזְמוֹר לְדָוִד.  
(ב) אֲמָרַי הַאֲזִינָה יְהוָה בִּינָה הֲגִיגִי. 
(ג) הַקְשִׁיבָה לְקוֹל שַׁוְעִי מַלְכִּי וֵאלֹהָי כִּי-אֵלֶיךָ אֶתְפַּלָּל. 
(ד) יְהוָה בֹּקֶר תִּשְׁמַע קוֹלִי בֹּקֶר אֶעֱרָךְ-לְךָ וַאֲצַפֶּה. 
(ה) כִּי לֹא אֵל חָפֵץ רֶשַׁע אָתָּה לֹא יְגֻרְךָ רָע. 
(ו) לֹא-יִתְיַצְּבוּ הוֹלְלִים לְנֶגֶד עֵינֶיךָ שָׂנֵאתָ כָּל-פֹּעֲלֵי אָוֶן. 
(ז) תְּאַבֵּד דֹּבְרֵי כָזָב אִישׁ-דָּמִים וּמִרְמָה יְתָעֵב יְהוָה. 
(ח) וַאֲנִי בְּרֹב חַסְדְּךָ אָבוֹא בֵיתֶךָ אֶשְׁתַּחֲוֶה אֶל-הֵיכַל-קָדְשְׁךָ בְּיִרְאָתֶךָ. 
(ט) יְהוָה נְחֵנִי בְצִדְקָתֶךָ לְמַעַן שׁוֹרְרָי הושר (הַיְשַׁר) לְפָנַי דַּרְכֶּךָ. 
(י) כִּי אֵין בְּפִיהוּ נְכוֹנָה קִרְבָּם הַוּוֹת  קֶבֶר-פָּתוּחַ גְּרֹנָם לְשׁוֹנָם יַחֲלִיקוּן. 
(יא) הַאֲשִׁימֵם אֱלֹהִים יִפְּלוּ מִמֹּעֲצוֹתֵיהֶם בְּרֹב פִּשְׁעֵיהֶם הַדִּיחֵמוֹ כִּי-מָרוּ בָךְ. 
(יב) וְיִשְׂמְחוּ כָל-חוֹסֵי בָךְ לְעוֹלָם יְרַנֵּנוּ וְתָסֵךְ עָלֵימוֹ וְיַעְלְצוּ בְךָ  אֹהֲבֵי שְׁמֶךָ. 
(יג) כִּי-אַתָּה תְּבָרֵךְ צַדִּיק  יְהוָה כַּצִּנָּה רָצוֹן תַּעְטְרֶנּוּ.


سفر المبدأ || الفصل السادس عشر

 ترجمة جديدة لفصل من التوراة

 

سفر المبدأ || الفصل السادس عشر


(1) وَأَمَّا سَارَايُ ٱمْرَاةُ أَبْرَامَ، فَلَمْ تَلِدْ لَهُ. وَلَهَا أَمَةٌ مِصْرِيَّةٌ، وَٱسْمُهَا هَاجَرُ.  (2) فَقَالَتْ سَارَايُ لِأَبْرَامَ، هٰهُوَذَا ٱلْكَيُّونُ حَبَسَ عَنِّي ٱلْوَلَدَ، هَيَّا ٱئْتِ أَمَتِي، لَعَلِّي أُبْتَنَى مِنْهَا. فَسَمِعَ أَبْرَامُ لِقَوْلِ سَارَايَ.  (3) فَأَخَذَتْ سَارَايُ ٱمْرَأَةُ أَبْرَامَ، هَاجَرَ ٱلْمِصْرِيَّةَ أَمَتَهَا، بِٱنْقِضَاءِ عَشْرِ سِنِينَ، لِمُكُوثِ أَبْرَامَ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ، وَوَهَبَتْهَا لِأَبْرَامَ رَجُلِهَا، ٱمْرَأَةً لَهُ.  (4) فَأَتَى إِلَى هَاجَرَ، فَحَبِلَتْ. وَلَمَّا رَأَتْ أَنَّهَا حَبِلَتْ، هَانَتْ مَوْلَاتُهَا بِعَيْنَيْهَا.  (5) فَقَالَتْ سَارَايُ لِأَبْرَامَ، ضَيْمِي عَلَيْكَ. أَنَا قَدَّمْتُ أَمَتِي لِأَحْضَانِكَ، فَلَمَّا رَأَتْ أَنَّهَا حَبِلَتْ، هُنْتُ بِعَيْنَيْهَا. سَيَقْضِي ٱلْكَيُّونُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ.  (6) فَقَالَ أَبْرَامُ لِسَارَايَ، هٰهِيَذِي أَمَتُكِ فِي يَدِكِ. ٱفْعَلِي بِهَا مَا يَحْلُو بِعَيْنَيْكِ. فَحَقَّرَتْهَا سَارَايُ فَهَرَبَتْ مِنْ وَجْهِهَا.  (7) فَوَجَدَهَا مَلٰكُ ٱلْكَيُّونِ عَلَى عَيْنِ ٱلْمَاءِ فِي ٱلْقِفَارِ، عَلَى ٱلْعَيْنِ فِي طَرِيقِ شُورَ.  (8) وَقَالَ، يَا هَاجَرُ، أَمَةَ سَارَايَ، مِنْ أَيْنَ جِئْتِ وَإلَى أَيْنَ تَمْضِينَ؟ فَقَالَتْ: مِنْ وَجْهِ سَارَايَ مَوْلَاتِي، إِنِّي هَارِبَةٌ.  (9) فَقَالَ لَهَا مَلٰكُ ٱلْكَيُّونِ، عُودِي إِلَى مَوْلَاتِكِ، وَٱتَّضِعِي تَحْتَ يَدَيْهَا.  (10) وَقَالَ لَهَا مَلٰكُ ٱلْكَيُّونِ، كَثِيرًا سَأُكْثِرَنَّ نَسْلَكِ، فَلَا يُحْصَى مِنْ كَثْرَةٍ.  (11) وَقَالَ لَهَا مَلٰكُ ٱلْكَيُّونِ، هَا أَنْتِ حُبْلَى وَسَتَلِدِينَ ٱبْنًا، وَتَدْعِينَ ٱسْمَهُ إِسْمٰعِيلَ،لِأنَّ ٱلْكَيُّونَ سَمِعَ عَنَاءَكِ.  (12) وَهُوَ يَكُونَ وَحْشًا آدَمِيًّا، يَدُهُ فِي ٱلْكُلِّ، وَيَدُ ٱلْكُلِّ فِيهِ. وَأَمَامَ كُلِّ إِخْوَانِهِ يَسْكُنُ.  (13) فَدَعَتِ ٱسْمَ ٱلْكَيُّونِ ٱلَّذِي كَلَّمَهَا، أَنْتَ إِلٰهٌ رَائِيَّ، لِأَنَّهَا قَالَتْ، أَهٰهُنَا أَيْضًا رَأَيْتُ خَلْفَ رَائِيَّ.  (14) لِذَا دَعَا ٱلْبِئْرَ، بِئْرَ ٱلْحَيِّ رَائِيَّ. هٰهِيَذِي بِينَ قَادِشَ وَبَارِدَ.  (15) فَوَلَدَتْ هَاجَرُ لِأَبْرَامَ ٱبْنًا. وَدَعَا أَبْرَامُ ٱسْمَ ٱبْنِهُ ٱلَّذِي وَلَدَتْهُ هَاجَرُ، إسْمٰعِيلَ.  (16) وَأَبْرَامُ ٱبْنُ ثَمَانِينَ سَنَةٍ وَسِتِّ سِنِينَ، بِوِلَادَةِ هَاجَرَ إِسْمٰعِيلَ لِأَبْرَامَ.

 

ترجمة: سلمان مصالحة

בראשית טז, תרגום ערבי חדש: סלמאן מצאלחה


***
الأصل العبري

בראשית || פרק טז


(א) וְשָׂרַי אֵשֶׁת אַבְרָם, לֹא יָלְדָה לוֹ; וְלָהּ שִׁפְחָה מִצְרִית, וּשְׁמָהּ הָגָר.  (ב) וַתֹּאמֶר שָׂרַי אֶל-אַבְרָם, הִנֵּה-נָא עֲצָרַנִי יְהוָה מִלֶּדֶת--בֹּא-נָא אֶל-שִׁפְחָתִי, אוּלַי אִבָּנֶה מִמֶּנָּה; וַיִּשְׁמַע אַבְרָם, לְקוֹל שָׂרָי.  (ג) וַתִּקַּח שָׂרַי אֵשֶׁת-אַבְרָם, אֶת-הָגָר הַמִּצְרִית שִׁפְחָתָהּ, מִקֵּץ עֶשֶׂר שָׁנִים, לְשֶׁבֶת אַבְרָם בְּאֶרֶץ כְּנָעַן; וַתִּתֵּן אֹתָהּ לְאַבְרָם אִישָׁהּ, לוֹ לְאִשָּׁה.  (ד) וַיָּבֹא אֶל-הָגָר, וַתַּהַר; וַתֵּרֶא כִּי הָרָתָה, וַתֵּקַל גְּבִרְתָּהּ בְּעֵינֶיהָ.  (ה) וַתֹּאמֶר שָׂרַי אֶל-אַבְרָם, חֲמָסִי עָלֶיךָ--אָנֹכִי נָתַתִּי שִׁפְחָתִי בְּחֵיקֶךָ, וַתֵּרֶא כִּי הָרָתָה וָאֵקַל בְּעֵינֶיהָ; יִשְׁפֹּט יְהוָה, בֵּינִי וּבֵינֶיךָ.  (ו) וַיֹּאמֶר אַבְרָם אֶל-שָׂרַי, הִנֵּה שִׁפְחָתֵךְ בְּיָדֵךְ--עֲשִׂי-לָהּ, הַטּוֹב בְּעֵינָיִךְ; וַתְּעַנֶּהָ שָׂרַי, וַתִּבְרַח מִפָּנֶיהָ.  (ז) וַיִּמְצָאָהּ מַלְאַךְ יְהוָה, עַל-עֵין הַמַּיִם--בַּמִּדְבָּר:  עַל-הָעַיִן, בְּדֶרֶךְ שׁוּר.  (ח) וַיֹּאמַר, הָגָר שִׁפְחַת שָׂרַי אֵי-מִזֶּה בָאת--וְאָנָה תֵלֵכִי; וַתֹּאמֶר--מִפְּנֵי שָׂרַי גְּבִרְתִּי, אָנֹכִי בֹּרַחַת.  (ט) וַיֹּאמֶר לָהּ מַלְאַךְ יְהוָה, שׁוּבִי אֶל-גְּבִרְתֵּךְ, וְהִתְעַנִּי, תַּחַת יָדֶיהָ.  (י) וַיֹּאמֶר לָהּ מַלְאַךְ יְהוָה, הַרְבָּה אַרְבֶּה אֶת-זַרְעֵךְ, וְלֹא יִסָּפֵר, מֵרֹב.  (יא) וַיֹּאמֶר לָהּ מַלְאַךְ יְהוָה, הִנָּךְ הָרָה וְיֹלַדְתְּ בֵּן, וְקָרָאת שְׁמוֹ יִשְׁמָעֵאל, כִּי-שָׁמַע יְהוָה אֶל-עָנְיֵךְ.  (יב) וְהוּא יִהְיֶה, פֶּרֶא אָדָם--יָדוֹ בַכֹּל, וְיַד כֹּל בּוֹ; וְעַל-פְּנֵי כָל-אֶחָיו, יִשְׁכֹּן.  (יג) וַתִּקְרָא שֵׁם-יְהוָה הַדֹּבֵר אֵלֶיהָ, אַתָּה אֵל רֳאִי:  כִּי אָמְרָה, הֲגַם הֲלֹם רָאִיתִי--אַחֲרֵי רֹאִי.  (יד) עַל-כֵּן קָרָא לַבְּאֵר, בְּאֵר לַחַי רֹאִי--הִנֵּה בֵין-קָדֵשׁ, וּבֵין בָּרֶד.  (טו) וַתֵּלֶד הָגָר לְאַבְרָם, בֵּן; וַיִּקְרָא אַבְרָם שֶׁם-בְּנוֹ אֲשֶׁר-יָלְדָה הָגָר, יִשְׁמָעֵאל.  (טז) וְאַבְרָם, בֶּן-שְׁמֹנִים שָׁנָה וְשֵׁשׁ שָׁנִים, בְּלֶדֶת-הָגָר אֶת-יִשְׁמָעֵאל, לְאַבְרָם.
***
 
قضايا
  • كل يغنّي على ويلاه

    إنّ القطيعة التي فرضها الإسلام على العرب مع جذورهم الجاهلية قد سجنتهم في بوتقة الواحدية الأيديولوجية التي لا يمكن أن تكون إلاّ كابتة ومستبدّة، أي فاشية في نهاية المطاف. كذا هي طبيعة الأيديولوجيّات الواحدية، أكانت هذه الأيديولوجيات دينية أو سياسية، لا فرق.
  • شعب واحد أم تشعّبات؟

    قد يظنّ البعض أنّ إطلاق الشّعارات يكفي وحده إلى تكوين مجموعة سكّانيّة هوموجينيّة متراصّة لها مقوّمات الشّعب كما يجب أن يفهم هذا المصطلح على حقيقته.

    تتمة الكلام
 
قراء وتعليقات
  • تعليقات أخيرة

  • جهة الفيسبوك

    قراء من العالم هنا الآن

  • عدد قراء بحسب البلد

    Free counters!