سلمان مصالحة ||
رحلة صوفيّة
خُذُوا مِنِّي التِّلالَ،
وَزَوِّدُونِي بِمَا يَكْفِي مِنَ
القَلَقِ الدَّفِينِ.
سَئِمْتُ مِنَ التَّرَدُّدِ
فِي بِلادٍ، رَمَتْ حُلُمِي
بِمَاءٍ مُسْتَكِينِ.
إذَا رَشَحَ الفُؤَادُ بِبَعْضِ
هَمٍّ، تَسَارَعَ نَبْضُهُ
وَاحْتَرْتُ فِينِي.
خُذُوا مِنِّي الكَلامَ،
فَلَسْتُ أَبْغِي، سِوَى مَا
قَدْ لَمَسْتُ مِنَ اليَقِينِ.
فَمَا نَفْعُ الكَلامِ
إذَا تَمَادَى عَلَى قَلْبٍ
تَضَوَّرَ فِي العَرِينِ.
يَرَى مِنْ حَوْلِهِ
سُحُبًا تُوَلِّي بِلا بَلَلٍ
فَيَرْكُنُ لِلأَنِينِ.
لِذلِكَ، قَدْ رَأَيْتُ بأَنَّ
أَرْضًا، بِهَا اشْتَبَكَتْ
شِمَالِي مَعْ يَمِينِي.
بِرِحْلَةِ فَارِسٍ فِي اللَّيْلِ،
يَخْلُو بِمَا تَرَكَ الإلَهُ
لِمُسْتَعِينِ،
لَهُ أَجْدَى مِنَ الحِقَبِ
البَوَالِي. وَأَنْفَعُ مِنْ
كَلامٍ فِي الحَنِينِ.
فَلَيْسَ اللَّيْلُ غَيْرَ حِرَاكِ
نَجْمٍ، بِلا كَلَلٍ،
كَخَاطِرَةِ السَّجِينِ.
يُفَتِّشُ عَنْ صَبَاحٍ
غَابَ عَنْهُ، وَيَنْتَظِرُ
المُخَلِّصَ بَعْضَ حِينِ.
وَهَا أَنَذَا نَوَيْتُ وُرُودَ
مَاءٍ، بَعِيدٍ غَوْرُهُ، مِنْ
أَرْضِ صِينِ.
فَأَسْرَجْتُ الخَيَالَ
لِبَعْضِ وَقْتٍ، وَآلَيْتُ
الرُّكُوبَ عَلَى سَفِينِي
بِصَحْراءٍ، تَمَدَّدُ خَلْفَ
بَابِي، كَأَشْرِعَةٍ تُرَفْرِفُ
فِي حَنِينِي.
سَأَلْتُ عَنِ النَّدِيمِ،
فَجاءَ صَوْتٌ يُرَدِّدُ مَا
نَسِيتُ، كَمَنْ يَقِينِي
وُرُودَ مَهَالِكٍ، فِي لَيْلِ بَيْنِي
عَنِ الجَسَدِ المُكَدَّسِ
فِي الأَنِينِ.
هُنَاكَ حَوَاضِرٌ
حَضَرَتْ بِبَالِي، تَفَرَّقَ
رَبْعُهَا فِي كُلِّ دِينِ.
وَعَادُوا، حَيْثُ كَانَ النُّورُ
يَعْلُو عَلَى الحَلَكِ المُصَوَّرِ
فِي الجَبِينِ.
بِهِ كُتِبَتْ رَسَائِلُ،
خُطَّ فِيهَا سَنًا يُضِيءُ
مِنْ سِرٍّ حَصِينِ.
هُوَ الهَادِي إلَى
عَثَرَاتِ قَلْبٍ. لِكَيْ يَسْمُو
الفُؤَادُ إلَى جُنُونِ.
*