سلمان مصالحة
العرب هم أكثر شعوب الأرض إضحاكًا
هذه المقالة هو أن أبدأها باللّعنات، فأقول: "لعن اللّه أبا إسرائيل، وأميركا، وبريطانيا وسائر بلاد الكفّار أجمعين، إلى يوم الدّين". ها أنذا قد وضعت النّقاط على الحروف ولعنت أبا أبيهم، خَلَفًا وسَلَفًا، وذلك لكي يرتاح بال هؤلاء النّفر من العرب، ولكي يواصلوا القراءة. طيّب، هل ارتحتم الآن؟
وعندما أقول العرب
فلا أعني التّعميم طبعًا، مع أنّ التّعميم مفيد أحيانًا لوضع مرآة أمام القارئ النّبيه. إنّما أعني في هذه المقولة ذلك الصّنف من العرب الذي أشبع الفضاء الإعلامي، مرئيًّا كان أم مسموعًا، أم من صنف ذلك المقروء على قلّته، بشعارات ينحتها الذّهن المتوقّد لذلك الصّنف، ثمّ ما تلبث أن تنتشر هذه الشّعارات وتضطرم كالنّار في هشيم العرب.
وعندما أقول إضحاكًا
فلا أعني بطبيعة الحال أنّه إضحاكٌ بمعنى أنّ هؤلاء يقصدون رسم الابتسامات على وجوه سامعيهم، مشاهديهم وقرّائهم تنفيسًا لنفوسهم من منغصّات العيش، بل إنّ هؤلاء يرفعون الشّعارات بجدّيّة تامّة، إذ ترى وجه الواحد منهم واجمًا "لا يضحك للرّغيف السّخن"، كما يقال بلهجتنا. إنّما هذا الإضحاك الّذي أعنيه فهو إضحاك للقارئ المشاهد السّامع النّبيه البصير من مفارقات ذلك المنطق الذي يركنون إليه وهم يصمّون آذان السامعين المشاهدين صباح مساء بشعارات رنّانة طنّانة تُذغدع عواطف عامّتهم وخاصّتهم دون أن ينظروا إلى أنفسهم في المرآة، ولو مرّة واحدة.
فعلى سبيل المثال،
لا الحصر، ليجدنَّ القارئُ البصير النّبيه أشدَّ النّاس معاداة لأهل الـ "استكبار" وبلاد الـ"استعمار"، وجميع هؤلاء البشر ممّن يسبغ عليهم ليل نهار صفة الـ"كفّار"، هم أولئك الذين يصيحون ويجوحون على شاشة الامبراطوريّة القطريّة البدويّة الشعبويّة العظمى، وهي التي تشكّل أكبر قاعدة أميركيّة "مستكبرة، مستعمرة، كافرة" في جزيرة العربان.
كما ليجدنّ القارئ البصير النبيه أشدّ النّاس قدحًا وذمًّا لأهل الـ"كفر" وبلادهم هو عادة من زمرة هؤلاء الذين يصطفّون خفية أو على الملأ على أبواب سفارات بلاد هؤلاء الكفّار بحثا عن تأشيرات دخول إلى بلاد الـ"كفر" والـ"رذيلة" و"الانحلال الأخلاقي" وما إلى ذلك من أوصاف يدمغون بها تلك البلاد وأهلها، في الوقت الذي يهرب هؤلاء فيه من بلدانهم، بلاد الـ"إيمان" والـ"فضيلة" و"مكارم الأخلاق"، ما شا اللّه.
وعلى سبيل المثال،
ليجدنّ القارئ البصير، السّامع السميع، أشدّ الصّحف عداوة للاحتلال والمحتلّين وأشدّها عداوة للتطبيع مع هؤلاء المحتلّين من الـ"كفّار" هي من نوع الصحف العربية التي اتّخذت من عواصم وحواضر هؤلاء الـ"محتلّين" من الـ"كفّار" مركزًا ووطنًا لها لإشاعة دعاواها ودعاوى كتابها على سائر العربان في مشارق الأرض ومغاربها، في الوقت الذي يتقاطر فيه هؤلاء الكتّاب على حواضر أهل الكفر المحتلّين لبلاد العرب والمسلمين، وذلك هربًا من نعيم بلاد العربان ومكارم أخلاق أهلها وحكّامها.
وعلى سبيل المثال أيضًا،
ماذا أقول بشأن ما أشيع من أخبار نكتة في "أمّ الدنيا" المحروسة، هي من صنف النكات الغير المضحكة عن غشاء بكارة صناعي، "ميد إن تشاينا"، أو غيرها من بلاد الـ"كفر"، سينزل إلى الأسواق قريبًا، وبأسعار زهيدة لترميم بكارات بنات "أمّ الدنيا" المحروسات الفاضلات، كي يستطيع العيش معهنّ رجال "أمّ الدنيا" المحروسون الفاضلون في ضلال فضيل. لو كان الأمر مضحكًا لضحكنا، غير أنّ الأمر لم يعد مضحكًا إذ أنّه يعبّر عن "فضيلة" ذهنيّة العيش في عالم جوهره الكذب.
والسؤال الذي لا مناص من طرحه في هذا السياق هو، من سينزع كواتم العقول عن ذهنية العربان؟ أو ربّما متى سيأتي ذلك اليوم الذي سيُنزل فيه أهل الـ"كفر" إلى الأسواق العربية أدمغة صناعيّة معدّة خصّيصًا للعرب؟ إذ أنّ العرب على ما يبدو هم أحوج الناس في هذا العصر إلى هذه الأدمغة. وذلك، لأنّ أدمغتهم قد اهترأت من زمان ولم تعد صالحة للاستعمال.
ولعلّ خير من أختتم به
مسكًا لهذه المقالة، هو نكتة لغويّة عربيّة: نكبة، نكسة، أمّة عربية واحدة ذات رسالة خالدة، حرب تشرين تحريريّة، قلب عروبة نابض، صمود وتصدٍّ، لواء اسكندون سليب، أردوغان، أرض مقابل سلام، نتانياهو... ممانعة.
لقد قلت لكم، إنّ العرب هم أكثر الشّعوب إضحاكًا. أليس كذلك؟
والعقل ولي التوفيق!
0 تعليقات:
إرسال تعليق