داليا رابيكوڤيتش || لكلّ شيء وقت

داليا رابيكوڤيتش ||

لكلّ شيء وقت


الوَلدُ مَضَى مِنْ هُنا
لَنْ يَأْتِي يَوْم السَّبْت.
النَّخْلَةُ تِنْمُو.
عَلَى أَرْبَعِ طَبَقاتِهِ يَجْثُو البَيْت،
يَرَقاتُ ضَوْءٍ تَتَحَرَّكُ بَيْنَ شُقُوقِ الشُّبَّاك
تَأْتِي وَتَخْرُجُ بِلا ضَوْضاء.
الشُّبَّاكُ مُغْلَقٌ، الفِراشُ مَنْفُوشٌ.
بَيْتِي هُو نِصْفٌ وَنِصْفٌ
نِصْفُه مُلَمَّعٌ ثابِتٌ فِي مَكانِهِ
نِصُفُهُ الآخَرُ مُحْتَرِقٌ أَضْحَى كَالفَحْمِ. 
أَشْعُرُ بِالحَمِّ وَبِالْبَرْدِ، أَشْعُرُ بِالبَرْدِ وَبِالحَمّ.
وَمَضَى الوَلَدُ إلَى مِئَةِ عَام
مِئَةُ عامٍ تَبْدَأُ فِي الحاضِرِ
رُبَّما يَعُودُ لِيَوْمٍ أَوْ ساعَةٍ
لٰكِنْ لَيْسَ أَكْثَرَ مِنْ هٰذا.

ترجمة: سلمان مصالحة

من مجموعة: أم مع ولد، هكيبوتس همؤحاد 1992
 
דליה רביקוביץ, לכל זמן, מתוך: אמא עם ילד, הקיבוץ המאוחד 1992


حازم صاغية || إلى الطوائف والعشائر، در!

مختارات صحفية -

حازم صاغية ||

إلى الطوائف والعشائر، در!

في 2015، حين انفجرت مشكلة النفايات في لبنان، داهمتنا حالة غريبة: كلّ اللبنانيّين، بلا أيّ استثناءٍ طائفيٍّ أو مناطقيٍّ، يعانون المشكلة. في الوقت نفسه راحت قرى وبلدات كثيرة تصرخ: لا تطمروا نفايات «الغرباء» عندنا. «الغرباء» لم يكونوا سوى أبناء قرى وبلدات ملاصقة للقرى والبلدات المُحتجّة.

اليوم، مع الانهيار الكبير، تُسمع صرخة مشابهة في محطّات البنزين: «غرباء» يملأون سيّاراتهم في محطّاتـ«نا» ومن وقود«نا».

انبعاث الولاءات الصغرى، بعد اكتمال الانحطاط الذي ضرب الدولة والسياسة وجفّف الاقتصاد، صار أوسع وأشمل وأعلى صوتاً ممّا كان في 2015. قبل شهر مثلاً، وفيما كانت تحلّ الذكرى السنويّة الأولى لتفجير مرفأ بيروت، اندلعت اشتباكات ذات خلفيّة ثأريّة بين «حزب الله» و«العشائر العربيّة» في خلدة، جنوب العاصمة. الاشتباكات سقط فيها قتلى وجرحى.

يومذاك قيل أنّ الطائفيّة كشفت وجهها المسلّح، لأنّ الطرفين المتقاتلين شيعيّ وسنّيّ. لكنّ الأيّام الأخيرة أظهرت أنّ الأمر يتعدّى الطائفيّة إلى ما بين الطائفة نفسها. في عكّار، في شمال لبنان، استُخدمت الأسلحة المتوسّطة والثقيلة بين بلدتي فنيدق وعكّار العتيقة السنّيّتين، فسقط قتيل من كلّ منهما. الاشتباكات حصلت على خلفيّة قطع حطب في منطقة متنازع عليها بين البلدتين.

حال مدينة طرابلس وصفتْه جريدة «النهار» على النحو التالي: «دخلت المدينة اليوم شوطاً من الفلتان الأمنيّ المتدحرج في سائر مناطقها، لا سيّما في متفرّعاتها الشعبيّة، حيث تخرق سماءها ليلاً قنابل يدويّة، خصوصاً في محيط نهر أبو علي، فتتحوّل أحياؤها إلى ساحات للتصفيات بالسّلاح».

الزميل يوسف بزّي كتب عن «حرب تعبئة البنزين» التي قد تغدو، في أيّة لحظة، مواجهة مسلّحة بين الكلّ والكلّ. لقد وصفها بالتالي: «الزعران سيأتون ويحاولون اختراق الطابور. فتيان الدراجات الناريّة سيقتحمون المحطّة بالتأكيد. أصحاب النفوذ بسيّاراتهم الضخمة وزجاجها الداكن، هم أيضاً سيستولون على دَورنا بحقارة علنيّة ووقاحة استعراضيّة. دوريّات الأمن التي ستنظّم وتضبط، هي أيضاً ستصحب معها سيّارات المحظيّين وتمنحهم الأولويّة، عدا الغالونات التي سيملأونها قبل سيّاراتنا...».

هذا التذرّر الاجتماعيّ ليس جديداً، وإن بلغت درجة انفجاره الحاليّ مستوى غير مسبوق. الأشياء التي كانت ترعى التذرّر وتُديمه كثيرة: سياسة تقوم على توزيع الحصص، واقتصاد خدميّ لا يدمج السكّان ولا يخفّف من تنافرهم، وقانون انتخابيّ يردّ المقترعين إلى مسقط الرأس... العلاجات الرسميّة كانت بدورها تافهة: حتّى الشهابيّة، التي حقّقت إنجازات جدّيّة، توهّمت حلّ المشكلة الطائفيّة عند المسلمين بتسليم السياسة الخارجيّة لجمال عبد الناصر ففاقمت المشكلة الطائفيّة عند المسيحيّين، خصوصاً بعدما أسقطت في الانتخابات النيابيّة بعض أبرز رموزهم. توهّمت أيضاً حلّ المشكلة العشائريّة بانتزاع العشائر من الأجهزة الأمنيّة السوريّة وربطها بالأجهزة اللبنانيّة.

على العموم، وكائنة ما كانت العلاجات، ظلّت قدرة الحرب على التهديم أكبر من قدرة الدولة على البناء. الأحقاد والمخاوف من جهة، وفرز المناطق طائفيّاً من جهة أخرى، صلّبت حالة الصفاء وأبلسة الآخر. في وقت لاحق، عزّز سلاحُ «حزب الله» إحساس أكثريّة اللبنانيّين بضرورة الحماية الذاتيّة.

لكنّ فضيحة الأفكار لم تكن أقلّ من فضيحة الدولة. فاللبنانيّون عرفوا صحوة لبنانويّة قالت لهم: كونوا لبنانيّين وتوحّدوا كأسنان المشط في لبنانيّتكم. ثمّ عرفوا صحوة عروبيّة قالت لهم: قفوا صفّاً واحداً لتحرير فلسطين، أو أقلّه لمقاتلة إسرائيل. وأخيراً، عرفوا صحوة إسلاميّة رعاها «حزب الله» قالت لهم: اتّحدوا وراء السلاح الذي يحميكم. وعلى الهامش، كانت هناك دوماً صحوة طبقيّة تقول لهم: اتّحدوا تبعاً لمصالحكم في مواجهة أعداء طبقيّين.

أصحاب هذه الصحوات، المبشّرون بوحدةٍ ما تنهي البعثرة والتشتّت، راهنوا كلّهم على قضيّة جامعة تُغري بالتوحيد: اللبنانويّون رأوا القضيّة في بناء بلد تصاغ إنجازاته فولكلوريّاً. العروبيّون والإسلاميّون رأوها في إسرائيل. اليساريّون، في البورجوازيّة الكومبرادوريّة أو الطغمة الماليّة معطوفتين على إسرائيل. لكنّهم كلّهم كانوا يطالبون قطاعاً عريضاً، إن لم يكن أكثريّاً، بنسيان أشياء عزيزة عليهم، إمّا دينيّة أو مذهبيّة أو ثقافيّة. هذه المطالبة بالنسيان بلغت ذروتها مع «حزب الله» الذي طالب السنّة والمسيحيّين والدروز أن يكفّوا عن كونهم سنّة ومسيحيّين ودروزاً وأن ينخرطوا في مشروع شيعيّ.

الصحوة الوحيدة التي كانت صريحة وواضحة هي صحوة الطوائف والعشائر حين لا يرافقها تزويق آيديولوجيّ: كانت، ولا تزال، تقول: تذكّروا أنّنا متكارهون، ولا تنسوا أنّ ما من قضيّة تجمع بيننا.

وحين تنحطّ الدولة، كما هو الحال الآن، يغدو التذكّر الطائفيّ والعشائريّ هو التذكّر الوحيد لشيء ملموس والإحراز الوحيد لعوائد ملموسة. الدولة، في المقابل، هي الجحيم، وأصحاب الصحوات المشوبة بالآيديولوجيا هم الجنّة المُتوهَّمَة.
*
الشرق الأوسط


الجوبري || كشف أسرار كذبة الرهبان

مختارات تراثية - 619 هـ/1222 م

 

الجوبري ||

كشف أسرار كذبة الرهبان


”اعلم أنّ بعض هذه الطائفة أعظم الأمم كذبًا ونفاقًا ودهاء، وذلك أنّهم يلعبون بعقول النصارى ويستبيحون النساء وينزلون عليهم الباروك، ولا يعلم أحد أحوالهم. وهم أضرّ الخلق وأحسن من غيرهم لأنّهم إذا خلوا بأنفسهم يعترفون بأنّهم على الضلالة وقد غيّروا الأحوال والأفعال والأقوال. ولهم أعمال عظيمة لا تعد ولا تحصى، وهم يأكلون الأموال بالباطل ويرتبون الكذب وزخارف القول، وهم أكذب الخلق على كل حال، فمنهم من عمل لديره عيدًا وجعل له ناموسًا من بعض النواميس يأكل به أموال النصارى.

وها أنا أثبت لك شيئًا من ذلك.
فاعلم أنّ هؤلاء القوم أعظم ناموس لهم قنديل النور في كنيسة قمامة بيت المقدس. وهو من عمل الرهبان، وقد ارتبط عليه جميع النصارى وأسباطهم وأجناسهم. وقد كان الملك المعظم ابن الملك العادل قدّس الله روحه دخل إلى القمامة يوم سبت النور، فقال للراهب: لا أبرح حتّى أبصر هذا النور كيف ينزل. فقال له الراهب: أيّما أحب إليك، هذا المال الذي يتحصّل من هذا الوجه أو اطلاعك عليه؟ فإنّك إن كشفت سرّه عدمت هذا المال، فاتركه مستورًا مصانًا واربح هذا المال العظيم. فلما سمع ذلك، علم باطن قول الراهب فتركه على حاله وخرج.

وذلك أنّ القنديل هو أعظم النواميس التي صنعتها الأوائل، وذلك أنّ له في رأس القبّة حقًّا من حديد معلّقًا بسلسلة وهو مهندس في هلال القبة، لا يطلع عليه أحد إلا الراهب. والسلسلة لها فيه خلو، فإذا كان ليلة سبت النور، صعد الراهب إلى الحق وجعل فيه مطبوخ الكبريت على مثال السنبوسكة، وجعل تحتها نارًا موقّتة إلى الساعة التي يريد أن ينزل فيها النور. ثمّ يدهن السلسلة بدهن البيلسان. فإذا جاء الوقت وأوقدت النار عطف المطبوخ على زرة السلسلة في ذلك الحق المهندس، فيستمد من تلك النطفة دهن البيلسان ويسري مع السلسلة نازلًا إلى القنديل فتعلق النار في فتيلة القنديل، وتكون مسقيّة أولاً بدهن البيلسان. فاعلم ذلك!"
*
نقلًا عن: عبد الرحيم بن عمر الدمشقي المعروف بـالجوبري، المختار في كشف الأسرار، القاهرة د. ت


قضايا
  • كل يغنّي على ويلاه

    إنّ القطيعة التي فرضها الإسلام على العرب مع جذورهم الجاهلية قد سجنتهم في بوتقة الواحدية الأيديولوجية التي لا يمكن أن تكون إلاّ كابتة ومستبدّة، أي فاشية في نهاية المطاف. كذا هي طبيعة الأيديولوجيّات الواحدية، أكانت هذه الأيديولوجيات دينية أو سياسية، لا فرق.
  • شعب واحد أم تشعّبات؟

    قد يظنّ البعض أنّ إطلاق الشّعارات يكفي وحده إلى تكوين مجموعة سكّانيّة هوموجينيّة متراصّة لها مقوّمات الشّعب كما يجب أن يفهم هذا المصطلح على حقيقته.

    تتمة الكلام
 
قراء وتعليقات
  • تعليقات أخيرة

  • جهة الفيسبوك

    قراء من العالم هنا الآن

  • عدد قراء بحسب البلد

    Free counters!