سلمان مصالحة ||
الراحلون
الرَّاحِلُونَ إلَى الخَفاءِ
تَرَجَّلُوا عَنْ صَوْتِهِمْ،
تَرَكُوا الخُيُولَ، تَسَهَّلُوا.
مَرُّوا عَلَى وَطَنٍ،
كَأَنَّ عُيُونَهُ كُحِلَتْ بِمِلْحٍ.
لا تَنِي تَتَهَمَّلُ.
الرّاحِلُونَ إلَى جِوارِ
كَلامِهِمْ، نَصَبُوا الخِيامَ
لِمَنْ يَقِي ما ظَلَّلُوا.
نَثَرُوا الحُرُوفَ عَلَى
التُّرَابِ، فَأَنْبَتَتْ خَفَقَاتُها
أَلَمًا، يَكادُ يُكَلَّلُ.
يَهْوُونَ، واحِدُهُمْ يَجُرُّ
رَفِيقَهُ، شَوْقًا إلَيْهِ
فَلا يَعِي ما يَفْعَلُ.
لَمْ يَدْرِ مَنْ رَسَمَ الغِيابَ
بِدَرْبِهِ. إِنَّ الرُّسُومَ
بِطَبْعِهَا تَتَبَدَّلُ.
تَمْضِي القَوافِلُ فِي الرَّحِيلِ،
لِغايَةٍ مَعْلُومَةٍ فِي نَفْسِ مَنْ
بَلَجَ الصَّبَاحِ يُؤَوِّلُ.
هذا الَّذِي زَرَعَ البَقَاءَ
بِكَرْمِهِ، يَرْتاحُ فِي وَطَنٍ،
ثَرَاهُ مُثْقَلُ
بِالدَّمْعِ، مُذْ هَبَطَ الإلهُ
بِأَرْضِهِ، يَحْتارُ مِنْ
أَيِّ الخَلائِقِ يَقْتُلُ
هَلْ يَقْتُلُ الطِّفْلَ الَّذِي
اخْتَلَفَتْ بِهِ كَلِماتُهُ جَرْسًا
غَداةَ تَبَلْبَلُوا؟
هَلْ يَسْحَلُ الأَهْلَ الَّذِينَ
تَضَوَّرُوا فِي اللَّيْلِ، أَمْ
حُلْمَ السَّنابِلِ يَسْحَلُ؟
الرَّاحِلُونَ تَسَابَقُوا
بِبُحُورِهِمْ. فَمَشَوْا عَلَيْهَا
تَارَةً، وتَمَلْمَلُوا.
لَوْ قِيلَ عَنْهُمْ، إِنَّهُمْ
بِغِيابِهِمْ، قَدْ أَوْرَثُونا
أَنْ نَقُولَ، لَهَلَّلُوا
لِلصَّامِتِينَ، إِذَا المَنايَا
داهَمَتْ نَبَضاتِ مَنْ
أَفْنَى السِّنِينَ يُؤَمِّلُ.
لا القَوْلُ يَنْفَعُ أَنْ يَبُوحَ
بِوَمْضَةٍ وَسَعَتْ حُدُودَ
الكَوْنِ، لا تُتَخَيَّلُ.
لَكِنَّهَا بُرَهٌ،
يُخَبِّئُ سِرَّهَا المَاضُونَ،
مُذْ فُطِرَ الزَّمَانُ
الأَوَّلُ.
*




سلمان مصالحة
لا يمكن أن تمرّ كلّ هذه الجرائم مرّ الكرام دون حساب أو عقاب. لا يمكن أن تمرّ كلّ هذه الجرائم وكأنّ شيئًا لم يكن.
عقب حرب حزيران في العام 1967، أو حرب الأيام الستّة كما شاع اسمها إسرائيليًّا، أو النكسة، كما وسمها الإعلام العربي، قامت بلدية الناصرة في شهر آب من العام ذاته، بمنح مواطنة شرف لرئيس دولة إسرائيل...


0 تعليقات:
إرسال تعليق