الأربعاء، 1 نوفمبر 2017

بلفور والتخبّط الفلسطيني


سلمان مصالحة

بلفور والتخبّط الفلسطيني


في الثاني من نوفمبر يكون قد مرّ قرن من الزمان على التصريح الذي أدلى به آرثر بلفور في العام 1917بخصوص إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين الانتدابية.

حريّ بنا أوّلاً التذكير ببعض ما اشتمل عليه التصريح الشهير. لقد ورد في التصريح أنّ ”حكومة صاحبة الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين“، ثم أعقب هذا الكلام بتوضيح للطمأنة: ”على أن يُفهم جليًّا أنّه لن يُؤتَى بعمل من شأنه أن ينتقص الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين.“

إنّ الأمر الأبرز في هذا التصريح هو النظرة البريطانية في تعريفها لهويّة البشر في هذه البقعة. فمن جهة يشير التصريح إلى ”وطن قومي للشعب اليهودي“، مقابل الحفاظ من جهة أخرى على الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها ”الطوائف غير اليهودية“ المقيمة الآن في فلسطين. أي نحن هنا أمام هوية قومية لشعب يهودي، مقابل طوائف غير يهودية مقيمة الآن في المكان.

هكذا مرّ قرن على هذا التصريح وما أعقبه من صراع في هذه البقعة من الأرض. وبهذه المناسبة المئوية خرجت قيادات قيادات فلسطينية مختلفة مطالبة بوجوب تقديم بريطانيا اعتذارًا للشعب الفلسطيني عن هذا التصريح. غير أنّ بريطانيا، وكما هو متوقّع، ليس فقط أنّها رفضت هذه الدعاوى، بل وستقوم بتنظيم احتفالات بهذه المناسبة.

إنّ تخبّط قيادات السلطة الفلسطينية بهذه المسألة واضح للعيان. فحتّى لو افترضنا أن ”حكومة صاحبة الجلالة“ استجابت لهذا المطلب وقدّمت اعتذارًا، فما الفائدة من اعتذار كهذا بعد مرور قرن من الزمان والحال هي على ما عليه الآن؟ هل يقدّم اعتذار كهذا شيئًا لمسار القضية الفسطينية؟ بل وأبعد من ذلك، فإنّ المضحك المبكي في مطلب الاعتذار هذا هو أنّه يأتي من قيادات سلطة فلسطينية هي القابلة والوليد في آن معًا، واللذان خرجا من رحم أوسلو الذي يعترف رسميًّا بنتائج تصريح بلفور إيّاه.

ففي أغسطس 1993 وقّع كلّ من شمعون بيرس ومحمود عباس اتّفاق أوسلو الأول الذي أعقبه تبادل رسائل، عبر وزير الخارجية النرويجي، بين إسحاق رابين رئيس حكومة إسرائيل وياسر عرفات رئيس منظمة التحرير تشتمل على اعتراف متبادل. فقد ورد في رسالة رابين اعتراف بمنظمة التحرير كممثل شرعي للشعب الفلسطيني، والتزام بإلغاء قانون حظر اللقاءات مع رجال المنظمة، وشطب تصنيف منظمة التحرير الفلسطينية كمظمة إرهابية. أمّا رسالة عرفات فقد تضمّنت الاعتراف بحقّ دولة إسرائيل في الوجود بأمن وسلام، قبول قرار 242 الصادر عن مجلس الأمن الدولي عقب حرب الـ 67، قبول قرار 338 الصادر عن مجلس الأمن، نبذ الإرهاب والالتزام بإنهاء الصراع بالطرق السلمية، ثمّ الالتزام بشطب البنود من الميثاق الوطني الفلسطيني التي ترفض حقّ إسرائيل بالوجود. وعلى أثر هذا الاتّفاق واما أعقبه من اتفاقات لاحقة فقد نشأت السلطة الفلسطينية على جزء من الأراضي المحتلّة بدءًا من ”غزّة وأريحا أوّلاً“، حيث دخل عرفات ومنظمة التحرير إلى فلسطين قادمًا بسلطته من تونس.

وهكذا، لو حاولنا إجراء مقارنة بين هذه الاتفاقيات التي وقّعتها القيادات الفلسطينية وبين تصريح بلفور سنكتشف أنّ هذه الاتفاقيات، ليس فقط أنّّها لا تتناقض مع تصريح بلفور، بل على العكس فهي تكرّسه ببنود موقّعة رسميًّا من قبل قيادة فلسطينية تقف على رأس منظمة يُطلق عليها ”منظمة تحرير“.
إذن، وعلى هذه الخلفية، فإنّ المنطق الذي يرتكز عليه الطلب الفلسطيني من بريطانيا تقديم اعتذار عن تصريح بلفور بعد مرور مئة عام يستدعي مطلبًا مُسبقًا موجّهًا إلى قيادات هذه السلطة الفلسطينية أن تعتذر هذه السلطة ذاتها عمّا ارتكبته هي في اتفاقات أوسلو المذكورة التي تتمشّى نصًّا وروحًا مع تصريح بلفور.

لكن، وعلى ما يبدو، عندما لا يكون على الكلام جمرك، كما يقال بلهجتنا، تُضحي الشعارات سيّدة الموقف، بلا رقيب أو حسيب. أليس كذلك؟
*
الحياة، 1 نوفمبر 2017


الأحد، 29 أكتوبر 2017

حرب إعلامية بين إسرائيل وحزب الله

"نشر الإعلام الحربي التابع لحزب الله صوراً من داخل المستوطنات الإسرائيلية على الحدود مع لبنان..." (موقع "المدن")

قضايا عربية
  • دول عصابات

    ليس أسهل على العربيّ القابع في بلاد ينخر فيها الفساد من كيل السباب على العالم بأسره.


  • تفكيك العنصرية

    فإذا كانت هذه هي حال القومجيّين تجاه أبناء جلدتهم، فما بالكم حينما يكون الأمر متعلّقًا بموقفهم تجاه أقوام أخرى لا تنتمي للعرب ولا للعروبة...
    تتمة الكلام...

  • هذيان ثنائي القومية

    على خلفية الحروب في العالم العربي يتم سماع طلبات بضم المناطق الفلسطينية لاسرائيل (من اليمين)، أو اقامة دولة ثنائية القومية في ارض اسرائيل – فلسطين (من اليسار)،...
    تتمة الكلام...

شؤون محلية
  • شعب واحد أم تشعّبات؟

    قد يظنّ البعض أنّ إطلاق الشّعارات يكفي وحده إلى تكوين مجموعة سكّانيّة هوموجينيّة متراصّة لها مقوّمات الشّعب كما يجب أن يفهم هذا المصطلح على حقيقته.

    تتمة الكلام
  • كل يغني على ويلاه

    إنّ القطيعة التي فرضها الإسلام على العرب مع جذورهم الجاهلية قد سجنتهم في بوتقة الواحدية الأيديولوجية التي لا يمكن أن تكون إلاّ كابتة ومستبدّة، أي فاشية في نهاية المطاف.
 

نظرة ليلية على القدس (تصوير: س. م.)
ثقافات
  • القصيدة الشامية

    نَدًى بِعَيْنِكَ، أَمْ دَمْعٌ بِهِ نارُ؟
    أَمْ فَارَقَتْ سِرْبَهَا فِي الجَوِّ أَطْيَارُ؟

    وَمَنْ تَرَجَّلَ جُنْحَ اللَّيْلِ عَنْ فَرَحٍ
    إذْ رَجَّعَتْ حُزْنَهَا فِي الأُفْقِ أَسْحارُ؟

    لا زِلْتَ لَيْلَكَ أَرْضَ الشّامِ تَرْقُبُها
    شَعْبٌ تَمَلْمَلَ مِنْ ظُلْمٍ، لَهُ ثارُ



  • نشيد الأناشيد

    (1) أَنَا زَنْبَقَةُ الشَّارُونِ، سَوْسَنَةُ الوِدْيَانِ. (2) كَسَوْسَنَةٍ بَيْنَ الأَشْواكِ، كَذَا حَلِيلَتِي بَيْنَ البَنَاتِ. (3) كَتُفَّاحَةٍ بَيْنَ شَجَرِ الوُعُورِ، كَذَا حَبِيبِي بَيْنَ البَنِينِ؛ فِي ظِلالِهِ رُمْتُ لَوْ جَلَسْتُ، وَثَمَرُهُ حُلْوٌ فِي حَلْقِي.

    تتمة الكلام
  • بالكريشنا ساما

    مَنْ يُحِبُّ الزُّهُورَ لَهُ قَلْبٌ حَسّاسٌ،
    مَنْ لا يَسْتَطِيعُ اقْتِطاعَ نَوارِها
    لَهُ قلبٌ نَبيلٌ.

    مَنْ يُحِبّ الطُّيُورَ لَهُ رُوحٌ رَقيقَةٌ،
    مَنْ لا يَسْتَطيعُ أكْلَ لَحْمِها
  • رحلة صوفية

    خُذُوا مِنِّي التِّلالَ،
    وَزَوِّدُونِي بِمَا يَكْفِي مِنَ
    القَلَقِ الدَّفِينِ.

    سَئِمْتُ مِنَ التَّرَدُّدِ
    فِي بِلادٍ، رَمَتْ حُلُمِي
    بِمَاءٍ مُسْتَكِينِ.



اقرأ بلغات أخرى
  • געגועים לירושלים

    כל אחד מחפש את ירושלים שלו. ברגע שהוא משיג אותה, הוא פונה לחפש אותה במקום אחר. משורר פלסטיני צעיר, שחזר גם הוא לפלסטין בעקבות הסכמי אוסלו, נדרש להרחיק את עצמו בחזרה אל גלותו בסופיה כדי לכתוב על ירושלים
    כל הפרטים
  • Por Um Lado e Pelo Outro

    No momento em que cada um dos dois povos, em dois Estados independentes, construir um Estado secular e democrático em seu próprio lado, deixando claro, que a fronteira entre ambos não terá nenhum significado.
    Read more

  • Refugee Blues

    Say this city has ten million souls,
    Some are living in mansions, some are living in holes:
    Yet there's no place for us, my dear, yet there's no place for us.

    Read more


لغات الموقع