اتّحاد ”قلّة الأدب“ الفلسطينيّ




سـلمان مصـالحة


اتّحاد "قلّة الأدب" الفلسطينيّ


أرسل إليّ أحد الأصدقاء رسالة يلفت فيها انتباهي إلى خبر نشرته صحيفة ”اليوم السابع“ المصريّة، ذاكرًا لي أنّ الخبر يدرج اسمي ضمن أسماء لآخرين يشاركون في مؤتمر أدبيّ ينظّم في مدينة حيفا في بداية ديسمبر. في البداية ظننت أنّه يمزح، كعادته، خاصّة وأنّي لا أشارك هذه الأيّام لا في مهرجان ولا في أيّ مؤتمر يقام في حيفا أو في أيّ مكان آخر. غير أنّه عاد وأكّد على ما ذكره لي، بل وأرسل إليّ وصلة لموقع الصحيفة في الإنترنت.

وبالفعل، قرأت الخبر في ”اليوم السابع“ وهاكم فُتاتًا منه: ”كتب وجدي الكومي: قال الكاتب الفلسطيني مراد السوداني رئيس اتحاد كتاب فلسطين، إن الكاتب المغربي الطاهر بن جلون وعدد كبير آخر من الكتاب منهم الفلسطيني سلمان مصالحة سوف يشاركون فى مؤتمر إسرائيل الأدبي المزمع انطلاقه اليوم الأربعاء فى بلدية حيفا. وأكد رئيس اتحاد الكتاب الفلسطيني فى اتصال هاتفي مع "اليوم السابع" على أنه تلقى اسم بن جلون وهؤلاء المطبعين ثقافيًا مع إسرائيل، ضمن برنامج المؤتمر الأدبي الذي زوّده به صديقُه الروائي الفلسطيني سلمان ناطور ...“ (عن: اليوم السابع، 1، ديسمبر 2010).

بعد قراءة الخبر قلت بيني وبين نفسي: حقًّا، ما كان الصّديق بكلامه مازحًا ولا بدعاباته طافحًا، بل عارف بكلّ خبايا هذه المطارح. ولمّا كنت لا أعرف شخصيًّا من هو مراد السوداني هذا، لا صنعته ولا مهنته، وهو الذي تسمه الصحيفة برئيس اتّحاد كتّاب فلسطين، كما لا علم لي أصلاً بوجود اتّحاد بهذا الاسم أو ذاك، ولا تعنيني اتّحادات الكتّاب لا في فلسطين ولا في سائر البلدان، فما أكثر الاتّحادات وما أقلّ بركتها عند العرب. قلت في نفسي سأكتب رسالة بالبريد الإلكتروني واستفسر من سلمان ناطور (الروائي الفلسطيني) الّذي يزوّد رئيس اتّحاده - اتحاد كتّاب فلسطين - بأخبار الأدب والأدباء. وهذا بعض ما جاء في رسالتي إليه: ”... قرأت الخبر في "اليوم السابع" وأثار استهجاني جدًّا، إن لم يكن أكثر من ذلك. لا أدري كيف تسمح لنفسك بأن تزجّ باسمي في الموضوع، وما دخلي أنا به؟... أنتظر ردّك“.

وسرعان ما جاء ردّ سلمان ناطور على رسالتي، وأقتبس منه ما يلي: ”لم أقرأ الخبر من قبل وأنا أيضًا أستهجن كيف زج مراد باسمك وحتى باسم الطاهر بن جلون. فما أرسلته له هو قائمة المدعوين... أرسلت له بالميل مواد المؤتمر... وأسماء المدعوين... اسمك لم يكن في القائمة... ولذلك أنا أيضا أستهجن وروده في تصريح مراد... لقد حاولت الاتصال بمراد السوداني، ولكنه كما علمت متواجد في بيروت. هو عليه واجب النشر عن المصدر الذي اعتمد عليه بنشر اسمك اذا كان هناك مصدر أو أن يفسر كيف خطر اسمك بباله. على كل حال، أنا أفهم غضبك وحقك في الدفاع عن موقفك، خاصة في مسالة ليس لك فيها شبق ولا عبق. ولكنني لست العنوان لهذا الغضب.“

إذن، يتبيّن من قراءة رسالته الجوابيّة أنّ الطّاسة، كما نقول في لهجتنا، قد ضاعت بين السوداني والناطور. وما علينا الآن إلاّ أن نبحث عنها. غير أنّه، وكما يقال في لغة عفا عليها الزمان، ثمّة أمر واحد لا يمكن بعد الآن أن ينتطح فيه عنزان: أحد الإثنين، إمّا السّوداني وإمّا النّاطور، كاذب. وأنا لا أعلم حتّى هذه اللّحظة أيّهما الكاذب وأيّهما النّادب. وهذه المسألة يمكن على كلّ حال أن يتدارسها فيما بينهما الاثنان للخروج بقول فصل يفرز القمح من الزؤان، والصدق من البهتان.

علاوة على ذلك، ولكي أكون على بيّنة من الأمر أكثر فأكثر، فقد بحثت عن برنامج هذا المؤتمر في الصحافة العبريّة، فما من شكّ أن الصّورة قد تتّضح لي بصورة أبهر وأنور، لأنّ برامج المؤتمرات تُنشر عادة في وسائل الإعلام بعد أن يكون المدعوّون قد وافقوا على المشاركة فيها. وبعد بحث بسيط عثرت على برنامج المؤتمر وهو منشور باللغة العبريّة.

هاكم، إذن، أسماء الكتاب العرب المشاركين كما نُشرت باللغة العبرية: من البلاد - سميح القاسم، سالم جبران، نداء خوري، سميح ناطور (شقيق الروائي؟؟؟). ومن خارج البلاد - نجم والي (عراقي)، سهام عصامي (مغربية)، طارق بسبسي (جزائري).

إذن، لا أدري، وبعد كلّ ما ذكرت آنفًا، من أين جاؤوا باسمي وكيف زجّوا به في أمر لا جمل لي فيه ولا ناقة حلوبًا.

لن أدخل في هذه المهاترات معهما أو مع غيرهما، مع أنّ لديّ الكثير ممّا يُقال في هذا الشأن وفي غيره من شؤون المستنقعات ”الأدبيّة“ العربيّة المتمثّلة في اتّحادات لا همّ لها سوى كثرة الشغب وقلّة الأدب. وأكتفي بهذا القدر من التنويهات والتوضيحات الآن.

وعلى كلّ حال، ليس من عادتي أن أشارك في الخفاء أو خلسة في مؤتمر هنا أو مهرجان هناك كما يفعل كثيرون. فليس لديّ ما أخفيه، كغيري من كتّاب وأدباء فلسطين أو سائر خرّيجي الكتاتيب العربية الأخرى.

ولعلّ خير ما اختتم به هذا الكلام هو التذكير بمقولتنا الشعبيّة التي تلخّص هذه الحال، وهي تقول: ”قلّة الشّغل بتعلّم التطريز“. وعلى ما يبدو، فإنّ هؤلاء وأمثالهم مشغولون بتطريز بيانات قلّة الأدب، ليس إلاّ. فهنيئًا لهم بهذه الصنعة!

والعقل وليّ التوفيق!
***
المقالة نشرت في: إيلاف، 8 ديسمير 2010
______________________________
مشاركات



تعليقات فيسبوك:


تعليقات الموقع: يمكن إضافة تعليق هنا. لا رقابة على التعليقات مهما كانت مخالفة للرأي المطروح، بشرط واحد هو كون التعليقات وصيلة بالموضوع.

0 تعليقات:

إرسال تعليق

قضايا
  • كل يغنّي على ويلاه

    إنّ القطيعة التي فرضها الإسلام على العرب مع جذورهم الجاهلية قد سجنتهم في بوتقة الواحدية الأيديولوجية التي لا يمكن أن تكون إلاّ كابتة ومستبدّة، أي فاشية في نهاية المطاف. كذا هي طبيعة الأيديولوجيّات الواحدية، أكانت هذه الأيديولوجيات دينية أو سياسية، لا فرق.
  • شعب واحد أم تشعّبات؟

    قد يظنّ البعض أنّ إطلاق الشّعارات يكفي وحده إلى تكوين مجموعة سكّانيّة هوموجينيّة متراصّة لها مقوّمات الشّعب كما يجب أن يفهم هذا المصطلح على حقيقته.

    تتمة الكلام
 
قراء وتعليقات
  • تعليقات أخيرة

  • جهة الفيسبوك

    قراء من العالم هنا الآن

  • عدد قراء بحسب البلد

    Free counters!