في ذكرى النكبة:
هكذا راحت فلسطين
كيف ترك أبناء العائلات المعروفة بالوجاهة والزعامة البلاد وتركوا العباد يواجهون مصيرهم.
وثيقة -
إلى الأطبّاء الهاربين
عودوا إلى فلسطين وكفروا
نشرت جريدة ”النسر“ الغراء التي تصدر في عمان ”الكلمة التالية“، نعيد نشرها لتطلع عليها جمعيات الأطباء العرب هنا، لتتخذ الإجراءات المناسبة مع هؤلاء الأطباء الذين عرضوا بلادهم للذل والعار والأخطار:
برقية استغاثة وردت من حيفا باسم مؤتمر الهلال الأحمر العربي في عمان لإيفاد أطباء وممرضين إلى فلسطين.
وقرأنا برقيات وكتب أرسلت من أكثر أنحاء فلسطين يطلبون فيها سرعة النجدة والإسعافات. ورأينا في الصحف إعلانات من لجان إنقاذ فلسطين بإعطاء مبالغ كبيرة لكل طبيب أو ممرض يتطوع للعمل في فلسطين.
وتطوع كثير من الأطباء العرب في الأقطار الشقيقة للعمل في فلسطين في الإسعاف والنضال.
نذكر هذا وغيره لنقول بكل ألم وأسف وخجل، أن عددًا - لا بأس به - من الأطباء الفلسطينيين العرب، قد تركوا إخوانهم وبني قومهم من العروبة وهم بأشد الحاجة إلى المساعدة والإسعاف والتمريض، وفرّوا إلى الأقطار الشقيقة وإلى عمان خاصة. أجل، فرّوا في هذا الوقت الذي تحتاج فيه فلسطين إلى خدماتهم وطبّهم، كما تحتاج إلى كثيرين غيرهم نظرا للنضال المرير، والجهاد العنيف - الحالي - والذي ستسفر عنه الأيام القريبة القادمة في معركة الوطن الكبرى المعركة الفاصلة.
وكان أجدر بهؤلاء ... رسل الإنسانية - أن يتواروا عن الأنظار في جحورهم وأوكارهم خجلا من عارهم. وبكاء على ضمائرهم ونفوسهم ... ولكن... لقد بلغت الوقاحة بهؤلاء أن أخذوا يتبخترون ويختالون في الشوارع في سياراتهم الفارهة، دون خجل أو حياء. ومن المؤسف أن يكون بعض هؤلاء من أبناء العائلات الفلسطينية المعروفة بالوجاهة والزعامة. وتزداد الوقاحة والصفاقة ببعض هؤلاء أو أكثرهم فيزدحمون على وزارة الصحة طالبين إعطاءهم رخصًا لفتح عيادات للعمل هنا وفي البلدان المختلفة، ويستأجرون الدور ويتهيّأون للإقامة الطويلة، كأنْ لا ثورة ولا نضال ولا شيء... في فلسطين وطنهم ومهدهم.
فيا هؤلاء... يا من تركتم إخوانكم وبني قومكم ووطنكم يناضلون ويكافحون، يُقاسون ويستنجدون... الإسعاف ... الإسعاف... وبالأمس القريب كنتم تبتزّون من جيوبهم الأموال الطائلة لتملؤوا بطونكم وتحصلوا على الرخاء والثراء.
يا هؤلاء... الخجل... الخجل... والحياء الحياء.
يا رسل الإنسانية، وحاملي مشعل الحكمة! عودوا إلى فلسطين واعملوا وكفّروا عمّا سوّلت نفوسكم، إن كنتم مخلصين.
*
جريدة ”الصريح“، 17 شباط 1948
0 تعليقات:
إرسال تعليق