سلمان مصالحة
أَيْ، نَعَمْ!
أَيْنَ مِنِّي طائِرٌ حامَ، وَهَمّْ
أَنْ يُداوِي حَسْرَتِي، أَوْ بَعْضَ غَمّْ
كُلَّمَا دَاعَبْتُهُ طَارَ إلَى
أُفُقٍ قَاصٍ، وَأَبْقَى لِي ٱلأَلَمْ.
فَأَنَا فِي حَيْرَةٍ مِنْ أَمْرِهِ
أَقِدُ الحَسْرَةَ فِي قَلْبٍ، وَفَمْ
نَضَبَتْ مِنْهُ حُرُوفٌ أُعْجِمَتْ
بِمَجَازٍ مُبْهَمٍ حَتَّى ٱلْتَأَمْ
بِخَيَالٍ صَارَ دَهْرًا دَأْبَهُ
وَرَحِيلٍ حَيْثُ سَاقَتْهُ قَدَمْ.
أَيْنَ مِنِّي طَائِرُ السَّعْدِ، إذَا
قُمْتُ فِي لَيْلِي عَلِيلًا، لَمْ أَنَمْ
لِهُمُومٍ طَوَّقَتْ قَلْبِي الَّذِي
فَرَّ مِنْ صَدْرِي لِدَاءٍ قَدْ دَهَمْ.
هَرَبَتْ مِنِّي طُيُورِي، لَمْ تَعُدْ.
وَخُيُولِي صَبَغَتْ أَرْضِي بِدَمْ.
كَيْفَ أَمْضِي بَعْدَ أَنْ أَنْهَكَنِي
نَسَبُ ٱلمَاضِي لِخَالٍ أَوْ لِعَمّْ.
وَغَدِي مِنْ قَابِلٍ، مَنْ ذَا ٱلَّذِي
يَقْتَفِي آثَارَهُ، حَيْثُ ٱرْتَسَمْ
آهِ مِنْ لَيْلٍ بِلا حُلْمٍ، هَوَى
فَوْقَ رَأْسِي، وَأَوْرَى بِي سَقَمْ.
هَا أَنَا طَيْفٌ، خَيَالٌ شَارِدٌ
أَيْنَما أَمْضِي، تَنَامَى بِي نَدَمْ.
عِشْتُ دَهْرِي بَاحِثًا عَنْ فِكْرَةٍ
هِيَ زَادٌ لِزَمَانٍ يُخْتَتَمْ.
غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَجِدْ إلَّا ٱلَّتِي
حَرَّكَتْ خَطْوِي بِكَوْنٍ مِنْ عَدَمْ.
أَرْكُلُ الرِّيحَ إذَا هَبَّتْ، إذَا
جَاءَتِ الرِّيحُ بِصَوْتٍ مِنْ نَسَمْ.
لَيْسَ لِي أَرْضٌ لِأَخْطُو فَوْقَهَا
كُلُّ كَنْزِي مِنْ خَيَالٍ مُغْتَنَمْ.
فَهْوَ زَادِي حَيْثُمَا يَأْخُذُنِي
فِي رَحِيلِي صَوْبَ أُفْقٍ مِنْ نَغَمْ.
أَعْزِفُ الأَحْزَانَ فِيهِ فَرِحًا
لِٱبْتِضَاعِي بَيْنَ تُرْكٍ وَعَجَمْ.
وَإِذا مَا حَطَّ طَيْرٌ سَائِلاً:
أَهَبَاءٌ أَنْتَ؟ قُلْتُ: "أَيْ، نَعَمْ!"
*
0 تعليقات:
إرسال تعليق