ترجمة عربية لمقالة "هآرتس":
قانون القومية بصيغته الحالية هو استمرار مباشر لنفس التحريض. هو استهدف أن يسبق علاج الابرتهايد من مدرسة اليمين المتعصب..
سلمان مصالحة ||
من يغئال عمير وحتى احتجاج الدروز
في ميدان المدينة الذي تدفق اليه مساء يوم السبت عشرات آلاف المواطنين في مظاهرة تماهي مع احتجاج الدروز ضد قانون القومية، ولدت الاسرائيلية الجديدة. هذا هو نفس ميدان ملوك اسرائيل الذي في مساء يوم سبت آخر، في 4 تشرين الثاني 1995، غير اسمه الى ميدان رابين.
كل الذين يرغبون في العيش في دولة عقلانية ومتساوية يجب عليهم شكر الطائفة الدرزية لأنها كانت رأس الحربة في الاحتجاج العام ضد قانون القومية. ووضعت مناقشته ومناقشة تداعياته المدمرة على جدول اعمال اسرائيل. الكنيست التي صوتت مع القانون الحقير هذا الذي يميز بين مواطني الدولة على اساس انتمائهم العرقي، اعطت فعليا موافقتها القانونية لحملة تحريض ولنفس الروح العنصرية التي أدت الى قتل رئيس الحكومة اسحق رابين. يغئال عمير الذي اطلق النار في حينه على ظهر رئيس الحكومة، كان فقط مبعوث نفس الروح الايديولوجية التي تلف المنزل في شارع بلفور في هذه الايام.
من المهم تذكير الذين يحاولون نسيان أو تناسي أن رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتنياهو وقف على رأس المحرضين ضد اسحق رابين. إن شر تلك الايام هو نفس الشر، الذي يهب من بنود قانون القومية الحالي في هذا الوقت. في تلك الايام ملأ البلاد تحريض منفلت العقال ضد رئيس الحكومة، حتى لو كان بخطوات محسوبة وبتردد ما حاول التوصل الى مصالحة تاريخية مع الفلسطينيين، وأن يقود اسرائيل الى مكان اكثر عقلانية.
يجب التذكير ايضا بأن رؤساء اليمين المسيحاني وعلى رأسهم ملك ملوك المحرضين الذي يشغل اليوم منصب رئيس حكومة اسرائيل، ادعوا ضد اسحق رابين بأنه لا يستطيع اتخاذ قرارات “مصيرية” لسبب بسيط وهو أنه “ليست له اغلبية يهودية”.
حكومة رابين استندت في حينه الى اغلبية ضمت كتلة مانعة من احزاب “عربية”. اسحق رابين لم يرتدع من تهديدات متعصبي اليمين. قبل بضعة ايام من القتل تحدث في قناة رسمية باستياء عن التحريض منفلت العقال ضد سياسته، واستخدم مفاهيم مثل “العنصرية” و”الابرتهايد”.
رابين حاول توسيع، بواسطة الاغلبية الديمقراطية في الكنيست، مساحات العيش “الاسرائيلية”، وأن يضم اليها المواطنين العرب وممثليهم في الكنيست. هذا الامر كان مرفوضا من قبل متعصبي “السبط اليهودي” – ومنهم حاخامات وسياسيون انتهازيون وشعبويون – الذين خرجوا في حملة صليبية من التحريض القبلي – اليهودي. لذلك فقد مهدوا الطريق لذلك المبعوث الذي تم تحريضه، والذي قطع بثلاث رصاصات حلم الاسرائيلية العقلانية. منذ ذلك الحين اعتقدت، حتى أنني كتبت هذه الامور في مقال نشر في تشرين الثاني 1995 بعنوان “نفس اسرائيلية تواقة” – الذي كان “قتل على شرف العائلة”. كان ذلك قتل من اجل احترام القبيلة اليهودية.
قانون القومية بصيغته الحالية هو استمرار مباشر لنفس التحريض. هو استهدف أن يسبق علاج الابرتهايد من مدرسة اليمين المتعصب، و”الضربة الديمغرافية” التي وجدت بين النهر والبحر. هذه شهادة اخرى على أن الحكومة بكل مكوناتها وبرئاسة بنيامين نتنياهو لا تنوي العمل من اجل حل النزاع الاسرائيلي الفلسطيني.
بواسطة القانون المذكور اعلاه يريد اليمين المسيحاني لجم كل حكومة مستقبلية اخرى، التي ستسير في طريق حل النزاع. لن يكون بعيد ذلك اليوم الذي سيخرج فيه من جحوره المظلمة ويصرخ في ميدان المدينة أنه “لا يوجد لرئيس الحكومة والواقف على رأسها اغلبية يهودية”.
قانون القومية البائس الذي تم سنه في هذه الايام هو بناء على ذلك خاتم قانوني يصكه اليمين اليهودي المتعصب برئاسة رئيس الحكومة ورئيس المحرضين نتنياهو على رسالة عفو مستقبلية عن القاتل يغئال عمير. لذلك يجب مسحه من كتاب القوانين، والمسؤولية عن ذلك موضوعة امام كل الاسرائيليين جميعا.
*
"هآرتس"، 7.8.2018
مصدر: مركز الناطور للدراسات والأبحاث
*
أنظر أيضًا: "شفاف الشرق الأوسط"
For English, press here
For Hebrew, press here
0 تعليقات:
إرسال تعليق