حلم عربي



سلمان مصالحة || 

حلم عربي


حَفِظْتُ الدَّرْسَ عَنْ نَسَبِي
وَأَوْدَعْتُ الحِجَى كُتُبِي.

بِهَا يُذْكَى إِذَا قُرِئَتْ
لِسَانُ العَاقِلِ النَّجِبِ.

حول التدخل العربي في الانتخابات الإسرائيلية


سلمان مصالحة ||

حول التدخل العربي في الانتخابات الإسرائيلية


لو كان الأمر مضحكًا لضحكنا. فجأة وفي ضوء الانتخابات الإسرائيلية المزمع إجراؤها اليوم، بدأت منذ مدّة تُنشر تصريحات من هذا المسؤول أو من ذاك الزّعيم العربي موجّهة الكلام إلى المواطنين العرب في إسرائيل، حيث تحضّهم على المشاركة الكثيفة في الانتخابات. ليس هذا فحسب، بل تُسمّي لهم القائمة التي يجدر بهم التصويت لها.


لقد قرأنا أخيراً تصريحات مسؤولين في الجامعة العربية في شأن مشاركة العرب من مواطني إسرائيل في هذه الانتخابات، حيث ذكرت وسائل الإعلام: «أعربت جامعة الدول العربية عن دعمها الكامل للخطوة الإيجابية التي اتخذتها مجموعة من الأحزاب العربية والشخصيات الفلسطينية من عرب 48 بدخول انتخابات الكنيست الإسرائيلي المقررة في مارس المقبل بقائمة موحدة، داعية كل المواطنين العرب إلى أن يذهبوا إلى صندوق الاقتراع لدعم هذه القائمة بكل قوة»، كما ذكرت وسائل الإعلام.

وفي هذا السياق، نودّ القول: كم هو غريب أمر هذه المؤسسة المسمّاة جامعة الدول العربية! فعلى ما يبدو، وبعدما انتهت من حلّ كلّ القضايا العالقة في العالم العربي، وجدت متّسعاً من الوقت للتطرّق إلى الانتخابات الإسرائيلية، ولشؤون المواطنين العرب في إسرائيل. والسؤال الذي لا مناص من طرحه هنا، كيف تجرؤ هذه الجامعة على التدخُّل في ما لا يعنيها من شؤون المواطنين العرب هنا؟ وهل تعتقد أنّ المواطنين العرب هنا قد بلغوا هذه الدرجة من الغباء، وهم ينتظرون بفارغ الصبر وصول إيحاءات هذه المؤسسة التي شبعت موتاً أصلاً، بغية تعريفهم بمصالحهم وبحقوقهم في وطنهم؟

ثمّ سؤالٌ آخر لا مناص من طرحه، إذا كانت مصالح الشعوب تعني هذه المؤسسة حقّاً، فلماذا لم نسمع منها تصريحات تطالب بإجراء انتخابات ديموقراطية مثلاً في البلاد العربية الممثّلة في جامعتها؟ ولماذا، مثلاً، لم نسمع تصريحات تطالب المصريين أو التونسيين أو غيرهم بالتصويت لهذا الحزب أو ذاك، لهذه الفئة أو تلك؟ أم إنّ هذا التدخُّل الفظّ محصور فقط في شؤون المواطنين العرب في إسرائيل؟

يجب أن نبلغ المسؤولين في هذه الجامعة العربية المأزومة بأنظمة دولها أن تكفّ عن التدخُّل في شؤون المواطنين العرب في إسرائيل، مثلما لا تتدخّل في الشؤون السياسية لأيّ من المواطنين العرب في أيّ من الدول العربية التي تنضوي تحت لوائها. فنحن أدرى بشعابنا وبشعوبنا، وبمصالحنا الوطنية وباختياراتنا السياسية، الثقافية والاجتماعية.

وقبل أيّام خرج علينا زعيم عربي آخر، تنطّح هو الآخر لهذا الشأن وأدلى بدلوه في أمور الانتخابات الإسرائيلية. لقد جاء التصريح هذه المرّة من الزعيم اللبناني وليد جنبلاط، وكان التصريح موجّهاً حصريّاً إلى فئة معيّنة من المواطنين لدينا، إلى أبناء الطائفة الدرزية، حيث ناشدهم بالتصويت للقائمة المشتركة أيضاً.

وفي هذا السياق نقول: كم هو غريب أمر زعامات لبنان هذه! كأنّ لبنان انتهى من حلّ مشاكله المزمنة وانتخب رئيساً جديداً له، ولم يبق إلّا التدخّل في شؤون الجيران، من المواطنين العرب في إسرائيل؟ أنتم في لبنان، ومنذ شهور طويلة، لا تعرفون كيف تنتخبون رئيساً لدولتكم الفاشلة، بسبب طبيعة النظام الطائفي والقبلي في برلمانكم وأحزابكم. والآن توجّهون النصائح لأناس آخرين، كيف ينتخبون ومن ينتخبون. أليس حريّاً بكم أن تهتمّوا بترتيب أمور بيتكم السياسي والوطني قبل إعطاء النصائح للآخرين؟ هذه هي ذروة المهازل.

كما أنّ ثمّة ملاحظة في هذا السياق لا مناص من وضعها على الطاولة: لماذا هذا التوجّه الطائفي لفئة دون غيرها من المواطنين لدينا؟ فعلى رغم أنّنا هنا نرفض هذا التدخّل من الناحية المبدئية، فإنّنا نجد أنفسنا مضطرين لأن نسأل: أليس حريّاً بمن يعتبر نفسه زعيماً عربيّاً أن يتوجّه إلى أطياف المواطنين العرب كافّة؟ إن تخصيص فئة دون غيرها بهذه التصريحات جزء من المآزق العربية والأمراض التي نحاول الشفاء منها. ومن يعتبر نفسه عربيّاً لا يمكن أن يكون إلّا علمانيّاً، يؤمن بفصل الدين عن السياسة والدولة. الإيمان الديني شأن فردي فحسب، ومن شتّت المجتمعات العربية وأدّى إلى شرذمتها إلى طوائف هو وجود الأحزاب الطائفية والدينية، وعلى رأس هذه الأحزاب «الحركة الإسلامية». فهذا النوع من الحركات هو الذي عمل على شرذمة المجتمعات العربية، ليس عندكم فقط، بل عندنا أيضاً. والذي يعطي شرعية لوجود أجسام طائفية كهذه، سيفتح الطريق لوجود أجسام طائفية أخرى، مسيحية ودرزية أو غيرها، لا فرق. نحن هنا نرفض كلّ هذه التوجّهات الطائفية، مهما كان مصدرها، ونقول باختصار لكلّ من يحاول التدخّل في شؤوننا: نحن هنا على جميع طوائفنا، من مسلمين ومسيحيين ودروز، لسنا في حاجة إلى شهادة من أحد على وطنيّتنا. نحن أدرى بمصالحنا في وطننا، وبشقّ طريقنا إلى مستقبلنا في بلادنا. ومثلما لا نتدخّل في الشؤون الداخلية لديكم، ولم نطلب من أحد أن يصوّت لهدا الفريق أو ذاك في بلادكم، فأنتم مطالبون أيضاً بعدم التدخُّل في شؤوننا هنا في بلادنا.

ما نأمله منكم هو أن ترتّبوا أمور بلادكم وتخرجوا دولكم الفاشلة من مآزقها، وأن تنتخبوا رؤساءكم ونوّابكم في دول الطوائف والقبائل التي، على ما يبدو، لا تستطيعون الفكاك منها.
*

نشر: "الحياة"، 17 مارس 2015







ماهية الأحزاب المنتخبة في كنيست إسرائيل

سلمان مصالحة ||


ماهية الأحزاب المنتخبة في كنيست إسرائيل




الكنيست - البرلمان الإسرائيلي

بمناسبة الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية التي ستجري في الأسبوع القادم، يجدر بنا وضع هذه الحقائق أمام الذين يختارون دسّ الرؤوس في الرمال، وأمام بعض الذين أدمنوا تعاطي المزايدات وإطلاق الشعارات القومجية، أكانوا أفرادًا من مراهقي العروبة السياسية أو من بعض التيارات والأحزاب التي تعمل لاهثة وبكدّ متواصل لدخول البرلمان الإسرائيلي - الكنيست.


الحقيقة الأولى:
هنالك شروط قانونية لمشاركة الأفراد أو الأحزاب في الانتخابات الإسرائيلية، وفقط الأحزاب التي لا تنقض هذه الشروط يُسمح لها بالمشاركة. هذه الشروط القانونية ينصّ عليها قانون أساس الكنيست، وهو بمثابة قانون دستوري ملزم. ولكي لا يبقى القارئ هائمًا على وجهه في ظلام المزايدات نورد هنا النصّ القانوني الوصيل بالموضوع، والذي يتطرّق إلى منع أحزاب أو مرشّحين من خوض انتخابات الكنيست:

قانون-أساس الكنيست البند 7أ:

النصّ العبري:

”רשימת מועמדים לא תשתתף בבחירות לכנסת ולא יהיה אדם מועמד בבחירות לכנסת, אם יש במטרותיה או במעשיה של הרשימה או במעשיו של האדם, לפי הענין, במפורש או במשתמע, אחד מאלה:

(1) שלילת קיומה של מדינת ישראל כמדינה יהודית ודמוקרטית;

(2) הסתה לגזענות;

(3) תמיכה במאבק מזוין, של מדינת אויב או של ארגון טרור, נגד מדינת ישראל.“


ترجمة عربية:

”لا يُسمح لقائمة مرشّحين بالمشاركة في انتخابات الكنيست، كما لا يُسمح لشخص بأن يكون مُرشّحًا في انتخابات الكنيست، إذا انوجد في أهداف أو فعاليات القائمة أو أعمال الشخص، بمقتضى الأمر، بصورة واضحة أو بما قد يُفهَم منه، أيّ ممّا يلي:

(1) رفض وجود إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية؛

(2) تحريض على عنصرية؛

(3) دعم لكفاح مسلّح، لدولة أو لمنظّمة إرهابيّة، ضدّ دولة إسرائيل.“

***
الحقيقة الثانية:
حتّى بعد انتهاء عملية الانتخابات، فرز الأصوات والإعلان عن توزّع الأصوات بين قوائم المرشّحين والأحزاب التي عبرت نسبة الحسم، وعدد النوّاب لكلّ قائمة، تبقى هنالك خطوة أخرى مُلزمة لكلّ نائب تمّ انتخابه للكنيست. إنّها خطوة قسم ”يمين الولاء“ في الجلسة الأولى للكنيست بعد الانتخابات. إذ يتوجّب على كلّ نائب منتخب أن يُقسم يمين الولاء هذا، ولا يُعتبر نائبًا في البرلمان دون أداء اليمين.

هاكم نصّ يمين الولاء لدولة إسرائيل الذي يُلزم كلّ نائب بأدائه علنًا في الكنيست:

يمين الولاء لدولة إسرائيل -

النصّ العبري:

"אני מתחייב לשמור אמונים למדינת ישראל ולמלא באמונה את שליחותי בכנסת".


ترجمة عربية:

”إنّي أتعهّد بأن أحافظ على ولائي لدولة إسرائيل وأن أنفّذ بأمانة مهامّ رسالتي في الكنيست.“

*
خلاصة الكلام:
يجب أن تكون هاتان الحقيقتان أمام كلّ من يرغب في التطرّق إلى ماهية الأحزاب الإسرائيلية التي يُسمح لها بالمشاركة في الانتخابات.

إنّ هذه الشروط تسري على كافّة الأحزاب والأفراد، بما فيها الأحزاب العربية بالطبع. هذا يعني أيضًا أنّ كافّة الأحزاب الإسرائيلية، بما فيها الأحزاب العربية المشاركة، هي أحزاب تعترف قولاً، فكرًا وفعلاً بالأسس الأيديولوجية التي أُنشئت على ضوئها دولة إسرائيل. بل وأبعد من ذلك، تقوم بأداء يمين الولاء لإسرائيل على هذه الأسس.

هذه هي الحقيقة السياسية في إسرائيل، ومن الجدير أن يتذكّر الجميع ذلك لدى الحديث في هذه الشؤون، لكي لا تلتبس الأمور على أيّ من النّاس.

والعقل ولي التوفيق!
*
نشر: شفاف الشرق الأوسط
قضايا
  • كل يغنّي على ويلاه

    إنّ القطيعة التي فرضها الإسلام على العرب مع جذورهم الجاهلية قد سجنتهم في بوتقة الواحدية الأيديولوجية التي لا يمكن أن تكون إلاّ كابتة ومستبدّة، أي فاشية في نهاية المطاف. كذا هي طبيعة الأيديولوجيّات الواحدية، أكانت هذه الأيديولوجيات دينية أو سياسية، لا فرق.
  • شعب واحد أم تشعّبات؟

    قد يظنّ البعض أنّ إطلاق الشّعارات يكفي وحده إلى تكوين مجموعة سكّانيّة هوموجينيّة متراصّة لها مقوّمات الشّعب كما يجب أن يفهم هذا المصطلح على حقيقته.

    تتمة الكلام
 
قراء وتعليقات
  • تعليقات أخيرة

  • جهة الفيسبوك

    قراء من العالم هنا الآن

  • عدد قراء بحسب البلد

    Free counters!