سلمان مصالحة ||
في أعقاب ابن حجر الكندي
لَقَدْ طَالَ لَيْلِي،
فَارْتَحَلْتُ لِيَذْبُلِ.
لِأَقْرَأَ فِيهِ بَعْضَ رَسْمِي
الَّذِي بَلِي.
رَحَلْتُ إلَى أَرْضٍ
تَقَادَمَ عَهْدُهَا، لِشِدَّةِ مَا
يَسْبِي الفُؤَادَ تَفَضُّلِي.
لِأَنْظُرَ، هَلْ أَبْقَتْ عَذَارَى
لِشَاعِرٍ، قَضَى عُمْرَهُ
سَعْيًا، كَتَقْرِيبِ تَتْفُلِ.
يُكَلِّمُ فِي الفَيْفَاءِ طَيْرًا، إذَا
هَوَى. وَيُرْسِلُ شَكْوَاهُ
بِحَرْفٍ مُشَكَّلِ.
إذَا الرِّيحُ هَبَّتْ،
أَحْضَرَتْ لِي عَبِيرَهَا،
كَمَا يَحْمِلُ النَمْلُ
الغِلالَ بِأَرْجُلِ.
أُشَاهِدُهُ يَمْضِي، إلَى
جُحْرِ حُلْمِهِ، حَثِيثًا.
كَذَاكَ القَلْبُ يَهْفُو لِمَنْزِلِ،
بِهِ عُلِّقَتْ أَطْيَارُ قَلْبِي
بِجَنْحِهَا، فَمَا هَدَأَتْ
وَاسْتَرْسَلَتْ بِتَقَوُّلِ.
فَمَا كُنْتُ طَرَّاقًا
لِدَارِ عُنَيْزَةٍ. وَلكِنَّنِي
صِرْتُ الْمَهَامِهَ أَعْتَلِي.
وَمَا كُنْتُ سَرَّاقًا
لِتَمْرِ شِفَاهِهَا، وَلكِنَّ
بِي شَوْقًا تَنَادَى لِيَبْتَلِي.
وَمَا كُنْتُ تَوَّاقًا
لِخَلْعِ نَصِيفِهَا، وَلكِنَّنِي
شِمْتُ الكَوَاكِبَ مِنْ عَلِ.
وَمَا كُنْتُ سَوَّاقًا
لِبَعْضِ كَلامِنَا، وَلكِنَّنِي
فِي الذِّكْرَيَاتِ تَأَوُّلِي.
فَكَيْفَ أُسَلِّي النَّفْسَ،
إذْ جَاوَزَ الكَرَى عُيُونِي،
وَحَوْلِي اللَّيْلُ كَالمُتَسَوِّلِ.
أَتَى طَالِبًا مِنِّي دُيُونًا
حَفِظْتُهَا. فَصِرْتُ كَرَاعِي
النَّجْمِ، نَاقِفَ حَنْظَلِ.
فَلَيْسَ الَّذِي يُعْطِي، كَمِثْلِ
الَّذِي يَفِي بِصَفْحٍ. كَذَاكَ
العَيْشُ، بَعْضُ تَذَلُّلِ
لِمَنْ أَنْبَتَتْ عَيْناهُ
نَجْمًا بِقَفْرَةٍ، يُحَدِّقُ فِي
لَيْلٍ يَنُوءُ بِكَلْكَلِ.
يَقُولُ الَّذِي يَكْوِي الرِّمَالَ بِخَطْوِهِ:
”أَلا أَيُّهَا اللَّيْلُ الطَّوِيلُ،
أَلا انْجَلِ!“
*
0 تعليقات:
إرسال تعليق