تنويع على لحن شامي


سلمان مصالحة ||

تنويع على لحن شامي



مَا لِي أرَاكَ وَقَدْ أَغْمَضْتَ، يا وَلَدِي،
عَيْنَيْكَ فِي حُلُمٍ، مِنْ دُونِمَا وَسَدِ

إنِّي رَأَيْتُكَ لا تُصْغِي لِجَارَتِنَا
تِلْكَ الَّتِي صَرَخَتْ مِنْ سَكْتَةِ الرَّكَدِ

وَلا نَظَرْتَ إلَى كَهْلٍ قَضَى عَبَثًا
إذْ راحَ يَبْحَثُ عَنْ حُلْمٍ حَبَا بِيَدِ

فَأَيُّ نَوْمٍ هَوَى فِي حَيِّنَا، وَمَضَى
نَحْوَ الأَباعِدِ، حَتَّى امْتَدَّ فِي البَلَدِ

وَمَنْ ذَا تَكَرَّمَ وَاسْتَوْلَى عَلَى حُلُمٍ
وَأَنْبَتَ المَوْتَ فِي سَهْلٍ وَفِي وَهَدِ

لا الطِّفْلُ سَارَ مَعَ الأَتْرابِ مُبْتَسِمًا
وَلا تَراكَضَ نَحْوَ الأَهْلِ، لَمْ يَعُدِ

كُلُّ البِلادِ رُكَامٌ، لَمْ تَعُدْ بَلَدًا
وَلا تَبَقَّى بِهَا بَدْرٌ يَعِي كَمَدِي

مَا كَانَ يَجْمَعُ سُمَّارًا بِدِيرَتِنَا
يَنْهَارُ فِي وَضَحِ التَّنْهِيدِ والسَّهَدِ

لا البَيْتُ بَيْتٌ وَلا الحِيطانُ تَسْمَعُنَا
لَمْ يَبْقَ مِنْ حائِطٍ يُصْغِي إلَى أَحَدِ

طَالَ الزَّمَانُ عَلَى قَوْمٍ بَغَوْا كِبَرًا
وَاسْتَأْسَدُوا كَبُغَاثِ الطَّيْرِ فِي جَسَدِي

مَا لِي أَرَى وَطَنًا قَدْ كُنْتُ أَعْرِفُهُ
أَمْسَى خَرَابًا، كَدَأْبِ العُرْبِ فِي كَبِدِي

فَمَا أُطِيقُ حَيَاةً بَعْدَمَا كَشَفُوا
عَنْ سِرِّ طِينَتِهِمْ مِنْ نُطْفَةِ الرَّمَدِ

لَوْ كُنْتُ أَجْمَعُهُمْ لارْتَحْتُ مِنْ زَمَنٍ
لَكِنَّنِي أَحَدٌ فِي غَيْهَبِ العَدَدِ

*


خلل الضباب



سلمان مصالحة

خلل الضباب


أَرَى خَلَلَ الضَّبَابِ هُدُوءَ بَالِ
وَيُوشِكُ أَنْ يَحِلَّ عَلَى الرِّمَالِ

وَلَـنْ أَرْوِي بِهذَا اليَوْمِ سِرًّا
فَإنِّـي حَافِـظٌ سِرِّي لِحَالِـي

لَقَـدْ أَنْبَـتُّ شَعْرًا فِي لِسَانِي
فَمَا نَفَعَ الكَلامُ، وَلا انْشِغَالِي

بِنَاسٍ لا يَرَوْنَ سِوَى أُنُوفٍ
وَأَيَّـامٍ مِنَ الحِقَبِ الخَوَالِي

يَشُدُّونَ الرِّحَالَ عَلَى رِكَابٍ
مُؤَلَّـلَــةٍ، كَقَافِـلَـةِ الجِمَـالِ

وَيَبْنُونَ البُيُـوتَ إلَى سَحَـابٍ
لِيَقْطُنَـهَا البِغَـالُ مِنَ الرِّجَالِ

تَرَى مِزْوَاجَهُمْ بِـلِـبَاسِ شَيْخٍ
يُطَـلِّــقُ لِليَمِـيــنِ وَلِلشِّـمَـالِ

وَيْبْنِي مُلْكَـهُ فِي بِئْرِ نَفْـطٍ
إذَا نَضَبَتْ يَعُودُ إلَى زَوَالِ

يَعِيشُ الدَّهْرَ مَوْهُومًـا بِمَاضٍ
كَمَـنْ خَلَطَ الحَقِيقَـةَ بِالخَيَـالِ

وَيَنْسَى فِي انْغِمَاسِهِ بِالمَلاهِي
نُزُوحَ الدَّهْـرِ مِنْ حَـالٍ لِحَـالِ

سَيَأْتِي اليَوْمُ، حِينَ تَراهُ يُقْعِي
وَيَنْظُـــرُ لِلنُّجُــومِ ولِلْهِــلالِ

وَيَرْحَـلُ بَاحِثًـا عَنْ نَبْعِ مَـاءٍ
وَيَعْوِي مِثْلَ ذِئْبٍ فِي اللَّيَالِي

يَهِيـمُ كَسَابِحٍ بِبِحَارِ قَفْـرٍ
يَجُوعُ فَيَشْتَوِي لَحْمَ السَّحَالِي

وَحِينَ يُفِيقُ مِنْ نَوْمٍ سَيَبْكِي
عَلَى طَلَـلٍ مِنَ الخِيَـمِ البَوَالِي

سَيَذْكُـرُ خَوْلَةً حِينَ الْتَقَاهَا
بِشِعْــبٍ بَيْنَ حَـلٍّ وَارْتِحَـالِ

وَيَسْمَعُ هَاتِفًا مِنْ جَوْفِ وَادٍ
يُحَدِّثُ فِي تَوَحُّشِهِ السَّعَالِي

يَدُبُّ مُشَرَّدًا، قَلِقًـا كَرِيحٍ
تُخَاتِـلُ مِنْ جَنُوبٍ أَوْ شَمَـالِ

وَتَعْزِفُ لَحْنَ عَوْدَتِهِ لِأَرْضٍ
يُخَالِطُ مَاؤُهَا أَوْهَامَ آلِ

سَيَفْهَمُ حِينَهَا، بِأُفُولِ مُلْـكٍ،
بِأَنَّ الدَّهْرَ يَمْضِي، لا يُبَـالِي

بِمَنْ قَضَّى الزَّمَانَ سَجِينَ مَاضٍ
يَعِـيـشُ بِحَاضِـرٍ كَالڤِيـرْتُوَالِـي

*

فيك وبلاك

إلى كلّ الآباء، والرّجال من العربان على العموم، الّذين يكبتون ويضطهدون بناتهم نهدي هذا الكلام الخاص باللهجة التي يفهمونها:

سلمان مصالحة 

فيك وبلاك 


بِنْتَكْ وِينِ مْخَبِّيهَا يَا بُو كَرْشِينْ 
مْفَكِّرْ إنَّكْ حَامِيهَا مِنْ صِيبِةْ عِينْ؟

بِنْتَكْ بَدْهَا تِتْكَشَّفْ عَى شَمْسِ وْمَيّْ 
وِانْتِ بَدَّكْ تِتْقَشَّفْ، مَا يْشُوفَا حَيّْ 

بُكْرَا الصُّبْحِ بْتِتْطَلَّعْ مِنْ حَوْلَكْ هِيكْ 
بْتِتْرِكْ لَكْ كُلِّ رْجَالَكْ، لا تِعْمَلْ بِيك! 

بِنْتَكْ لِيشِ مْخَبِّيهَا عَنْ عِينِ النَّاسْ 
مْفَكِّرْ إنَّكْ حَامِيهَا مِنْ وَجَعْ رَاسْ؟ 

شُوفِ الدِّنْيَا يَا جَاهِلْ يَا بُو كَرْشِينْ 
رَاسَكْ هُوِّ لِمْخَمِّجْ مِنْ فِكْرِ الشِّينْ 

بِنْتَكْ وِينِ مْخَبِّيهَا فِي كْياسِ وْخِيشْ 
وْهِيِّ شِكْلا زَعْلانِةْ، وِبْتِعْرِفْ لِيشْ. 

كُلَّ ابِّ بْيِيجِي يُومُهْ، بِنْتُهْ بْتِنْـ...اكْ 
مَا يْفَكِّرْ إنُّـهْ مَالِـكْ بِنْتُـهْ أَمْلاكْ 

بِنْتَكْ وِينِ مْخَبِّيهَا يَا بُو عِينِينْ! 
مْفَكِّرْ إنَّكْ حَامِيهَا مِنْ صِيبِةْ عِينْ؟ 

بِنْتَكْ كِبْرَتْ، مَا تْسِيبَا تِقْطَعْ لِسْلاكْ 
وِانْ كَانَتْ تِعْرِفْ دَرْبَا هِيِّ مَلاكْ. 

لا تْفَكِّرْ إنَّا الدِّنْيَا بْتِخْرَبْ لَوْلاكْ 
هَـ الدِّنْيَا صَارَتْ حُرَّةْ، فِيكِ وْبَلاكْ 
*

وصايا عشر للعربي المبتدئ

أرشيف: يوليو 2006


سلمان مصالحة || 

وصايا عشر للعربي المبتدئ

أخي أيّها العربي المبتدئ!
لا تصدّق جميع هؤلاء، فحقيقة الأمراض الذّهنيّة المستترة من وراء تصرّفاتهم جديرة بدراسات اجتماعيّة ونفسيّة تقف على مكامن الخلل في سلوكيّاتهم وثقافتهم.

يا بنت النّاس

سلمان مصالحة

يا بنت النّاس


وَانا سَايِقْ عَنْزاتِي عَى بِير المَيّْ
طَلَّتْ عَلَيِّ السّمْرا وْقَالَتْ لي: شْوَيّْ!

قُلْتِ لْهَا: أَمْركْ يَابَا شُو صَارِ وْصَارْ
قَالَتْ لِي: قَلْبِي تْقَطَّعْ، وْعَقْلِي طَارْ

***

وَانا سَايِقْ عَنْزاتِي عَى بِير المَيّْ
شَلْعَتْ مِنْ قَلْبِي سَخْلِةْ، والله يا خَيّْ!

وْهَايِ السَّخْلِةْ مْرَبّايِةْ، مَا تْروحِ بْعِيدْ
بَسِّ السَّمْرَا الوَلْهَانِةْ، مَا تْخَافِ وْعِيدْ

***

بَدْهَا مِنِّي تِحْلايِةْ، شِمِّ الرِّيحَانْ
وِاللِّي تْفَلَّقْ فِي صِدْرَا خُوخِ وْرُمّانْ

وَانا سَايِقْ عَنْزاتِي عَى طَرْفِ الحَيّْ
حَرْقَتْنِي الشَّمْسِ الحَمْرَا، وْهِيِّي فِي الفَيّْ.

***

قُلتِ لْهَا: هَاتِي السّخْلِةْ يا بِنْتِ النَّاسْ
قالَتْ لي: بَدْهَا قَعْدِةْ عَى رِيحِةْ كَاسْ

قُلْتِ لْهَا: أَمْرِكْ! حاضِرْ، عَى هَذا الرَّاسْ
قَالَتْ لِي: رَاسَكْ يَابِسْ، وِينِ الإحْسَاسْ؟

وَانَا سَايِقْ عَنْزَاتِي عَى بِيرِ المَيّْ
سَرْقَتْ عَقْلاتِي السَّمْرَا، واللّهْ يَا خَيّْ

***

وَانَا رَاسِي فِي لْبَاسِي صَايِمْ سِنْتِينْ
بَسْتَنَّى السَّخْلِةْ تِكْبَرْ، تَى اسِدِّ الدِّينْ

قَالَتْ لِي: بَطْنِي خَوَّرْ، جُوعَانِةْ كْثِيرْ
قُلْتِ لْهَا: يَلاّ لاقِينِي عَى جَنْبِ البِيرْ

***

لَمَّنْ شَلْحَتْ فُسْتَانَا، شُفْتِ البُسْتَانْ
وِعْيُونِي نَطَّتْ تِلْعَبْ مِثْلِ الغُزْلانْ

قَالَتْ: دِينَكْ عَلَيَّ، لا تِخْشَى النّاسْ
احْفِنْ مِنْ كَرْمِي كُومِةْ، وِامْلا لِي الكَاسْ

قُلْتِ لْهَا: كَاسِكْ صَابِبْ مِنْ عِينِي هَيّْ
خَايفْ آبُوكِ يِعْلَمْ، يِشْوِيني شَيّْ.

***

وَانَا أَمْشُقْ رُمّانَا عَى بِير المَيّْ
فَضِّيتِ الخَمْرِ بْكَاسَا، مِنْ بِينِ اجْرَيّْ

وَانَا شَارِدْ فِي حَالِي، عِشْقِ وْوَسْواسْ
شَرْدَتْ عَنْزَاتِي مِنِّي، وَاللّهْ يَا نَاسْ

طْلِعْتِ البَاكِرْ مَعْ شَلْعَةْ عَى بِيرِ المَيّْ
رْجِعْتِ العَصِرْ وِمْقَحِّطْ، مَا عِنْدِي شَيّْ

***

وَانا سَايِقْ عَنْزاتِي عَى بِير المَيّْ
طَلَّتْ عَلَيِّ السّمْرا وْقَالَتْ لي: شْوَيّْ!


قضايا
  • كل يغنّي على ويلاه

    إنّ القطيعة التي فرضها الإسلام على العرب مع جذورهم الجاهلية قد سجنتهم في بوتقة الواحدية الأيديولوجية التي لا يمكن أن تكون إلاّ كابتة ومستبدّة، أي فاشية في نهاية المطاف. كذا هي طبيعة الأيديولوجيّات الواحدية، أكانت هذه الأيديولوجيات دينية أو سياسية، لا فرق.
  • شعب واحد أم تشعّبات؟

    قد يظنّ البعض أنّ إطلاق الشّعارات يكفي وحده إلى تكوين مجموعة سكّانيّة هوموجينيّة متراصّة لها مقوّمات الشّعب كما يجب أن يفهم هذا المصطلح على حقيقته.

    تتمة الكلام
 
قراء وتعليقات
  • تعليقات أخيرة

  • جهة الفيسبوك

    قراء من العالم هنا الآن

  • عدد قراء بحسب البلد

    Free counters!