سلمان مصالحة ||
منفى
أُحُلِّلُ العَيْشَ فِي المَنْفَى،
فَيَغْمُرُنِي، مِنْ عَطْفِهِ، أَرَقٌ
يَمْتَدُّ فِي سَهَرِي.
فَلا أُعِيرُ انْتِبَاهِي لِلَّتِي
رَسَمَتْ حُلْمًا عَلَى وَرَقٍ
مِنْ شَاحِبِ الشَّجَرِ.
فَاللَّيْلُ يُسْرَقُ مِنْ عَيْنِي
وَيَفْتِكُ بِي ذِكْرُ المَواضِي
الَّتِي مَرَّتْ، وَلَمْ تَصِرِ.
أَضْحَتْ هَبَاءً، كَأَنَّ الدَّهْرَ
حَرَّرَهَا مِنْ قَيْدِهِ، فَمَضَتْ
بِالنَّبْضِ وَالصُّوَرِ.
وَأَوْدَعَتْنِي نَوَايَا، أَثْقَلَتْ
طَلَبِي لِلْعَيْشِ فِي بَلَدٍ
يَخْتَالُ فِي بَصَرِي.
فَالْعَيْنُ سَاهِرَةٌ، كَالظَّبْيِ،
مَا غَمَضَتْ. حَتَّى تَبَدَّى
لَهَا وَجْهٌ، بِهِ سَفَرِي
قَدْ شَاخَ، مِثْلَ تَجَاعِيدٍ
بِمُنْعَطَفٍ فِي الوَجْهِ.
حَطَّتْ بِهِ الذِّكْرَى
وَلَمْ تَسِرِ.
لا العَيْنُ تَعْرِفُ، أَيْنَ
اللَّيْلُ حَامِلُهَا. وَلا الحَكَايَا
تَفِي مَا انْسَابَ مِنْ نِظَرِي.
لَوْ كُنْتُ أَعْرِفُ أَنَّ الأَرْضَ
تُنْكِرُنِي، لَمَا خَطَوْتُ،
وَما أَبْقَيْتُ مِنْ أَثَرِ.
اللَّيْلُ عَلَّمَنِي، وَالنَّجْمُ
كَلَّمَنِي، وَالغَيْمُ سَلَّمَنِي
لِلرَّمْلِ، لِلْحَجَرِ.
*
0 تعليقات:
إرسال تعليق