مقالة هآرتس -
محاولة نتنياهــو لمــد ذراعيــه للعنــاق الاقليمــي مــع الدول السنية «المعتدلة» و«المتنــورة» مــن فوق رأس الفلسطينيين هي منــاورة نموذجيــة أخرى لهــذا الشــخص.
الأمير فيصل مع حاييم وايزمان 1918 |
سلمان مصالحة ||
سلام في أحلام اليقظة
يخطــئ كل مــن يدعي أن رئيــس الحكومــة بنيامين نتنياهو ليســت لديه خطة سياسية. منذ انتخابه لرئاسة الحكومة فهو يســير فــي الطريق التــي رســمها لــه والده: «الصهيونية من أساسها هــي حركــة غربيــة»، قــال الأب، البروفيســور بنتســيون ننتنياهــو، فــي مقابلــة مــع هــذه الصحيفــة وأضاف: «هذه حركة تعيش على حدود الشرق، لكن وجهها دائما نحو الغرب» (هآرتس، 18.9.1998).
منــذ انتخابه لرئاسة الحكومة لم ينحرف الابن بنيامين عن هذه الرؤية. يمكن القول إنه في كل مــا يتعلق بالســلام بين اسرائيل والدول العربية، توجد لرئيــس الحكومة عقيــدة ثابتة اســتوعبها فــي بيــت والــده. «يجب علينــا أن نفهــم»، قــال الأب في مقابلــة اجراها مع القنــاة الثانيــة، «أنه بيننــا وبيــن العــرب يوجد خلاف ثقافي عميق».وليس هذا فقط، بل «هذه البلاد هي ارض يهوديــة وليســت أرضًا للعرب، لا يوجد مكان هنا ولن يكون للعرب». هكذا قال البروفيسور نتنياهو في المقابلة. اذا كانــت الأمــور هكــذا فــي بيــت الوالــد، فــإن الســؤال هو هــل يوجد في جعبة الابن ما يكفي مــن القــوة الروحية من اجل التحرر من الاحتضان الايديولوجي للأب، وهل يوجــد لديه اضافــة الى ذلك مــا يكفي من القوة للتخلــص مــن الريــاح المقدسة لبينيت وأمثاله، التي تهب على البلاد؟.
الصهيونيــة إذًا تعيــش علــى حــدود الشــرق ووجههــا نحــو الغــرب، لكــن ليس فقــط توجّه وجهها، بل ترى نفســها كدرع واق للغرب في وجه الشــرق المتوحش. وقد قال نتنياهــو في مؤتمر لرؤساء الدول عقد مؤخرًا في بودابست: «اسرائيل هي الدولــة الوحيدة في المنطقــة التــي تهتــم بالمصالح الاوروبية»، بل أكد أن اســرائيل تشكل «قاعــدة حصينــة لقيم أوروبا في منطقة مظلمة جدا». يبدو أن هذا هو السبب في أن رئيــس الحكومة وجد فــي المنطقــة المظلمة أصدقــاءه وحلفــاءه «المتنوريــن»، حيث إنه في الآونة الاخيرة يطلق إشــارات عــن العلاقــات الآخــذة فــي التقوّي بين إسرائيل والدول العربية المتنورة، السعودية مثلاً. وعــن هذا قيــل «قل لي مــن اصدقــاؤك أقل لك من أنت».
هكــذا دخلت الــى الحيّ المظلــم لعبــة جديــدة. منذ انتخاب رئيس جديد لأميــركا، فقد ألقيت في ملعب الشــرق الاوســط لعبــة جديــدة تســمى «السلام الاقليمي»، هذا هــو الترامبوليــن الــذي وضعه الرئيس الاميركي فــي المنطقــة. لا داعي للقلــق لأنــه لــن يخرج أي شــيء جيد مــن هذه اللعبة الخطيرة.
محاولة نتنياهــو لمــد ذراعيــه للعنــاق الاقليمــي مــع الدول السنية «المعتدلة» و«المتنــورة» مــن فوق رأس الفلسطينيين هي منــاورة نموذجيــة أخرى لهــذا الشــخص. إن كل مــا يبحــث عنــه هــو أن يلقي المــرة تلو الاخرى المســؤولية على الطرف الفلســطيني. أيضا هذه المنــاورات كشــف عنهــا والــده فــي المقابلــة مع القناة الثانية. «بنيامين لا يؤيد الدولة الفلسطينية، سوى بشروط لن يقبلها العرب في أي يوم، هذا ما سمعته منه».
هكــذا يتصــرف رئيــس الحكومة طوال مسيرته. «الفلســطينيون»، يكرر نتنياهو، «يجــب عليهم اجتياز امتحان الســلام». فــي اختبــارات الســلام الذي يضعها نتنياهو من المؤكد أن الفلسطينيين سيخسرون دائما. اللعبة الجديدة – «سلام ا قليمــي» يتجــاوز الفلســطينيين - حطّمها الــى شــظايا زئيــف جابوتنسكي، معلم وحاخــام نتنياهــو. لا يمكــن اتهــام نتنياهــو أنــه لا يعــرف أقــوال جابوتنسكي. مع ذلك من المناسب العودة والتذكير بهــا. «حســب الكثيرين، الخطــة التاليــة جذابــة جدا: يجب الحصول على الموافقة على الصهيونية ليــس مــن عــرب أرض اســرائيل، لأن هذا الامر غير ممكن، بل من أجزاء العالــم العربــي الأخرى، بما فيها ســوريا وبلاد ما بيــن النهريــن والحجــاز وربما حتى مصر»، كتب جابوتنســكي في «عن الحائط الحديدي». «حتى لو كان هذا الامر ممكنا»، أضــاف، «فإنــه أيضا في هذه الحالة هذا لا يكفي لتغيير الوضع من أساسه: فــي أرض إســرائيل نفســها، مــزاج العــرب بالنســبة لنا سيبقى كما هو»، لخص جابوتنسكي المشكلة.
أجــل، الســلام الاقليمــي الــذي يتجاوز الفلســطينيين هو حلم من أحلام اليقظة.
*
نقلاً عن: “الحياة الجديدة” 4 ديسمبر 2017
*
For Hebrew, press here
0 تعليقات:
إرسال تعليق