شموئيل ميكونيس || تعقيبًا على خطاب أحمد بن بلا

وثيقة - 1964:

مقالة شموئيل ميكونيس في كول هعام

نقدّم للقارئ العربي هذه الوثيقة التاريخية، وهي مقالة نشرها شموئيل ميكونيس، وهو أحد قادة الحزب الشيوعي الإسرائيلي وكان نائبًا في الكنيست منذ قيام دولة إسرائيل  في العام 1948 ولسنوات طويلة لاحقًا.

لقد نشرت المقالة باللغة العبرية في ”كول هعام“ وهي صحيفة الحزب الشيوعي الإسرائيلي، غير أنّ صحيفة الحزب باللغة العربية ”الاتحاد“ لم تنشر ترجمة لها وذلك على خلفية التوتّر القائم في الحزب بين تيارين مختلفين في مسائل قومية من جهة وعلاقة الحزب بالاتحاد السوڤيتي من جهة أخرى.

وهكذا سرعان ما أدّت هذه الاختلافات في وجهات النظر إلى حصول انشقاق في الحزب، على غرار الانشقاق الأول الذي حصل في الحزب في سنوات الأربعين من القرن الماضي. الكثير من الأمور التي تتطرّق إليها المقالة لا زالت تتصادى في هذه الأيام في هذه البقعة من العالم.

نظرًا لأهمية الأمور المطروحة فيها التي يظهر بعضها راهنيًّا نقدّم هنا ترجمة عربية للمقالة خدمة لقرّاء هذا الموقع.

سلمان مصالحة
***

شموئيل ميكونيس ||

تعقيبًا على خطاب أحمد بن بلا


الحزب الشيوعي الإسرائيلي، الذي يضمّ في صفوفه الطبقة العاملة من اليهود والعرب، وأوساط ديمقراطية ملحوظة أخرى في بلادنا قد تابعوا بتضامن كبير النضال البطولي لشعب الجزائر من أجل تحرّره الوطني من نير الاستعمار الفرنسي. طوال سنوات النضال العادل والتضحيات الجمّة للشعب الجزائري بقيادة الـ FLN. عبّرنا - نحن والآخرون - عن تضامننا الأخلاقي والسياسي مع هذا النضال من على منابر الكنيست، وفي الهستدروت والمؤسسات الشعبية الأخرى، في صفحات الجرائد، في المظاهرات والاجتماعات الشعبية. لقد جنّدنا الرأي العام في إسرائيل إلى جانب الثورة الجزائرية وضدّ المستعمرين الفرنسيين وأصدقائهم في صفوف الأوساط الحاكمة في بلادنا.

لقد تعمّق تضامننا ودعمنا للثورة الجزائرية أكثر فأكثر منذ أن انتقلت من مرحلة الإمساك بالاستقلال السياسي إلى مرحلة بناء الاستقلال الاقتصادي وإيجاد الحلّ التقدّمي للقضايا الاجتماعية؛ منذ أن انتقلت الثورة ضدّ الإمبريالية إلى مرحلة متقدمة من الانجازات الاقتصادية الأساسية ذات الطابع الاشتراكي. لقد باركنا نضال رئيس الجزائر ورفاقه في الـ FLN وآخرين ضدّ القوى الاستعمارية، المعادية للاشتراكية، ودعمنا طريق الجزائر نحو الاشتراكية، والتي تحظى بدعم كبير وبصورة صادقة ومثابرة من الشيوعيين الجزائريين.

إنّ موقف الشيوعيين الإسرائيليين هذا هو موقف مبدئي نابع من الركيزة الأممية الوطنية التي بُني عليه حزبنا الشيوعي، ومن ولائنا لنضال الشعوب العظيم في هذا العصر لأجل السلام، الاستقلال القومي، الديمقراطية والاشتراكية. إنّ تقدّم كلّ شعب في أيّ بلد كان على طريق تحرّره القومي والاجتماعي يُشكّل مساهمة في نضال كلّ الشعوب الأخرى، بمن فيها شعب إسرائيل، وفي النضال العام للبشرية التقدّمية لأجل السلام العالمي والتقدّم الاجتماعي والثقافي. إنّ نجاحات الثورة الجزائرية تساعد موضوعيًّا النضالَ التقدّمي والثوري في إسرائيل أيضًا - وبالعكس. إنّها علاقة متبادلة معروفة ومفهومة ليس فقط لدى الماركسيين-اللينينيين، وإنّما أيضًا لدى كلّ إنسان تقدّمي غير مُلوّث بآراء قومجيّة مُسبقَة وبشوڤينيّة تجاه الآخر. على هذه العلاقة المتبادلة الطبيعية والإيجابية طرأ في السنتين الأخيرتين خلل ضارّ يُؤسف له، منذ أن بدأ أحمد بن بلا بالذات بمعالجة غير صحيحة وغير مسؤولة للقضية الفلسطينية. هذه المعالجة تتناقض في جوهرها مع المبادئ التي يؤمن بها هو ذاته في الحلبة الدولية، وفي الحلبة الجزائرية الداخلية.

 إنّ تصريحات وبيانات رئيس الجزائر، أحمد بن بلا، حول القضية الفلسطينية تشهد على أحد أمرين: إمّا على عدم فهم القضيّة المطروحة، أو على عمى سياسي مقصود. نحن، الشيوعيون الإسرائيليون، الذين نناضل طوال السنين لأجل حلّ عادل لقضيّة أرض-إسرائيل، كُنّا سنفرح لو انضمّ إلى هذا النضال أحمد بن بلا، لولا كونه رأى شرط نجاح هذا النضال في ذلك الوهم المُغامِر والخطير بنفي حقّ الوجود لدولة إسرائيل. من هذه الناحية لا يختلف موقف بن بلا المعادي للإمبريالية بأيّ شيء عن مواقف الأوساط الداعمة للإمبريالية الحاكمة في إسرائيل، ما عدا بفارق وحيد وهو أنّه يرفض حقّ تقرير المصير للشعب الإسرائيلي، بينما هم يرفضون حقّ تقرير المصير للشعب العربي الفلسطيني. في لغة السياسة يُسمّى هذا التوجّه - شوڤينيّة؛ إنّه تجاهل واعٍ للحقوق الشرعية للشعوب، ولا يمكن أن ينجح في هذه المرحلة من الكفاح الكبير لأجل انتصار الاشتراكية على مستوى العالم. إنّ هذا التوجّه لا يصبّ في المصالح القومية الحيوية للشعب العربي الفلسطيني ولا لشعب إسرائيل - وهو لا يحمل في طيّاته أيّ حلّ بنّاء، أيّ حلّ عادل لصالح الطرفين، وإنّما مخاطر حرب، ومجازر متبادلة. إنّ هذا التوجّه الشوڤيني يُقدّم فقط مساعدة للإمبرياليين بسياسة «فرّق تسد» ولاستغلال حثيث للصراع الاسرائيلي-العربي لمصلحة تدخّلهم في الشؤون الداخلية لإسرائيل وللدول العربية معًا؛ إنّه يمدّ يد العون فقط للمتعاونين مع الإمبريالية، والذين ينمّون العداء اليهودي-العربي وسياسة القوّة في كلّ من دولة إسرائيل والدول العربية.

إنّ المبادئ التي يؤمن بها أحمد بن بلا لا يمكن أن تتجزّأ. لا يمكن أن يقوم شخص في مكانة رفيعة كهذه بوصفه رئيسًا للجزائر، والذي يتكلّم بحزم ضدّ الإمبريالية ومع إقامة سلام وعيش مشترك، مع تأمين الحقوق الشرعية للشعوب بطرق سلمية ومع الجزائر اشتراكية، من خلال إنشاء علاقات صداقة مع الاتحاد السوڤييتي ودول اشتراكية أخرى - وفي الوقت ذاته يرفض سريان هذه المبادئ على إحدى الدول في العالم، هي دولة إسرائيل. كُنّا سنفهم وسنُوافق تمامًا لو أنّ بن بلا عبّر عن رأيه السلبي فيما يتعلّق بالسياسة الداعمة للإمبريالية لدى الأوساط الحاكمة في إسرائيل، لكنّنا نرفض أن نفهم ونرفض بحزم رأيه المُطلَق حول إسرائيل، حيث يظهر من كلّ صياغة في صياغاته، أنّه يرفض حقّ وجودها كدولة مستقلّة. إنّ هذا الرأي شبيه في أساسه برأي جمال عبد الناصر الذي يُصرّح به في أحايين كثيرة، ولا يحتوي على أيّ مسحة من واقعية، ولا أيّ احتمال للتحقّق. إنّه يخدم فقط الإمبرياليين في الغرب، فقط العسكريين الإسرائيليين، فقط الساسة العرب الرجعيين والمغامرين من صنف المفتي المقدسي سابقًا وصنف أحمد الشقيري، والذين كان لهما مساهمة ملحوظة في حصول مأساة الشعب العربي الفلسطيني. هذه الآراء تمسّ بمكانة رئيس الجزائر، تُسيء إلى نضال الشيوعيين الإسرائيليين والأوساط الديمقراطية الأخرى في بلادنا الهادفة إلى تجنيد رأي عام مؤيّد للإنجازات الاقتصادية والاجتماعية الهامّة في الجزائر ومصر ولسياستهما المعادية للإمبريالية، ولن تكون مقبولة أبدًا على معسكر السلام والاشتراكية العالمي العظيم، والذي بمساعدته تحرّر هذان البلدان وغيرهما من نير الاستعمار، والذي بمساعدته الأخويّة السخيّة سيبنيان مستقبلهما السعيد.

كلّ عربي وطني معني بصدق بحلّ سلمي، حقيقي وعادل للقضية الفلسطينية، كلّ إسرائيلي وطني معنيّ بصدق بإنهاء النزاع الإسرائيلي العربي بطرق سلمية، سيجد الإجابة الجدّية، المبدئية، الواقعية والعادلة تمامًا في برنامج وفي نضال السنوات الطويلة للحزب الشيوعي الإسرائيلي، والتي بموجبها على إسرائيل الاعتراف بالحقوق القومية العادلة للشعب العربي الفلسطيني. هذا هو السبيل لاعتراف الدول العربية بدولة إسرائيل وبحقوقها العادلة. الاعتراف المتبادل بالحقوق القومية العادلة للشعب العربي الفلسطيني ولشعب إسرائيل هو الأساس الوحيد لإنهاء النزاع الإسرائيلي العربي، ولإحلال السلام العادل والثابت بين إسرائيل والدول العربية، الأمر الذي يتماشى مع مصلحة الكفاح ضدّ الإمبريالية، مصلحة الأمن والتقدّم سويّة للشعوب المعنيّة.
*
لقد استُثرتُ لكتابة هذه السطور بعد قراءة النصّ الكامل لخطاب أحمد بن بلا في الـ 13 من أغسطس في «قصر الشعوب» في مدينة الجزائر إثر حصوله على الجائزة العالمية على اسم لينين «لدعم السلام بين الشعوب».

لقد كشف رئيس الجزائر قدرًا من اللباقة بهذا الخطاب، حيث اعترف بأنّ الجائزة مُنحت اعترافًا بمعاناة الشعب الجزائري خلال نضاله البطولي للتحرّر القومي والاجتماعي، وانتصارًا للسلام بين الشعوب. ثمة انطباع غريب بعض الشيء تتركه تلك الفقرات من الخطاب التي كُرّست بصورة طبيعية لمسائل السلام والحرب،  والتي امتنع فيها أحمد بن-بلا من الإشارة بوضوح إلى أولئك الذين يُهدّدون السلام وأولئك الذين يحمونه، أولئك الذين يُهدّدون بالحرب وأولئك الذين يجنحون إلى مفاوضات سلمية. إنّه لمن الغرابة أن نسمع من فمه الصياغة «هؤلاء وأولئك» حيث قال: «إنّ نصب سلاح ذرّي في مواقع معيّنة - أكانت لأغراض هجومية أو لأغراض دفاعية - تزيد من خطر الحرب»… غير أنّ «الوضوح» لدى رئيس الجزائر يبدأ فقط عندما يلقي نظرة على الشرق الأوسط. من بين كلّ أرجاء العالم ومن بين كلّ القارّات ومن بين كلّ البلدان «ينجح» في هذا الخطاب «بالعثور» على مكان واحد ووحيد يُهدّد السلام في الشرق الأوسط، ومن هناك - يُهدّد السلام في العالم بأسره؛ هذا المكان هو - دولة إسرائيل. وهكذا يقول: «من الجدير بأن أذكر أنّ التهديد الدائم على السلام في الشرق الأوسط، ومن هنا - على العالم بأسره، يتمثّل بإنشاء ودعم دولة إسرائيل المُصطَنعة»…

هكذا، إذن: لقد أُلقي الخطاب بعد 3-4 أيام من القصف العنيف لقبرص من قبَل سلاح الجو التركي الذي محا من على وجه الأرض 20 قرية قبرصية وأدّى إلى مقتل وجرح مئات القبارصة الأبرياء؛ بعد أن أبحر الأسطول الـ 6 الأميركي بكتائبه العسكرية مقتربًا من شواطئ قبرص كجزء من مؤامرة إمبريالية للسيطرة على قبرص وتحويلها إلى قاعدة عسكرية لحلف الناتو؛ بعد القصف الأميركي الإجرامي لأراضي فيتنام الشمالية على شواطئ خليج تونكين، والذي كان استفزازًا خطيرًا للسلام العالمي؛ وفي الوقت الذي يواصل فيه المستعمرون البريطانيون بزراعة الخراب والحطام في جنوب جزيرة العرب، والإمبرياليون الأميركيون بمساعدة من العربية السعودية وحكّامها - يواصلون تدخّلاتهم العسكرية في اليمن بعون من الملكيّين اليمنيين؛ … تجاه هذا العدوان «الطريّ»، تجاه هذه التهديدات على السلام في الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا - ما من كلمة واحدة، أو إشارة في خطاب-السلام الذي ألقاه بن بلا، تجاه أيّ من هذه القوى! إنّ ما يتقدّم كلّ تلك التهديدات ويبرز فوقها ، وفق خطاب بن بلا، هو تهديد السلام من طرف دولة إسرائيل.

ليس لدينا، نحن الشيوعيون الإسرائيليون، أيّ رغبة أو مصلحة في التغطية على سياسة القوة لحكّام إسرائيل - تجاه الدول العربية وتجاه الجمهور العربي في إسرائيل داخليًّا. ما دام حكّام إسرائيل يربطون بلدنا بعربة الإمبريالية، الأميركية على وجه الخصوص، فهنالك خطر بأنّهم سيجرّون إسرائيل إلى مغامرات عسكرية وعدوان إمبريالي ضدّ حركات معادية للإمبريالية في المنطقة. هذا الخطر ليس مؤكّدًا، لكنّه ممكن ويقف حزبنا الشيوعي في مقدّمة النضال الحثيث ضدّ مثل هذه الإمكانية، وضدّ مجمل السياسات الداعمة للإمبريالية، وغير الوطنية لحكّام إسرائيل. لكن، بين هذا الواقع الحقيقي وبين الوصف الكاريكاتوري لبن بلا - فإنّ البون شاسع!

بالإضافة إلى ذلك، فإنّ رئيس الجزائر لا يهتمّ بالفوارق الطبقية والسياسية بين الشعب في إسرائيل ولا يُفرّق بين الأوساط الحاكمة وبين عامّة الشعب والمعارضة الديمقراطية للأوساط الحاكمة ولسياساتها. برأيه - مجرّد إقامة دولة إسرائيل «المُصطَنعة»، مجرّد وجود الدولة هو «الخطر الدائم» على السلام… في هذه النقطة لا توجد لنا لغة مشتركة مع بن بلا.

لا شكّ أنّ بن بلا نفسه يعلم أنّ هذا التصوّر الشوڤيني تجاه شعب إسرائيل ودولة إسرائيل ترفضه كلّ قوى السلام والاشتراكية المثابرة ، وعلى رأسها الاتحاد السوڤييتي. يستحيل أن يكون بن بلا لا يعلم أنّه في خضمّ تطوّرات تاريخية وظروف تاريخية معيّنة فقد تطوّرت فلسطين من بلد وحيد القومية إلى بلد ثنائي القومية عربية-يهودية؛ وأنّ جمعية الأمم المتحدة اعترفت بهذا الواقع الجديد وقرّرت لصالح تأمين حقّ تقرير المصير للشعبين - العربي واليهودي، ولصالح إقامة دولتين مستقلّتين وديمقراطيّتين في فلسطين - عربية ويهودية. وكما هو معلوم فإنّ الاتحاد السوڤييتي ودول الديمقراطيات الشعبية قد قدّمت كلّ الدعم المبدئي، الأخلاقي والسياسي لهذا الحلّ، الحلّ الشامل.  ليس من الجدّية تجاهل تلك التطوّرات ولا يُقلّل من أهمّيتها، إذا كان بن بلا ينعتها بالـ «مُصطَنَعة».

أمر آخر هو أسى بن بلا على المصير المأساوي للشعب العربي الفلسطيني. هذا هو الأسى العميق وموضوع نضال الشيوعيين الإسرائيليين منذ اللحظة الأولى وحتّى يومنا هذا، منذ اللحظة التي كان فيها بن بلا بعيدًا عن هذه القضية؛ إنّنا، على كلّ حال، لم نسمع صوته بالموضوع، وإنّما فقط في السنة أو السنتين الأخيرتين.  إنّه لمن دواعي الأسف أن نسمع أصواتًا تُذكّر بتلك الأصوات وتلك المواقف التي كان لها دور كبير في حينه بعدم تحقيق الحقوق الشرعية للشعب العربي الفلسطيني، وفقًا لقرارات الأمم المتحدة. «الحلّ» الذي يشير به بن بلا للشعب العربي الفلسطيني وإعلانه عن استعداده لتقديم كامل دعمه «لمعركته» (معركة الشعب العربي) لا يُبشّر بالخير لهذا الشعب؛ إنّهم فقط يضعون العراقيل على طريق نضال حزبنا الشيوعي والقوى الديمقراطية الأخرى، على طريق النضال اليهودي-العربي المشترك داخل إسرائيل لأجل إحداث تغيير جذري في السياسة وفي السلطة الإسرائيلية، بغية اعتراف إسرائيل بالحقوق القومية العادلة للشعب العربي الفلسطيني كسبيل لاعتراف الدول العربية بدولة إسرائيل وحقوقها الشرعية، كسبيل لإنهاء الصراع الإسرائيلي-العربي بطرق سلمية. هذه هي المعركة الحاسمة ويحقّ لنا أن نطلب من كلّ من يعادي الإمبريالية وكلّ مؤمن بالديمقراطية، أعربيًّا كان أم غير عربيّ، دعمًا وعونًا لهذه المعركة وليس عرقلة لها.

ثمّة بالتأكيد أمل بدرء حرب إسرائيلية-عربية، وبحلّ سلمي للصراع - ورد في قرارات الجلسة الـ 15 للجنة المركزية لـ ماكي (الحزب الشيوعي الإسرائيلي) في بداية يوليو هذا العام - وهذا الاحتمال مشروط: بتعزيز ونجاح المعركة لإحداث تحوُّل في السياسة الإسرائيلية نحو السلام، عدم الارتباط بالإمبريالية وعدم الانحياز، وبتعزيز النضال المعادي للإمبريالية في المنطقة. تعميق التهدئة في التوتّر الدولي ودفع التطوّر العالمي تجاه العيش بسلام ستساعد على تحقيق هذا الأمل».

إنّ نقاشنا مع رئيس الجزائر، أو مع رئيس الجمهورية العربية المتحدة حول قضية فلسطين، واعتراضنا المُطلَق على رفضهم وجود شعب إسرائيل ودولة إسرائيل، لم يمنعنا في الماضي ولن يمنعنا مستقبلًا من أنّ نُقدّم دعمًا تضامنيًّا لجميع الجوانب الإيجابية في السياسة الخارجية والداخلية وهي كثيرة وهامّة - لحكومة الجزائر والجمهورية العربية المتحدة بغية تأمين التطوّر الاشتراكي لبلديهما. بالإضافة إلى ذلك: بتأكيدنا على تعاملنا الإيجابي مع المستجدّات الاقتصادية والاجتماعية الهامّة في تلك البلاد وبرفضنا التصريحات العدوانية لحكّامها، تجاه إسرائيل، فإنّنا نؤمن بأنّه كلّما توثّقت علاقات التعاون والصداقة بين الجزائر والجمهورية العربية المتحدة وبين الاتحاد السوڤييتي، وكلّما تطوّرت بوجهة تقدّمية، ستتغيّر السياسة الإسرائيلية نحو عدم الارتباط بالإمبريالية ونحو الاعتراف بحقوق الشعب العربي الفلسطيني، وكذلك ستختفي هناك كلّ المظاهر الشوڤينية تجاه إسرائيل.

موسكو، المستشفى،
نهاية أغسطس 1964

مصدر: ”كول هعام“، 24 سبتمبر 1964

***
مشاركات



تعليقات فيسبوك:


تعليقات الموقع: يمكن إضافة تعليق هنا. لا رقابة على التعليقات مهما كانت مخالفة للرأي المطروح، بشرط واحد هو كون التعليقات وصيلة بالموضوع.

0 تعليقات:

إرسال تعليق

قضايا
  • كل يغنّي على ويلاه

    إنّ القطيعة التي فرضها الإسلام على العرب مع جذورهم الجاهلية قد سجنتهم في بوتقة الواحدية الأيديولوجية التي لا يمكن أن تكون إلاّ كابتة ومستبدّة، أي فاشية في نهاية المطاف. كذا هي طبيعة الأيديولوجيّات الواحدية، أكانت هذه الأيديولوجيات دينية أو سياسية، لا فرق.
  • شعب واحد أم تشعّبات؟

    قد يظنّ البعض أنّ إطلاق الشّعارات يكفي وحده إلى تكوين مجموعة سكّانيّة هوموجينيّة متراصّة لها مقوّمات الشّعب كما يجب أن يفهم هذا المصطلح على حقيقته.

    تتمة الكلام
 
قراء وتعليقات
  • تعليقات أخيرة

  • جهة الفيسبوك

    قراء من العالم هنا الآن

  • عدد قراء بحسب البلد

    Free counters!