الاثنين، 2 فبراير 2015

أنطون شماس || الكتابة في‮ ‬الصندوق


مختارات


كيف استعار إميل حبيبي حكاية من تولستوي ونسبها إلى ألف ليلة وليلة؟


أنطون شماس || 

الكتابة في‮ ‬الصندوق



في‮ ‬أواخر نيسان 1991، ‬وكنتُ‮ ‬غارقًا‮ ‬يومها من جديد في‮ ‬قراءة‮ كتاب ألف ليلة وليلة‮‬،‮ ‬تذكرتُ‮ ‬سؤالاً‮ ‬كنت أودّ‮ ‬أن أطرحه على إميل حبيبي‮ ‬قبل ذلك بعشرة أعوام،‮ ‬يوم كنت‮ ‬غارقًا في‮ ‬ترجمة‮ "‬المتشائل" ‬إلى العبرية‮. ‬وأنا لم أطرح عليه السؤال في‮ ‬حينه لأني‮ ‬لم أكن على‮ ‬يقين من صدق ظنوني؛ ولم تكن‮ ‬يومها وقاحة المترجمين،‮ ‬بعدُ،‮ ‬قد راودتني‮ ‬عن نفسي‮.‬

والسؤال‮ ‬يتعلَّق بمقطع من‮ »‬المتشائل‮«‬،‮ ‬ورد في‮ ‬الباب الثاني،‮ ‬في‮ ‬بداية الفصل الحادي‮ ‬عشر،‮ ‬ضمن‮ »‬بحث عجيب في‮ ‬الخيال الشرقي‮ ‬وفوائده الجمّــة‮«‬،‮ ‬ألمح المؤلف في‮ ‬ديباجته إلى أنه مأخوذ من‮ »‬كتاب ألف ليلة وليلة‮«: »‬ما قولك بالفلاح المسكين،‮ ‬الذي‮ ‬خاف على عروسه من كلام الناس،‮ ‬فوضعها في‮ ‬صندوق حمله فوق ظهره وقام‮ ‬يحرث أرضه وهي‮ ‬فوق ظهره‮ ‬يومًا‮ ‬يومًا‮. ‬فلما التقاه الأمير بدر الزمان،‮ ‬فسأله عن سبب هذا الصندوق محمولاً‮ ‬فوق ظهره،‮ ‬فأخبره،‮ ‬فأراد الأمير أن‮ ‬يرى بعينيه،‮ ‬فأنزله وفتحه،‮ ‬فإذا بعروسه مضطجعة،‮ ‬في‮ ‬الصندوق فوق ظهر زوجها،‮ ‬مع الشاب علاء الدين‮«.‬

نبشتُ‮ ‬يومها أجزاء الكتاب السحريّ‮ ‬جميعًا،‮ ‬طولاً‮ ‬وعرضًا،‮ ‬ولكني‮ ‬أخفقت في‮ ‬العثور على مصدر المقطع‮. ‬ثم شغلتني‮ ‬بعد ذلك صناديق أُخرى عن أمر ذلك الصندوق،‮ ‬إلى أن وجدتني،‮ ‬في‮ ‬أواخر نيسان 1991،‮ ‬
ولأمرٍ‮ ‬ما،‮ ‬مشغولاً‮ ‬من جديد بموتيڤ‮ »‬المرأة في‮ ‬الصندوق‮«‬،‮ ‬كما‮ ‬يقول الفولكلوريون،‮ ‬فإذا بذلك الفلاح‮ ‬يأخذ بتلابيبي‮ ‬من جديد‮.‬

وموتيڤ‮ »‬المرأة في‮ ‬الصندوق‮« ‬يظهر أول ما‮ ‬يظهر في‮ ‬الحكاية الإطارية لــ‮ »‬كتاب ألف ليلة وليلة‮«‬،‮ ‬ثم‮ ‬يعود في‮ ‬الليلة الثانية بعد الستمائة بحسب بولاق،‮ »‬أكثر الليالي‮ ‬سحرًا‮«‬،‮ ‬كما‮ ‬يقول خورخي‮ ‬لويس بورخيس في‮ ‬مقالة قصيرة له عن‮ »‬دون كيخوته‮«. ‬في‮ ‬تلك الليلة تُلقي‮ ‬شهرزاد على مسامع شهريار حكاية شبيهة بحكايته التي‮ ‬وردت في‮ ‬مطلع الكتاب،‮ ‬حين خرج بصحبة أخيه،‮ ‬بعد خيانة زوجتيهما،‮ ‬يبحثان عن رجل مصيبته شرّ‮ ‬من مصيبتهما،‮ ‬فيلتقيان بالجنيّ‮ ‬الصاعد من البحر حاملاً‮ ‬صندوقًا في‮ ‬داخله صبيّة‮. ‬وبعد أن‮ ‬يستغرق الجنيّ‮ ‬بالنوم،‮ ‬تجبرهما الصبيّة على النزول من الشجرة حيث‮ ‬يختبئان،‮ ‬وتهددهما بإيقاظ الجنيّ‮ ‬إذا لم‮ ‬يلبيا رغبتها‮. ‬فيفعلان‮.‬

وفي‮ ‬الخامس والعشرين من نيسان 1991، ‬في‮ ‬لحظة من التهوّر والتغمُّــر والتحرُّر من دالّــة المؤلف،‮ ‬وفي‮ ‬أعقاب محاولة‮ ‬يائسة جديدة للعثور على الأصل في‮ ‬طبعات مختلفة من الكتاب السحريّ،‮ ‬تملّــكتني‮ ‬شجاعة مفاجئة لا أدري‮ ‬مصدرها،‮ ‬فبعثت بفاكس ليليّ‮ ‬إلى إميل حبيبي‮ ‬بما معناه‮: »‬ أين بحقّ‮ ‬الشيطان،‮ ‬عثرتَ‮ ‬على قصة الفلاح والصندوق والأمير بدر الزمان في‮ »‬كتاب ألف ليلة وليلة«؟‮!‬

وما لبث الفاكس أن حمل إليّ،‮ ‬بعد ساعة من الزمان،‮ ‬ردّ‮ ‬المؤلف،‮ ‬وهذا نصه‮:‬
‮»‬كان عليّ‮ ‬أن أنتظر أن تكون أنت،‮ ‬دون خلق الله أجمعين،‮ ‬من‮ »‬سيمسكني‮« ‬في‮ ‬القضية الأدبية التاريخية المذكورة‮. ‬فإنني‮ ‬لم أجد قصة الصندوق على ظهر الفلاح إلاّ‮ ‬لدى ليو تولستوي‮ ‬في‮ ‬إحدى قصصه القصيرة‮. ‬وتحدّث عن فلاح عربي‮ ‬أو شرقي‮. ‬فارتأيت أن أحيلها على‮ »‬ألف ليلة وليلة‮« ‬موقنًا بأن تولستوي‮ ‬قد وجدها في‮ ‬إحدى النسخ‮ (....) ‬وبما أن الأجداد أضافوا على ألف ليلة قصصًا جديدة على مرّ‮ ‬العصور،‮ ‬فقد‮ »‬قرّرت‮« ‬أن أُضيف قصة الصندوق المأخوذة عن ليو تولستوي‮. ‬ولا أعتبر الأمر‮ »‬سرقة أدبيّة«؛ حاشا وكلاّ‮. ‬إنما هي‮ »‬إضافة أدبيّة‮« ‬ملائمة‮. ‬وأنا متأسِّف على أنني‮ ‬نسيت المصدر التولستويي‮ ‬الذي‮ ‬أخذت عنه الرواية وأحلتها على ألف ليلة‮. ‬وما عليك الآن إلاّ‮ ‬الإنتقال من البحث في‮ »‬ألف ليلة‮« ‬إلى البحث في‮ ‬مؤلفات ليو تولستوي‮. ‬وإذا شئت أن تنشر اعترافي‮ ‬هذا فأنت حر التصرُّف به لأني‮ ‬لا أجد فيه أيّة‮ ‬غضاضة‮. ‬وقد‮ ‬يكون ليو تولستوي‮ ‬هو الذي‮ ‬حفّــزني‮ ‬على هذه‮ »‬الإضافة‮« ‬ولكنني‮ ‬غير متأكد‮. ‬وتأكد أنني‮ ‬رهبت جانبك في‮ ‬الماضي‮ ‬أيضًا،‮ ‬فكيف الآن؟‮«.‬

يقول بورخيس في‮ ‬سياق آخر،‮ ‬في‮ ‬حديثه عن كافكا،‮ ‬بأنه خلافًا للإعتقاد السائد فإن الكتّــاب‮ ‬يخلقون من سبقهم ويغيّــرون من تصوّرنا للماضي‮. ‬فــ‮ »‬ألف ليلة وليلة‮« ‬من جهة،‮ ‬والمصادر الكلاسيكية للأدب العربي‮ ‬من جهة أُخرى،‮ ‬لم تعد ما كانت عليه بعد قراءة النص الحبيبي؛ ولعل في‮ ‬ذلك تكمن عظمته الأساسية‮.‬

في‮ ‬زاويته الأُسبوعية التي‮ ‬نشرها على مدى أعوام طويلة في‮ »‬الاتحاد‮«‬،‮ ‬ممهورة بتوقيع‮ »‬جهينة‮«‬،‮ ‬وهي‮ ‬زاوية سياسية هجائية،‮ ‬قام حبيبي‮ ‬بابتداع أُسلوب فذّ‮ ‬في‮ ‬اللغة العربية الحديثة،‮ ‬طوّعه فيما بعد للكتابة الأدبية‮. ‬ذلك الأُسلوب الذي‮ ‬كان ليقضّ‮ ‬مضجعي‮ ‬ومضاجع‮ ‬غيري‮ ‬من المترجمين‮. ‬والجملة الحبيبية،‮ ‬متعدِّدة الطبقات،‮ ‬تنساب كالبهلوان السائر على حبل مشدود بين إبن المقفع والجاحظ من طرف،‮ ‬مرورًا بالمقامة والرسالة،‮ ‬ثم بلغة الشدياق وغيره من ثوار عصر النهضة،‮ ‬ثم بلغة التوراة بترجمتيها الپروتستانتية والكاثوليكية،‮ ‬وبين لغة الصحافة العربية الحديثة من الطرف الآخر‮ (‬والتي‮ ‬أسهم هو على أي‮ ‬حال في‮ ‬تربيعها وتدويرها‮). ‬وفي‮ ‬هذا السياق‮ ‬يمكن إعتبار إميل حبيبي‮ »‬عميلاً‮« ‬عبقريًا في‮ ‬علاقته مع التراث‮: ‬فهو الإبن المخلص البار والثعلب المحتال المتمرِّد في‮ ‬آنٍ‮ ‬معًا‮.‬

الرواية،‮ ‬بمفهومها الغربي،‮ ‬لم تكن لتثير اهتمامه؛ لحسن حظّه،‮ ‬ولحسن حظّنا على وجه الخصوص‮. ‬فهو،‮ ‬إذا استثنينا قراءته الإبداعية للنص الكلاسيكي‮ ‬العربي،‮ ‬وخلافًا للإشاعات التي‮ ‬أسهم هو في‮ ‬ترويجها عن نفسه،‮ ‬لم‮ ‬يقرأ إلا النزر اليسير من الأدب العالمي،‮ ‬وأقل من ذلك من الأدب العربي‮ ‬الحديث‮. ‬وهكذا أفلح،‮ ‬كما لم‮ ‬يفلح أحد من أبناء جيله،‮ ‬في‮ ‬الحفاظ على الحكواتي‮ ‬الذي‮ ‬بداخله دون أن تنال منه شائبة‮. ‬وتلك عظمته الأُخرى‮.‬

في‮ ‬الأعوام الأخيرة أكثر حبيبي‮ ‬من البكاء والتشكي‮ ‬بأنه،‮ ‬وخلافًا للنهج الذي‮ ‬اختاره في‮ ‬حياته،‮ ‬لم‮ ‬يعد في‮ ‬إمكانه حمل بطيختين بيد واحدة،‮ ‬بطيخة السياسة وبطيخة الأدب‮. ‬فعقدان من الزمن في‮ ‬البرلمان الإسرائيلي،‮ ‬والتزام كامل بقضايا‮ »‬الجماهير الفلسطينية في‮ ‬إسرائيل‮« ‬منذ نكبة ‮٨٤‬،‮ ‬وكتابة صحافية كثيرة المطالب‮ - ‬كلها أشياء أبعدته عن طاولة الكتابة الإبداعية‮. ‬وقد كنتُ‮ ‬أنا أيضًا أعتقد مع المعتقدين،‮ ‬طوال الأعوام التي‮ ‬رافقتُ‮ ‬فيها أعماله،‮ ‬بين قارىء ومترجم،‮ ‬بأن السنين الطويلة التي‮ ‬أهدرها هذا الرجل الحكيم في‮ ‬العمل السياسي‮ ‬قد ذهبت هباءً،‮ ‬ناهيك عن العقدين اللذين أمضاهما في‮ ‬الأرض اليباب التي‮ ‬تدعى‮ »‬الكنيست‮«. ‬غير أني‮ ‬لم أعد مقتنعًا بذلك؛ فالكاتب الذي‮ ‬روى علينا خُرَّافية‮ »‬سرايا‮« ‬هو،‮ ‬في‮ ‬نهاية الأمر،‮ ‬حصيلة ماضيه المُــثلى،‮ ‬والقارىء الأناني‮ ‬الذي‮ ‬بداخلي‮ ‬يرفض أن‮ ‬يرى كاتبًا آخر،‮ ‬ذا ماضٍ‮ ‬مختلف،‮ ‬يقوم مقامه‮.‬

وهأنذا أراه الآن،‮ ‬كما لم‮ ‬يخطر في‮ ‬بالي‮ ‬من قبل،‮ ‬كذلك الفلاح الذي‮ ‬أمضى سحابة حياته في‮ ‬حراث العمل السياسي،‮ ‬حاملاً‮ ‬صندوقًا على ظهره،‮ ‬معللاً‮ ‬نفسه بأن أيامًا ستأتي‮ ‬فيتفرَّغ‮ ‬لسراياه‮ - ‬كتابته حبيسة الصندوق‮. ‬وتأتي‮ ‬الأيام،‮ ‬لكنها قصيرة‮. ‬وهأنذا أراه الآن،‮ ‬كما لم‮ ‬يخطر في‮ ‬بالي‮ ‬من قبل،‮ ‬حاملاً‮ ‬الوطن على ظهره،‮ ‬معللاً‮ ‬نفسه بأن أيامًا ستأتي‮.. ‬فهل ستأتي‮ ‬الأيام ويأتي‮ ‬بدر الزمان بالدولة؟

ستأتي‮ ‬المراثي‮. ‬لأن إميل حبيبي،‮ ‬أولاً‮ ‬وقبل كل شيء،‮ ‬كان‮ ‬يكتب المراثي‮. ‬فمنذ قصص الخمسينات وحتى‮ »‬سرايا‮« ‬التسعينات كتب مرثية طويلة،‮ ‬مُــسلطنة،‮ ‬شجينة،‮ ‬مُــرعشة،‮ ‬مقشعرة،‮ ‬تأخذ بتلابيب القارىء فتهزّه وتلطمه أحيانًا وتواسيه أحيانًا؛ مرثية لحيفا الضائعة،‮ ‬مسقط رأسه،‮ ‬والتي‮ ‬بقي‮ ‬فيها،‮ ‬كشهادة شاهد قبره؛ مرثيةً‮ ‬للوطن الضائع،‮ ‬بجداوله وشطآنه وأسماكه وصخوره وحجارته وترابه وأشجاره وأعشابه،‮ ‬بمبانيه وبيوته وشوارعه ودروبه ومناظره الظاهرة والمخفيّــة،‮ ‬بمدنه وقراه الخربة والمبنيّة،‮ ‬وخاصة بأسمائه الممحيّة‮. ‬ولكن كتابته،‮ ‬في‮ ‬نهاية الأمر،‮ ‬منحت الفلسطينيين‮ »‬بيتًا قوميًا‮« ‬أفخم وأجمل بكثير من جميع البيوت التي‮ ‬وُعدوا بها منذ عام بلفور‮.‬

بيتان من الشعر العربي‮ ‬الكلاسيكي‮ ‬رافقاه طوال حياته الكتابية،‮ ‬كشعار وجداني‮ ‬وأيديولوجي‮:‬
عسى الكرب الذي‮ ‬أمسيت فيه - ‮ ‬يكـون وراءه فرج قريبُ
فيأمن خائف ويفك عانٍ - ويأتي‮ ‬أهله النائي‮ ‬الغريبُ

في‮ ‬نيسانه الأخير كتب في‮ ‬إفتتاحية هذه المجلة‮ (مشارف) ‬عن أكلَــة لحوم البشر بحسب إنجيل س‮. ‬يزهار؛ في‮ ‬نيسانه الأخير شاهد مذبحة قانا ورأى كيف‮ ‬يتحوَّل الدم هذه المرَّة إلى ماء؛ في‮ ‬نيسانه الأخير رأى حصار التجويع الذي‮ ‬فُــرض على المناطق المحتلة وكيف أن أرض الوطن لم تنبت أية بارقة بشأن الدولة الفلسطينية‮.‬

أما الكرب الذي‮ ‬لفّه فقد استُــبدل بتراب الكرمل الذي‮ ‬عرفه حبّةً‮ ‬حبّة‮.‬
أما النائي‮ ‬الغريب الذي‮ ‬أحبّه فقد أتى أهله لأيام معدودة‮.‬
أما الفرج‮ - ‬فنحن هنا في‮ ‬انتظاره،‮ ‬ولسنا على عجلة من أمرنا على أي‮ ‬حال‮.‬
*
نشر: مجلة "مشارف"، عدد 9، يونيو 1996، ص 36-39

الثلاثاء، 20 يناير 2015

هروبنا من مواجهة الحقائق

سلمان مصالحة ||


هروبنا من مواجهة الحقائق




منذ ارتكاب المجزرة في مكاتب الصحيفة الفرنسية الساخرة ”شارلي إيبدو“ وفي متجر الـ”كاشير“ اليهودي في باريس بأيدي من ينتمون دينيًّا إلى الإسلام، كُتب الكثير وسيُكتب الكثير حول هذه العملية، وحول موضوع الإرهاب بصورة عامّة.

إنّ من يتابع ردود الفعل العربية والإسلامية التي أعقبت ذلك يجد نفسه مضطرًّا إلى وضع بعض النقاط على ما ابتهم من الحروف، وذلك ابتغاء تنقية الأجواء وإجلاء الزؤان من الطريق التي ستفضي بنا إلى برّ الأمان.

لا شكّ أنّ هنالك الكثيرين من الّذين يعبّرون عن إداناتهم الصريحة لهذه الجرائم التي تُرتكب بحقّ الأبرياء، ليس لمجرّد أنّها تَصِمُ عموم المسلمين والعرب بوصمة الإرهاب، بل تخرج إداناتهم لها من موقف مبدئيّ واضح.

ولكن، من جهة أخرى، فهنالك الكثيرون. نعم، هنالك الكثيرون أيضًا، من فئة الذين، بالإضافة إلى التعبير ودفع ضريبة الإدانة الكلامية لمثل هذه الجرائم التي يرتكبها مسلمون وعرب، فقد يُشتمّ من كتاباتهم نوعٌ من التبرير المُبطّن لهذه الجرائم ولمرتكبيها. لذلك، لزام علينا أن نتطرّق إلى أمثال هؤلاء المُبطّنين، وإلى مواجهتهم علانية إذ لا يمكن أن يكون أمثال هؤلاء جزءًا من حلّ هذا المأزق، بل على العكس هم جزء من المأزق ذاته.

فماذا يقول هؤلاء لقرّائهم؟ بعضهم ينحي باللائمة على فرنسا ويجعل منها السبب لهذه الجريمة، فيستعيد ذكريات الاستعمار الذي لم يعد له وجود منذ عشرات السنين. والبعض يحيل الموضوع برمّته إلى تهميش هؤلاء في المجتمع الفرنسي وأنّ ”إسلام“ هؤلاء هو إسلام فرنسي داخلي لا علاقة له بالإسلام الحقيقي. وهنالك من يذهب بعيدًا بالقول إنّه لا يمكن الإساءة للرموز الدينية، وأنّه لولا نشر مثل هذه الإساءات لما كان حصل ما حصل.

في الحقيقة، إنّ من يطرح مثل هذا الكلام يرغب في الإمساك بالحبل من طرفيه، أو يحاول الرقص في حفلتي زفاف في الآن ذاته. فمن جهة، يدفع الضريبة الكلامية بالتنديد بالجريمة، ومن الجهة الأخرى يستعطف الخلفيات الدينية والثقافية التي نشأ فيها مرتكبو الجرائم، وهي ذات الخلفية لصاحب الكلام.

لننظر في أنواع تلك التبريرات المبطّنة:
إنّ الذي يذهب إلى الماضي القريب ويستعيد ذاكرة الاستعمار الفرنسي أو ذلك الذي يذهب إلى الماضي البعيد ويستعيد ذاكرة الحروب الصليبية يتوقّف فجأة عن التذكّر حيث لا يجرؤ على المضي خلفًا في الذاكرة لأنّها ستضعه أمام الحروب الاستعمارية العربية والإسلامية، أي تلك الحروب التوسّعية الاستعمارية التي يُطلق هو عليها تحبُّبًا مصطلح ”فتوحات“. فإذا كانت ذاكرته انتقائية فللشعوب الأخرى ذاكرتها أيضًا التي نُقش فيها الكثير من المواضي. إنّ الحفر في الماضي لن يُجدي نفعًا، بل قد يتكشّف عن أمور ليست لصالح من يفتح كلّ تلك الملفّات.

ثمّ إنّ الذين يرفعون مبرّرات تحيل إلى التهميش الاجتماعي لكلّ هؤلاء المهاجرين في المدن الغربية ينسون أو ربّما يفضّلون أن يتناسوا أنّ هنالك مهاجرين بالملايين من شعوب، إثنيّات ومعتقدات دينية أخرى في تلك المدن الغربية، كالهنود والصينيين والفيتناميين وغيرهم الكثيرون من أماكن شتّى كانت هي الأخرى مستعمرة من قبل هذا الغرب ذاته. غير أنّنا لا نسمع أحدًا من كلّ هؤلاء يتباكى بشأن التهميش وما إلى ذلك من دعاوى. كما إنّنا لا نسمع أنّ أحدًا من كلّ هؤلاء يجنح إلى الإرهاب وإلى ارتكاب الجرائم على هذه الخلفية.

وإذا انتقلنا إلى مسألة التبرير التي تكمن في دعوى المسّ بالرموز الدينية، فإنّ هذه الحضارة الغربية التي تكفل حرية التعبير والتفكير تفسح المجال لنقد كلّ المقدّسات، وعلى رأسها مقدساتها هي قبل مقدسات الآخرين. يجب أن يكون واضحًا أنّ حرية التفكير هي التي تدفع المجتمعات قدمًا، كما إنّنا نستطيع القول إنّ الحضارة التي لديها ثقة بالنفس هي تلك التي تكون فيها حرية التفكير والتعبير واسعة ومكفولة في الدساتير، مهما تعرّضت هذه لكلّ الأبقار المقدّسة.

وخلاصة القول، إنّ هنالك شيئًا من المحظورات التي يهرب أولئك المبرّرون من الولوج في حيثيّاتها. فكما ذكرنا، إذا كان المهاجرون من الإثنيات والمعتقدات الأخرى غير العربية وغير الإسلامية يشاركون العرب والمسلمين في ذاكرة الاستعمار، وكثيرًا ما يشاركونهم أيضًا في التهميش وفي خلفيات لها علاقة بالعالم الثالث، فلماذا لا نرى هؤلاء يشاركون العرب والمسلمين في ارتكاب جرائم الإرهاب ضدّ مواطني الدول المستعمرة ذاتها؟

إذن، والحال هذه، هل هنالك أسباب أخرى لها علاقة بنا نحن؟ وبكلمات أخرى، هل هنالك أمور تتعلّق بمعتقداتنا، بمقدّساتنا وبخلفيّاتنا الحضارية والدينية تجعل من الصدام مع الآخر جوهرًا من ذهنيّاتنا التي لا نستطيع منه فكاكًا. واللبيب من الإشارة يفهم، كما يقال.

هذه الأسئله يجب أن تُطرح على الملأ، وعلينا نحن مسؤولية الإجابة عليها، إذا رغبنا في دفع مجتمعاتنا قدمًا لأجل مشاركة البشرية في مسيرة التطوّر. إن لم نفعل ذلك، فسنظلّ نهيم على أوجهنا في صحارينا القاحلة، نتّهم الآخرين بفشلنا ولا نملك الجرأة للنظر إلى أنفسنا في المرآة.

وإذا استمرّت الحال على هذا المنوال، فلن نصل إلى سواء السبيل.
*
نشر: ”الحياة“، 20 يناير 2015


 

الخميس، 1 يناير 2015

عن الشياطين التي فينا

دون مساءلة من نظام أو من أحد. لقد أضحى هذا النوع من الكتابة بمثابة عظمة يتلهّى بها الكتاب العرب، لأنّهم يخشون الاقتراب من المحظورات السياسية، الاجتماعية والدينية.


سلمان مصالحة || 

عن الشياطين التي فينا

الاثنين، 29 ديسمبر 2014

القدس هي القبلة

وذكّر إن نفعت الذكرى

أرشيف - أغسطس 1993

 

سلمان مصالحة || 

القدس هي القبلة

ترددت في الصحف قضية الفتوى التي أصدرها الشيخ الألباني والتي تقضي بوجوب ترك المسلمين لفلسطين أسوة بهجرة الرسول من مكة إلى المدينة، من دار الكفر والحرب إلى دار الإسلام. لقد أثارت هذه الفتوى حفيظة الكثير من رجال الدين وأساتذة الجامعات الذين اتهموا الشيخ الألباني بالعمالة، أو حتّى إنهم أغدقوا عليه الألقاب مثل ”شيخ الشياطين“ و“شيطان المشايخ“.

صحيح أنّ هذه الفتوى هي غاية في الخطورة، بحيث أنها تؤدي الوظيفة التي تطمح إليها الصهيونية دون أن تحرك هذه ساكنًا، فيأتي عملها بأيدي الآخرين الذين يُستهدف تفريغهم من البلاد، أي نحن. ولكن، وفي نفس الوقت فإن إطلاق تعابير التخوين والشيطانية أنّما تدل على قصور هؤلاء عن فهم القضية وما فيها من ملابسات طالما نظر فيها العلماء والفقهاء عبر التاريخ الإسلامي، وهي أمور مثار للجدل.

ما السبب في فتاوى كهذه؟
بعد أن فشلت الأنظمة العربية في توفير الرفاهية والحرية للجماهير العربية، وبعد أن تحولت هذه إلى أنظمة قبلية، بل في الحقيقة دائمًا كانت كذلك، تركت هذه خيارًا واحدًا أمام الجماهير المغلوبة على أمرها. ذلك هو خيار العودة الإسلامية، أي البحث عن المستقبل في الماضي. وما دامت هذه الأنظمة قد غذّت الجماهير بأساطير الأوّلين، فلا غرو إن بحث هؤلاء عن الخلاص من هذه الأنظمة بالعودة إلى تلك الأساطير. وما دام الوضع السياسي في العالم العربي على هذه الحال، وما دام لا يوجد فصل بين الدين والدولة فسيبقى هؤلاء الزعماء والساسة يتسمون بمشاعر النقص أمام رجال الدين. ولن يكون في وسع هؤلاء، رغم القمع والتنكيل اللذين تتسم بهما السلطات العربية قضّها بقضيضها، محيطها بخليجها، أن تغيّر من هذه العودة.

إنّ خير دواء هو رفاهية وحرية هذه الجماهير.
لم تفلح الحركات القومية العربية، ولا اليسار العربي أو الليبراليون، إن كان هناك شيء من هذا القبيل، في توفير هذين العمادين للمجتمع العصري. بدل ذلك، كان ديدنها إفشاء الفقر، والقمع وكبت الحريات الفردية لكل من لم لم يرق لها. بل أكثر من ذلك، فقد عمّقت هذه النهج القبلي في العالم العربي. ولمّا كان الإسلام عند نشوئه ثورة على القبلية الجاهلية العربية وجدت التيارات الإسلامية أنّ وضع العالم العربي في حال من القبلية العصرية، فرفعت شعار الجاهلية مرّة أخرى، واستحوذت على عقل الكثيرين بسبب اليأس الذي أفشته هذه الأنظمة في نفوس الجماهير.

إنّ البحث عن بدائل للوضع العربي الراهن يفضي في النهاية إلى طريق الأساطير السياسية العربية، ولا أقصد بمصطلح أساطير أنّها ليست حقيقة، فهذه الأساطير التي تستحوذ على العقل العربي، شاء البعض أم أبى، هي من صنع الخلافة الإسلامية على مرّ العصور. ولكنّه في نفس الوقت، إسلام آخر غير هذا الذي تتلبّس به التيارات الإسلامية الحديثة.

العودة إلى تلك الأزمنة، هي عودة أيضًا إلى الجدل والاجتهاد في القضايا التي شغلت بال المجتمع الإسلامي آنذاك. ومن بين تلك القضايا مسألة دار الإسلام ودار الحرب ومكانة المسلم في كل منهما. إنّ فتاوى الألباني تندرج في النهاية ضمن هذه الردّة، شاء أساتذة الجامعات أم أبوا. ولكن، ولمّا كنّا نحن المقصودين في هذه الفتوى، فنودّ أن نطمئن.

نحن هنا باقون
لا نقبل لهذه الرقعة من الأرض بديلا، مهما تبدّلت الأحوال. خطابنا هو خطاب آخر، هو خطاب المستقبل في المستقبل، وليس خطاب الماضي. فكلّ ما فات مضى وانقضى ولا مردّ له ونحن ننظر إلى الغد بعيون الغد محمّلين بتراثنا العربي والإسلامي على حد سواء.

آن الأوان لتأكيد القدس، قبلة !
بقيت القدس مكانًا متروكًا طوال التاريخ الإسلامي، ولم تتحوّل إلى مركز سياسي أو حضاري على غرار بغداد، أو دمشق أو القاهرة. وعلى الرغم من أنّ مبايعة الخليفة معاوية كانت في القدس، إلاّ أنه اتخذ من الشام عاصمة له. وعلى الرغم من بناء المسجد الأقصى لاحقًا، لم يغيّر ذلك من بقاء القدس بعيدة عن مراكز الثقل السياسية، الاقتصادية والثقافية في العالم الإسلامي.

لقد ظلّ هذا الوضع طوال القرون المنصرمة وحتى العصر الحديث، فلم تحظ القدس باهتمام حتى على العهد الأردني. لقد تغيّرت القدس الآن أيما تغيير، كما لا نجد أي اهتمام لدى الأمة العربية بالمصير الذي آلت إليه. مرّة واحدة فقط حظيت القدس بمركز يليق بها. كان ذلك حينما وقعت مكة تحت سيطرة عبد الله بن الزبير الذي تمرّد على الحكم الأموي في الشام. في تلك الأثناء، ولمّا كان من غير الممكن الوصول إلى مكة، بدأت تظهر ميول بتحويل القبلة من مكة إلى القدس لأسباب سياسية، حتى تمّت له السيطرة مجددا على مكّة.

أمّا وقد تبدّل الزمان، فقد آن الأوان إلى تحويل القبلة من مكة إلى القدس، بغية التأكيد على الأهمية المعزوة للمدينة في نظر العرب والمسلمين. ليكن الحجّ إلى القدس. أقول ذلك، مع أنّني لست متديّنًا، بل أستطيع القول إنّي على عكس ذلك، فلست أؤمن بأنّ في وسع الدين إعطاء إجابات حقيقية لحقيقة هذا العصر. لقد لعب دورًا في الماضي، ولا أظنّ أنه يعطي الحلول للمستقبل، رغم العودة للدين في الشرق والغرب، ولدى المؤمنين بدياينات كثيرة.

ولمّا كنا نعيش في عصر سياسي، فحري بالفقهاء أن يقوموا بدور بنّاء، إن كان بإمكانهم أصلا أن يفعلوا ذلك، وما عليهم الآن إلا أن يُصدروا فتوى بتغيير القبلة من مكة إلى القدس، وذلك لأجل مسمّى، حتى تتغيّر الأحوال وبعد ذلك يمكن العودة إلى الاتجاه بالصلاة نحو الديار الحجازية.

إن لم يفعل العرب ذلك فإنّ مصير القدس العربية سيؤول إلى المصير الذي آلت إليه يافا وعكا، وفي السنوات المقبلة ستنجلي هذه الحقيقة للجميع.

ألا هل بلّغت.

القدس
*
نشرت المقالة في أسبوعية ”كل العرب“، 20 أغسطس 1993

الجمعة، 12 ديسمبر 2014

لا أعرف الخيل



سلمان مصالحة ||

لا أعرف الخيل


لا أَعْرِفُ الخَيْلَ، لَمْ أَرْكَبْ
عَلَى جَمَلِ. وَلا نَطَرْتُ نِسَاءَ
الحَيِّ فِي الأَسَلِ.

الثلاثاء، 9 ديسمبر 2014

بين حانا ومانا، أو بين تركيا وإيران، ضاعت لحانا


لقد ذهبت كلّ الشعارات العربية التي شنّفت آذان المستمعين أدراج الرياح، وتفرّق العرب أيدي سبأ. لم ينتج عن كلّ مؤتمرات القمّة سوى المؤامرات التي أضحت سمة ملازمة للسياسات العربية...


الأحد، 7 ديسمبر 2014

في أعقاب عنترة بن شدّاد



سلمان مصالحة ||

في أعقاب عنترة بن شدّاد



تَذَكَّرْتُ رَبْعِي، إذْ هَجَرْتُ مَلاعِبِي
إلَى بَلْقَعٍ فِي الأَرْضِ بَيْنَ الأَجَانِبِ.

أَرَى الطَّيْرَ فِيهَا، إذْ يَعُودُ لِوَكْرِهِ.
وَلا وَكْرَ يَأْوِي غُرْبَتِي وَنَوَائِبِي.
قضايا عربية
  • دول عصابات

    ليس أسهل على العربيّ القابع في بلاد ينخر فيها الفساد من كيل السباب على العالم بأسره.


  • تفكيك العنصرية

    فإذا كانت هذه هي حال القومجيّين تجاه أبناء جلدتهم، فما بالكم حينما يكون الأمر متعلّقًا بموقفهم تجاه أقوام أخرى لا تنتمي للعرب ولا للعروبة...
    تتمة الكلام...

  • هذيان ثنائي القومية

    على خلفية الحروب في العالم العربي يتم سماع طلبات بضم المناطق الفلسطينية لاسرائيل (من اليمين)، أو اقامة دولة ثنائية القومية في ارض اسرائيل – فلسطين (من اليسار)،...
    تتمة الكلام...

شؤون محلية
  • شعب واحد أم تشعّبات؟

    قد يظنّ البعض أنّ إطلاق الشّعارات يكفي وحده إلى تكوين مجموعة سكّانيّة هوموجينيّة متراصّة لها مقوّمات الشّعب كما يجب أن يفهم هذا المصطلح على حقيقته.

    تتمة الكلام
  • كل يغني على ويلاه

    إنّ القطيعة التي فرضها الإسلام على العرب مع جذورهم الجاهلية قد سجنتهم في بوتقة الواحدية الأيديولوجية التي لا يمكن أن تكون إلاّ كابتة ومستبدّة، أي فاشية في نهاية المطاف.
 

نظرة ليلية على القدس (تصوير: س. م.)
ثقافات
  • القصيدة الشامية

    نَدًى بِعَيْنِكَ، أَمْ دَمْعٌ بِهِ نارُ؟
    أَمْ فَارَقَتْ سِرْبَهَا فِي الجَوِّ أَطْيَارُ؟

    وَمَنْ تَرَجَّلَ جُنْحَ اللَّيْلِ عَنْ فَرَحٍ
    إذْ رَجَّعَتْ حُزْنَهَا فِي الأُفْقِ أَسْحارُ؟

    لا زِلْتَ لَيْلَكَ أَرْضَ الشّامِ تَرْقُبُها
    شَعْبٌ تَمَلْمَلَ مِنْ ظُلْمٍ، لَهُ ثارُ



  • نشيد الأناشيد

    (1) أَنَا زَنْبَقَةُ الشَّارُونِ، سَوْسَنَةُ الوِدْيَانِ. (2) كَسَوْسَنَةٍ بَيْنَ الأَشْواكِ، كَذَا حَلِيلَتِي بَيْنَ البَنَاتِ. (3) كَتُفَّاحَةٍ بَيْنَ شَجَرِ الوُعُورِ، كَذَا حَبِيبِي بَيْنَ البَنِينِ؛ فِي ظِلالِهِ رُمْتُ لَوْ جَلَسْتُ، وَثَمَرُهُ حُلْوٌ فِي حَلْقِي.

    تتمة الكلام
  • بالكريشنا ساما

    مَنْ يُحِبُّ الزُّهُورَ لَهُ قَلْبٌ حَسّاسٌ،
    مَنْ لا يَسْتَطِيعُ اقْتِطاعَ نَوارِها
    لَهُ قلبٌ نَبيلٌ.

    مَنْ يُحِبّ الطُّيُورَ لَهُ رُوحٌ رَقيقَةٌ،
    مَنْ لا يَسْتَطيعُ أكْلَ لَحْمِها
  • رحلة صوفية

    خُذُوا مِنِّي التِّلالَ،
    وَزَوِّدُونِي بِمَا يَكْفِي مِنَ
    القَلَقِ الدَّفِينِ.

    سَئِمْتُ مِنَ التَّرَدُّدِ
    فِي بِلادٍ، رَمَتْ حُلُمِي
    بِمَاءٍ مُسْتَكِينِ.



اقرأ بلغات أخرى
  • געגועים לירושלים

    כל אחד מחפש את ירושלים שלו. ברגע שהוא משיג אותה, הוא פונה לחפש אותה במקום אחר. משורר פלסטיני צעיר, שחזר גם הוא לפלסטין בעקבות הסכמי אוסלו, נדרש להרחיק את עצמו בחזרה אל גלותו בסופיה כדי לכתוב על ירושלים
    כל הפרטים
  • Por Um Lado e Pelo Outro

    No momento em que cada um dos dois povos, em dois Estados independentes, construir um Estado secular e democrático em seu próprio lado, deixando claro, que a fronteira entre ambos não terá nenhum significado.
    Read more

  • Refugee Blues

    Say this city has ten million souls,
    Some are living in mansions, some are living in holes:
    Yet there's no place for us, my dear, yet there's no place for us.

    Read more


لغات الموقع