أرشيف - عن الغائب الحاضر
سلمان مصالحة ||
عناوين للروح
إذا كانَ لي أنْ أُعيدَ البداية،
على هذه الأرض،
سأقطعُ هذا الطّريق
وما زالَ في الدّربِ دربُ.
إلهي، لماذا تخلّيتَ عَنّي؟
أنا يوسفٌ يا أبي،
يُعلّمني الحبُّ ألا أحبُّ.
رأيتُ الوداعَ الأخير.
هُنا تَنتَهي رحلةُ الطّير،
وداعًا لما سوفَ يَأتي.
أنا من هناك،
أقول كلامًا كثيرًا
عناوينَ للرُّوحِ خارجَ هذا المكان.
سَيأتي بَرابرةٌ آخرون
يُحبّونني ميّتًا عندما يذهبُ الشّهداء إلى النّوم
على السّفحِ، أعلى من البحرِ ناموا.
ذهبنا إلى عدنٍ
وفي الشّامِ شامُ
خريفٌ جديدٌ لامرأة النّار.
سَيأتي الشّتاءُ الّذي كان
يُمثّل دَوري الأخير.
يطولُ العشاءُ الأخير،
نسيرُ إلى بلدٍ يُعانقُ قاتلَه،
تُخالفنا الرّيح
تَضيقُ بنا الأرض،
وفي الشّام شامُ.
على السّفحِ، أعلى من البحرِ نامُوا.
أفي مثلِ هذا النّشيد
بكَى النّاي؟
هُنا نحنُ، قربَ هُناك
صهيلٌ على السّفح.
نخافُ على حُلُمٍ
قريبًا من السّور.
إذا كانَ لي أن أُعيدَ البداية،
يحقّ لنا أن نُحبّ الخريف
ونحنُ نحبّ الحياة،
نؤرّخُ أيّامَنا بالفَراش.
ألا تستطيعين أن تُطُفئي قمرًا؟
لِدينِي، لِديني لأعْرف
لُصوصَ المدافن.
على السّفحِ، أعلى من البحرِ نامُوا.
سَيأتي الشّتاءُ الّذي كان
لأوّل مرّة
يرى البحر،
يُمثّلُ دوري الأخير.
بقاياك للصّقر،
سماءٌ لبَحْر.
يُعلّمُني الحبُّ ألاّ أحبّ.
خَسِرنا ولمْ يربحِ الحُبّ.
هُنالك ليلٌ على هذه الأرض.
إذا كانَ لي أن أُعيدَ البداية،
وما زالَ في الدّربِ دربُ،
سَيأتي الشّتاءُ الّذي كان
عناوينَ للرّوحِ خارجَ هذا المكان.
*
ملاحظة:
كنتُ أردتُ بعد قراءة مجموعة محمود درويش الجديدة ”ورد أقلّ“، كتابة بعض الملاحطات والانطباعات حول لغة درويش الشّعريّة. فوجدتني أمام ظاهرة فريدة في هذه المجموعة وهي أنّ محمودًا لزم تفعيلة واحدة هي تفعيلة المتقارب، وهو أمر مثير بشكل يلفت الانتباه. فعدلتُ عن نيّتي الأصليّة، وعدت إلى عناوين القصائد في هذه المجموعة، فنظمتها في خيط واحد وألبستُها من عندي ثوبًا شعريًّا آخر.
أودّ أن أشير هنا إلى أنّي لم أغيّر في عناوين القصائد حرفًا واحدًا أو كلمة. ولم أضف إليها من لدني كلامًا ليس فيها وإنّما تلاعبتُ بترتيب القصائد فحسب. وقد حدث أن كرّرتُ، أحيانًا، بعض العناوين مثلما ارتأيت أنا لنفسي.
القدس 1987
من مجموعة: كالعنكبوت بلاخيوط، القدس 1989
0 تعليقات:
إرسال تعليق