الجمعة، 6 مارس 2015

"البيت العربي"

مقالة مترجمة بتصرف

سلمان مصالحة || "البيت العربي"

يعيش اليهود والعرب في هذه الدولة في عالمين متوازيين من دون أن يكون بينهما تقريباً أي نقاط تماس. فهناك بلدات عربية وهناك بلدات يهودية. وحتى في تلك البلدات التي يطلق عليها "بلدات مختلطة"، هناك أحياء عربية وأحياء يهودية. باختصار، فإن الأبارتهايد الاجتماعي قائم وموجود.


حتى الذين يسمون أنفسهم "اليسار" بدءاً من بوجي - تسيبي [زعيما المعسكر الصهيوني] ومروراً بزهافا [زعيمة حركة ميرتس اليسارية]، يشاركون في هذا الفصل الاجتماعي. فهذا اليسار لا يأخذ في حسابه ما يسمى "الأحزاب العربية" لأنه بحسب الهالاخاة [الشريعة] "اليهودية الديمقراطية" فإن هذه الأحزاب يجب أن تبقى دائماً مدفونة خارج اطار التشكيلات الائتلافية. في وسائل الإعلام العبرية ينشغل جميع المعلقين في إحصاء المقاعد اليهودية ويقومون بتشكيل الائتلافات المقبلة من الأحزاب اليهودية فقط، ولا يأخذون أبداً في حسابهم الأحزاب العربية. وكل ما يجري بشأن هذه الانتخابات في الشارع العربي لا يهمهم، وإلا كيف نفسر التجاهل المطلق للعاصفة التي شهدها الشارع العربي في أعقاب الكلام الذي قاله عضو الكنيست اليهودي الوحيد في القائمة العربية دوف حنين؟

ففي مقابلة أجرتها إذاعة الجيش الإسرائيلي مع حنين من حداش وزميله في القائمة العربية المشتركة عضو الكنيست مسعود غنايم من الحركة الإسلامية، قال حنين خلافاً لموقف غنايم المعارض لتوزيع مجلة "شارلي إيبدو" [العدد الذي اصدرته الصحيفة بعد تعرض هيئة تحريرها للاغتيال على يد القاعدة في باريس]: "أعتقد أنه يجب السماح بتوزيع هذه الصحيفة، هذا هو رأيي".

لم تتأخر ردود فعل الشارع العربي على هذا الكلام، وتركت بلدية الناصرة موضوع إزالة النفايات وانصرفت إلى معالجة عظائم الأمور. وجاء في بيان أرسلته إلى وسائل الاعلام العربية: "عندما يعلن ممثل عن الجمهور وعضو كنيست مخضرم مثل دوف حنين من حداش وصل إلى الكنسيت بالصوت العربي أنه مع حرية التعبير وتوزيع الصحيفة الفرنسية في إسرائيل، فإن معنى هذا أنه لا يختلف عن أي عضو كنيست يميني آخر كل هدفه المس بمشاعر الجمهور العربي وخصوصا المسلمين... إن بلدية الناصرة تطالب عضو الكنيست دوف حنين بالاعتذار العلني والتراجع عن الموقف الذي أعلنه في وسائل الاعلام".


في حداش بدأت عملية التخبط، وسارع عضو الكنيست حنين إلى الإعلان في مقابلة أجراها معه راديو الشمس انه ضد الإساءة إلى أي دين، وأن الرسوم الكاريكاتورية التي نشرتها الصحيفة الفرنسية خطيرة جداً. وبدا هذا الكلام بالنسبة إلى الجمهور العربي، صادرا عن هذا الشيوعي العتيق، بمثابة تراجع عما قاله.


يدل هذا الأمر على أنه في هذه المعركة الانتخابية التي فرضت علينا، تتهرب جميع الأحزاب اليهودية والعربية من مناقشة الموضوع الأساسي. فهي تتهرب من عرض خطة ملموسة لحل النزاع، ومن نقاش جدي لترتيب العلاقات المدنية المتضعضة بين اليهود والعرب في دولة إسرائيل.
إن اليمين الإسرائيلي بكل أنواعه وعنصريته يريد فقط إدارة النزاع ومواصلة سرقة العقارات. وما يسمى "اليسار" لا يبحث عن حل للنزاع ويريد فقط إرضاء العالم الغربي. وفي الجانب الثاني، فإن "العرب" الذين اجتمعوا ضمن قائمة "البيت العربي" يبحثون عن ألقاب شرف في الكنيست. وإذا شئتم فهؤلاء هم المخاتير العرب في العصر الحديث، وهذه هي باختصار شديد العقيدة السياسية في دولة اليهود.

بالطبع ستتمكن القائمة المشتركة من الدخول إلى هيكل "الديمقراطية" الوحيدة في الشرق الأوسط، لكن أعضاء هذه القائمة ستخصص لهم الغرف الخلفية في هذا الهيكل، القريبة من المراحيض. ولن يسمح لهم أبداً بالدخول إلى قاعة متخذي القرارات، أو بالجلوس إلى طاولة تقاسم الكعكة العامة. وهم لن يحصلوا ومعهم ناخبوهم في القطاع العربي سوى على الفتات مع تذكيرهم على الدوام بالديمقراطية اليهودية وأن وضعهم أفضل بكثير من إخوانهم في دول عربية.

"هآرتس"، 11/2/2015
*
ترجمة ونشر مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت
***
For Hebrew, press here
For English, press here



مشاركات



تعليقات فيسبوك:


تعليقات الموقع: يمكن إضافة تعليق هنا. لا رقابة على التعليقات مهما كانت مخالفة للرأي المطروح، بشرط واحد هو كون التعليقات وصيلة بالموضوع.

0 تعليقات:

إرسال تعليق

قضايا عربية
  • دول عصابات

    ليس أسهل على العربيّ القابع في بلاد ينخر فيها الفساد من كيل السباب على العالم بأسره.


  • تفكيك العنصرية

    فإذا كانت هذه هي حال القومجيّين تجاه أبناء جلدتهم، فما بالكم حينما يكون الأمر متعلّقًا بموقفهم تجاه أقوام أخرى لا تنتمي للعرب ولا للعروبة...
    تتمة الكلام...

  • هذيان ثنائي القومية

    على خلفية الحروب في العالم العربي يتم سماع طلبات بضم المناطق الفلسطينية لاسرائيل (من اليمين)، أو اقامة دولة ثنائية القومية في ارض اسرائيل – فلسطين (من اليسار)،...
    تتمة الكلام...

شؤون محلية
  • شعب واحد أم تشعّبات؟

    قد يظنّ البعض أنّ إطلاق الشّعارات يكفي وحده إلى تكوين مجموعة سكّانيّة هوموجينيّة متراصّة لها مقوّمات الشّعب كما يجب أن يفهم هذا المصطلح على حقيقته.

    تتمة الكلام
  • كل يغني على ويلاه

    إنّ القطيعة التي فرضها الإسلام على العرب مع جذورهم الجاهلية قد سجنتهم في بوتقة الواحدية الأيديولوجية التي لا يمكن أن تكون إلاّ كابتة ومستبدّة، أي فاشية في نهاية المطاف.
 

نظرة ليلية على القدس (تصوير: س. م.)
ثقافات
  • القصيدة الشامية

    نَدًى بِعَيْنِكَ، أَمْ دَمْعٌ بِهِ نارُ؟
    أَمْ فَارَقَتْ سِرْبَهَا فِي الجَوِّ أَطْيَارُ؟

    وَمَنْ تَرَجَّلَ جُنْحَ اللَّيْلِ عَنْ فَرَحٍ
    إذْ رَجَّعَتْ حُزْنَهَا فِي الأُفْقِ أَسْحارُ؟

    لا زِلْتَ لَيْلَكَ أَرْضَ الشّامِ تَرْقُبُها
    شَعْبٌ تَمَلْمَلَ مِنْ ظُلْمٍ، لَهُ ثارُ



  • نشيد الأناشيد

    (1) أَنَا زَنْبَقَةُ الشَّارُونِ، سَوْسَنَةُ الوِدْيَانِ. (2) كَسَوْسَنَةٍ بَيْنَ الأَشْواكِ، كَذَا حَلِيلَتِي بَيْنَ البَنَاتِ. (3) كَتُفَّاحَةٍ بَيْنَ شَجَرِ الوُعُورِ، كَذَا حَبِيبِي بَيْنَ البَنِينِ؛ فِي ظِلالِهِ رُمْتُ لَوْ جَلَسْتُ، وَثَمَرُهُ حُلْوٌ فِي حَلْقِي.

    تتمة الكلام
  • بالكريشنا ساما

    مَنْ يُحِبُّ الزُّهُورَ لَهُ قَلْبٌ حَسّاسٌ،
    مَنْ لا يَسْتَطِيعُ اقْتِطاعَ نَوارِها
    لَهُ قلبٌ نَبيلٌ.

    مَنْ يُحِبّ الطُّيُورَ لَهُ رُوحٌ رَقيقَةٌ،
    مَنْ لا يَسْتَطيعُ أكْلَ لَحْمِها
  • رحلة صوفية

    خُذُوا مِنِّي التِّلالَ،
    وَزَوِّدُونِي بِمَا يَكْفِي مِنَ
    القَلَقِ الدَّفِينِ.

    سَئِمْتُ مِنَ التَّرَدُّدِ
    فِي بِلادٍ، رَمَتْ حُلُمِي
    بِمَاءٍ مُسْتَكِينِ.



اقرأ بلغات أخرى
  • געגועים לירושלים

    כל אחד מחפש את ירושלים שלו. ברגע שהוא משיג אותה, הוא פונה לחפש אותה במקום אחר. משורר פלסטיני צעיר, שחזר גם הוא לפלסטין בעקבות הסכמי אוסלו, נדרש להרחיק את עצמו בחזרה אל גלותו בסופיה כדי לכתוב על ירושלים
    כל הפרטים
  • Por Um Lado e Pelo Outro

    No momento em que cada um dos dois povos, em dois Estados independentes, construir um Estado secular e democrático em seu próprio lado, deixando claro, que a fronteira entre ambos não terá nenhum significado.
    Read more

  • Refugee Blues

    Say this city has ten million souls,
    Some are living in mansions, some are living in holes:
    Yet there's no place for us, my dear, yet there's no place for us.

    Read more


لغات الموقع