مقالة مترجمة بتصرف
سلمان مصالحة || "البيت العربي"
يعيش اليهود والعرب في هذه الدولة في عالمين متوازيين من دون أن يكون بينهما تقريباً أي نقاط تماس. فهناك بلدات عربية وهناك بلدات يهودية. وحتى في تلك البلدات التي يطلق عليها "بلدات مختلطة"، هناك أحياء عربية وأحياء يهودية. باختصار، فإن الأبارتهايد الاجتماعي قائم وموجود.
حتى الذين يسمون أنفسهم "اليسار" بدءاً من بوجي - تسيبي [زعيما المعسكر الصهيوني] ومروراً بزهافا [زعيمة حركة ميرتس اليسارية]، يشاركون في هذا الفصل الاجتماعي. فهذا اليسار لا يأخذ في حسابه ما يسمى "الأحزاب العربية" لأنه بحسب الهالاخاة [الشريعة] "اليهودية الديمقراطية" فإن هذه الأحزاب يجب أن تبقى دائماً مدفونة خارج اطار التشكيلات الائتلافية. في وسائل الإعلام العبرية ينشغل جميع المعلقين في إحصاء المقاعد اليهودية ويقومون بتشكيل الائتلافات المقبلة من الأحزاب اليهودية فقط، ولا يأخذون أبداً في حسابهم الأحزاب العربية. وكل ما يجري بشأن هذه الانتخابات في الشارع العربي لا يهمهم، وإلا كيف نفسر التجاهل المطلق للعاصفة التي شهدها الشارع العربي في أعقاب الكلام الذي قاله عضو الكنيست اليهودي الوحيد في القائمة العربية دوف حنين؟
ففي مقابلة أجرتها إذاعة الجيش الإسرائيلي مع حنين من حداش وزميله في القائمة العربية المشتركة عضو الكنيست مسعود غنايم من الحركة الإسلامية، قال حنين خلافاً لموقف غنايم المعارض لتوزيع مجلة "شارلي إيبدو" [العدد الذي اصدرته الصحيفة بعد تعرض هيئة تحريرها للاغتيال على يد القاعدة في باريس]: "أعتقد أنه يجب السماح بتوزيع هذه الصحيفة، هذا هو رأيي".
لم تتأخر ردود فعل الشارع العربي على هذا الكلام، وتركت بلدية الناصرة موضوع إزالة النفايات وانصرفت إلى معالجة عظائم الأمور. وجاء في بيان أرسلته إلى وسائل الاعلام العربية: "عندما يعلن ممثل عن الجمهور وعضو كنيست مخضرم مثل دوف حنين من حداش وصل إلى الكنسيت بالصوت العربي أنه مع حرية التعبير وتوزيع الصحيفة الفرنسية في إسرائيل، فإن معنى هذا أنه لا يختلف عن أي عضو كنيست يميني آخر كل هدفه المس بمشاعر الجمهور العربي وخصوصا المسلمين... إن بلدية الناصرة تطالب عضو الكنيست دوف حنين بالاعتذار العلني والتراجع عن الموقف الذي أعلنه في وسائل الاعلام".
في حداش بدأت عملية التخبط، وسارع عضو الكنيست حنين إلى الإعلان في مقابلة أجراها معه راديو الشمس انه ضد الإساءة إلى أي دين، وأن الرسوم الكاريكاتورية التي نشرتها الصحيفة الفرنسية خطيرة جداً. وبدا هذا الكلام بالنسبة إلى الجمهور العربي، صادرا عن هذا الشيوعي العتيق، بمثابة تراجع عما قاله.
يدل هذا الأمر على أنه في هذه المعركة الانتخابية التي فرضت علينا، تتهرب جميع الأحزاب اليهودية والعربية من مناقشة الموضوع الأساسي. فهي تتهرب من عرض خطة ملموسة لحل النزاع، ومن نقاش جدي لترتيب العلاقات المدنية المتضعضة بين اليهود والعرب في دولة إسرائيل.
إن اليمين الإسرائيلي بكل أنواعه وعنصريته يريد فقط إدارة النزاع ومواصلة سرقة العقارات. وما يسمى "اليسار" لا يبحث عن حل للنزاع ويريد فقط إرضاء العالم الغربي. وفي الجانب الثاني، فإن "العرب" الذين اجتمعوا ضمن قائمة "البيت العربي" يبحثون عن ألقاب شرف في الكنيست. وإذا شئتم فهؤلاء هم المخاتير العرب في العصر الحديث، وهذه هي باختصار شديد العقيدة السياسية في دولة اليهود.
بالطبع ستتمكن القائمة المشتركة من الدخول إلى هيكل "الديمقراطية" الوحيدة في الشرق الأوسط، لكن أعضاء هذه القائمة ستخصص لهم الغرف الخلفية في هذا الهيكل، القريبة من المراحيض. ولن يسمح لهم أبداً بالدخول إلى قاعة متخذي القرارات، أو بالجلوس إلى طاولة تقاسم الكعكة العامة. وهم لن يحصلوا ومعهم ناخبوهم في القطاع العربي سوى على الفتات مع تذكيرهم على الدوام بالديمقراطية اليهودية وأن وضعهم أفضل بكثير من إخوانهم في دول عربية.
"هآرتس"، 11/2/2015
*
ترجمة ونشر مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت
***
For Hebrew, press here
For English, press here
0 تعليقات:
إرسال تعليق