سلمان مصالحة ||
هل هي حقًّا جامعة دول عربيّة، أم عبريّة؟
لا يستغربنّ أحدٌ
هذا العنوان المتعلّق بجامعة الدّول العربيّة! وكما وعدتكم في المقالة السّابقة، "قد ينجح الكسلان"، فها أنا أفي بوعدي الآن. فما سنكشفه للقرّاء الكرام في هذه المقالة سيزيل الغشاوة عن أعينهم وسيجدون فيه الإجابة الواضحة على هذا السؤال.
لقد شاع قول العرب: الإناء ينضح بما فيه. ولأنّي، بخلاف هؤلاء النّفر من البشر في الجامعة العربيّة، لا أكتفي بإلقاء الكلام على عواهنه، فقد درجت على طريق الاستقراء والتّقصّي. وهكذا عقدت العزم على شدّ رحالي إلى إناء جامعة الدّول العربيّة ابتغاء معرفة ما ينضح به إناؤها، وعرض ما استخلصه من نتائج على القرّاء الكرام. وما غرضي من وراء ذلك إلاّ ليكون القرّاء العرب في كلّ مكان على بيّنة من أمرهم، على بيّنة من أمر سيّداتهم وساداتهم. والإناء الّذي أقصده، هو موقع جامعة الدّول العربيّة على شبكة الإنترنت. نعم، فهذه المؤسّسة الّتي يُطلقون عليها اسم "الجامعة"، قد أوصلت هذا المصطلح إلى حضيض يصعب تصديقه.
أوّلاً: ما هي القدس؟
كثيرًا ما يتشدّق العرب بأهميّة القدس في الوجدان العربي والإسلامي، غير أنّ الشّعارات الرنّانة شيء والحقيقة شيء آخر مختلف تمامًا. فها قد نما إلى أسماعنا في الآونة الأخيرة خبر اختيار القدس عاصمة للثقافة العربيّة لسنة 2009، وسرعان ما أثيرت تساؤلات حول الموضوع وحول اللجنة المنظّمة، ثم قرأنا عن حدوث استقالات البعض منها وما إلى ذلك من طرائف ونكات عربيّة عاديّة في مثل هذه الحالات. والحقيقة الّتي لا مناص من طرحها هنا هي أنّ العرب، على العموم، عندما يذكرون القدس فإنّما يذكرونها كمجرّد شعار ليس إلاّ. إذ لا أحد منهم يعرف حدود هذه المدينة، أين تبدأ وأين تنتهي. فهل هي يا ترى حدود بلديّة القدس حينما كانت ضمن المملكة الأردنيّة الهاشميّة قبل حرب حزيران 67، أم هي الحدود الّتي تفرضها إسرائيل والاحتلال الإسرائيلي الآن بعد عقود من هذا الاحتلال؟ وماذا تقول السّلطة الفلسطينيّة حول هذه المسألة، وما هي الحدود الّتي ترسمها هذه السّلطة الفلسطينيّة للقدس؟ إنّها أسئلة لا بدّ من طرحها على الملأ، لكي نكون على بيّنة من أمرنا، لكي نعرف ما هي القدس الّتي نتحدّث عنها.
أمّا جامعة الدّول العربيّة، وعلى ما يبدو، فإنّها ترى الأمور بصورة أخرى. على الأقلّ، هذا ما قد يخرج به القارئ الّذي يزور موقع هذه "الجامعة" المزعومة والمأزومة في آن. فعلى سبيل المثال تحاول المادّة الضّحلة في موقع الجامعة أن تتعرّض لطوبوغرافيا المدينة، فماذا نقرأ عن القدس؟ هذا ما يرد: "أراضيها تلال صخرية قليلة الارتفاع تحيط بها الاودية القليلة العمق مثل وادي جهنم من الشرق ووادى الحبانيين من الغرب، ووادى الربابة من الجنوب". ألا يثير هذا الكلام السّخرية؟ إنّ موظّفي الجامعة على ما يبدو لا يعرفون من القدس غير الاسم والشّعار. إنّهم يعتقدون أنّ القدس هي فقط تلك المساحة الصّغيرة الّتي تقع داخل أسوار المدينة القديمة، أي حدود القرن السّابع عشر. فهنيئًا، إذن، لهؤلاء الجهلة بما يعرفونه عن مدينة القدس وحدودها وبما يقدّمونه لزوّار موقعهم! أليس من الأجدر أن نقول لهؤلاء: ألا ابتلعتكم جهنّم وواديها!
وكيف نعرف أنّ القدس تعني لهم فقط تلك المدينة الواقعة بين الأسوار؟ ها هم عندما يذكرون المواقع الهامّة في القدس يشيرون إلى الحرم الشّريف: "الحرم الشريف: كان وما زال البؤرة الرئيسية فى تخطيط المدينة...يقع فى الطرف القبلى شرق مدينة القدس". إضافة إلى هذه اللّغة الرّكيكة، بوصفهم الحرم بالبؤرة، لأنّهم يترجمون حتّى هذا الأمر عن لغات أخرى ولم يكتبوه أصلاً باللّغة العربيّة، فإنّهم يحدّدون موقعه في الطّرف القبلي شرق مدينة القدس. هكذا، إذن، شرق مدينة القدس!! ألا يعني هذا أنّهم لا يعرفون مدينة القدس؟ إنّهم يعتقدون أنّ القدس هي فقط تلك المساحة الضّيّقة داخل الأسوار القديمة. وإذا كانوا كذلك، أليس من حقّنا أن نقول عن ربع الجامعة العربيّة، بمثل لغتهم، ما يلي:
جامعة الدّول العربيّة كانت وما زالت البؤرة الرّئيسيّة في إشاعة الجهل بين العرب.
ثانيًا: كذلك، ولأنّ رهط الجامعة العربيّة
يدافعون عن مدينة القدس، وهي المدينة الّتي لا يعرفون عنها شيئًا، فإنّهم يُطلقون الشّعارات كيفما اتّفق. هل تريدون دررًا من موقعهم؟ هاكم، إذن: "كما ورد بالوثائق المنقوشة ذكر القدس باسمها القديم (أورشليم) في نصوص مصرية فرعونية... وهذه النقوش بالخط المسماري ومدونة باللغة الآرامية عثر عليها في تل العمارنة... وفيما يتعلق بالأدلة اللغوية فان اسم أورشليم ليس عبريًّا..." (نقلاً عن: موقع الجامعة العربيّة). طيّب، قد نتفهّم نحن هذه النّخوة العربيّة. لكن وعلى ما يبدو فإنّ هؤلاء الجهلة في جامعة الدّول العربيّة لا يقرؤون العربيّة ولا علاقة لهم حتّى بالتّراث العربي المكتوب باللّغة العربيّة. فلنذهب نحنُ إذن إلى هذا التّراث ولننظر فيه قليلاً، فماذا نجد فيه بخصوص أورشليم هذه؟
لنقرأ معًا ما ذكره لنا السّلف: "أوريشلم: بالضم ثم السكون وكسر الراء وياء ساكنة وشين معجمة مفتوحة ولام مكسورة... هو اسم للبيت المقدس بالعبرانية،... وقال أبو عبيدة: هو عبراني معرب" (نقلاً عن: ياقوت الحموي، معجم البلدان). أمّا الخوارزمي فيقول: "إيليا، هي مدينة بيت المقدس، وهي بالعبرانية أورشليم" (نقلاً عن: الخوارزمي: مفاتيح العلوم).،وكذا يقول الفيروزاباذي: "وشلم: اسم بيت المقدس ممنوع للعجمة وهو بالعبرانية أورشليم" (نقلاً عن: الفيروزاباذي: القاموس المحيط). وكذا هي الحال في لسان العرب وتاج العروس: "شلم... وهو موضع بالشأم كما في الصحاح قال ويقال هو اسم مدينة بيت المقدس بالعبرانية، ممنوع من الصرف للعجمة ووزن الفعل، وهو بالعبرانية أورشليم. (نقلاً عن: تاج العروس، ولسان العرب)، وبالإضافة إلى ذلك يذكر ابن منظور: "ويُقال أيضًا: إيلياء وبيت المقدس وبيت المكياش..." (نقلاً عن: لسان العرب، مادة: شلم). فما هو "بيت المكياش" هذا الّذي يورده لسان العرب اسمًا للقدس؟ يذكر محقّقو لسان العرب في هامش المعجم إنّها وردت كذا بالأصل المخطوط. على ما يبدو فإنّهم لم يعرفوا كيفيّة قراءة هذه الكلمة في المخطوط عندما قاموا بتحقيق المعجم، وقد تحدث أخطاء قراءة كهذه لدى العمل على تحقيق المخطوطات. غير أنّي أقول لهؤلاء: إنّ هذا التّعبير في الحقيقة تعبير مأخوذ من اللّغة العبريّة، والتّعبير هو "بيت المكداش" (بيت المقدس)، أي الهيكل، هيكل سليمان. فليصحّحوا إذن هذا التّعبير في الطّبعات الجديدة الّتي سيصدرونها من معجم لسان العرب.
ثالثًا: ولا يكتفي موقع الجامعة بذلك،
بل ولأنّ هؤلاء العاملين في الجامعة هم من أصحاب النّخوة العربيّة المعروفة فهم يضيفون: "وأهل القدس، عندما طالعهم عمر بن الخطاب، كانوا عربًا ينطقون باللغة العربية، أي أن عروبة المدينة كانت قائمة راسخة قبل الدخول السلمي العمري بأمد طويل". أمّا نحن فلا ندري من أين جاء هؤلاء بهذه المعلومة، فلا شكّ أنّها تشكّل فتحًا علميًّا عربيًّا جديدًا. ولأنّ هؤلاء الكسالى في جامعة الدّول العربيّة لا يقرؤون، فها نحن نختصر الطّريق عليهم، فنذكّرهم بما يروي لنا السّلف الصّالح.
لنقرأ معًا الاقتباس التّالي ممّا يرويه لنا الواقدي: "فلما كان في اليوم الخامس، وقد صلى المسلمون صلاة الفجر، كان أوّلَ من ركب من المسلمين من الأمراء لسؤال أهل بيت المقدس يزيدُ بن أبي سفيان، فشهرَ سلاحَه وجعلَ يدنو من سورهم وقد أخذَ معه تُرجمانًا يبلغه عنهم ما يقولون، فوقفَ بإزاء سورهم بحيث يسمعون خطابه وهم صامتون. فقال لترجمانه: قُلْ لَهُم أميرُ العرب يقولُ لَكُم: ماذا تقولون في إجابة الدعوة إلى الإسلام..." (نقلاً عن: الواقدي، فتوح الشام). فإذا كان أهل القدس "عربًا ينطقون باللّغة العربيّة"، كما يذكر موقع الجامعة العربيّة، فما حاجة "أمير العرب"، إذن، إلى ترجمان؟ هل رغب "أمير العرب" في أن يُفسّر له هذا التّرجمان "الماءَ بعدَ الجُهد بالماء"، كما قال الشّاعر؟ ربّما.
ليس هذا فحسب، بل عندما يذكرون تحرير القدس من الصّليبيّين، ماذا يكتبون: "تم تحريرها على يد البطل العربى صلاح الدين الايوبى...". فهل هذا كلام يا سادة؟ فمنذ متى صار صلاح الدّين عربيًّا؟ إنّه بطل، صحيح وعلى الراس فوق العين! إنّه مسلم، صحيح وعلى الرّاس فوق العين! لكن، لماذا تسلبونه من الأكراد؟ أليس من حقّ الأكراد على الأقلّ أن يُفاخروا به وبانتمائه إليهم؟ وإزاء هذه السّخافات، أما آن الأوان لفرض الجمارك على الكلام الخارج من أفواه هؤلاء التّافهين؟
رابعًا: لقد أفرد موقع هذه "الجامعة"،
الّتي تدّعي أهميّة القدس في الوجدان العربي، خانة للقدس تحتوي على معلومات أقلّ ما يقال عنها أنّها تتّسم بالضّحالة، إضافة إلى صياغة المواد بلغة عربيّة ركيكة مليئة بالأخطاء. لكنّ المفاجأة الكبرى، هي ما يذكره هذا الموقع من أنّ فريقًا خاصًّا عمل على إعدادها، حيث ينصّ الموقع على ذلك صراحة أنّها من: "اعداد: ادارة الشئون الاسرائيلية - قسم متابعة شئون القدس". هكذا، إذن. أليس في ذلك اعتراف من هذه "الجامعة" الّتي لا يمكن إلاّ أن تتّصف بالهبل، بأنّ القدس هي شأن من الشؤون الإسرائيليّة الّتي تفرد لها الجامعة فريقًا مختصًّا بهذه الشّؤون. ولماذا يا ترى لا يوجد لدى هذه الجامعة فريق مختصّ وإدارة مختصّة للشّؤون الفلسطينيّة، والّتي من المفروض أن تكون هي المسؤولة عن هذه الأمور المتعلّقة بالقدس، وعلى عاتقها تُلقى هذه المهمّات؟ هل القدس تابعة للقضايا والشؤون الإسرائيليّة لدى الجامعة العربيّة؟ إنّه مجرّد سؤال، وعليهم الإجابة عنه.
خامسًا: والحديث ذو شجون، كما يقولون،
فقد يسأل سائل: وكيف تعرف أنّهم في الجامعة العربيّة يترجمون عن لغات أخرى؟ فأقول لمن يسأل: لقد أفردوا فصلاً عن الحضارة العربيّة ومقدّمة عن العالم العربي، فماذا نقرأ فيه؟ اسمعوا وعوا: "فهناك جبال أطلس المستقرة في القطاع الشمالي الغربي من قارة أفريقيا... والتي تمثل حاجزا بين صحراء صحاري ومنطقة السواحل". فأيّ تعبير هو هذا: صحراء صحاري؟ أليس هو ترجمة إلى العربيّة من لغات أخرى كانت قد تبنّت المصطلح العربي أصلاً، ويأتي الآن جهلة الجامعة العربيّة لترجمة المصطلح العربي من لغات أخرى إلى العربيّة؟ فما هذا الهبل أيّها السّيدات والسّادة؟
وانظروا في المثال التّالي: "يشتمل الجزء الأكبر من كثافة السكان في العالم العربي والتي تقدر بحوالي 150 مليون نسمة علي شبابا، فان تقريبا نصف الكثافة هي من الشباب تحت سن الخامسة عشر"... هل هذه لغة الجامعة العربيّة العربيّة؟ فهنيئًا لهم بجامعتهم هذه وسائر جامعاتهم الّتي تُخرّج أمثال هؤلاء!
وهاكم المثال التّالي: "فان أغلبية العرب يعيشون في مجموعات كبيرة في المناطق الساحلية، وحول وديان الأنهار". فماذا يعنون بوديان الأنهار؟ قرّروا: إمّا وديان وإمّا أنهار، فالعربيّة لا تحتوي على صيغة كهذه، وديان الأنهار. أليست هذه أيضًا ترجمة عن لغات أخرى.
لكنّنا، عندما نصل إلى الاقتباس التّالي، نفهم ما هو مصدر الرّكاكة اللّغويّة: "تعد الزراعة هي الحرفة الاقتصادية الأساسية في العالم العربي، فمن أهم محاصيل الغذاء التي يستهلكها سكان المنطقة هي القمح، والشعير...". فعلى ما يبدو فإنّ موظّفي الجامعة العربيّة، بوصفهم من سكّان المنطقة، هم أيضًا من مستهلكي الشّعير الّذي أتخم عقولهم. ولهذا السّبب فإنّهم يصلون إلى القول: "يعد العالم العربي اليوم هو بمثابة مجمع غني بتأثيرات عديدة، ومختلفة". فهل هذه لغة عربيّة حقًّا؟ وكذلك: "يعد الوطن العربي من أوائل المستوطنات التي أحس فيها الإنسان بالاستقرار الاجتماعي". لا شكّ إنّه استقرار اجتماعي قد أحسّ به ولا يزال يحسّ به الانسان في الوطن العربي. أليست هذه نكتة مضحكة؟
سادسًا: ولا يكتفي جهابذة الجامعة بذلك،
بل يترجمون تراثهم، نعم تراثهم، أيضًا من لغات أخرى. أنظروا هذه الصّياغة في الاقتباس التّالي: "نشأت في تلك الحقبة من الزمن الأديان السمائية التوحيدية الثلاث... عاش معتنقي الأديان الثلاثة في حب وتآخ علي مر العصور وذلك لأنهم أيقنوا حقيقة أنهم أبناء إله واحد". ليس فقط أنّ الاقتباس شاهد على لغة عربيّة ركيكة، بل فهي مشتملة على مضامين واهمة وواهية في آن معًا نابعة من ترجمة سيئة. فمنذ متى يعتقدون أنّهم أبناء إله واحد؟ هل هذه عقيدة إسلاميّة، يهوديّة، مسيحيّة أم ماذا؟ أم هي عقيدة جديدة تحاول الجامعة العربيّة التّبشير بها؟ ربّما.
هل ترغبون بالمزيد؟ لا بأس، إليكم الاقتباس التّالي: "جاء النبي محمد صلي الله عليه وسلم في القرن السابع بعد الميلاد حاملا رسالة الإسلام، وسرعان ما نشر تابعي محمد الإيمان الإسلامي في الغرب... و أيضا في الشرق. لم يكن تابعي الإسلام هؤلاء، فقط فاتحين بل أيضا لقد أقاموا حضارة جديدة... في عالم راكد ثقافيا وقتذاك". فلو تركنا جانبًا الأخطاء النّحويّة، فهل هنالك عربيّ أو مسلم يحترم نبيّه وتراثه يكتب بهذه الصّياغة؟ أوليست مصطلحات مثل هذه، "تابعي الإسلام" و"تابعي محمد"، ترجمات حرفيّة عن لغات أخرى؟ إذن، ما هو العالم الرّاكد ثقافيًّا في هذا الأوان، أيّها السّيدات والسّادة؟
سابعًا: ومسك الختام، العبريّة.
فقد يسأل بعض القرّاء، وكيف تقول إنّها جامعة عبريّة؟ فأقول لمثل هؤلاء: لا بأس عليكم أيضًا، واليكم البرهان القاطع التّالي. فلنقرأ معًا هذا الاقتباس من موقع الجامعة العربيّة: "يعيش العرب على مساحة واسعة... وبالرغم من أنهم أعضاء واحد وعشرون مدينة مختلفة، ولكن العرب يعتبرون أنفسهم جزء من أمة واحدة".
لنضع مرّة أخرى جانبًا الأخطاء اللّغويّة في الصياغة. لكن، من أين جاؤوا بهذا الكلام القائل إنّ العرب "أعضاء واحد وعشرون مدينة مختلفة"؟ فهل العرب يسكنون في واحد وعشرين مدينة مختلفة فقط؟ كلاّ، إذ، ماذا بخصوص القرى والأرياف والبوادي وغيرها من الأماكن المأهولة؟ إذن، ماذا يقصدون بكلمة مدينة، ومن أين جاؤوا بها؟
والحقيقة هي أنّهم جاؤوا بها من اللّغة العبريّة، فهم يترجمون المادّة عن اللّغة العبريّة، إذ أنّ مصطلح "مدينة" بالعبريّة يعني: دولة. غير أنّ مترجمي الجامعة العربيّة الّذين يترجمون أحوال بلادهم من اللّغة العبريّة، ولكون الكلمة العبريّة "مدينة" ذات جرس عربي وذات دلالة عربيّة شائعة، فقد غاب عن ذهنهم أنّهم يترجمون، فأبقوا الكلمة العبريّة على حالها، بدل استخدام مصطلح "دولة" كترجمة دقيقة لها. وكذلك، فإنّ العدد 21، كما يظهر في الجملة ذاتها، فهو غير صحيح، إذ أنّ العدد الصّحيح هو 22 دولة. وعلى ما يبدو أنّ هذا الخطأ أيضًا نابع من التّرجمة من أصل عبريّ.
هذه هي حقيقة هؤلاء في جامعة الـ"مدينوت" (الدّول) العربيّة.
إذن، هل هذه جامعة عربيّة، أم عبريّة؟
وبعد كلّ ما ذكرنا، أليس من الأجدر أخيرًا أن نتوجّه إليهم باللّغة العبريّة قائلين لهم: شَلُومْ عَلِيخِمْ!
والعقلُ وَليّ التّوفيق!
***
نشرت المقالة في: إيلاف، 28 أكتوبر 2007
0 تعليقات:
إرسال تعليق