‏إظهار الرسائل ذات التسميات مجتمع عربي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مجتمع عربي. إظهار كافة الرسائل

عن الشياطين التي فينا

دون مساءلة من نظام أو من أحد. لقد أضحى هذا النوع من الكتابة بمثابة عظمة يتلهّى بها الكتاب العرب، لأنّهم يخشون الاقتراب من المحظورات السياسية، الاجتماعية والدينية.


سلمان مصالحة || 

عن الشياطين التي فينا

بين حانا ومانا، أو بين تركيا وإيران، ضاعت لحانا


لقد ذهبت كلّ الشعارات العربية التي شنّفت آذان المستمعين أدراج الرياح، وتفرّق العرب أيدي سبأ. لم ينتج عن كلّ مؤتمرات القمّة سوى المؤامرات التي أضحت سمة ملازمة للسياسات العربية...


عن الفتن النائمة وعن موقظيها

لقد آن الأوان أن نكفّ عن إبداء الاندهاش والاستغراب ممّا يجري في ربوعنا. لقد آن الأوان أن نغيّر ما بأنفسنا من مسبّبات الفتن. حقيقتنا المرّة هي أنّنا لن نصل إلى سواء السبيل ما لم نسأل أنفسنا السؤال الأكبر: من نحن؟

سلمان مصالحة ||


عن الفتن النائمة وعن موقظيها


بداية، لا مناص من طرح السؤال: لماذا نحن العرب نحبّ السبات؟ والجواب: لأنّنا إذا استيقظنا ونظرنا حولنا وجدنا أنّنا أكوامًا مكدّسة من الشراذم لا يجمع بيننا شيء، اللّهمّ سوى كلام الشعراء المعسول عن كوننا ننتمي إلى أمّة وحضارة واحدة. غير أنّ الحقيقة المرّة هي خلاف ذلك قطعًا. فكلّما هبّت ريح في الأصقاع العربية وحرّكت الرمال الهامدة كشفت تحت هذه الرّمال جمرًا متّقدًا. وهكذا، يكفي أن يلقي البعض منّا عودًا من أعواد ثقافتنا اليابسة والغارقة في السبات لكي تشتعل نيران الفرقة والشرذمة من جديد لتطال ألسنة هذه النيران الأخضر واليابس الذي ينوجد في جوارها.

لذلك، ومنذ القدم ورد وشاع في اللغة العربية قول منسوب للرسول العربي: ”الفتنة نائمة، لعن الله من أيقظها“. فماذا يعني هذا القول؟ لو تفكّرنا فيه مليًّا لوجدنا أنّنا، ومنذ أن شاع هذا القول على ألسنة الناس، نعرف أنّ هذه الفتنة كامنة بين ظهرانينا وهي فقط في حالة من السبات، ليس إلاّ. وبدل أن ننظر في الحيثيّات والمسبّبات لهذه الفتنة، وبدل أن نبحث عن إيجاد السبل للخروج من هذا المأزق البنيوي الذي نحن فيه، فإنّنا نفضّل الهرب من مواجهة هذه الحقيقة، ولا نملك غير الدعوة إلى العودة الـ”مباركة“ إلى هذا السبات المزمن. إنّه السّبات ذاته الذي يفسح المجال لحاملي رايات البلاغة العربية التليدة والبليدة، من صنف أولئك الذين يصمّون الآذان بكلام منشور، منثور ومقفّى، والّذي كثيرًا ما يعجّ بشعارات تدغدغ العواطف وتكرّس العيش في حالة الوهم العربي.

وهكذا، وعندما تنتشر هذه الشرارات في ربوعنا وتزداد معها حدّة النيران التي تبدأ بالتهام البشر والشجر والحجر في بلادنا، فإنّ بلاغة البلادة تزداد معها انتشارًا. وهكذا يسارع تجّار البلاغة إلى الإفصاح عن مفاجآت هذا الاكتشاف الذي ينخر عظام قُطّان هذه الديار. وفي غمرة الاكتشاف الجديد يضيفون شعارًا قديمًا-جديدًا إلى جعبة توصيفاتهم، فيصرخون على الملأ: ”الدين لله والوطن للجميع“.

يظنّ الّذين يرفعون هذا النوع من الشعارات، واهمين بالطبع، أنّهم بمجرّد رفعهم هذه الشعارات العاطفيّة فإنّ الفرج سرعان ما سيأتي على جناح هذه البلاغة العربية بعد كلّ هذه الشدائد المزمنة والمغرقة في القدم.

وسؤال آخر: هل عرف القرآن حقيقة العرب؟ هذا السؤال يتبادر إلى الذهن لدى النّظر في الآية الحادية عشرة من سورة الرعد، حيث ورد فيها: ”إنّ الله لا يغيّر ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم“. فإذا جنحنا إلى وضع تفسير جديد لهذا القول، وذلك عملاً بمفهوم الصّلاح لكلّ زمان ومكان، فإنّ التفسير الجديد سيُحيلنا إلى استحالة التغيير في المجتمعات العربيّة دون أن يجنح الأفراد إلى النظر في دواخلهم بغية إصلاحها من الأدران الكامنة فيها. إنّ هذه الأدران الاجتماعية هي ذاتها تلك الفتنة النائمة التي ورد ذكر اللعنة على من يوقظها. فهل كلّ فرد منّا هو مشروع كامل متكامل من هذه الفتن النائمة في دواخلنا؟

وعلى هذه الخلفية، فإنّي وبخلاف الذين يدعون إلى الإبقاء على الفتنة نائمة، فإنّي أدعو بالذات إلى إيقاظها. نعم، أدعو إلى إيقاظها، ليس بمعنى تعزيز سلوكيات العداوة بين البشر، بل بمعنى الكلام صراحة عن هذه المحنة، الكامنة في دواخلنا. لأنّنا، إذا لم نجد في أنفسنا ما يكفي من الجرأة للحديث عن مشاريع الفتن هذه التي تنخر في دواخلنا، فلن نجد حلولاً لهذه المعضلات.

علينا أن نعترف أوّلاً، بيننا وبين أنفسنا، أنّ ثمّة أكثر من فتنة في دواخل مجتمعاتنا. حريّ بنا، أفرادًا، قبائل، طوائف ومجتمعات، أن نضع كلّ هذه الفتن تحت المساءلة اليومية. إنّ الميل العربي إلى الهرب من مواجهة الحقائق لن يوصلنا إلى سواء السبيل. لننظر إلى أنفسنا، ولننظر إلى أين أوصلتنا محاولاتنا الدائمة في الركون إلى السبات الدافئ في حضن شعاراتنا المدغدغة لعواطف هذه الأمّة المراهقة.


*

نشر: ”الحياة“، 20 نوڤمبر 2014

***




هواجس طارئة بشأن الكيان المزعوم


سلمان مصالحة ||


هواجس طارئة بشأن الكيان المزعوم


أحيانًا تضطرنا الذاكرة للعودة ألى أمور كان لها أثر بالغ في مسيرة حياتنا على هذه الأرض. ولمّا كان عبدكم الحقير قد وُلد في هذه البقعة من الأرض الواقعة شرق المتوسّط، فقد كنت ترعرعت، كما غيري، في مكان لا يُحسد عليه المرء، كما يُقال. وها هي الذاكرة الخبيثة تعيدني الآن إلى ما مضى وانقضى من أيام سوالف.

لنبدأ الكلام بإيراد بعض المفردات والتعابير التي شاعت في الخطاب السياسي العربي منذ عشرات السنين، وفي الحقيقة لا زالت حتّى يومنا هذا تحتّل مساحات من الخطاب العربي. لننظر مليًّا فيما يلي من تعابير: ”الكيان“، ”الكيان المزعوم“، ”دولة الكيان“، ”الكيان المسخ“، ”دولة العصابات“، ”الكيان الصهيوني“، ”الكيان الصهيوني المسخ“، ”الدولة العبرية“ وما شابه ذلك من توصيفات أغدقتها المخيّلة العربية طوال عقود على دولة إسرائيل التي قامت بقرار أممي، كما غيرها من دول في هذه البقعة، بعد جلاء الانتدابين، البريطاني والفرنسي.

لا شكّ أنّ القارئ النبيه الذي تقدّمت به السنّ يتذكّر مثلي أنّنا قد ولدنا، شببنا وترعرعنا على مثل هذا الخطاب الذي أقلّ ما يقال عنه إنّه كان بليدًا ينهل من موروث بلاغي يميل على الأغلب إلى دغدغة العواطف أكثر منه إلى تحريك الخلايا الرمادية في الأدمغة. فلقد ملأ هذا الخطاب جميع الفضاءات التي اتّصل العرب من خلالها، بدءًا بالمكتوب في الصحافة والمنشورات، مرورًا بالمسموع في الإذاعات، عبورًا إلى المرئي في الشاشات، وأخيرًا وليس آخرًا بركوبنا في هذا الأوان قوافل ”الترحال“ وارتيادنا الفضاء الافتراضي الجديد.

ففي الوقت الذي كان فيه العرب يتمايلون طربًا وهم يستمعون إلى ما يدغدغ عواطفهم من مثيل ”أمجاد يا عرب أمجاد“، أو بلاغات أحمد سعيد النارية في ”صوت العرب“ التي تهدّد بإلقاء اليهود في البحر، كانت العساكر العروبية تتقهقر هزيمة تلو أخرى، بينما تصرّح زعامات هذه العساكر على الملأ بالانتصارات. لم تكن تلك الانتصارات سوى انتصارات الزّعامة التي أفلحت في بقائها المُخلّد على الكراسي لمواصلة استغباء العباد، مصادرة البلاد وتكريس الاستبداد.

وطوال كلّ هذه العقود الطويلة من تلك ”الانتصارات الوخيمة“ التي جلبت الوبال على البلدان وأهلها، لم يحصل أبدًا أن قام زعيم عربيّ بأيّ شكل من الأشكال بإجراء حساب نفس بسيط. لم يفكّر واحد من كلّ هؤلاء بأن يترك العباد لشأنهم. لم يفكّر بترك المنصب والذهاب مع انتصاراته للانعزال متقاعدًا معزّزًا مكرّمًا ويفسح المجال للآخرين، ليدلوا بدلوهم في تسيير أمور البشر والبلاد.

وها هي الأعوام والعقود تمرّ على هذه الأصقاع والبلدان وما بُدّلوا تبديلا. وإذا ما عدنا إلى تلك التعابير التي ذكرناها آنفًا فإنّنا نرى أنّها أكثر ملاءمة لوصف أحوال كلّ هذه الأصقاع بالذات دون غيرها. وما على القارئ النبيه إلاّ أن ينزع العصابة التي تغطي ناظريه وتستر حقول الرؤية. ما عليه إلاّ أن ينظر حواليه ويرى كلّ هذه الكيانات المزعومة. فها هو ”الربيع العربي“ قد كشف كلّ ذلك الزّيف الذي لفّ هذه الكيانات المسمّاة دولاً. فها هو الكيان اللّيبي، وبعد عقود من اغتصاب القذّافي للسلطة، قد عاد إلى طبيعته القبلية التي جُبل عليها، وذاكم هو اليمن ”السعيد“ يرتدّ إلى تعاسته المتجذّرة في نعراته القبلية والطائفية. أمّا عن لبنان فحدّث ولا حرج، فقد انبنى هذا البلد ومنذ البدء على مسطرة طائفية مقيتة لدرجة أنّه من كثرة ”الرؤساء“ فيه، كما يُطلق عليهم في خطاب اللبنانيين، لا يستطيع هذا الكيان ”المزعوم“ انتخاب رئيس واحد.

وإذا ما انتقلنا لإمعان النظر فيما يجري في العراق وسورية، فماذا نحن واجدون؟ لقد كشفت الأعوام الأخيرة على العالم أجمع كلّ ذلك الزّيف المتمثّل بهذه الكيانات التي يجمعها ببعضها البعض سوى الدكتاتوريات التي جذّرت القبلية والطائفية في ربوعها وحكمتها بالحديد والنار. لقد تستّرت كلّ تلك الدكتاتوريات خلف شعارات العروبة، وخلف شعارات الاشتراكية والثورية ومحاربة الاستعمار والصهيونية والرجعية العربية. لقد كانت كلّ الشعارات كاذبة فقد شكّلت كلّ هذه الأنظمة المثال الأقبح على الرجعية العربية بعنصريتها المقتية تجاه الإثنيات الأخرى غير العربية في هذه البلدان. أمّا الشعارات الاشتراكية فلم تكن تعني شيئًا سوى مشاركة الطغمة الحاكمة في نهب موارد البلاد. لقد رفعت الأنظمة شعار فلسطين لإسكات البشر وكبتهم، ومنعهم من المطالبة بالحريات وبالحياة الكريمة في الأوطان. لقد شكلت فلسطين ضريبة كلامية لحرف الناس عن البحث عن سبل لحلّ قضاياهم الداخلية.

وفوق كلّ ذلك، فإنّ كلّ عربي صادق يعرف في قرارة نفسه أنّ دول الاستعمار تلك التي يلعنها علانية وفي كلّ مناسبة كانت أرحم على العباد من كلّ دوله بأنظمتها التي تدّعي الوطنية والقومية وما إلى ذلك من توصيفات. بل وأكثر من ذلك، إنّ دول الاستعمار الملعونة هذه هي التي يتقاطر على سفاراتها أملاً بالحصول على جنسياتها بالذات.

أين هي إذن الكيانات المزعومة، أو دول العصابات؟ أليست هذه مفارقة عجيبة غريبة؟ صحيح أنّ هذه الحقيقة مرّة، لكنّها تبقى حقيقة واضحة لا ينتطح بها عربيّان.
*

نشر: ”الحياة“، 2 سبتمبر 2014
***




هل نحن مثل ما نقول؟


في الحقيقة، لو كُنّا حقّاً منصهرين في هويّة واحدة وولاءات دينية، حضاريّة وثقافية واحدة، لكانت حياتنا، نحن العرب، طبيعية ولما احتجنا إلى كلّ هذا الرّكام من الكلام البلاغي...

سلمان مصالحة ||

هل نحن مثل ما نقول؟

منذ سنين طوال وقفت على ظاهرة عربية فريدة من نوعها. لقد شدّت هذه الظاهرة انتباهي فوجدتني أتفكّر فيها مليّاً محاولاً سبر ما تُخفيه. لقد لاحظت أنّه كُلّما ازداد كلام العرب حملاً للمحسّنات البلاغية في مقالاتهم التي تُدغدغ العواطف عن «الحياة المشتركة» و «الشعب الواحد لا الشعبين» وتدبيجها بمقولات جاهزة مثل «الدين لله والوطن للجميع»، عرفت بيني وبين نفسي أنّ الأمر أكثر مدعاة للكآبة منه إلى أيّ نوع من الفرح.

منذ أن درجنا على هذه الأرض، وفي هذه الناحية من العالم ونحن نسمع مثل هذا الكلام وبتنويعات مختلفة. يكثر مثل هذا الكلام على وجه الخصوص في الأماكن التي يعيش فيها خليط من الطوائف ذات الأصول العربية، وسواها. بوسع القارئ، إن كان نشأ وترعرع في بلد يسكنه مثل هذا الخليط، أن يتحسّس ذاكرته قليلاً، أن يفتح مغاليقها بعض الشيء ويراجع ما سمعه صغيراً في بيئته الصغرى، ومن ثمّ في بيئته العربية الكبرى التي يُطلق عليها ذلك المصطلح الفضفاض «العالم العربي».

في الحقيقة، لو كُنّا حقّاً منصهرين في هويّة واحدة وولاءات دينية، حضاريّة وثقافية واحدة، لكانت حياتنا، نحن العرب، طبيعية ولما احتجنا إلى كلّ هذا الرّكام من الكلام البلاغي الّذي يكشف في واقع الأمر عن نقيض ما يحمله من أحلام، والأصحّ أن نقول: ما يحمله من أوهام.

لقد قالت العرب قديماً إنّ أعذب الشعر أكذبه. وها نحن الآن في القرن الحادي والعشرين لا زلنا نتغنّى بهذا الكذب القومي المعسول، من دون أن نتوقّف قليلاً وننظر إلى أنفسنا في المرآة. هل حقّاً نحن نحن؟ هل حقّاً نحن مثل ما نقول؟

ومع مرّ الزّمن وتسريع قطارات التحديث والعصرنة، ازداد التباسنا، فلا ندري كيف نندسّ في طوابير المجتمعات السائرة قدماً. لقد التبست علينا كلّ منظومات هذا العصر السياسية والاجتماعية والحضاريّة، فوجدنا أنفسنا مشدوهين إزاءها لا ندري كيف نواجهها. والحقيقة المرّة أيضاً هي أنّنا، ما لم نواجه مثل هذه الأسئلة، بيننا وبين أنفسنا، فلن نصل إلى سواء السبيل، ولا إلى حلّ لمعضلتنا الوجوديّة في هذا الأوان.

لننظر قليلاً من حولنا. ألسنا نشتم ليل نهار المستر سايكس والمسيو بيكو؟ لكنّنا، وفي الوقت ذاته، وبعد أن تذهب سكرة الشّتم وتجيء فكرة الهمّ، نتشبّث ليل نهار بما رسمه لنا هذان «الإفرنجيان» الأوروبيان من حدود هزيلة تفصل بيننا. هكذا، وعلى خلفية هذا التناقُض في ذواتنا، أضحينا مهزلة العالم في نهاية المطاف.

لننظر قليلاً إلى كلّ هذه الكيانات المُستحدَثَة لدينا، من ممالك وسلطنات وجمهوريّات غريبة الأطوار. هل يمكن أن نُطلق على ما تجمعه من قضّها وقضيضها شعباً ذا هويّة جامعة ووادعة، أم إنّ الكلام بهذه المصطلحات مجرّد أضغاث أحلام؟ هل نحن شعب بحقّ وحقيق، إم أنّنا مجرّد شراذم قبلية وطائفية متصارعة لا ترعوي من ارتكاب المجازر بحقّ من لا ينتمي إلى بطوننا الجهلاء، وأفخاذنا الحمقاء التي جعلنا منها عِلْماً في النَّسَب نتباهى به على الملأ في عالَمٍ فاتنا فيه قطار العلم الحقّ الّذي يكشف مغاليق الكون في خدمة الكائنات أجمع.

وهكذا وجدنا، نحن العرب، أنفسنا على قوارع الطرق لا يلتفت إلينا أحد، ننظر يمنة ويسرة في هذه المفازة وفي هذا الجدب، فلا ندري ماذا نحن فاعلون. هكذا عدنا، كما حليمة، إلى عاداتنا القديمة في الاقتتال وارتكاب الجرائم بحقّ من ندّعي الانتماء معهم للوطن ذاته وللإله ذاته.

وإزاء ما نرى ممّا يجري في ربوعنا من حولنا، ألا يحقّ لنا أن نقول على الملأ ودون لفّ ودوران: إنّنا أكذب أمّة أخرجت للنّاس؟

*
نشر: صحيفة ”الحياة“، السبت، 21 يونيو 2014



مجنون يحكي وعاقل يسمع


لو كان الأمر مضحكًا لضحكنا. هذا الكلام لا يصلح حتّى كنكتة، فما بالكم به بعد كلّ هذه الجرائم التي طالت الحجر والشجر وفوق كلّ ذلك البشر في هذا البلد العربي...

انتصار لبنان على المشرق العربي


الأيديولوجيّة العروبية على العموم، والبعثيّة على وجه الخصوص، لم تفلح في خلق دولة قوميّة. لقد تحوّلت هذه الأيديولوجية مع مرور الوقت إلى أداة للتسلّط القبلي والطائفي...

سلمان مصالحة || 

انتصار لبنان على المشرق العربي


محمد رشيد رضا || أيها الشرقي المستغرق في منامه


مختارات:


فاتحة السنة الأولى من مجلة المنار، سنة 1898



محمد رشيد رضا ||

أيها الشرقي المستغرق في منامه


بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.
أما بعد:
فهذا صوت صارخ بلسان عربي مبين، ونداء حق يقرع مع سمع الناطق بالضاد مسامع جميع الشرقيين، ينادي من مكان قريب يسمعه الشرقي والغربي، ويطير به البخار فيتناوله التركي والفارسي.

سؤال الديمقراطية والعرب


حتّى الأحزاب، التي تتشدّق ليل نهار بالشعارات العابرة للقبائل والطوائف، هي في حقيقة الأمر أحزاب طائفيّة وقبليّة.

سلمان مصالحة || 

سؤال الديمقراطية والعرب



في المجتمعات التي لم تخرج بعد من الطور القبلي الّذي تتجذّر عصبيّاته في ذهنيّتها، هل تنفع معها الديمقراطية؟ إنّه سؤال لا مناص من طرحه ولا مناص من محاولة الإجابة عليه بصدق. إذ لا تكفي الشعارات التي تُسمع هنا وهناك عن نشود الديمقراطية، وما إلى ذلك من كلام معسول. فالديمقراطية ليست شعارًا شكليًّا. إنّها ذهنيّة وإيمان في آن معًا.

لا حاجة إلى التنظير، فبوسع الفرد العربي في مشارق العرب ومغاربها أن ينظر حوله، كلّ في موقعه الذي يسكن فيه، في البلد، في الإقليم، في المدينة والقرية، وأن يخرج من مشاهداته هذه برأي قويم في هذه المسألة. هل النّاس من حوله يضعون الوطن والشعب في سلّم الأولويّات أم إنّ ولاءَهم الأقوى والأمتن للطائفة والقبيلة؟ هل للفرد في بيئتهم مكانة، أم إنّه مجرّد برغي صغير في ماكينة القبيلة والطائفة؟

حتّى الأحزاب، التي تتشدّق ليل نهار بالشعارات العابرة للقبائل والطوائف، هي في حقيقة الأمر أحزاب طائفيّة وقبليّة. حينما ينظر الفرد ذو البصر والبصيرة في هذا المشرق إلى جوهرتركيبة هذه الأحزاب فما من شكّ في أنّه سيصل إلى قناعة مفادها أنّ هذه الأحزاب، على اختلاف مشاربها، ليست تختلف في تركيبتها عن تلك التركيبة الطائفية والقبلية التي تنهل من ذات الذهنية التي لم تتخطَّ بعد الطور البرّيّ الصحراوي.

وهكذا، بوسع كلّ فرد في هذا العالم العربي المترامي الأطراف أن يبدأ السير في طريق الديمقراطية من عالمه الصغير، من القرية، البلدة، المدينة، والإقليم. فإذا لم يكن باستطاعته أن يتقدّم خطوة إلى الأمام في هذا الحيّز الضيّق، فلن يكون لشعاراته الرنّانة الطنّانة التي تتحدّث عن العرب والعروبة أيّ معنى. وإذا لم يكن باستطاعته الخروج من الشرنقة الطائفية والقبليّة في حيّزه الضيّق، فكم بالحري في الحديث عن هذا الفضاء العربي الواسع؟

وإذا ولجنا عميقًا في سبر أغوار هذه الظاهرة الاجتماعيّة فلا شكّ أنّنا سنجد ما هو أدهى وأمرّ. فليست الذهنيّة القبليّة لوحدها هي المتحكّمة في هذا الكيان المجتمعي الغريب العجيب، بل وفوق ذلك إنّها ذهنيّة قبليّة ذكورية برّيّة تُحيّد نصف المجتمع - أي المرأة - عن لعب أيّ دور في حياة هذا المجتمع. وهكذا لا تبرح المجتمعات العربيّة مكانها، لأنّها تقف على رجل واحدة، هي رِجل الذكر، أمّا الرِجل الأخرى فهي رجل مشلولة. لهذا السبب لا يتقدّم العرب، وإذا أراد العربي أن يتقدّم خطوة للأمام، فهو بحاجة إلى عكّاز. وحتّى هذا العكّاز ليس من عنده، بل هو مصنوع في ”بلاد الكفّار“، كما يزعق ليل نهار.

إذن، والحال هذه، فقبل الحديث عن الديمقراطية يجب البدء ببناء مجتمع سليم. ولا يمكن بناء المجتمع إلاّ عندما تأخذ المرأة العربيّة دورها في قيادة هذه المسيرة. لقد فشل الرّجل العربي في مهمّته طوال قرون طويلة.

لهذا السبب، فقد آن الأوان لتبديل السائق. وبدل أن يقود الرّجل العربي هذه المركبة، يجب عليه أن يتنحّى، وأن يُسلّم دفّة القيادة للمرأة العربية. لقد كنت أطلقت أكثر من مرّة في الماضي دعوات مثل هذه. إذ إنّ الرّجل العربي هو المشكلة، وأمّا الحلّ فهو كامن في المرأة العربيّة. ولا حلّ آخر لنكبات العرب سوى هذا الحلّ.

والعقل ولي التوفيق!

*

النور يأتي من الغرب


هنالك ”مثقّفون” مسلمون يردّدون طوال أجيال أنّ كلّ الحقائق وكلّ المعارف موجودة في القرآن. إنّ من يتمسّك بمثل هذه المفاهيم، كالحمار، فذلك ضمان على بقائه في الخلف إلى الأبد.

سلمان مصالحة || 

النور يأتي من الغرب

صوت صارخ في البراري


سلمان مصالحة || 

صوت صارخ في البراري


لماذا الإعلام العربي على جميع أنواعه، من فضائيات وصحافة ومواقع إنترنت، مُغرم إلى هذا الحدّ بنشر الصّور المُذهلة لأصناف القتل؟ لماذا يعشق العرب نشر كلّ هذا الكمّ الهائل من صور الموت للشيوخ والأطفال، للنساء والرجال؟

لماذا الهوس العربي بالعنف؟


لقد رحل عنّا هذا الأسبوع المفكّر التونسي العفيف الأخضر الذي كان طوال حياته من رافعي راية العقل في مواجهة الأصوليين من أتباع النقل ومشيعي الجهل.
لقد كنت في سنة 2005 نشرت مقالة مهداة إليه وتضامنًا معه ضدّ قوى الظّلام التي كانت له بالمرصاد في كلّ شاردة وواردة.

أعيد نشر هذه المقالة الآن مرّة أخرى، لذكراه:
*

سلمان مصالحة ||

لماذا الهوس العربي بالعنف؟

               (الإهداء: إلى العفيف الأخضر)

حاول الدكتور محمد عبد المطلب الهوني في مقالة له نشرها في "إيلاف" قبل مدّة التطرُّق إلى مسألة الهوس العربي بالعنف. لقد قام بطرح سؤال جوهري يجدر بنا أن ننظر فيه مرّة أخرى، لعلّنا نخلص منه إلى ترياق يخفّف من وقع هذا الوباء على نفسيّات الأجيال العربيّة القادمة. يطرح الدكتور الهوني السؤال على الملأ، غير أنّه يتركه معلّقًا في الهواء دون أن يزوّدنا بإجابة على سؤاله، أو دون أن يهدينا إلى طريق للخلاص من هذا المأزق. صحيح أنّ مجرّد طرح السؤال على الملأ هو قضيّة مهمّة، وقد يشكّل طرحه، على أيّ حال، الخطوة الأولى على طريق الوصول إلى مخرج من المأزق. لكن، حريّ بنا جميعًا أن نحاول تلمّس سبل الإجابة عليه. لأنّنا من خلال الإجابة يمكننا أن نضع اللّمسات الأولى لما يمكن أن يكون برنامج عمل. فنحن العرب، في هذا العصر المتأزّم، أكثر الأمم احتياجًا إلى برامج عمل. لقد تحدّث الدكتور الهوني عن الهوس العربي بالعنف، ولكنّ السؤال الّذي يجب أن يطفو على السّطح هو: لماذا الهوس العربي بالعنف؟ إذ أنّه، كما قيل، لو عُرف السّبب بطل العجب.

أبدأ أوّلاً فأقول، إنّني لا أدّعي هنا في هذه المقالة أنّني أملك الحقيقة كلّها. غير أنّني أجد نفسي مضطرًّا إلى طرح بعض الإجابات على التّساؤلات المطروحة والّتي قد تشكّل طرف خيط نمسك به من أجل الوصول إلى الغايةالمرجوّة. ففي رأيي، هنالك وجهان لهذا الهوس العربي بالعنف، وإن لم نقم بتقصّي جذور هذين الوجهين فلن نصل إلى أيّ مكان. والوجهان اللّذان أعنيهما هما: وجه له علاقة بطبيعة وتركيبة المجتمع العربي، ووجه آخر يتعلّق بالجانب الثّقافي الّذي يتأسّس عليه هذا المجتمع.

أمّا فيما يتعلّق بالتّركيبة المجتمعيّة، فما من شكّ في أنّنا نحن العرب لم نعرف طوال تاريخنا القديم والمعاصر معنى ”الدّولة“ بما يعنيه هذا المصطلح. جميعنا نعرف نعرف ما كانت عليه حال العرب في الجاهليّة من تناحر قبلي ووقعات اشتهرت لاحقًا بمصطلح ”أيّام العرب“، وهي أيّام لا زالت قائمة إلى يومنا هذا. والأمر الأبرز في ما يتعلّق بهذا الجانب هو أنّه ما من شكّ في أنّ القبيلة في المجتمع العربي ماضيًا وحاضرًا كانت ولا تزال هي الوحدة السّياسيّة الّتي شكّلت المجال الّذي يتحرّك فيه الفرد العربي اجتماعيًّا وسياسيًّا. وبكلمات أخرى، فإنّ نظام القبيلة هو ما يمكن أن نطلق عليه نظام ”المدينة الدّولة“، على غرار الـ ”پوليس“ الإغريقي. وليست العلاقات الّتي تُقام بين القبائل العربيّة سوى شكل آخر من أشكال العلاقات الدپلوماسيّة بين الدّول المختلفة. وهي دول قد تتكاتل في فترة معيّنة ثمّ ما تلبث أن تتقاتل، لأسباب كثيرة، كما هي الحال على مرّ التّاريخ.

وحتّى الإسلام الّذي يدّعي كثيرون أنّه هدف إلى توحيد القبائل العربيّة، لم يكن كذلك بأيّ حال. فلم يأت الإسلام من أجل صهر العرب في أتون مدنيّة عربيّة، وإنّما جاء لتوحيد بطون وأفخاذ قريش الّتي تشتّتت وتضعضع نفوذها في جزيرة العرب مقابل سائر القبائل العربيّة الّتي بدأت تتغلغل فيها النّصرانيّة واليهوديّة إضافة إلى النّفوذ الفارسي والحبشي. ولهذا السّبب نجد أنّ الجدل الأوسع هو جدل مع النّصرانيّة واليهوديّة، ويحتلّ حيّزًا واسعًا في الأيديولوجيّة الإسلاميّة. ولهذا السّبب أيضًا تمّ إجلاء النّصرانيّة واليهوديّة الّتي رفضت قبول هيمنة المسيحانيّة العربيّة القرشيّة في جزيرة العرب.

ليس هذا فحسب، بل إنّ الإسلام قد بنى أيديولوجيّته على ذات الأيديولوجيّة القبليّة الّتي سادت في الجاهليّة: ”خياركم في الجاهليّة خياركم في الإسلام“، مكرّسًا هذا المبدأ بإضافة تنويعة جديدة عليه من مثل ”إذا فقهوا“. غير أنّ المبدأ القبلي هو ذاته لم يتغيّر. وهكذا صارت مسألة النّسب في الخلافة الإسلاميّة هي المبدأ الّذي تنبني عليه الخلافة. لقد وسّع الإسلام النّموذج القبلي إلى ”أمّة“ في مقابل سائر القبائل، أي شعوب العالم الأخرى. ولذلك وبعد أن قويت شوكة الإسلام فقد قام بملاحقة سائر الملل والشّعوب إلى عقر دارها في عصر الفتوحات، وهي فتوحات على أيّ حال لا تختلف بشيء عن عصر الإستعمار الأوروبي، هذا إن لم نذهب إلى أبعد من ذلك في طرحنا. فلو أنّ الإسلام قد جاء حقًّا لتوحيد العرب ضمن هويّة واحدة وبناء مجتمع جديد لما كان خرج خارج حدود العرب الجغرافيّة. والحقيقة الّتي لا بدّ من طرحها هنا هي أنّ الإسلام، في جوهره، ليس سوى تحويل للنّعرة القبليّة المتفشّية بين العرب إلى نعرة عربيّة موحّدة بلباس أيديولوجي إسلامي من جهة، و تحويل الغزوات المتبادلة بين القبائل العربيّة إلى اتّحاد قبلي يغزو سائر الشّعوب المحيطة ببلاد العرب من جهة أخرى، وهذا ما حدث فعلاً. وحتّى هذا التّوجّه لم يدم طويلاً، فالطّبع العربي يغلب التّطبُّع، إذ سرعان ما ثارت النّعرات القبليّة منذ نشوء الإسلام وبدأ الصّراع على الخلافة على أساس هذه النعرة القبليّة السّائدة في ذهنيّة العرب.

وما النّظرة المتفشّية بين الإسلامويين اليوم إلى عصر الرّاشدين وكأنّه العصر الذّهبي للإسلام سوى شعار باطل لا يستند إلى أيّ حقائق تاريخيّة. يكفي أن نعرض خبرًا واحدًا عن هذا الماضي الذّهبي الّذي يتشدّق به الأسلامويّون، وهو مجرّد خبر واحد عن مقتل الخليفة عثمان بن عفّان، وهو خير مثال على ما آل إليه التّاريخ العربي على مرّ التّاريخ. فلنقرأ معًا بتمعّن ما رواه لنا الطّبري في الجزء الرّابع من تاريخه: ”وأمّا عمرو بن الحمق فوثب على عثمان، فجلس على صدره وبه رمقٌ، فطعنه تسع طعنات. قال عمرو: فأمّا ثلاث منهنّ فإنّي طعنتهنّ إيّاه للّه، وأمّا ستّ فإنّي طعنتهنّ إيّاه لما كان في صدري عليه“.


وهكذا، وبعد مقتل عثمان، فقد ألقي، وهو الخليفة كما نعلم، في دمنة حتّى نهشت الكلاب قدمه، فلنقرأ أيضًا معًا ما يرويه لنا ابن أعثم الكوفي في الجزء الثّاني من كتاب الفتوح: ”وبقي عثمان ثلاثة أيّام دون أن يدفن حتّى كاد أن يتغيّر. وقال أحد كبار الخارجين من أهل مصر ويدعى عبدالله بن سحراد: لن نرضى أبدًا بدفنه في مقابر المسلمين لأنّه ليس مسلمًا. فقد سمع في أيّام خلافته حين عاد من المسجد إلى منزله وحوله بنو أميّة فقال أبو سفيان: يا بني أميّة، تلقّفوها تلقّف الكرة، فوالّذي يحلف به أبو سفيان: ما من عذاب ولا حساب، ولا جنّة ولا نار، ولا بعث ولا قيامة. وأنّه بدلاً من أن يُقيم حدّ المرتدّ أعطاه مئتي ألف دينار من بين مال المسلمين“. وهذا غيض من فيض ممّا ينضح به التّاريخ العربي، ومجلّدات التّاريخ العربيّ تكاد لا تحتوي سوى على هذا النّوع من القصص العنيف والقتل والسّحل، في السّاحات والقصور والمساجد.

فهل هذا هو العصر ”الذّهبي“ الّذي يتشدّق به الإسلامويّون؟ إنّه شعار جاء ليشلّ عقول العرب ويحجب عيونهم عن النّظر إلى المستقبل. فإن كان هذا الماضي، على ما فيه من عنف، هو ذروة ما يصبو إليه العربي المسلم، فما شأنه إذن بالمستقبل وما فيه من علوم واكتشافات وتطوّرات على جميع الأصعدة؟ الحقيقة يجب أن تُقال على الملأ، إذ يبدو أنّ هذه العصور ”الذّهبيّة“ الموهومة، وتلك الممارسات العربيّة لم يطرأ عليها أيّ تغيير منذ ذلك الحين وحتّى الآن. والحقيقة المرّة أيضًا هي أنّ الإسلامويّين يعتاشون على الأميّة المتفشّية في صفوف عامّة الشّعوب العربيّة. إنّهم يعتاشون على جهل الشّعوب العربيّة الّتي لا تقرأ هذا التّراث الدّموي، وإن قرأته فهي لا تفهمه، وإن لم تفهم ما تقرأ فإنّها تخجل أن تسأل، وإن سألت فليس لديها من تسأل سوى فقهاء الظّلام هؤلاء الّذين يزيّنون لها هذا التّاريخ.

والوجه الآخر للعنف العربي، كما أراه، له علاقة وثيقة بالموروث الأدبي، والشّعر الجاهلي وشبيه الجاهلي بصورة خاصّة، هذا الموروث الّذي تتربّى عليه الأجيال العربيّة من المحيط إلى الخليج. إنّه تراث من شعر الحرب والقتل والسّحل والسّيوف والخيول وقطع الرّؤوس، إذ أنّ ”السّيف أصدق إنباءً من الكتب“، إلى آخر القائمة من هذه ”الدّرر“ الّتي عاثت فسادًا بذهنيّة العرب طوال قرون. ويكفي أن نُعطي مثالاً على هذه العقليّة، وهو مثال لا يزال عالقًا في ذهنيّة من تربّوا على هذا تراث الغزوات الجاهليّة.

فهذا بن لادن يقرأ شعرًا في بعض التّسجيلات المتلفزة، فماذا يقرأ على بن لادن على الملأ؟

لنقرأ معًا:

إن أطبقت سدفُ الظلام وعضّنا ناب أكولُ

وديارنا طفحت دما ومضى بها الباغي يصولُ

ومن الميادين اختفت لُمع الأسنة والخيولُ

وعلت على الأنات أنـغام المعازف والطبولُ

هبت عواصفهم تدك صروحه وله تقولُ

لن نوقف الغارات حتى عن مرابعنا تزولُ


وعندما هرب واختفى سفّاح العراق في جحوره، بدأ يبعث هو الآخر رسائله المتلفزة. وهو أيضًا على غرار هذه العقليّة العربيّة المتكلّسة يقرأ الشّعر أيضًا. فماذا يقرأ؟

لنقرأ معًا:

أطلقْ لها السّيف لا خوفٌ ولا وجلُ أطلق لها السيف وليشهدْ لها زحلُ

أسرجْ لها الخيلَ ولتطلقْ أعنّتها كما تشاء وفي أطرافها الأملُ

واقدحْ زنادَك وابْقِ النارَ لاهبةً يخافها الخاسئ المستعبد النّذلُ

أطلقْ لها السّيفَ جّردْهُ كبارقة ما فاز بالحقّ الا الحازمُ الرّجلُ


إنّها، إذن، الذّهنيّة ذاتها منذ عصر الجاهليّة وحتّى عصرنا هذا، لم يتغيّر في هذه الذّهنيّة شيء طوال كلّ هذه القرون.

وبكلمات أخرى، يمكن القول إنّ الأصوليّة العربيّة تنهلُ من موردين، مورد ديني ومورد ثقافي، وكلاهما يربّي الأجيال على العنف القبلي وعلى العنصريّة تجاه الآخرين كلّ الآخرين. بل ويجعل من كلّ هذا التّراث العنيف ومن هذه العنصريّة قيمة حضاريّة يتفاخر بها. بالإضافة إلى ذلك، وبسبب الأميّة المتفشّية في صفوف الجماهير العربيّة منذ القدم، فقد تجذّر الإنسان العربي على مرّ التّاريخ في حالة بشريّة يمكن أن نطلق عليها حالة الإنسان السّماعي، بدلاً من أن يتحوّل مع الطّفرة التّربويّة والعلميّة المعاصرة إلى حالة الإنسان القارئ، أي إلى حالة الإنسان الواعي.

بل ويمكن القول إنّ ثمّة جانبًا آخر يترافق مع هذه الأميّة المتفشّية، وهو الوضع المأساوي الّذي لحق باللّغة العربيّة وأصحابها على جميع الأصعدة. فالنّظرة الأصوليّة إلى هذه اللّغة بوصفها لغة القرآن، أي لغة مقدّسة، وضع قيودًا عليها فانكفأت على ذاتها لا تواكب العصر الحديث على مافيه من طفرات علميّة. لقد آل حال العربيّة إلى وضع صار فيه أهل هذه اللّغة يبتعدون عنها مفضّلين اللّغات الأخرى الّتي تُكتب وتُقرأ وتُلفظ دون فروق تذكر بين هذه الحالات، بخلاف اللّغة العربيّة الّتي إن كُتبت لا تُقرأ، وإن قُرئت لا تُلفظ في الشّارع ولا في الحديث اليومي فتكوّنت فجوة كبيرة بينها وبين حياة البشر اليوميّة على جميع مجالاتها.

وهكذا وصلنا إلى وضع يمكن أن نطلق عليه وضعًا من انعدام هذه اللّغة لدى عامّة الشّعوب العربيّة، أي أنّ اللّغة العربيّة في الحقيقة ليست لغة أمّ، وإنّما هي لغة مكتسبة بالدّراسة وموجودة في الكتب، وليست هي لغة التّخاطب في البيت والشّارع. ولمّا كانت حال العرب من الأميّة على ما هي عليه، وانحسار القراءة وانتشار الكتب كما تشير جميع التّقارير، فإنّ هذا الوضع قد أوصل عامّة شعوب العرب إلى حال من الشّيزوفرينيا اللّغويّة. وبكلمات أخرى، العرب بعامّة منوجدون في حالة من العجز اللغوي عن التّعبير االذّاتي، إذ أنّ اللّغة هي التّعبير الأقوى عمّا يفرزه العقل البشري. ولو نظرنا إلى عالم الأطفال لوجدنا أن العنف يتولّد لديهم عندما يكونون يفتقرون إلى لغة التّعبير. فكلّما كانت لغة الأطفال غنيّة كلّما كان بوسعهم التّعبير عن ذواتهم فيبتعدون عن لغة العنف الكلامي والجسدي.

وما حال العرب في هذه الأيّام سوى حالة طفوليّة على جميع الأصعدة، فالعرب يفتقدون لغة التّعبير السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية، والعاطفيّة إلى آخر هذه القائمة. وفي حال الطّفولة العربيّة هذه فإنّ التّعبير الوحيد الّذي يصدر عنها هو تعبير العنف بجميع أشكاله.

ما العمل، إذن؟
أوّلاً، هنالك ضرورة ملحّة إلى إعداد معاجم عربيّة معاصرة تحوي هذه اللّغة المكتوبة اليوم، والّتي أستطيع أن أجزم أنّ غالبيّة طلبة المدارس والجامعات لا يفهمونها، ويخجلون من الإفشاء بعدم الفهم هذا فتتولّد لديهم حال من فنتازيا الفهم، لا حال من الفهم الحقيقي. كذلك، هنالك ضرورة ملحّة إلى إعداد مناهج تعليميّة عصريّة للمدارس العربيّة تُغلّب العقل على النّقل، كما أشار أكثر من مرّة وفي أكثر من مكان الأستاذ العفيف الأخضر. وبكلمات أخرى، هنالك حاجة إلى مناهج تعليميّة تُغلّب الشّكّ على اليقين. لأنّ الشكّ هو محرّك البحث عن الحقيقة، وهو رافعة العلوم، بينما اليقين، أي الإيمان الأعمى، هو الّذي أوصل الإنسان العربي طوال هذه القرون إلى هذه الحال من الشّلل.

وثانيًا، العمل على إعداد مناهج تجديديّة فيما يخصّ اللّغة العربيّة تهدف إلى جسر الهوّة القائمة بين اللّهجات الدّارجة المحكيّة وبين لغة الكتابة، لأنّ لغة الكتابة هي لغة العقل، بينما اللّهجات المحكيّة، وهي لغة النّقل التّبسيطي، الّذي لا يمكن بأيّ حال أن يجاري العصر وعلومه المتطوّرة في جميع الأصعدة. يجب أن تصل الأمّ العربيّة إلى وضع تكتب فيه وتقرأ وتتكلم في البيت والشارع ومكان العمل بنفس اللّغة. فقط في حال كهذه يستطيع الطّفل العربي أن يقول إنّ العربيّة هي لغة أمّه.

وخلاصة القول، 
نحن منوجدون في حال من الشّيزوفرينيا الحضاريّة. فمن جهة نحن في حال طفوليّة حضاريًّا من ناحية الإبداعات المعرفيّة في جميع المجالات واللّغوية على وجه الخصوص، ومن جهة أخرى نحن في حال من الشّيخوخة النّفسيّة نعيش على أمجاد ماضٍ متخيّل، نسمع به ولا نقرأه. وفوق كلّ ذلك لا نملك ألسنة نتحدّث بها، إذ قامت السّلطات السّياسيّة والدّينيّة والاجتماعيّة وعلى مرّ العصور العربيّة بقطع ألسنة العرب. وبذلك صار العنف هو السّبيل الوحيد للتّعبير العربي والإسلامي عن الذّات.

ملاحظة: رغبت أن أعبّر بهذه المقالة عن تضامن من نوع آخر، وبهذه الصّورة، مع الأستاذ العفيف الأخضر في مواجهة قوى الظّلام.
*
نشرت، إيلاف، 18 مايو 2005
*


في ذمّ الجهل

الشيخ سلمان مصالحة


لقد نما إلى مسامع الشيخ سلمان بن صليبي آل مصالحة أنّ بعضًا من أيتام ابن تيميّة ومن لفّ لفّهم من أنسال الوهابيّة، قد تطاول بكلام فيه تقذيع وتكفير لبعض البريّة.

ولمّا كان الشيخ سلمان، ورغم عيشه في غربة وطنيّة بعيدًا عن مسقط رأسه في الحارة الغربيّة من بلدة المغار الجليليّة، لا ينسى أصوله العربيّة الأبيّة، بخلاف أولئك المُكفّرين من ذوي الأصول الأعرابيّة الغبيّة. وَلمّا كان أيضًا يأنف من الحديث بلغة سوقيّة كلغة هؤلاء الأذيّة، فقد وطّن النّفس أن يقول كلامًا بلغة يعربيّة أصيلة وجليّة، وبنبرة كثيفة ولطيفة في آن.

فمن يدري؟

لعلّ كلامه هذا يُنظّف قلوب ذوي العقول التامّة من خاصّة الإنسان، ويشنّف آذان العامّة من رعاع العربان.

ومن يدري؟

فلعلّ، وعسى أن يكون هذا الكلام مُحرّكًا لذهن من لا يزال يمتلك ذرّة من بصر أو بصيرة.

سلمان مصالحة || 

في ذمّ الجهل


                        (قصيدة بنبرة صوفية)

العَيْنُ تَقْطُـرُ وَالأَكْبَادُ تُعْتَصَـرُ
فِي مَشْرِقٍ عَاثَ فِيهِ البَدْوُ وَالمَدَرُ.

أَضْحَتْ مَرَابِعُهُ قَفْرَاءَ. وَانْبَعَثَتْ،
مِنْ جِيفَةِ الرَّمْلِ، أَفْكَارٌ بِهَا قَذَرُ.

يَا أُمَّةً جُبِلَتْ بِالحِقْدِ مُذْ دَرَجَتْ
وَبَايَعَتْ جَاهِلاً يُفْتِـي. وَيَحْتَقِـرُ

مَنْ بَارَكَ العَقْلَ، إذْ عَزَّ الأَنَامُ بِهِ
مُذْ أَنْ تَصَوَّرَ فِي الأَرْحَامِ، يَبْتَكِـرُ.

لَوْلا العُقُولُ، الَّتِي شَعَّتْ لِبَارِقِهِ،
لَمَا عَرَفْنَا قَدِيـمًا أَنَّنَا بَشَـرُ.

مَنْ كَانَ مِنْ أُمَّةِ الحَمْقَى الَّتِي رَسَمَتْ
إِمَامَهَا الحِقْدَ، فِي الإظْلامِ يَنْقَبِـرُ.
***
العَيْنُ تَنْظُـرُ حَتَّى صَارَ صَاحِبُهَا،
مِنْ شِدَّةِ الظُّلْمِ فِي العُرْبانِ، يَخْتَصِرُ

سَرْدَ الحَدِيثِ الَّذِي أَمْسَى بِهاجِسِهِ
ثِقْلاً عَلَى الرُّوحِ، فَاسْتَاحَتْ بِهِ الفِكَـرُ.

وَأَوْصَلَتْـهُ مَقَامًا، عَزَّ دَاخِلُـهُ
مُفَارِقًا أَرْضَ مَنْ سَبُّوا، وَمَنْ كَفَرُوا

بِنِعْمَةِ العَقْلِ. لا يَدْرُونَ مَا حَمَلَتْ
وَرْقاءُ هَاتِفَـةٌ يَحْيَى بِهَا السَّحَـرُ.

حِينًا تُوَزِّعُ مِنْ تَنْحابِهَا أَمَلاً،
حِينًا تُرَاقِبُ كَيْفَ الفَجْـرُ يَنْفَجِـرُ.
***
العَيْنُ تُبْصِرُ فِي الأَذْهَانِ، مَا بَصَرَتْ،
سِرًّا تَمَثَّـلَ فِيمَا فَاحَ يَنْتَثِـرُ.

لَيْسَتْ كَمَنْ عُصِبَتْ عَيْنَاهُ فِي نُطَفٍ
بِالْبَطْنِ، بِالفَخْذِ، بِالأَنْسَابِ يَفْتَخِـرُ.

مَنْ قُدَّ مِنْ حَلَكٍ يَبْقَى بِحُلْكَتِـهِ
حَتَّى وَإنْ سَطَعَتْ مِنْ فَوْقِهِ الدُّرَرُ

ذَاكُمْ قَضَاءُ الَّذِي، كَالْكَلْبِ قَدْ سُعِرَتْ
أَحْوَالُـهُ. بِعُواءِ الكَلْبِ يَحْتَضِـرُ.
***
العَيْنُ تَحْفِـرُ فِيمَا شَاعَ مِنْ حَلَكٍ
وَاللَّفْظُ يَذْكُـرُ بَعْضَ الحَقِّ، فَاصْطَبِرُوا!

لَمْ يَبْقَ مِنْ كَلِمٍ يُرْجَى لِمُجْتَـرَبٍ
مِنْ أُمَّةِ الحِقْدِ، أَصْفَى زَيْتِهَا العَكَـرُ.

مَاذَا أَقُولُ، وَقَدْ جَرَّبْـتُ كَابِرَهَا،
فَاسْتَكْبَرَتْ وَبَغَتْ وَاسْتَنْكَـرَتْ تَقِـرُ.

مِثْلَ الحِمَارِ الَّذِي تَنْوِي تُعَلِّمَـهُ،
يَرْتَدُّ فِي عَجَلٍ لِلْأَصْلِ، يَنْحَمِرُ.

مَهْمَا تَبَجَّحَ أَهْلُ الجَهْلِ، لَنْ يَصِلُوا
حَدَّ الشُّـرُوقِ الَّذِي يَسْمُو بِهِ البَصَـرُ.

حَيْثُ الأَنَامُ سَوَاءٌ فِي مَعَارِفِهِمْ
يَسْتَذْكِرُونَ عُلُومًا، آنَ أَنْ فُطِرُوا.

كُلُّ الكَلامِ، وَإنْ جَدَّتْ بِهِ صُوَرٌ
قَدْ كَانَ جَوْهَرُهُ فِي العَقْلِ يَزْدَهِرُ.
***
العَيْنُ تَصْبُـرُ عَنْ قَحْطٍ بِنَاظِرِهَا
وَتَسْتَعِينُ بِنُورٍ لَيْسَ يُبْتَصَـرُ

لَنْ يُدْرِكَ القَوْلَ مَنْ تَحْيَى بِهِ نُطَفٌ
مِنْ مَعْدِنِ الجَهْلِ. فِيهِ الشَّـرُّ يَخْتَمِرُ.

الخَيْرُ وَالشَّـرُّ مَخْلُوقَانِ فِي جَسَدٍ،
وَالعَقْلُ يَعْرِفُ مِنْ أَيٍّ لَـهُ خَطَـرُ.

هذا كَلامِي، فَمَنْ يَدْرِي، لَعَلَّ بِهِ
حَبْلاً لِمَنْ مُسِخَتْ أَجْدَادُهُ الحُمُـرُ.

وَالاَّ، خَلَصْتُ، وَخَيْرُ القَوْلِ خَاتِمَةٌ:
نَاسٌ مَعَ العَقْلِ، وَنَسْلُ الجَهْلِ قَدْ فَشَرُوا.

*
والعقل وليّ التوفيق!

---
نشرت أيضًا في: "شفاف الشرق الأوسط"

وصايا عشر للعربي المبتدئ

أرشيف: يوليو 2006


سلمان مصالحة || 

وصايا عشر للعربي المبتدئ

أخي أيّها العربي المبتدئ!
لا تصدّق جميع هؤلاء، فحقيقة الأمراض الذّهنيّة المستترة من وراء تصرّفاتهم جديرة بدراسات اجتماعيّة ونفسيّة تقف على مكامن الخلل في سلوكيّاتهم وثقافتهم.

أمينة على الجسد


سلمان مصالحة || 

أمينة على الجسد

        (أمينة، ناشطة نسويّة تونسية: ”جسدي ملكي، ليس شرف أحد“)

لا تَسْأَلِي أَحَدًا
إنَّ الهَوَى شَرَفُ.
وَاسْتَمْتِعِي بِجَمالٍ
حَتَّى يَعْتَرِفُوا

بِأنَّ جِسْمَكِ مُلْكٌ
لِلَّتِي كَشَفَتْ عَنْ صَدْرِها
بِزَمانٍ جُلُّهُ قَرَفُ.

لا تَأْبَهِي بِرِجالٍ
بَاعَ كابِرُهُمْ أوْطانَهُ شَرَهًا
والعُهْرَ يَقْتَرِفُ.

إنَّ البِناءَ
الّذِي تَبْنِينَ مِنْ جَسَدٍ
أَرْكانُهُ صَمَدَتْ
فِي الرِّيحِ، والغُرَفُ.

مَهْما تَنَطَّحَ
مِنْ ناسٍ فَلا تَثِقِي
إلاَّ بِمَا أَنْتِ،
فَرْدٌ
زَانَهُ هَدَفُ.
*

نشرت أيضًا في: "شفاف الشرق الأوسط"

اقرأ أيضًا: "جسدي ملكي، ليس شرف أحد"

حمدي الجزار || أحلام الفارس القديم

 خواطر من الثورة المصرية:
حمدي الجزار (تصوير: س. م.)

حمدي الجزّار يتذكّر صلاح عبد الصبور



أحلام الفارس القديم
 1

في عام 1993، كنتُ في الثالثة والعشرين من عمري، أعمل مصححًا للروايات البوليسية، المُترجَمة للعربية، أتقاضي خمسين قرشًا، فقط لا غير، عن كل ساعة عمل، وكان تحت زجاج منضدة عملي الصغيرة قصاصة ورق، كتبتُ عليها كلمات صلاح عبد الصبور:

” في بلد لا يحكم فيه القانون
يمضي فيه الناس للسجن بمحض الصدفة
 لا يوجد مستقبل 
في بلد يتمدد فيه الفقر 
كما يتمدد ثعبان في الرمل 
لا يوجد مستقبل
 في بلد تتعرى فيه المرأة كي تأكل
 لا يوجد مستقبل”.

إلهٌ ضيّع دربه




سلمان مصالحة ||


إلهٌ ضيّع دربه




مَـرَّ الإلـهُ بِنَكْــبَـهْ - مَـعْ أُمَّـةِ الطُّــرُطُـبَّــهْ


لَحاهُمُـو مِـنْ أُنـاسٍ - تَظَاهَـرُوا بِالـمَـحَـبَّــهْ


وَفِي القُلُــوبِ خِبـاثٌ - مِنْ كُـلِّ قُبْـحٍ وَسُـــبَّـهْ


إذا قَضَـى اللّـهُ أَمْـرًا - تَمَثَّــلُوا الحَـبَّ قُــبَّــهْ


فَيـا لَـهُ مِـنْ مُصـابٍ - بِغُـصَّــةٍ وَبِكَــرْبَــهْ


وَهُـوْ إلـهٌ قَـدِيـــرٌ - لَـكِـنَّــهُ كــانَ يَـأْبَــهْ


بِـأُمَّـةٍ لا تُبــالِــي - بِمَـنْ يُـذَبِّــحُ شَــعْـبَـهْ


فَصَارَ فِي الأَرْضِ يَهْـذِي - يَدْعُـو وَيَطْـلُـبُ رَبَّـهْ


فِي الشَّـرْقِ إذْ لَـمْ يَجِـدْهُ - فَهَـامَ ضَيَّــعَ دَرْبَـهْ






*

”كلب العروبة النابح“


وعندما سأل نزار قبّاني: متى يعلنون وفاة العرب؟ فها هي الإجابة الدامية تأتي من بلده، من الشام. وها هم العرب يتوفّون ويموتون في الشام يوميًّا….


سلمان مصالحة ||


”كلب العروبة النابح“


لماذا أتعاطف مع إيران أحيانًا؟


فطالما رفع الإسلاميّون شعار ”الإسلام هوالحلّ في كلّ شاردة وواردة. طيّب، ها هم وصلوا إلى السلطة في مصر وتونس، ومن قبل يحكمون في السودان لسنوات طويلة. إذن، فليتفضّلوا ويرونا شطارتهم في ”الحلّ“. لماذا لا يخرجون إلى الملأ بإعلان الوحدة بينهم؟ من يمنعهم من القيام بهذه الخطوة؟ فليتفضّلوا وليتوحّدوا! 


....

سلمان مصالحة || 

لماذا أتعاطف مع إيران أحيانًا؟

مرّة أخرى، العرب في الذيل


 نتائج اختبارات دولية في الرياضيات، العلوم ولغة الأمّ:



وعلى الرغم من التحفّظات التي قد تُعرض بشأن هذه الاختبارات بصورة عامّة وبمدى كونها تمثّل الأوضاع القائمة وبمدى مصداقيّتها العلميّة، وهي أمور تلازم الكلام عن الاختبارات من ناحية مبدئية بعامّة، إلاّ أنّ هذه الاختبارات تبقى الوسيلة الأمثل لفحص الأوضاع التربوية...
سلمان مصالحة || مرّة أخرى، العرب في الذيل...

قضايا
  • كل يغنّي على ويلاه

    إنّ القطيعة التي فرضها الإسلام على العرب مع جذورهم الجاهلية قد سجنتهم في بوتقة الواحدية الأيديولوجية التي لا يمكن أن تكون إلاّ كابتة ومستبدّة، أي فاشية في نهاية المطاف. كذا هي طبيعة الأيديولوجيّات الواحدية، أكانت هذه الأيديولوجيات دينية أو سياسية، لا فرق.
  • شعب واحد أم تشعّبات؟

    قد يظنّ البعض أنّ إطلاق الشّعارات يكفي وحده إلى تكوين مجموعة سكّانيّة هوموجينيّة متراصّة لها مقوّمات الشّعب كما يجب أن يفهم هذا المصطلح على حقيقته.

    تتمة الكلام
 
قراء وتعليقات
  • تعليقات أخيرة

  • جهة الفيسبوك

    قراء من العالم هنا الآن

  • عدد قراء بحسب البلد

    Free counters!