‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقالات الحياة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مقالات الحياة. إظهار كافة الرسائل

يا شبيحة العالم، اتحدوا


واللافت الآن في هذه القضية هو ما كشفته من عمق الهوّة القائمة بين المؤسسة العسكرية وبين رأي الشارع الشعبوي الذي يعبّر عن تعاطفه مع الجندي...

حلم البحث عن قبيلة جديدة



أوليس هذا الخراب الكبير في الأحوال العربية مردّه إلى خراب بنيوي وتمزّق متجذّر لم يستطع العرب وطوال قرون طويلة جمع شراذمه القبلية والطائفية في كيان سياسي واحد عابر لهذه العصبيات.


شذرات العجب من أخبار حلب


”فلما أراد الرحيل التفت إلى مكان استيطانه كالحزين الباكي لفراقها؛ ثم رفع يديه وقال: اللهم طيّبْ ثراها وهواءها وماءها وحَبّبْها لأبنائها...“

مكبرات صوت أم مكابرات صوتيّة؟



إنّ مكبّرات الصوت في المساجد وما تثيره من إزعاج للمواطن هي مسألة تتخبّط فيها كلّ المجتمعات العربية...

جبران خليل جبران والحلم الصهيوني

 

”تركت العرب واليهود يبحثون بأنفسهم عن حلّ للقضية الدينية الملحّة وعن قضية السلام في فلسطين. ونتيجة لهذا الوضع حصلت الكارثة الحالية“.

هل ثمّة دور للمثقف العربي؟


وهكذا رأينا أنّ العراق عراقات كثيرة، وسورية سوريات عديدة، واليمن وليبيا يمنات وليبيات كثيرة ومتصارعة.

حتّى الموت يفرّق بيننا

 

لن نعود بالذاكرة إلى المصائر التي لقيها الخلفاء والأمراء، فقد دوّنها لنا السلف في مأثوراتهم وتناقلتها الأجيال العربية على مرّ التاريخ العربي...

هل لدى العربيّ ما يفاخر به؟


هكذا، أضحى العرب مهزلة هذا العصر، وخشبة مهترئة تتقاذفها أمواج بحر متلاطم. إنّ العربيّ الصادق مع نفسه يعرف هذه الحقيقة، غير أنّه لا يني يواصل المكابرة والتغنّي بالأمجاد العريقة...

في مديح الربيع العربي


لقد أزاحت هذه الرياح كثبان البلاغة من طبقة العروبة الخارجية وكشفت ما كانت تُخفي تحتها من حقائق هذه المجتمعات. ولذا، يُخطئ من يسمّي هذه الحروب الدائرة حروبًا أهليّة...

سياسة التلاعب بالعواطف العربية

ولمّا كانت هذه القوى، بطبيعة الحال، تنظر هي الأخرى بمنظار مصالحها، نجد لزامًا علينا ألا نغرق في بحر من الأوهام التي تحاول هذه القوى إشاعتها.

سلمان مصالحة ||

سياسة التلاعب بالعواطف العربية


لا شكّ في أنّ المتتبع للكلام المنثور في وسائل الاتصال العربية، وعلى كافّة تنويعاتها، قد يتفاجأ من حجم العواطف المكدّسة فيه. قد تكون اللغة العربية التي نشأت وترعرعت على بلاغتها الأجيال العربية منذ قرون طويلة لم تتغيّر بعد. فالكلام في السياسة نثراً، كالكلام في الشعر نظماً ونثراً، محشوّ بعواطف جيّاشة يفقد فيها القارئ/المستمع القدرة على التفكّر في ما يقوله، أو لا يقوله، الكلام. إذ يكتسح ذهنه جرس الألفاظ، وتتابع النعوت والاستعارات. إنّ هذه الخاصية في الكتابة العربية هي جزء من المأزق الذي يعيشه العرب منذ عقود طويلة.

لا نريد العودة إلى الماضي البعيد لكي نبرهن على ما نقول، بل يكفي أن ننظر في أحوالنا الراهنة. 

لنترك جانباً لبعض الوقت القوى العظمى، أميركا وروسيا اللتين تتحدد نشاطاتهما على الساحة الشرق أوسطية استناداً إلى مصالحهما الكبرى على النطاق الكوني، وليس بالاستناد إلى الأخلاق، وما إلى ذلك من مقولات. بدل ذلك لننظر بعض الشيء في القوى الكبرى الأخرى الفاعلة في هذه الساحة، ونعني بهذه القوى إيران وتركيا وإسرائيل وهي قوى إقليمية مؤثّرة في المنطقة، لكنّها غير عربية.

ولمّا كانت هذه القوى، بطبيعة الحال، تنظر هي الأخرى بمنظار مصالحها، نجد لزاماً علينا ألا نغرق في بحر من الأوهام التي تحاول هذه القوى إشاعتها. ولمّا كان العالم العربي رجل المنطقة المريض جسديّاً وعاطفيّاً، فمن الطبيعي أن تتحوّل باحة بيته إلى سوق لعرض أدوية علاجية توهمه بالشفاء. 

وهكذا دخلت على الخط هذه القوى الإقليمية محمّلة بالشعارات الإسلامية في محاولة لدغدغة العواطف العربية. إنّ الشعارات الإسلامية القادمة من تلك القوى هي بمثابة القشرة الخارجية التي تخفي لبّ مصالحها القومية الجوهرية التي تحاول اقتطاعها من الكيانات العربية المشوهة. فبالنظر إلى الخطاب الإيراني. فقد كانت لغة الثورة الإسلامية التي أشيعت تخفي من ورائها لغة قومية فارسية، فالخطاب الإيراني كثيراً ما يُشدّد على مصطلح «ملة إيران» أي الأمّة الإيرانية. وعلى الجانب الآخر، بعد صعود الإسلاميين في تركيا، عادت إلى الظهور هناك اللهجة العثمانية وتصدّرت الخطاب التركي، وعلى وجه الخصوص في اللغة الإردوغانية السنّية. 

لقد عملت هاتان القوّتان الإقليميتان على استغلال القضية الفلسطينية فطرحت كلّ واحدة منهما شعارات فلسطين للتلاعب بمشاعر عامّة العرب الذين طالما تغنّوا بفلسطين واصفينها بقضية العرب الأولى. هكذا شاع استخدام «يوم القدس» والأيام الفلسطينية الأخرى في الخطاب الإيراني كما لو أنّ إيران تقف في مقدم الدفاع عن قضية العرب الأولى. 

ومع صعود الإسلاميين في تركيا، أخذوا يدلون بدلوهم في قضية العرب، وعلى وجه الخصوص بعد الانقلاب «الحمساوي» في غزة. فقد أخذ العثمانيون الجدد يلعبون على الوتر ذاته، كما لو أنّهم حامو حمى فلسطين. ولم تكن محاولات إرسال السفن لـ «كسر الحصار» على غزة سـوى ورقـة أخرى من أوراق اللعب على العواطف العربية والفلسطينية. لقد التقط العرب والفلسطينيون هذه الألغام المنصوبة فوقعوا في فخّ التعاطف مع تركيا، لدرجة رفع صور أردوغان في غزة وغيرها من المواقع كما لو كان زعيم الأمة الجديد. 

وها هم العثمانيون الجدد يبحثون الآن عن وسيلة لإعادة العلاقات الاستراتيجية مع إسرائيل ضاربين عرض الحائط بكلّ الشعارات الرنانة السابقة لأنّها أثبتت فشلها على الصعيد التركي، ولأنّ مصلحتهم القومية التركية فوق كلّ شيء في نهاية الأمر. 

لا يمكن أن يتحوّل العرب إلى قوّة فاعلة وهم على هذه الحال من التشرذم السياسي. يجب أن نرى الواقع كما هو، وليس كما هو في المخيلة والأوهام البلاغية. لا يوجد ولاء عربي واحد، فالولاءات السياسية هي بعدد هذه الكيانات السياسية، ولهذا من السهل التلاعب بها. 

وهكذا وصل العرب في هذه الأيام إلى وضع تفرقوا فيه أيدي سبأ، فقد أضاعوا فيه بوصلتهم الوطنية والقومية. فبين حانا ومانا، أو بين إيران وتركيا، أضاع العرب لحاهم وأُلقيت عروبتهم على قارعة الطريق.
*
الحياة، 28 يونيو 2016

قضية العرب الأولى أم الأخيرة؟

طوال هذه الأعوام، ظلّ الفلسطينيون في الضفة والقطاع في حالة اتّكالية ينتظرون أن يأتي الفرج من الأنظمة العربية ومن منظمة التحرير...

قراءة أولية في الوثيقة العلوية

العلوي في المجتمع - 

إعلان وثيقة إصلاح هويّاتي:

منذ القدم، وعلى خلفية الاضطهاد الديني للأقليّات، للذاكرة الجمعية دور هامّ في بلورة هويّة هذه الأقليات. لا يمكن التغاضي عن فتاوى التكفير سيئة الصيت، وفي مقدّمها فتوى ابن تيمية:

ملاحظات عابرة حول المأساة السورية



لكن ماذا لو؟ هذا هو السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان على خلفية هذه الجرائم التي ترتكبها القوات الروسية بحق المدنيين في هذا البلد.

أين هي الأسرة الدولية؟


لا يوجد على الكلام جمرك، كما يقال في أمثالنا الشعبية. وهكذا ألفى المواطن العربي ذاته هائمًا على وجهه في خضمّ ما أفرزدته الجرائم المتبادلة بين أقوام هذه البقعة من الأرض.

سلمان مصالحة ||

أين هي الأسرة الدولية؟


بين فترة وأخرى، من عديد السنوات الخمس المنصرمة، تستثير الأحداث التي تعصف بمنطقتنا أصواتًا عربية تعرض على القارئ تساؤلات مثل ”أين الأسرة الدولية، ولماذا لا تُحرّك ساكنًا لوقف هذا النزيف في سورية وفي غيرها من أقطار هذه البقعة من الأرض“؟

إنّ استخدام مصطلح مثل ”الأسرة الدولية“ يشي بأنّ مُطلقه ينطلق في إصدار أحكامه وتساؤلاته من قناعة بانتمائه وانتماء من يحاول التحدّث باسمهم إلى ”أسرة“، ”عائلة“ أو مجموع بشري ذي أواصر قربى بما تحمله هذه المصطلحات من معانٍ.

غنيّ عن التأكيد هنا بأنّ الانتماء إلى هذه الـ”الأسرة“ الدولية لا يمكن أن يأتي من طرف واحد. إذ إنّ معنى الإنتماء يتطلّب إجماعًا من طرفين: من طرف طالب الانتماء وطرف المُنتمَى إليهم. هذا الإجماع مشروط بقواعد تضبطه وتضبط أطرافه على أكثر من صعيد واحد.

إنّ العواصف الأخيرة التي شهدتها المنطقة مع ما خلّفته من سفك لا يزال متواصلاً للدماء كشفت أيضًا على الملأ كلّ هذا التخبّط في الخطاب العربي الموجّه للداخل والخارج على حد سواء. فعلى الصعيد الداخلي، وأعني به الخطاب العربي الموجّه للرأي العام العربي لم نلاحظ أنّ ثمّة ”أسرة“ عربية واحدة تلتقط هذا الخطاب وتستوعبه. لقد كشف هذا الخطاب عن حقيقة الشرذمة الإثنية والطائفية التي تنخر هذا المجموع البشري الذي درجنا على أن نطلق عليه مصطلح الانتماء لهذه الـ”عروبة“.

وهكذا لاحظنا، في الكثير من الأحيان، أنّه وعلى الرغم من تغليف الكلام بكلام معسول وبلاغة عربية عن ممانعة ومقاومة وكسر شوكة الإرهاب من جهة، أو نشود الديمقراطية والحرية والمواطنة من جهة أخرى، كانت المواقف المُعلنة تشي بانتماء صاحبها ليس إلى مجموع بشري واحد، أسرة أو عائلة عربية واحدة، بل إلى ”قبيلة“ لها ميراث طائفي هو ميراث في جوهره اختلافي غير ائتلافي، وذلك على غالبية الأصعدة الاجتماعية منها، والسياسية، والثقافية والطائفية.

بكلمات أخرى، إنّ الخطاب الأيديولوجي المعسول، أصدر عن هذا الطرف أو ذاك، لم يعد ينطلي على أحد من أبناء هذه الأقوام المسمّاة ”عربيّة“. إذ إنّ الشرخ الإثني والطائفي هو الّذي كان المحرّك لاتّخاذ المواقف وهو الّذي كان يتبدّى للقارئ وللمستمع على طول هذه الأرض وعرضها.

لقد ظهر هذا الشرخ أيضًا في كلّ ما يتعلّق بمخاطبة العرب سائر العالم. إذ مرّة أخرى انكشف على الملأ أنّ ثمّة أصواتًا كثيرة بنبرات مختلفة تعبّر عن جوهر هذا التخبّط. فمن جهة، الكثيرون من أولئك الذين طالما شنّفوا آذاننا بمطالبة العالم، ويقصدون به القوى العظمى والغربية على وجه التحديد، بعدم التدخُّل في شؤون هذه المنطقة الداخلية قد أضحوا بين ليلة ”ربيع عربيّ“ وضحاها من أكثر الصّائتين المطالبين بتدخّل تلك القوى في شؤون هذه المنطقة النازفة. هكذا فجأة تتحوّل قوى الاستعمار الغربي إلى ”أسرة“ واحدة مطالَبة بوضع حدّ للنزيف داخل هذه الـ”عائلة“الدولية التي يدّعون الانتماء إليها.

ومن جهة أخرى، كشفت الأحداث التي مرّت بها هذه المنطقة زيف شعارات كلّ أولئك الذين، وعلى مرّ عقود، أدمنوا على إثارة عواطف الأجيال العربية الناشئة بدءًا بمقولات الأمّة الواحدة والرسالة الخالدة، مرورًا بالاشتراكية والديمقراطية، وانتهاءً بالمقاومة والممانعة، وما إلى ذلك من هذه البلاغة البليدة التي كانت بمثابة أفيون تزوّده هذه الأنظمة والأيديولوجيات الكاذبة للأجيال العربية. لقد تلقّفته هذه الأجيال حتّى أضحى نقمة عليها وعلى بيئتها، وصار من الصعب عليها عدم تناول هذه الوجبات اليومية من المخدّرات البلاغية العربية.

أين هي الأسرة الدولية؟ يتكرّر هذا السؤال لدى الكثيرين من أمثال هؤلاء. مرّة أخرى، كلّ هؤلاء الذين طالما علا صراخهم محيلين السامعين إلى مؤامرات القوى الغربية يطالبون الآن هذه القوى، ”الأسرة الدولية“ كما يسمّونها، أن تتدخّل. لكنّ كلّ هؤلاء يتهرّبون من طرح السؤال الأصعب، ألا وهو: أين ”الأسرة العربية“؟ أوليست لهذه الـ”أسرة“ دول وجيوش جبّارة؟ فلماذا لا تتدخّل جيوشها لوقف هذا النزيف؟

لا يوجد على الكلام جمرك، كما يقال في أمثالنا الشعبية. وهكذا ألفى المواطن العربي ذاته هائمًا على وجهه في خضمّ ما أفرزدته الجرائم المتبادلة بين أقوام هذه البقعة من الأرض.

ليس من السهل الخروج من هذه المآزق العربية. كلّ من يعتقد أنّ نفسيّات البشر، الذين مرّوا بهذه المآسي التي خلّفت مئات آلاف القتلى وملايين اللاجئين والمهجّرين من أوطانهم وبلدانهم، قد تتعافى قريبًا مُخطئ بالطبع. لا تمّحي هذه الكوارث بين ليلة وضحاها وكأنّ ”اللّي فات مات“.

لقد انتهى عهد في هذه البقعة من الأرض. لن تعود هذه الكيانات بناسها إلى سابق عهدها وعهدهم. إنّنا بلا شكّ على عتبة عهد جديد لا يمتّ بصلة إلى كلّ ما عرفناه عن هذه المنطقة. وما علينا إلاّ تلمّس طريق النجاة بأقلّ الخسائر البشرية. لأنّ الإنسان في نهاية المطاف هو هذه الأوطان الممزّقة.
*
الحياة، 28 يناير 2016

جردة حسابات عربية


لقد مرّ هذا العام كسابقيه من أعوام هذا ”الربيع“ الذي لم يأت بنبت، لم يونع زهرًا ولم ينتج ثمرًا. بل على عكس ذلك تمامًا، فلا يزال هذا ”الربيع“ يهدم حجرًا ويقتل بشرًا في مشارق هذه البقعة من الأرض ومغاربها.

سلمان مصالحة ||

جردة حسابات عربية


ها هو عام آخر يودّعنا ليستقرّ في خزينة ذكرياتنا، وعمّا قريب سينظر كلّ منّا إلى الوراء محاولاً استجلاء ما كان فيما مضى من أيّام، ما أُنجز من برامج وما تأجّل فامتدّ إلى السنة القابلة. الذكريات الشخصية هي شأن خاصّ، وقد تشكّل زادًا، أو مخزونًا غنيًّا، يرى النور لاحقًا في نتاج الأدباء والشعراء.

أمّا الذكريات العامّة - ذكريات الأمم والشعوب - وبكلمات أخرى، التاريخ، فهي شأن عام حريّ بنا أن نتطرّق إليها علانية. بلا أدنى شكّ، فإنّ عمليّة التذكّر هي عملية انتقائية دائمًا. هنالك أمور قد تندثر أو قد يتلاشى ذكرها فتُدفن في غياهب النسيان، وهنالك أمور أخرى تنتشلها الذاكرة لتتصدّر المشهد أمام ناظري الفرد أو المجموع.

لقد مرّ هذا العام الذي سينصرم بعد قليل مخلّفًا لنا كلّ هذه الحال العربية التي لم تلتئم جراحها بعد. وعلى ما يبدو فإنّها حال تشي بأنّ هذه المآزق مرشّحة للاستمرار والامتداد لسنوات طويلة قادمة. فإذا أمعنّا النظر في حال التفتّت هذه التي ضربت أصقاعًا شتّى في هذه البقعة من الأرض، فماذا نحن واجدون؟

لقد مرّ هذا العام كسابقيه من أعوام هذا ”الربيع“ الذي لم يأت بنبت، لم يونع زهرًا ولم ينتج ثمرًا. بل على عكس ذلك تمامًا، فلا يزال هذا ”الربيع“ يهدم حجرًا ويقتل بشرًا في مشارق هذه البقعة من الأرض ومغاربها.

لقد تفتّتت أقطار هذا ”الربيع“ بـ”شعوبها“ المزعومة وتفرّقت أيدي سبأ عائدة إلى تركيبتها الإثنية، القبلية والطائفية المتأصّلة. فها هو العراق لم يتبقّ منه غير الاسم فحسب. وها هي سورية الدامية منذ سنوات قد أضحت ركامًا بشريًّا وعمرانيًّا، وتشتّتت أطياف ناسها إلى أجل غير مسمّى. أمّا اليمن ”السعيد“ فقد عاد تعيسًا بئيسًا مركونًا على هامش جزيرة العرب ينتظر خلاصًا لن يأتيه في مستقبل منظور. وها هي ليبيا تكتشف أصلها وفصلها القبلي السابق لكلّ سيرورات التشكّل المجتمعي.

أمّا عن لبنان، فحدّث ولا حرج. إنّ حال هذا البلد هي الحال العربية الأصل في الحقيقة، وهي التي انتصرت في هذا ”الربيع“ العربي. فحال هذا البلد كحال رئاسته المتقاعدة المتباعدة منذ مدّة طويلة. إنّ حالة العجز الطائفي في لبنان قد أضحت مرضًا مزمنًا لدرجة أنّهم لا يستطيعون انتخاب رئيس واحد لهم. كم زعيمًا طائفيًّا وقبليًّا يحمل لقب ”رئيس“ في هذا البلد؟ ففلان رئيس وعلاّن رئيس إلى آخر قائمة زعماء الطوائف.

وأخيرًا، كما يقال، فالأقربون أولى بالمعروف. فقد يسأل سائل: ماذا بشأن القضيّة الفلسطينية؟ والإجابة على ذلك ستكون بالطبع بواسطة تساؤلات: ماذا تقصد؟ وعن أيّ قضيّة تتحدّث؟ والسبب من وراء ذلك أنّ هذه القضية لم تعد تعني أحدًا في هذا العالم. فها هو العالم العربي، كما أسلفنا، مشغول بقضاياه المستعصية التي لا يبدو أنّها تمضي إلى حلول معقولة. كما إنّ العالم الآخر مشغول بقضاياه. وإذا كان الفلسطينيون أنفسهم قد أضحوا مشتّتين منفصلين في كيانيين هشّين لا رابط بينهما. فماذا ينتظرون من العالم أن يفعل، إذا كانوا هم أنفسهم لا يعرفون كيف يتصرّفون كشعب موحّد بقيادة موحّدة تتعامل مع القضيّة باستراتيجية واحدة؟ إذن، والحال هذه، غنيّ عن التأكيد في هذا السياق أنّ نكبة الفلسطينيين الكبرى مردّها إلى هذه القيادات الفلسطينية البائسة دون استثناء.

هكذا، إذن، أضحى هذا العالم العربي رجل العالم المريض، ملقيًّا على قارعة الطريق، منكوبًا بذهنيّات زعاماته الطائفية والقبليّة التي تستطيع منها فكاكًا. لقد مرّت عقود طويلة لم تفلح فيها هذه الزعامات أن تبني دولاً أو تخلق شعوبًا، بل ظلّت رهينة المحابس المتجذّرة في ذهنيّاتها.

وخلاصة الكلام، لقد انصرم عام آخر والحال العربية الراهنة هي شاهد بارز على فشل ما يُسمّى ”القومية العربية“. إنّ أحوالنا لا تبشّر بأيّ خير لعقود طويلة قادمة. كم كان بودّي أن أبعث بعض الأمل في نفوس القارئ العربي! غير أنّي لا أجد سبيلاً إلى ذلك البصيص في هذا النفق العربيّ المدلهم. أليس كذلك؟


*
الحياة، 3 يناير 2016



جلسة طارئة لمساءلة النفس



حريّ بكلّ من يمتلك ذرّة من بصير أو بصيرة من أفراد هذه الأمّة أن يواجه حقيقة لا مناص من مواجهتها.

ستاتيكو أم سايكس بيكو؟


أحوال الأمة بين ستاتيكو وسايكس بيكو:


وبخلاف الحالتين المصرية والتونسية، نرى أنّ الكيانات الجمهورية الأخرى، الكبرى منها والصغرى، بدءًا بالعراق وسورية، مرورًا بليبيا واليمن وانتهاء بلبنان فإنّ ما يميّزها هو هذه التركيبة الطائفية والقبلية المتجذّرة فيها...

بين سياسة الأعراب وسياسة الأغراب


سلمان مصالحة

بين سياسة الأعراب وسياسة الأغراب


لعلّ في اقتفاء أثر دلالات الأصول اللغوية التي اشتقّت منها المصطلحات المتداولة في الحديث عن الشأن العام ما يلقي بعض الأضواء على مجريات الأمور في العالم العربي، ومنذ قرون طويلة. ولعلّ فيه ما يفسّر ما آلت إليها الأحوال كما يراها القاصي والداني.

فرصة فلسطينية لإحكام عزلة نتنياهو

نتنياهو محظوظ بوجود الشرخ الفلسطيني بين سلطة غزة وسلطة رام الله. إذ في هذه الحال لا يوجد من يمثّل الصوت الفلسطيني الواحد أمام الرأي العام العالمي. فكلّ فريق من الشقّين يتحدّث للعالم بلغة أخرى تتناقض من لغة الآخر...

علينا أن نتصارح لكي نتصالح



سلمان مصالحة ||

 
علينا أن نتصارح لكي نتصالح -

المتابع من أبناء جلدتنا لما يجري في هذا العالم الواسع يجد نفسه أمام ظاهرة فريدة. فلو نظرنا إلى ما يحصل من أحداث نرى أنّ القاسم المشترك بينها هو أنّ غالبيّتها هو مواقع وقوعها الجغرافية. إذ نرى أنّها تحدث في الأصقاع التي توصف بانتمائها إلى العالمين العربي والإسلامي.
قضايا
  • كل يغنّي على ويلاه

    إنّ القطيعة التي فرضها الإسلام على العرب مع جذورهم الجاهلية قد سجنتهم في بوتقة الواحدية الأيديولوجية التي لا يمكن أن تكون إلاّ كابتة ومستبدّة، أي فاشية في نهاية المطاف. كذا هي طبيعة الأيديولوجيّات الواحدية، أكانت هذه الأيديولوجيات دينية أو سياسية، لا فرق.
  • شعب واحد أم تشعّبات؟

    قد يظنّ البعض أنّ إطلاق الشّعارات يكفي وحده إلى تكوين مجموعة سكّانيّة هوموجينيّة متراصّة لها مقوّمات الشّعب كما يجب أن يفهم هذا المصطلح على حقيقته.

    تتمة الكلام
 
قراء وتعليقات
  • تعليقات أخيرة

  • جهة الفيسبوك

    قراء من العالم هنا الآن

  • عدد قراء بحسب البلد

    Free counters!