الشرطة الإسرائيلية - هل تحمي المواطنين كلهم


شرطة كلّ المواطنين

ترجمة مقالة ”هآرتس“، كما نشرت في صحيفة ”القدس العربي“


سلمان مصالحة

الشرطة الإسرائيلية - هل تحمي المواطنين كلهم


العنف يسود الوسط العربي. فلا يمر أسبوع من دون أن نسمع عن قتل امرأة هنا ورجل هناك. الجرائم يتم ارتكابها بشكل علني في وضح النهار. وهناك عشرات حالات العنف التي لا يعرف عنها الجمهور الواسع. العنف يمكن أن يندلع على خلفية شخصية، على خلفية عائلية أو حتى على خلفية طائفية. الشرطة تصل إلى المكان وتبدأ بالتحقيق وتقوم بالتعتيم على التفاصيل. وبسرعة يتم نسيان الحادثة إلى حين حدوث الحادثة العنيفة المقبلة، وهكذا دواليك. رؤساء الجمهور العربي يتهمون الشرطة بالتقاعس أمام العربدة في الشوارع. والشرطة من ناحيتها تتهم المجتمع العربي وقيادته التي لا تساعدها في القضاء على العنف.

يجب القول إن الطرفين، الشرطة ورؤساء الجمهور العربي، محقين في ادعاءاتهما. ومع ذلك يثور عدد من التساؤلات حول سلوك رؤساء الجمهور العربي. فمن جهة، أعضاء الكنيست أو رؤساء الجمهور، يطلبون من الشرطة وعن حق، جمع السلاح غير المرخص وأن تقوم بفرض القانون والنظام في البلدات العربية. ومن جهة أخرى، وهذا غريب، هؤلاء الرؤساء أنفسهم يحتجون بشدة عندما تحاول الشرطة إقامة مراكز لها في القرى العربية، أو تحاول تجنيد رجال شرطة عرب في صفوفها.

سلوك القيادة العربية، بكل أطيافها وتياراتها، هو سلوك غريب. ومعناه الفعلي هو أن تلك القيادة تريد أن تقوم «شرطة أجنبية لا يوجد فيها عرب» بالدخول إلى التجمعات العربية وتقوم بفرض القانون والنظام، لكنها ترفض أخذ أية مسؤولية عما يجري في تلك التجمعات العربية.

يجب علينا تذكير كل من نسي أن مهمة شرطة إسرائيل هي الدفاع عن المواطنين، كلهم. وكل من يعتبر نفسه مواطنا في هذه الدولة، ويتوق إلى المساواة، لا يمكنه معارضة تجنيد المواطنين العرب إلى الشرطة، أو إقامة مراكز للشرطة في التجمعات العربية.

من الناحية الأخرى، يجب على الشرطة أن تحدث ثورة في الوعي وأن تعمل كل ما في استطاعتها من أجل الإثبات للمواطنين العرب بأنها تعمل من أجلهم لا ضدهم. يبدو أن المسؤولين عن الشرطة في السنوات الأخيرة ـ وزير الأمن الداخلي والمفتش العام للشرطة وقيادات كبيرة أخرى ـ غير مناسبين لمناصبهم. الاتهامات الكاسحة والأقوال منفلتة العقال ضد الجمهور العربي التي قاموا بإطلاقها في مناسبات مختلفة لا يمكنها أن تخفف التوتر المزمن بين الجمهور العربي والشرطة.

رؤساء الحكم المركزي ورؤساء الجمهور العربي يجب عليهم الإدراك أن المواطنة تلزمهم. فمن جهة، الشرطة مطلوب منها استثمار جهود كبيرة في حل ألغاز الجرائم التي تنتشر في الوسط العربي، وإحضار المتهمين أمام القضاء ومعاقبة المذنبين بالأحكام القاسية التي يفرضها القانون. المواطنون العرب يحتاجون إلى الحماية من عائلات الجريمة التي تسيطر على تجمعاتهم. ومن الجهة الأخرى، بدل معارضة إنشاء مراكز للشرطة في التجمعات العربية يجب على رؤساء الجمهور العربي تشجيع هذه المبادرة، بل مباركة الشرطة على دخولها والقيام بالدوريات وفرض القانون والنظام.

هناك أمر يجب أخذه في الحسبان؛ هو أنه من أجل أن يشعر المواطن العربي بأن الشرطة موجودة من أجله أيضا، فإن على الشرطة أن تضيف كلمة «شرطة» باللغة العربية على سياراتها. ومن المرغوب فيه جدا أن يكون في كل سيارة شرطة، شرطي عربي. قوموا بالمقارنة كيف كان سيشعر مواطن يهودي لو أن كل سيارات الشرطة كانت الكتابات الموجودة عليها هي بلغة أجنبية فقط، ولا يوجد أي يهودي بين من يجلسون فيها.

هآرتس ـ 13/9/2017
*
القدس العربي، 14 سبتمبر 2017


***
For Hebrew, press here

دوائر عربيّة


سلمان مصالحة ||

دوائر عربيّة


عَفْوًا، سَئِمْتُ.
سَأَرْحَلُ صَوْبَ الغُرُوبِ،

أُبَدِّلُ

لا شيء يشبه هذا العيد



سلمان مصالحة ||

لا شيء يشبه هذا العيد


لا شَيْءَ يُشْبِهُ هٰذا العِيدَ فِي
الحُلُمِ. أَطْفالُهُ كَشَفَتْ
عَنْ لُعْبَةِ الأُمَمِ.

مصير القدس كمصير يافا

ليس من السهل، في ضوء هذا الكلام البليغ الذي بلغ حدًّا بعيدًا من المبالغة، قول شيء قد يشتمّ منه تثبيط عزائم أو قول شيء يقع تحت طائلة قوانين سلطات عربية بائسة مثل ”وهن نفسية الأمّة“ وما شابه ذلك من بنود بليدة.


سلمان مصالحة ||

مصير القدس كمصير يافا


ليس من السهل تنغيص الأفراح العربية. أقول ذلك إثر متابعة ما تفتّقت عنه قرائح الكتّاب العرب التي جاشت تمجيدًا بالحراك المقدسي عقب الإجراءات الإسرائيلية التي تمثّلت بوضع بوابات وكاميرات كاشفة للمعادن إثر عملية الأقصى. لقد طغت تعابير وأوصاف مشتقّة من مفردات النصر على عموم المقالات التي دبّجها الكتاب العرب والفلسطينيون منهم بخاصّة. كما إنّ البعض منهم قد جعل الذي حصل علامة فارقة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، بل وهناك من ذهب بعيدًا لدرجة وصف اللحظة بأنّها نقطة بداية لمسيرة عربية جديدة.

ليس من السهل، في ضوء هذا الكلام البليغ الذي بلغ حدًّا بعيدًا من المبالغة، قول شيء قد يشتمّ منه تثبيط عزائم أو قول شيء يقع تحت طائلة قوانين سلطات عربية بائسة مثل ”وهن نفسية الأمّة“ وما شابه ذلك من بنود بليدة. لكن، ما من مناص في التصدّي لكلّ هذه البلاغة التي كانت منذ القدم بمثابة ”كاتم عقول“ على رؤوس السامعين والسامعات، القارئين والقارئات، الممانعين منهم والممانعات.

حريّ بنا أوّلاً أن نُذكّر أصحاب القضيّة أنفسهم قبل تذكير أولئك المتعاطفين مع قضيّتهم. إنّ الذين يختزلون القضيّة الفلسطينية بأسرها في شعار واحد يتعلّق بموقع ديني واحد هو ”الأقصى في خطر“، وهذا ما يفعله الإسلامويّون في العقود الأخيرة، يقعون في الفخّ الذي تنصبه السياسات الإسرائيلية منذ عقود طويلة. فالسياسة الإسرائيلية، على اختلاف تيارات حكوماتها المتعاقبة، هي أبعد غورًا من ذلك بكثير.

طالما تطرّقت في الماضي إلى هذه القضيّة، ولكن لا يوجد من يسمع النداء ولا من يفقه الحال التي استجدّت في هذه الديار. فعندما يتظاهر أناس بالآلاف نصرة لموقع ذي مكانة دينية، وفي الوقت ذاته يعزفون عن قضايا جوهرية ففي الأمر ما يثير التساؤلات التي لا بدّ من طرحها على الملأ. إذ إنّ كلّ هذه الآلاف التي انتفضت للأقصى هي ذاتها الآلاف التي تنطلق كلّ صباح لبناء المستوطنات في المناطق المحتلّة. أليست هذه الحال محفّزًا لطرح التساؤلات حول ما يجري من أمور على ساحة الصراع؟

قد تستثير السياسات الإسرائيلية الناس بقضايا الأقصى، ثمّ ما تلبث أن تتراجع عن الخطوات التي اتّخذتها، فيعود الفلسطينيون إلى السكينة بينما تستمر إسرائيل في قضم الأرض وبناء المستوطنات بأيدي العمال الفلسطينيّين أنفسهم الذين يبحثون عن مصادر رزق لإعالة ذويهم. عشرات الآلاف من الفلسطينيّين يخرجون كلّ صباح لبناء المستوطنات الإسرائيلية في المناطق المحتلّة، بينما يعيث الفساد في سلطتهم، أو سلطاتهم وقياداتهم «الوطنية».

هل يجب تذكير كلّ هؤلاء، على جميع أصنافهم الاجتماعية والسياسية، أنّ القضيّة الوطنية تعني أنّ سيرورة إنشاء وتوسيع المستوطنات أكثر أهمية من الأقصى وما يدور حوله من لغط شعبوي وديني.

إنّ السؤال الذي يجب طرحه على الملأ هو، ماذا سيكون مصير الحركة الوطنية الفلسطينية والطموح إلى استقلال وطني إذا ابتلعت إسرائيل كلّ الأرض الفلسطينية وزرعتها بالمستوطنات وأبقت للفلسطينيين فقط منطقة الحرم والأقصى؟ والحقيقة هي أنّ هذا بالضبط ما تفعله السياسات الإسرائيلية منذ بدء الاحتلال. فحتّى القدس لم تعد قدسًا، بل أضحت أورشليم الكبرى حيث أحاطت الأحياء والمدن والمستوطنات الإسرائيلية بالقدس القديمة من كلّ جانب، وهي آخذة بالولوج إلى الأحياء الداخلية في المدينة القديمة.

هكذا سيؤول مصير القدس إلى ذات المصير الذي وصلت إليه مدينة يافا، إذ أضحت مجرّد حيّ صغير ضمن تل-أبيب الكبرى. وهكذا ستضحي القدس القديمة حارة تاريخية صغيرة يؤمها السوّاح من أنحاء العالم.

إنّ القيادات الفلسطينية التي وقّعت على تأجيل طرح قضيّة القدس في اتّفاقات أوسلو لفترة الحديث عن حلول نهائية هي المسؤولة عن كلّ ما يجري لهذه المدينة ولأهلها. يجب الاعتراف بهذه الحقائق وعدم الجنوح إلى الشعارات وبلاغة المكابرات.

قد يكون الناس في العالم العربي لا يعرفون هذه الحقائق، وقد يكونون مشغولين بقضاياهم الأهمّ بنظرهم. لكن، الأهمّ من وجهة نظرنا هو أنّه لا أحد من بين الفلسطينيّين أنفسهم يطرح هذه الحقائق علانية بغية البحث عن مخارج من هذه المآزق، وما لم تتمّ المصارحة بالكلام في هذه القضايا فلن يصل الفلسطينيون إلى سواء السبيل.
*

الحياة، 25 أغسطس 2017
 ***
 

 
حول هذه القضية، اقرأ أيضًا في أرشيف الموقع:
 
"القدس هي القبلة"، كل العرب، الناصرة، أغسطس 1993
 
"فتوى تحويل القبلة الآن"، الحياة الجديدة، رام الله، مايو 1994
  
"في أوسلو راحت القدس"، كل العرب، الناصرة، سپتمبر 1994

"عروس عروبتكم"، كل العرب، الناصرة 1995

"راحت القدس"، القدس العربي، لندن، سپتمبر 1998

"حين تكون فلسطين مجرد شعار"، الحياة، لندن، ديسمير 2017

قصيدة سياسية



ملاحظة: السياسة، لغةً، مُشتقّة من سياسة الخيل، والحيوان على العموم. وعلى ما يبدو فإنّ لهذا الاشتقاق العربي إسقاطات على السياسات العربية التي نشهد نتائجها في القرون الأخيرة.
*

سلمان مصالحة||


قصيدة سياسية


تَرَكْنَا الحَياةَ وَأَشْغالَها
وَرُحْنا نُعَدِّدُ أَعْمالَها

فَطَوْرًا تَجِيءُ عَلَى بالِنا
أَتانٌ تَسُوقُ لَنا ما لَها

وَطَوْرًا يَحُطُّ بِأَرْجائِنا
حِمارٌ يُناطِحُ خَيَّالَها

وَطَوْرًا، يَغارُ الزَّعِيمُ إذا
رَآها تُرَدِّدُ مَوَّالَها

كَأَنْ لَمْ تَكُنْ هِيَ إلّا لَهُ
ولمْ يَكُ يُحْسَبُ إلّا لَها

أَتَتْهُ السِّياسَةُ مُنقادَةً
إلَيْهِ تُجَرجِرُ أذيالَها

يُنِيخُ عَلَى النَّاسِ كَلْكَلَهُ
وَيَنْثُرُ فِي الجَوِّ أَبْوالَها

أُناسٌ تُخَلِّفُ قَوْمًا هُمُو
حَمِيرٌ تُسَوِّدُ أَبْغَالَها
*



إما التعايش وإما «داعش»


مختارات صحفية:

قبل اتخاذ قرار التعايش مع الآخر المختلف خارج الخريطة لا بد من اتخاذ قرار التعايش مع الآخر المختلف داخلها.

 

غسان شربل ||

إما التعايش وإما «داعش»


ولد تنظيم داعش من انهيار تجارب تعايش. مزق خرائط واخترق أخرى. والخرائط كالمباني تحتاج صيانة دائمة. الإهمال يسرع شيخوختها. تتشقق جدرانها. وتتخلع أبوابها. وتتآكل نوافذها. والسياسات الفئوية تزعزع أسسها. وتغتال طمأنينتها. وتوفر للرياح السوداء فرصة التسلل إليها. لا تكفي الأناشيد لحماية الخرائط. ولا تكفي الجيوش. وتقول التجارب إن الخرائط تغتال من الداخل قبل أن يستبيحها الخارج. ثقوب الداخل هي التي تستدرج العواصف المقتربة.

تحتفل دول المنطقة اليوم بالضربات المتتالية التي توجه إلى تنظيم داعش. ومن حقّها أن تحتفل. «داعش» عاصفة من الوحل والدم. فصل ثقيل من الظلم والظلام. روايات من عانوا السبي أو اليتم تحت راياته تكسر القلب وتثير الرعب. لكن الأهم من الاحتفال هو استخلاص العبر. لم يسقط هذا التنظيم الرهيب على مجتمعاتنا بالمظلات. أطل من شقوق الداخل ثم رفده المقاتلون الجوالون بخبراتهم وأحقادهم. لا يستطيع «داعش» استباحة خريطة ما لم تكن مريضة. لا يستطيع الإقامة فيها ما لم تكن إرادتها الوطنية ممزقة.

تبدو الحرب العسكرية على «داعش» صعبة. انتحاريون وأنفاق وعبوات ناسفة وشبان غسلت أدمغتهم فتحولوا مجرد عبوات تائهة تبحث عن فرصة للانفجار. لكن هذه الحرب، على رغم ضرورتها وأهميتها، يفترض أن تكون جزءًا من الحرب الشاملة. الانتصار الحاسم هو الانتصار على فكرة «داعش»، أي إلغاء الظروف التي سهلت ولادة التنظيم وانتشاره وتسلله إلى هذه الدولة أو تلك.

من دون المواجهة الشاملة في الشارع والنادي والكتب المدرسية والإعلام وفي جوار المسجد، تبقى المواجهة ناقصة والنتائج مهددة. يستطيع عناصر «داعش» الفرار والتواري والعيش كـ«ذئاب منفردة» تكمن بانتظار الانفجار هنا أو هناك.

أهم ما في المواجهة الشاملة هو اتخاذ قرار جوهري وصعب وربما مؤلم بالتعايش. لا نقصد العودة إلى التعايش التلفزيوني السطحي والشكلي الذي كان سائدًا وانهار أمام أول امتحان. المقصود هو الذهاب في اتجاه التعايش الحقيقي داخل الدول وفيما بينها. ولا بد من الاعتراف أنه ما كان للبغدادي أن يطل من الموصل ويفتح الباب لهذه المأساة الباهظة لو كانت العلاقات بين المكونات العراقية صحيّة وطبيعية. وما كان لـ«داعش» أن يخترق الأراضي السورية ويستولي على الانتفاضة الشعبية ويدميها ويجهضها لو كانت العلاقات بين المكونات السورية طبيعية في ظل دولة طبيعية.

لا بدّ من اتخاذ قرار التعايش مع العالم. مع القوى المختلفة والمتنوعة المشارب والانتماءات والألوان ومن دون أن نعتبر أننا مكلفون فرض لوننا على العالم وأن علينا الانفجار به، إذا تعذر علينا أن نفرض عليه ثياب أجدادنا وأساليب عيشهم. الاعتقاد أن علينا إخضاع العالم ليشبهنا هو أقرب الطرق لنتحول عبوة في جسده وعبوة في جسدنا معاً. العجز عن التسليم بحق الآخر في الاختلاف يدخلنا في اشتباك مدمر يفوق طاقتنا على احتمال نتائجه.

اعتبار كل من لا يماثلنا عدوًا أو ضالًا ينذر بترسيخ خطوط التماس التي تعوق تعاونًا نحتاج إليه للحصول على ثمار التقدم الذي تحقق في بلدان خاضت تجاربها المكلفة، وخرجت منها بالاعتقاد بأن الاختلاف حق ويمكن تحويله إلى مصدر ثراء. الاعتقاد أن من واجبنا إنقاذ البشرية استنادًا إلى تصور واحد لا يمكن الاجتهاد فيه أو العثور على أشكال أخرى له يضعنا أمام الحائط ويدفعنا في اتجاه الكارثة.

قبل اتخاذ قرار التعايش مع الآخر المختلف خارج الخريطة لا بد من اتخاذ قرار التعايش مع الآخر المختلف داخلها. اعتبار كل اختلاف تهديدًا وجريمة يشكل الخطوة الأولى نحو الحروب الأهلية والمجازر ومحاولات الشطب وإلغاء الهويات. لا بد من التسليم بحق الآخر في المبنى أو القرية أو المدينة بأن يكون مختلفًا وبحقه في أن يكون مساويًا ومطمئنًا في دولة تقوم على المواطنة لا على الغلبة وبغض النظر عن النسب السكانية وتغيراتها.
لا خروج من هذا الجحيم الذي أنجب مئات آلاف القتلى وملايين اللاجئين إلا باتخاذ قرار التعايش. من دون هذا القرار يبقى كل انتصار مهددًا بالتحول مجرد جولة في حرب تكمن ثم تعاود الاشتعال. من دون قرار التعايش الحقيقي ستتيح المجتمعات الممزقة الفرصة لإطلالة جديدة لـ«داعش» أو أشباهه أو أخواته. الانتصار النهائي على «داعش» وأشباهه متعذر من دون مهمة بناء الدولة الحقيقية والعصرية. دولة الحقوق والواجبات. دولة المواطنة واحترام حق الاختلاف. دولة الفرص والتنمية الشاملة والمناهج الدراسية الرحبة والإعلام المنفتح والمسؤول.
لا خروج من هذا الجحيم إذا استمرت سياسات التدخل والانقلابات الفئوية ومعها سياسات الكراهية والإقصاء والسعي إلى تصفية حسابات تاريخية. جرّبنا طويلًا هذه السياسات الثأرية العقيمة التي أخرجتنا من السباق نحو المستقبل وسمّمت خرائطنا وعواصمنا وجامعاتنا. لا نستطيع مواصلة السباحة في هذه المياه المفخخة. الإصرار لا يعني أكثر من أننا نتولى بأنفسنا تحويل أولادنا وأحفادنا وقودًا للحروب المقبلة وتحويل بلداننا بركًا من الدم تنوء تحت أعباء الفقر والبطالة والتخلف.

مشكلتنا لم تبدأ مع «داعش» لتنتهي بانتصار عسكري عليه. مشكلتنا الحقيقية هي رسوبنا في امتحان اللحاق بالعصر وركب التقدم. مشكلتنا أننا لا نريد دفع ثمن بطاقة الصعود إلى القطار المتجه نحو المستقبل.
*

فارق الهوية الجنبلاطية



تعقيب جديد على مقالتي التي نشرت في ”الحياة“. وهذه المرّة أكثر جهلًا وسخفًا

ومرّة أخرى، وعملًا بحريّة الرأي، مهما كان هذا الرأي سخيفًا ولا يتطرّق للموضوع المطروح، فها أنذا أنشره هنا ليكون متاحًا للقارئ النبيه ابتغاء أن يخلص منه بموقف رشيد ورأي سديد. والعقل وليّ التوفيق! (س. م.)

تفسير أحلام


سلمان مصالحة ||

تفسير أحلام


بَعْدَ الَّذِي جَرَى لِي
فِي السِّنِينِ الخَوَالِي،
اعْتَدْتُ كُلَّ صَباحٍ
أَنْ أُجْرِيَ جَرْدَ حِساباتٍ
لما كَانَ انْتَابَنِي
فِي اللَّيْلَةِ الفائِتَة.

مَثَلاًِ، حِينَ أَحْلُمُ
أَنِّي أَطِيرُ بِلا جَناحَيْنِ -
يَحْدُثُ ذلكَ أَحْيانًا -
أَبْحَثُ تَحْتَ اللّحافِ
عَنْ سِرٍّ أَفْشَتْ بِهِ لِي
فِكْرَةٌ سَانِحَة.

وَحِينَ أَعُودُ، عَلَى
عَجَلٍ، لِشُرْبِ قَهْوَتِي،
أَجِدُ فِي الفِنْجَانِ
عُشًّا مَهْجُورًا.

خَفِيتًا،
يَأْتِي إلَى مَسَامِعِي
صَوْتُ فِراخٍ،
وَعَلَى الطّاوِلَةِ بَيْضَتَانِ
لَمْ تَفْقِسَا بَعْدُ.
*

ليس النضال بمئزر


سلمان مصالحة ||

ليس النضال بمئزر


ليسَ النِّضالُ بِمئْزَرِ.
فَٱسْمَعْ كَلامَ الأَخْبَرِ!

علي بن أبي طالب || أشعار


مختارات تراثية


علي بن أبي طالب ||

أشعار


أتاه رجلٌ فقال: أريد أن أبني مسجدًا، فقال: من حلالك؟ فسكت.
ثمّ إنّه مضى فبنى مسجدًا.
فقال:

سَمِعْتُكَ تَبْنِي مَسْجِدًا مِنْ خِيانَةٍ
وَأنْتَ بِحَمْدِ اللّهِ غَيْرُ مُوَفَّقِ

كَمُطْعِمَةِ الزُّهّادِ مِنْ كَدِّ فَرْجِها.
لَكِ الوَيْلُ، لا تَزْنِي وَلا تَتَصَدَّقِي.

***

في مسائل إسرائيل والأقليّة ومواقف جنبلاط


تعقيب حول تصريحات جنبلاط:
عملاً بمبدأ حرية الرأي، ومهما كان هذا الرأي سخيفًا ولا يتطرّق للموضوع المطروح، ننشر هنا هذا الردّ الذي نشره مفوّض الإعلام في الحزب التقدّمي الاشتراكي على مقالتي المنشورة في صحيفة «الحياة»، ونترك للقارئ النبيه أن يستجلي الأمور ما بين السطور وما وراء السطور. (س. م.)

رامي الريس ||

في مسائل إسرائيل والأقليّة ومواقف جنبلاط


طالعنا السيد سلمان مصالحة في «الحياة» (السبت 22 تموز - يوليو 2017) بقطعة سوسوليوجية سيكولوجية، عكست في بعض جوانبها انفصاماً فاقعاً في الفهم والتحليل، متوجهاً بالنقد إلى رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط حيال موقفه الأخير من تطورات الأحداث في فلسطين المحتلة (التي لا يتردد مصالحة بتسميتها إسرائيل، متناسياً أنها تحتل أرض وطنه)، ومعتبراً أن مواقف جنبلاط لا تشكل «مثالاً يقتدى لدى (هذه) الأقلية التي بقيت في وطنها على رغم كل الصعاب».

كان حرياً بمصالحة الذي يدرّس في الجامعة العبرية بالقدس أن يعود إلى التاريخ القريب، عندما اتخذ وليد جنبلاط سلسلة من الخطوات والمواقف لدعم عرب 48، وعقد مجموعة من اللقاءات في الأردن مع ممثلين عنهم انطلاقاً من حرصه على تعزيز التواصل وتثبيت الهوية العربية للدروز في فلسطين. ولكن، يبدو أن هذا ما يزعج السيد مصالحة الذي يود تغطية انخراطه في الحياة الإسرائيلية بعنوان: النضال السياسي من الداخل!

هل يتعرّض جنبلاط لوحدة «الأقلية»، كما يسمّيها مصالحة، عندما يطلب منها ومن أبنائها تعزيز وحدتهم الوطنية مع إخوتهم الفلسطينيين وعدم الانصياع لمخططات الاحتلال الإسرائيلي الذي يحاول دوماً أن يوحي بأنه يمنحهم امتيازاتٍ لا تعدو كونها مجرد وعود وهمية، فيما لا يتوانى الجيش الإسرائيلي عن دفعهم إلى الصفوف الأمامية في الجبهات!

هل يتعرض جنبلاط لوحدة «الأقلية»، عندما يحذّر من تصديق هذه الوعود الوهمية والانجرار وراء مخططات مشبوهة يسعى إليها الاحتلال الإسرائيلي الذي لم يتوانَ عن طرد الفلسطينيين من بيوتهم وأرزاقهم واحتلالها والتوسع الاستيطاني فيها؟

هل يتعرض جنبلاط لوحدة «الأقلية» عندما يدعو إلى رفض الخدمة العسكرية الإلزامية (مع التركيز على أبناء هذه الأقلية) في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي كي لا يرفع المجند بندقيته في وجه شقيقه الفلسطيني؟

وهل يتعرض جنبلاط لوحدة «الأقلية» عندما ينادي بالوعي والحكمة والشجاعة لمواجهة الاحتلال عندما يقول: «إلى العرب الدروز في فلسطين، احذروا من فخ الفتنة مع إخوانكم العرب التي تريدها سلطة الاحتلال الإسرائيلي».

واضحٌ أن مفهومكم للنضال لا يلتقي مع مفهومنا، ومفهومكم للاحتلال أيضاً لا يلتقي مع مفهومنا.

وليد جنبلاط لا يبحث عن زعامة عابرة للحدود، فهو يملكها حتى لو لم يجاهر بها، وإلا ما الذي يبرر هذا المقدار من الاستفزاز الذي شعرتم به لو أنه كان فعلاً مجرد «زعيم طائفي لبناني» كما وصفتموه؟

حبذا لو تقرأون بين السطور جيداً، وأنتم من أساتذة «الأدب العربي»!

* مفوّض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي

الحياة، 25 يوليو 2017

انظر أيضًا: الأنباء، صحيفة الحزب التقدمي الاشتراكي

----




دفاعًا عن سورية


أرشيف: يناير 2008-

سلمان مصالحة ||

دفاعًا عن سورية


قد يتفاجأ بعض القرّاء
من عنوان هذه المقالة، وخاصّة لمعرفة القرّاء من مواقفي ضدّ نظام البعث الحاكم في سورية والّتي عبّرت عنها هنا وفي أكثر من مكان. فمن جهة أولى يمكن الإشارة إلى:

أوّلاً: التّوريث
بعد أن جثم الأسد الأب على صدر الشعب السّوري عقودًا من الزّمن، وبعد أن تقدّم به الزّمن كما هي سنّة الحياة، طفق يعمل على توريث الكرسي، فصفّق له ما يسمّى زورًا وبهتانًا "مجلس الشّعب" لهذه الخطوة الـ"مباركة"، وكأنّ الشّعب السّوري قد اختُزل بأسره في هذه الأسرة الحاكمة؟ هكذا أضحت بين ليلة وضحاها ما يسمّى زورًا وبهتانًا أيضًا "ثوريّة" البعث إلى "ثورثيّة" البعث، أي ثوريّة توريثيّة. ولكنّ التّوريث السّياسي العربيّ قديم قدم هذه البقعة من الأرض، فقط الشّعارات تتغيّر غير أنّ الطّبع العربي لا تُغيّره الشّعارات مهما تظاهرت بالثّوريّة، إذ أنّ الطّبع القَبَلي البَرِّي العربيّ يغلب التّطبُّع البِرِّي للمجتمعات المعاصرة.

ثانيًا: السّجن السّوري
من الواضح أنّ نزوع النّظام الحاكم في الشّام إلى تحويل البلد سجنًا يزجّ فيه بأبناء الشّعب السّوري من أصحاب الرأي الّذي يتعارض مع توجّهات هذا النّظام، وفقط لمجرّد الرأي المخالف، إنّما هو نابع في الحقيقة من ذعر هذا النّظام. إنّ النّظر إلى بنود الاتّهام الّتي توجّه للمثقّفين السّوريّين الّذين يزجّ بهم النّظام في السّجون هي مثار للسّخرية، وأبرز مثال على ذلك التّهمة المتمثّلة ببند "النّيل من هيبة الدّولة". لستُ رجل قانون، غير أنّي أكاد أجزم بالقول إنّه لا يوجد رجل قانون في العالَم بوسعه تفسير هذا البند المضحك، ناهيك عن كونه تهمة يُعاقَب عليها أصلاً. رُبّما مُدّعو الفلسفة والمجتمع المدني من مراهقي العروبة هم الوحيدون الّذين يستطيعون تفسير هذا البند السّخيف على شاكلتهم.

لقد تحوّل هذا الذّعر إلى رهاب مزمن في نفسيّته. لذلك فإنّ القمع الّذي يمارسه إنّما هو تعبير صارخ ذعر عميق لدى النّظام من أيّ تحوّل نحو الدّيمقراطيّة. إنّ هذا لذّعر له ما يبرّره، لأنّ النّظام أدرى بما يفعل بأبناء الشّعب السّوري على اختلاف ملله وطوائفه وإثنيّاته. إنّه ذُعر من إمكانيّة الانتقام الشّعبي من زمرة هذا النّظام، ولذلك لا يجد النّظام سبيلاً أمامه سوى سبيل تشديد القبضة وقمع البشر، على غرار سفّاح العراق البعثي القبلي التّكريتي، غير المأسوف عليه.

ثالثًا: تحرير الجولان
منذ الاحتلال الإسرائيلي للجولان في حزيران 67، لم يُحرّر نظام البعث شبرًا واحدًا من الجولان. ورغم كلّ ما يتشدّق به هذا النّظام من تسمية حرب أكتوبر 73 ووصفها بـ "حرب تشرين التّحريريّة"، إلاّ أنّ الحقيقة هي خلاف ذلك تمامًا. فحتّى مدينة القنيطرة السّوريّة في الجولان المحتلّ لم تُحرّر بل تمّ إعادتها إلى سورية من خلال مفاوضات فكّ الاشتباك بين القوّات الإسرائيليّة والسّوريّة مع وقف النّار. هذه الحقيقة يتمّ إخفاؤها لغاية في أنفس اليعاقيب. إنّ تقادم عهد تلك الأيّام عن الأجيال الجديدة لا يُغيّر من الحقيقة شيئًا. ومنذ ذلك الأوان لم تُطلق طلقة واحدة على هذه الحدود. أي أنّ جبهة الجولان هي أكثر الجبهات هدوءًا في الشّرق الأوسط منذ عقود طويلة، حتّى بعد ذلك القصف الإسرائيلي للمنشآت العسكريّة السّوريّة في دير الزّور الواقعة في العمق السّوري.

رابعًا: وبعد أن وقّعت
جمهورية مصر العربيّة اتّفاقيّة سلام مع إسرائيل، وتبعتها لاحقًا المملكة الأردنيّة الهاشميّة بتوقيع اتّفاق سلام آخر مع إسرائيل، ما يعني في نهاية المطاف خروج هاتين الجبهتين من المواجهة، فقد وجد نظام البعث الحاكم في سورية أنّ طرق المجابهة من أجل تحرير الجولان بمساعدة آخرين قد انسدّت أمامه. ولأنّ هذا النّظام البعثي الشّامي لا يبادر إلى حرب من طرفه من أجل تحرير أرضه، وإنّما ينضمّ في المؤخّرة إلى محاربين آخرين، فهو يجنح إلى التّخريب في كلّ مكان، وفي هذه الأثناء يملأ الإعلام بجعجعة الشّعارات القوميّة الطنّانة ليس إلاّ. هذه هي طبيعة هذا النّظام، ولذلك فإنّه على استعداد لمحاربة إسرائيل حتّى آخر لبنانيّ وحتّى آخر فلسطيني. هذا هو التّفسير الوحيد لإصراره على مواصلة التّخريب في لبنان وعدم الاعتراف باستقلال هذا البلد وتبادل السّفراء معه، وهذا هو التّفسير الوحيد أيضًا للّعب بأوراق الأحزاب الفلسطينيّة الإسلاميّة. لهذا السّبب سيواصل هذا النّظام اللّعب بلعبة التّخريب هذه، لأنّها في نهاية المطاف اللّعبة الوحيدة الّتي بقيت بحوزته، فلا لعبة له سواها.

خامسًا: ولكن ومن جهة أخرى،
وبالنّظر إلى ما ذكرنا آنفًا، فهل كلّ ما ذكرنا هي طبيعة النّظام السّوري لوحده؟ فعندما نقرأ لبعض الكتّاب الّذين يجدون متنفّسًا لهم في نقد هذا النّظام فحسب ملتزمين الصّمت تجاه سائر الأنظمة العربيّة، فإنّنا نشكّ في مصداقيّتهم أصلاً. فها هو النّظام المصري يعمل جاهدًا، على غرار نظام البعث، على التّوريث في أرض الكنانة. وها هو مهرّج ليبيا يعمل هو الآخر على توريث "الجماهيريّة العربيّة الاشتراكيّة العظمى"، وها هي سائر الأقطار من ممالك وإمارات وسلطنات تعمل كلّها على التّوريث، لا فرق. وها هي الأحزاب اللّبنانيّة على اختلاف مللها ونحلها ليست سوى محميّات قبليّة تعمل بالتّوريث هي الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، أنظروا ماهي حال المرأة في سائر الإمارات والسّلطنات والممالك الّتي تعيش في القرون الوسطى بقوانين ظلاميّة من تلك القرون. أليس من حقّنا أن نقول كلمة واحدة بهذه الأمور أيضًا؟

صحيح أنّ النّظام السّوري يلعب بالأحزاب الإسلاميّة القادمة من خارج سورية من أجل مصالحه ليس إلاّ، لكن من جهة أخرى هذه هي اللّعبة السّياسيّة، لعبة مصالح وموازين قوى. فليتعلّم الآخرون النّظر إلى مصالحهم هم، فلا توجد عروبة، فالعروبة أيّها الأخوة هي أكذوبة.

وأخيرًا على الأقلّ تبقى نقطة ضوء واحدة لدى هذا النّظام، رغم كلّ الانتقادات ضدّه. ونقطة الضّوء هذه هي "حظر حركة الإخوان المسلمين". في الحقيقة يجب حظر كلّ الأحزاب الدّينيّة في كلّ مكان على هذه الأرض، وعلى وجه الخصوص في العالم العربي، لأنّه لن تقوم لهذا العالم قائمة ما لم يفعل ذلك.
والعقل وليّ التّوفيق.
*
نشر: إيلاف، 31 يناير 2008

***

عن كلام جنبلاط ومن قد يقولون قوله

مخترة جنبلاط وأمثاله -


إنّ الزعامات الطائفية الوراثيّة والتوريثيّة في هذا المشرق، وجنبلاط أحد أمثلتها البارزة، لا يمكن بأيّ حال أن تشكّل مثالاً يُقتدى لدى هذه الأقليّة التي بقيت وصمدت في وطنها على رغم كلّ الصعاب.


توريث على الطريقة العربية

سلمان مصالحة ||

عن كلام جنبلاط ومن قد يقولون قوله


بدل أن تشتغل الزعامات الطائفية اللبنانية، على تشكيلاتها وتقليعاتها الدينية والدنيوية كافّة، في حلّ مشكلاتها المزمنة، تظهر علينا هذه الزعامات بين فينة وأخرى عبر شتّى وسائل الإعلام محاولة تصدير جميع عيوبها السياسية والاجتماعية إلى محيطها. والعيوب كما هو معروف هي عابرة للحدود الجغرافية والسياسية، فما بالكم بهذا النوع القاتل من العيوب القبليّة والطائفيّة؟

ولأنّ الأقربين، كما يقال، أولى بالمعروف، نجد لزاماً علينا أن نضع النقاط على الحروف المبهمات. إنّ الكلام هذه المرّة سيُوجّه إلى «البيك»، زعيم المختارة والزعيم اللبناني وليد جنبلاط. والمناسبة هي ما أُشيع ونُشر من كلام منسوب إليه في شأن تبجيل مواطنين من إسرائيل نفّذوا العمليّة في «الحرم القدسي»، وإسباغه عليهم نعت «المجاهدين». لقد تصادف أن كان ضحايا هذه العمليّة حارسين شرطيّين على أبواب «الحرم القدسي» ينتميان إلى الطائفة العربية الدرزية. بالتأكيد، لم تكن العملية موجّهة ضدّ أفراد ينتمون إلى الدروز، غير أنّ جنسية المنفذين الإسرائيلية والموقع المقدّس الذي نُفّذت فيه أثارت حساسيّات طائفيّة، سارع الكثيرون إلى إخمادها قبل أن تتطوّر إلى أمور لا تُحمد عقباها.

إنّ الأحداث التي تعصف بهذا المشرق في الأعوام الأخيرة تصل أصداؤها إلى هذه الربوع التي تعيش فيها الأقلية العربية بظروفها الخاصّة في إسرائيل. وعلى رغم كلّ النّزيف العربي الطائفي المقيت خلف الحدود، حافظت هذه الأقليّة بحدسها الطبيعي وببصيرة العقلاء فيها، من مختلف الطوائف، على لحمتها الاجتماعيّة. وعلى رغم كلّ الصعوبات لم تدع هذه الأقليّة كلّ هذا الشرار الطائفي أن يُشعل حريقاً في ربوعها وبين صفوفها.

من هذا المنطلق ولأنّنا هنا في هذه الربوع، وعلى غرار أهل مكّة، أدرى بشعابنا هنا، بل أبعد من ذلك، لأنّنا هنا أدرى ليس فقط بشعابنا، بل بشعوبنا أيضاً، فإنّ الكلام موجّه إلى جميع زعماء الطوائف والقبائل عبر الحدود أن يتركوا هذه الأقليّة وشأنها.

إنّ الزعامات الطائفية الوراثيّة والتوريثيّة في هذا المشرق، وجنبلاط أحد أمثلتها البارزة، لا يمكن بأيّ حال أن تشكّل مثالاً يُقتدى لدى هذه الأقليّة التي بقيت وصمدت في وطنها على رغم كلّ الصعاب. إنّ الأجيال العربية الناشئة لدينا تبحث عن مستقبل آخر يقع على طرف نقيض لكلّ ما تراه من حولها. هذه الأجيال تبحث عن سُبُل لتخطّي كلّ هذه الأوبئة الاجتماعية التي تشهدها في هذا المشرق العربي النازف.

لهذا السبب، ولأسباب كثيرة أخرى لا يتّسع المجال للتطرّق إليها الآن، ليس من قبيل الصدف أنّ هذه الأقليّة العربية في إسرائيل وبجميع طوائفها، وكما يتّضح من كلّ الاستطلاعات التي أُجريت في الأعوام الأخيرة، لا ترغب بأيّ حال من الأحوال أن تكون جزءاً من أيّ كيان سياسيّ عربيّ أو فلسطيني على الإطلاق. وهذا ما تعبّر عنه أيضاً القيادات السياسية، الثقافية والاجتماعية الفاعلة بين صفوف هذه الأقليّة.

هذه هي حقيقة هذه الأقلية الباقية في وطنها الذي صار جزءاً من الكيان السياسي الإسرائيلي. فنضال هذه الأقلية نضال سياسي ضمن الكيان السياسي الإسرائيلي. وفي هذا النضال لا مكان بأيّ حال من الأحوال وفي أيّ من الظروف، لا للدواعش ولا لأشباه الدواعش بيننا. لهذا أيضاً، يجب التحلّي بالشجاعة الأخلاقية ونبذ وإدانة كلّ نبرة طائفيّة، مهما صغرت ومهما كان مصدرها. إذ إنّ هذا الشرار الطائفيّ سرعان ما ينتشر ويشعل الحرائق التي لا تُبقي ولا تذر.

وخلاصة القول، إنّ المخترة تضحي أحياناً مخطرة. لهذا فإنّ الزّعامات الطائفية والدينية في هذا المشرق، على اختلاف تشكيلاتها، مدعوّة إلى حلّ مشاكلها وإشفاء عيوبها المزمنة في مواقع وجودها بدل العمل على نقلها إلى ربوعنا. لسنا بحاجة إلى اقتناء هذا النوع من العيوب، فلدينا ما يكفي منها ونحن نصارعها بأنفسنا. وكما ذكرت آنفاً، نحن هنا أدرى بشعابنا منكم، ونحن هنا أدرى منكم بشعوبنا وشعوبكم أيضاً.
*
الحياة، 22 يوليو 2017

***

تعقيبات على المقال:
رامي الريس، مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي، الأنباء
قصي الحسين، أستاذ في الجامعة اللبنانية، الأنباء
 

الانقسام الفلسطيني يخدم إسرائيل


أيّ خطوة لتحريك العملية السلمية بين الجانبين تستدعي الإطاحة بالقيادات السياسية الحالية في كلّ من إسرائيل وفلسطين.

سلمان مصالحة ||


الانقسام الفلسطيني يخدم إسرائيل


كل من اعتقد أو عقد آمالاً في الماضي على تدخّل القوى العظمى لحلّ الصراع الإسرائيلي العربي، أو الإسرائيلي الفلسطيني تحديدًا، قد عاد بخفّي حنين. وكلّ من لا يزال يملك ذرّة من اعتقاد بأنّ العالم، وفي مقدّمه الولايات المتحدة، سيُقدم على اتّخاذ خطوات عملية لدفع مسيرة ما لحلّ هذه القضية المُزمنة سيُمنى، بلا أدنى شكّ، بخيبات متجدّدة.
المرّة الوحيدة التي حصلت فيها حلحلة ما على المسار الإسرائيلي الفلسطيني كانت في أوسلو، أي بمبادرة ذاتية فلسطينية-إسرائيلية. وفقط بعد أن حيكت صفقات أوسلو بين الجانبين دخلت الولايات المتحدة على الخطّ، أو تمّ إعلامها وإشراكها، لأجل مباركة ما اتّفق عليه الجانبان بمباحثات سريّة بينهما.

هذه هي حقيقة سلوكيّات القوى العظمى والمؤثّرة، فهي لا تشحذ أظفارها لتحكّ جلود المتصارعين. فهذه القوى لا تتدخّل في الصراعات الإقليمية إلاّ في حال حصول تهديد لمصالحها المباشرة. كذا كان في الماضي وكذا سيكون.

طالما انتظر العرب في الماضي أن يحصل تغيير مع تبدّل الإدارات الأميركية بعد الانتخابات، غير أنّ شيئًا لم يحدث بعد استبدال رئيس وإدارة برئيس آخر وإدارة أخرى.

وها هم الفلسطينيّون والعرب ينتظرون أن يأتي الفرج من الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب. لكن، يجب ألاّ يغيب عن الأذهان أنّ أميركا لا تحرّك ساكنة إلاّ حينما تشعر أنّ مصالحها مهدّدة.

ولكن، حتّى لو افترضنا أنّ ثمّة مصلحة للعالم وللولايات المتحدة في دفع الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني للدخول في مفاوضات سلام والمضيّ قدمًا بغية إنهاء الاحتلال وحلّ هذا الصراع، فهل هنالك قيادات إسرائيلية وفلسطينية بوسعها اتّخاذ قرارات صعبة غايتها الوصول إلى حلّ ينهي الصراع على هذه الأرض؟

من ينظر بعيون بصيرة إلى الواقع في الحالين، الإسرائيلية والفلسطينية، يرى أفقًا مسدودًا، ففي الجانب الإسرائيلي، لا يمكن الوثوق بهذه الحكومة الإسرائيلية وبقدرتها على اتخاذ قرارات بهذا الحجم الذي يتطلّبه حلّ القضايا الجوهرية لهذا الصراع المتمثّلة بانهاء الاحتلال الجاثم منذ خمسة عقود، بما فيه احتلال القدس الشرقية، وإيجاد صيغة لحلّ قضيّة اللاجئين. هذه الحكومة الإسرائيلية ترتكز على أركان من أقصى اليمين الديني والدنيوي وهي أكثر الحكومات تطرّفًا في هذه القضايا. وحتّى لو افترضنا أنّ تركيبة هذه الحكومة الإسرائيلية قد تبدّلت بعد انتخابات قادمة، أو لتغيير حاصل في الائتلاف الحكومي، فهل هذا الأمر يضمن تقدّمًا في مسار السلام؟

وماذا بشأن الوضع السياسي الفلسطيني من الجهة الأخرى؟ بخصوص هذا الجانب الفلسطيني، فحدّث ولا حرج. إذ إنّ الانقسام السياسي الفلسطيني منذ عقد من الزمان، والذي لا يبدو أنّه ذاهب إلى انفراجة في المستقبل المنظور، ينفي وجود قيادة فلسطينية واحدة بوسعها اتّخاذ قرارات بحجم حلّ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. فلا سلطة الضفّة الغربية تستطيع التحدّث باسم غزّة، ولا سلطة غزّة تستطيع التحدّث باسم سلطة رام الله. وكلّ هذا ناهيك عن إمكانية الحديث أو اتّخاذ قرارات ديمقراطية يقبل بها الفلسطينيّون.

وهكذا، فإنّ هذا الانقسام السياسي الفلسطيني المستحكم على الأرض يخدم في نهاية المطاف اليمين الإسرائيلي الذي يعيد ويكرّر دعوى عدم وجود شريك فلسطيني لعقد اتفاقية سلام تنهي الصراع.

لذلك، وعلى خلفية هذا الوضع المظلم في هذا الملفّ فإنّ أيّ خطوة لتحريك العملية السلمية بين الجانبين تستدعي الإطاحة بالقيادات السياسية الحالية في كلّ من إسرائيل وفلسطين. إنّ القيادات الحاليّة لدى الطرفين غير مؤهّلة أو غير قادرة على اتّخاذ قرارات تاريخية بهذا الحجم.
*
الحياة، 14 يوليو 2017


حيثما يشيخ المجرمون


سلمان مصالحة ||

حيثما يشيخ المجرمون


حَيْثُما يَشِيخُ المُجْرِمُونَ،
لا يَنْبُتُ زَرْعٌ فِي السُّهُول.
لا يُزْهِرُ وَرْدٌ عَلَى خُدُودِ
الصَّبايا، وَلا الوَعْدُ عَلَى
قُيُودِ الحَكايا. لا تَحْلُمُ
الأَرْحامُ بِالوُعُولِ.

حَيْثُما يَشِيخُ المُجْرِمُونَ،
لا تُسْتَساغُ فِي الفَمِ لُقْمَةٌ.
لا يُحْسَبُ الصُّبْحُ فِي عِدادِ
الزَّمَنِ، وَلا يُنْسَبُ المَساءُ
إلَى خَيالِ النّاسِ. حَيْثُما
يَشِيخُ المُجْرِمُونَ، لا تَغِيبُ
الشَّمْسُ وَراءَ الأُفُقِ، وَلا
يَدْلِفُ النُّعاسُ لِلْعُيُونِ.

حَيْثُما يَشِيخُ المُجْرِمُونَ،
لا يَعْرِفُ المُؤْمِنُونَ سَبِيلاً
إلَى اللّٰهِ. الغائِبُ لا بَيْتَ لَهُ
فِي قُبَّةِ السَّماءِ، ناهِيكَ عَنْ
أَدِيمِ الأَرْضِ. لا يُثْمِرُ حَمْلٌ
فِي الأَحْلامِ. حَيْثُما يَشِيخُ
المُجْرِمُونَ، لا يَكْبُرُ طِفْلٌ
فِي الحُقُول.

حَيْثُما يَعِيشُ المُجْرِمُونَ
لا يُكْتَبُ شِعْرٌ أَبَدًا.
لا يُحْسَبُ النَّثْرُ مَدَدًا.
وَلا الصَّمْتُ يُنْسَبُ عَدَدًا.

حَيْثُما يَعِيشُ وَيَشِيخُ
المُجْرِمُونَ،
لا تُسْتَساغُ اللُّقْمَةُ،
وَلا تُسْتَساغُ
حَتَّى النَّقْمَةُ.
*

الهوية المعقّدة للعرب في إسرائيل


الفوارق التي تظهر بين المكوّنات الطائفية لهذا المجتمع هي مجرّد أصداء لما هو حاصل في سائر المجتمعات العربية في هذا المشرق.

هكذا راحت فلسطين


في ذكرى النكبة:


هكذا راحت فلسطين


كيف ترك أبناء العائلات المعروفة بالوجاهة والزعامة البلاد وتركوا العباد يواجهون مصيرهم.

توفيق طوبي || دفاعًا عن استقلال إسرائيل


في ذكرى النكبة:

  وثيقة  - 

 

نقدم هذه الترجمة العربية خدمة للقارئ العربي:
خطاب القائد الشيوعي الفلسطيني، توفيق طوبي،
في الكنيست الإسرائيلي، 21 نوڤمبر 1949

نزلت علينا محنة


سلمان مصالحة ||

نزلت علينا محنة


نَزَلَتْ عَلَيْنا مِحْنَةٌ
بِمَكانِ. في بُقْعَةٍ جُبِلَتْ
مِنَ العُرْبانِ.

إمّا الوحدات القائمة أو الدم


مختارات صحفية




حازم صاغية ||

إمّا الوحدات القائمة أو الدم


بصراحة، وكائنة ما كانت الأسباب التي يمكن للخوض فيها أن يستمرّ دهورًا. هذه الكيانات غير قابلة للعيش في شكلها الراهن.

دم بريء في كفريّا والفوعة بعد الدم البريء في خان شيخون بعد الدم البريء في الكنيستين القبطيّتين، وسط شلاّلات دم في العراق وليبيا واليمن...

أمام هذا الهول المتعاظم والمتمدّد استُنفدت الحجج جميعها. صحيح أنّ استبعاد السياسة يبقى السبب الأوّل في هذا العنف، لكنّ الصحيح أيضًا أنّ العنف الذي استطال وتجذّر جعل استبعاد السياسة مطلبًا. الآن، كلّ طرح لحلّ سياسيّ ما هو إلاّ طرح جماعة أهليّة بعينها، كبرت أم صغرت، ضدّ جماعة أهليّة أخرى. في المقابل، بات كلّ اتّهام بارتكاب إرهابيّ ما اتّهامًا أهليًّا ينقل ما تفكّر به جماعة محدّدة وما تتخيّله. الشفقة والرحمة والتعاطف باتت قيمًا «مُطيّفة» بالكامل، أي اضمحلت كقيم. المهمّ، عند الفاعلين، ما يصلح من هذا الدم ليكون برهانًا على أنّ الطرف الآخر مجرم.

كلّ شيء تعفّن ويتعفّن. بالتدريج يختفي البعد السياسيّ من الصراعات الدمويّة، ويتّضح كم بات مستحيلًا تسييسها. تغيير الأنظمة بذاته هو ما بات يُشكّ كثيرًا في أن يكون كافيًا حتّى لو تمّ التخلّي عن بعض الرؤوس والرموز. لقد صار التغيير وراءنا، ليس لأنّنا حقّقناه، بل لأنّه لن يتحقّق. إنّه لم يعد مطلبًا وطنيًّا ينهي الحروب، في ظلّ التصدّع الواسع للمجتمعات. إنّه المطلب الذي يعاد اليوم تدويره في مطالب الأهالي المتضاربة وفي سعيهم إلى التغلّب. لهذا يغدو مستحيلًا كما يغدو سببًا لمزيد من القتل.

الرهان على الحلول من الخارج يتضاءل أيضًا. ليس فقط لأنّ سياسات الغزو الإيرانيّة – الروسيّة تُعدم الحلول، بل أيضًا لأنّ التحوّلات الأميركيّة الجديدة، ذات الطبيعة العسكريّة البحتة، تضعنا أمام مزيد من الغموض والمجاهيل. إعادة التكيّف مع هذه التحوّلات ستستدعي، بدورها، دمًا أكثر. احتمال حرب في كوريا يُستبعد أن يمهّد لسلم وتسويات في الشرق الأوسط.

فلننظر إلى ثنائيّ السياسة والعنف في بلد كلبنان، حيث العنف ضامر أو مُستوعَب أو مؤجّل. هنا يقيم هذا العنف في السياسة المتاحة على نحو لا يعوزه الشرح: مثلًا. إذا كان هدف الانتخابات، من حيث المبدأ، تفادي العنف وضبط نزاعات الشارع في المؤسّسات، فإنّ الخلاف حول القانون الانتخابيّ يشي بإرادة أخرى: الطوائف لا تريد من القانون الانتخابيّ إلاّ تمكين نفسها في مواجهة طوائف أخرى... أي، تحسين شروط غلبتها أو تحسين شرطها العسكريّ. بمعنى ما، يتصرّف اللبنانيّون وكأنّهم يحسدون «الأشقّاء العرب» على انخراطهم في العنف المباشر!

بصراحة، وكائنة ما كانت الأسباب التي يمكن للخوض فيها أن يستمرّ دهورًا. هذه الكيانات غير قابلة للعيش في شكلها الراهن. إنّها مصانع لتوليد الحروب ولإعدام التغيير. كلّ حفاظ عليها وعلى صيغة اجتماعها الوطنيّ هو تأبيد للدم والخراب (اللذين يتّهم كلّ طرف أهليّ الطرف الأهليّ الآخر بهما!). كلّ تسريع في طرح هذه المسألة، وكلّ تخفّف من حمولة الوطنيّات القاتلة، يقلّلان الدم.

المخيّلة السقيمة والكسولة (لا للتقسيم، تستفيد إسرائيل، مؤامرة المستشرقين، نحن إخوان...) آن لها أن تستريح وتريح. إنّها مسؤولة، إلى جانب المسؤولين الآخرين، عن الأرواح التي تُزهق. هذا لا يعني وجود بدائل سهلة وجاهزة. إنّه يعني أنّ الواقع القائم ينبغي أن يتغيّر فحسب، لا بوصفه أنظمة فحسب، بل بوصفه اجتماعًا أساسًا. الفصل بين المتحاربين هو الخطوة الأولى لوقف الحرب، و»الإخوة» متحاربون فحسب.

إنّ بعض الطلاقات مكلف وصعب، لكنّ إتاحة الطلاق باتت شرط إبعاد القاتل من القتيل. وها نحن لا نزال نفكّر في أمور كثيرة والمطلوب واحد... واحدٌ لا يزال، على رغم كلّ شيء، محرّمًا.
*
الحياة، 18 أبريل 2017



معنى أن تكون عربيًّا الآن


ولمّا كان هذا النّظام مهووسًا بما اقترف سابقه من جرائم بحقّ البشر في سورية ويخشى عاقبة ذلك، فقد كان يعلم أن لا طريق أمامه سوى أن يكون ”شرَّ خَلفٍ لشَرِّ سَلفٍ“.

الآن قد بان


سلمان مصالحة ||

الآن قد بان


أنا الّذي حَدَّقَتْ فِي
مَوْتِهِ الأُمَمُ. طِفْلٌ تَوَسَّدَ
تُرْبَ الشّامِ يَبْتَسِمُ.

متاهة


سلمان مصالحة ||

متاهة


الأرضُ تشتهي الأحياء.
الأحياءُ يشتهون السماء.
السّماءُ فضاءٌ بلا شَهْوة.

كلّ يغنّي على ويلاه




إنّ هؤلاء المتخبّطين في الأيديولوجيات العابرة للأقاليم العربية يتجاهلون طبيعة مجتمعاتهم التي انبنت على عقد إجتماعي متجذّر في حضارتهم...

فلسطين - لعبة البلاغ ونكبة البلاغة


وهكذا بدأت الاستعدادات العربية للحرب بغية إفشال القرار الأممي الذي قضى بتقسيم فلسطين وإنشاء دولتين، يهودية وعربية

ما أشبه نكبة الليلة بنكبة البارحة


لقد مرت الأعوام تلو الأعوام فوجد الفلسطينيون أنفسهم مؤخّرًا أنّ النكبات لم تعد حكرًا عليهم دون غيرهم، فنكبات الآخرين - سورية مثالاً - لا تقلّ مأساوية وبشاعة عن نكباتهم
مرآة الشرق، 5 أيار 1927

بؤس الخطاب السياسي الفلسطيني


هكذا وخلال سنوات طويلة، اختفت مليارات الدولارات التي قُدّمت دعمًا لفلسطين وأهلها من طرف الدول المانحة، وانتشر الفساد في كلّ شبر من الأرض الفلسطينية التي تخطو فيها السلطة الفلسطينية المنبثقة من «اتّفاقات أوسلو».

عبد القادر الجزائري طورا تراني


مختارات شعرية:


عبد القادر الجزائري

طورا تراني


فَطورًا تَراني مُسْلمًا أَيَّ مُسْلمٍ
زَهُودًا نَسُوكًا خاضِعًا طالبًا مَدَّا

هناك فصيل من الشعراء



سلمان مصالحة ||

هناك فصيل من الشعراء


هُنَاكَ فَصِيلٌ مِنَ الشُّعَرَاء
يَخُطُّونَ قَوْلًا، «بِلَا قَافِيَهْ»،

يا شبيحة العالم، اتحدوا


واللافت الآن في هذه القضية هو ما كشفته من عمق الهوّة القائمة بين المؤسسة العسكرية وبين رأي الشارع الشعبوي الذي يعبّر عن تعاطفه مع الجندي...

حلم البحث عن قبيلة جديدة



أوليس هذا الخراب الكبير في الأحوال العربية مردّه إلى خراب بنيوي وتمزّق متجذّر لم يستطع العرب وطوال قرون طويلة جمع شراذمه القبلية والطائفية في كيان سياسي واحد عابر لهذه العصبيات.


قضايا
  • كل يغنّي على ويلاه

    إنّ القطيعة التي فرضها الإسلام على العرب مع جذورهم الجاهلية قد سجنتهم في بوتقة الواحدية الأيديولوجية التي لا يمكن أن تكون إلاّ كابتة ومستبدّة، أي فاشية في نهاية المطاف. كذا هي طبيعة الأيديولوجيّات الواحدية، أكانت هذه الأيديولوجيات دينية أو سياسية، لا فرق.
  • شعب واحد أم تشعّبات؟

    قد يظنّ البعض أنّ إطلاق الشّعارات يكفي وحده إلى تكوين مجموعة سكّانيّة هوموجينيّة متراصّة لها مقوّمات الشّعب كما يجب أن يفهم هذا المصطلح على حقيقته.

    تتمة الكلام
 
قراء وتعليقات
  • تعليقات أخيرة

  • جهة الفيسبوك

    قراء من العالم هنا الآن

  • عدد قراء بحسب البلد

    Free counters!