الثلاثاء، 6 نوفمبر 2018

منظمة تحرير البيانات الفلسطينية


وها هو المجلس المركزي الفلسطيني قد انعقد قبل أيّام في رام الله وبرئاسة محمود عباس لتدارس الوضع الفلسطيني الراهن، وبعد نقاش ومداولات خلص المؤتمرون إلى تحرير بيان جديد


السبت، 3 نوفمبر 2018

اغتيال رابين من زاوية أخرى

ترجمة عربية لمقالة «هآرتس» - 


شعارات مظاهرات سبقت اغتيال رابين


سلمان مصالحة ||


اغتيال رابين من زاوية أخرى


في نهاية يوم السبت في 4 تشرين الثاني 1995، أصيبت إسرائيل بصدمة. مثل كل سنة في هذه الأيام يحيون ذكرى اغتيال رئيس الحكومة اسحق رابين. لسبب ما يتميز هذا الحدث بميزتين مختلفتين لكنهما تتشابهان في جوهرهما. لذلك يجب العودة وفحص عملية الاغتيال من زاوية لم ينتبه لها أحد.

إزاء محاولات إنساء الحادث، من المهم القول إن رابين قتل بعد حملة تحريض مدبرة لزعماء المعارضة في تلك الأيام. القاتل كان فقط أحد اليهود، لكنه كان مليئا بالتحريض الذي خرج من أقبيه القبيلة اليهودية. بطارية التحريض القبلي وصلها حاخامات وسياسيون عاديون بكل معنى الكلمة بخيوط بدائية، بدءا بخيوط "طقوس الاستدعاء بالموت" و"قانون الوشاية" وحتى ملابس ألـ "إس. إس" وتابوت الموتى وما شابه. زعماء المعارضة في حينه، حكام إسرائيل في الوقت الحالي، قفزوا على اللقية القبلية التي وقعت في طريقهم، وهم يواصلون حتى الآن السير في خطاها. في تلك الأيام، أيام أوسلو غير السعيدة جدا، صرخوا فوق كل منبر بأنه لا يوجد شرعية لرابين في مواصلة طريقه السياسي لأنه "لا توجد له أغلبيه يهودية".

هذا الادعاء غير الديمقراطي تمّ طرحه لأن حكومة رابين استندت إلى كتلة برلمانية مانعة شملت أحزابًا عربية. في نظر حاخامات الشرّ وخرافهم المطيعة في الكنيست، هذه الأحزاب العربية قائمة كزينة فقط من أجل التزين والتفاخر بها أمام شعوب العالم؛ لا توجد لها أي قيمة في الديمقراطية الإسرائيلية. قبل بضعة أيام من المظاهرة في ميدان ملوك إسرائيل قام رابين وبحق بتسمية المطالبة بـ "أغلبية يهودية” بأنها عنصرية. لقد كان مصمما على مواصلة الطريق الذي اختاره. اليمين الإسرائيلي بكل أنواع أعشابه الضارة، من أعضاء كنيست وحاخامات، عرف أنه ليس لديه أي وسيلة ديمقراطية لوقف العملية. من هنا كانت الطريق قصيرة إلى وصل العبوة القبلية القاتلة بالساعة البدائية اليهودية التي تدق في أيدي القاتل "اليهودي" يغئال عمير.

بعد مرور سنتين على عملية القتل سنّ البرلمان الإسرائيلي، الكنيست، قانون "يوم ذكرى اسحق رابين"، الذي يجب فحصه من زاوية أخرى. في المادة 1 في القانون جاء "بتاريخ 12 حشوان، يوم اغتيال رئيس الحكومة ووزير الدفاع اسحق رابين سيكون يوم ذكرى رسمي، هذا اليوم يتم إحياؤه في مؤسسات الدولة وفي معسكرات الجيش وفي المدارس". حقيقة أنه تم اختيار تاريخ عبري لإحياء ذكرى رئيس الحكومة الذي كان يمكن أن يكون رئيس حكومة جميع المواطنين، فيها نوع من تجميع وضم الصدمة التي تشمل كل المواطنين إلى الحضن القبلي اليهودي فقط، من خلال إقصاء غير المحسوبين على الأغلبية اليهودية. وهذا بالضبط هو أحد الأسباب التي أدت إلى عملية الاغتيال. إنّ اختيار تاريخ عبري لإحياء ذكرى عملية الاغتيال كان مناورة ذكية من طرف اليمين، وقد استهدفت إخفاء جزء من البيّنات التي تشير إلى من وماذا يقف من وراء عملية الاغتيال.

ليعلم من ينظمون مراسم الذكرى، سواء في 12 حشوان أو في 4 تشرين الثاني، أن اغتيال رئيس الحكومة على خلفية خلافات سياسية في الرأي، لا يمكن أن يكون "غير سياسي". كل من يحاول إعطاء تجمعات الذكرى على أشكالها صورة صداقة يهودية، يخدم فقط اليمين المتطرف ويعزز الادعاء بأن القتل كان على خلفية شرف القبيلة اليهودية. كذلك، كل من يحاول إقصاء مواطنين إسرائيليين غير محسوبين على "الأغلبية اليهودية" عن إحياء ذكرى اغتيال رئيس الحكومة الذي يُفترض أن يمثل عامّة السكان حتى في مقتله، فإنّه يستمر بإطلاق النار على ظهر المواطنة الطبيعية الإسرائيلية التي حاول رابين دفع تحقيقها في أواخر أيامه.

إذا كانت هذه هي طبيعة الأمور، فإن الطريقة التي يتم فيها إحياء ذكرى اغتيال رئيس حكومة إسرائيل هي تذكار لنظام الأبرتهايد المتبع في الدولة.
*
الترجمة: ”أمد“ - أضواء على الصحافة الإسرائيلية 2 – 3 تشرين الثاني 2018

انظر أيضًا:
الحياة الجديدة

مركز الناطور


*****

مصدر: ”هآرتس

***
For Hebrew, press here

السبت، 27 أكتوبر 2018

هل من جدوى من الكتابة بالعربية؟

كلمة عدل عند سلطان جائر - 

 وظيفة الصحافة على كافّة أنواعها ليست التطبيل والتزمير للحاكم، بل وظيفتها كشف الحقائق أمام الرأي العام

الجمعة، 26 أكتوبر 2018

غباء

سلمان مصالحة ||

غباء


يا لَهُمْ مِنْ أَذْكياء شُيوخُ هٰذا الشّرْق!
يَرتادُون المَقاهي صباحَ مساء،
يَتجاذَبون أطْرافَ الحَديث،
ويُطْلقُونَ في الفَضاء، حَكايا بُطُولاتِهم.

الجمعة، 7 سبتمبر 2018

يسار أو يمين لا فرق

ترجمة عربية لمقالة "هآرتس" -

يبدو أن الكنيست، وعلى الورق فقط، تضم 120 عضوًا.  فعليًا دائمًا يغيّبون من المعادلة الـ 13 عضو كنيست من القائمة المشتركة.

الجمعة، 17 أغسطس 2018

من يغئال عمير وحتى احتجاج الدروز

ترجمة عربية لمقالة "هآرتس":

قانون القومية بصيغته الحالية هو استمرار مباشر لنفس التحريض. هو استهدف أن يسبق علاج الابرتهايد من مدرسة اليمين المتعصب..

الأربعاء، 15 أغسطس 2018

رائف زريق || حديث في الغضب والسياسة

مختارات -  

حول سن قانون القومية

صحيح أن الخيال السياسي الذي يقود العمل البرلماني الحالي قد جف منذ فترة، وأصبح يعيد نفسه دون أن يكون قادرا على توسيع رقعة التناقضات والتوترات داخل المشروع الصهيوني والكنيست الإسرائيلي...

الخميس، 9 أغسطس 2018

حازم صاغية || حين زارنا الهنغار الشيوعيّون

مختارات -

الكلام عن الشيوعيّين الهنغار غزا بيوت القرية واستوطن مقاهيها مثيرًا من البلبلة ما لا يُستهان به. لقد بدا الأمر أشبه باكتشاف لم يتوقّعه أحد: شيوعيّون شعورهم شقر وعيونهم زرق!

الثلاثاء، 31 يوليو 2018

قانون القومية الإسرائيلي

وثيقة -

قانون القومية الإسرائيلي


نظرًا لأهمية الموضوع نقدّم هنا خدمة للقارئ العربي ترجمة عربية للنصّ العبري الرسمي لقانون القومية الإشكالي الذي صادق عليه البرلمان الإسرائيلي - الكنيست - مؤخّرًا.

الجمعة، 27 يوليو 2018

الشهادة الدامغة


وثيقة صوتية -


الشهادة الدامغة


شهادة من جبل العرب تدمغ نظام المافيا، نظام «لصوص الديار» المعفّشين لكلّ ما تقع عليه أياديهم من أثاث في غزواتهم الـ«عروبية».

الخميس، 26 يوليو 2018

عن الأسد وحرق البلد

إنّ هذا النظام «الممانع» الذي حقّق أيديولوجيّته القائلة بـ«حرق البلد» طوال السنوات المنصرمة على الهبّة السورية بغية بقاء الأسد لن يُبدّل جلده أو طبعه.


الأحد، 22 يوليو 2018

عبث



سلمان مصالحة || 

عبث


عَبَثًا قَرَأْتُ،
وَفِي العُيُونِ ظُنُونُ
أَنَّ الكَلامَ اليَعْرُبِيَّ
يَهُونُ.

الأحد، 15 يوليو 2018

راشد حسين || حين يجوع التاريخ

مختارات - (1959):

راشد حسين ||

حين يجوع التاريخ


التاريخ كالذئبة يأكل إذا جاع أبناءه.وتاريخ الحزب الشيوعي يتمطى اليوم غولًا ليأكل هذا الحزب،فهو يأكله في كل بلد عربي،وهو يأكله أيضًا في إسرائيل.والتاريخ لا يخطئ.والتاريخ لا يجرم،وإنما يخطئ أحيانًا صانعوه ويجرمون في حق أنفسهم. لا لوم إذن على التاريخ إن هو تمطى اليوم ليأكل الحزب الشيوعي لحمًا ودمًا وعظامًا. ولا لوم على المرء أي كان إن هو حمل قلما ليسجل هذا التاريخ. واسمعوا القصة كلها!

الأربعاء، 23 مايو 2018

النكبة بمنظار آخر

إنّ التلاعب بعواطف العرب أضحى لعبة في أيدي قوى إقليمية إسلامية ليست عربية تحاول بسط نفوذها في الجغرافية العربية المأزومة بأنظمتها وحكّامها المهزومة بذهنيّة نخبها وعوامها.

 

الجمعة، 27 أبريل 2018

شادن


سلمان مصالحة ||

شادن


رَحَلْتُ إلَى أَرْضٍ
بِقَلْبٍ مُبَدَّدِ.
فَقَدْ خِلْتُ أَنْ أَقْضِي
وَفَائِي بِمَوْعِدِي.

الاثنين، 23 أبريل 2018

بين النكبة والاستقلال


مقالة «هآرتس» -

ترجمة عربية في «القدس العربي»:
*
وهكذا على مر السنين شربت هذه البلاد الدماء والعرق والدموع الكثيرة.

 

سلمان مصالحة || 

بين النكبة والاستقلال


ثلاثة تأملات عن الاستقلال والنكبة -

الاول: رغم المعارضة الشديدة للأسرلة من قبل الكثير من السياسيين العرب في البلاد على مختلف تياراتهم، لسبب ما الفلسطينيون مواطنو الدولة يتصرفون كإسرائيليين في المقام الاول. إسرائيليتهم عميقة جدا إلى درجة أنهم يحتفلون بيوم النكبة حسب التقويم العبري، الخامس من أيار/مايو ـ يوم استقلال إسرائيل. هذا مدهش عندما يقدمون يوم الاستقلال بيوم واحد بناء على طلب الحاخامية الرئيسة خوفا من تدنيس السبت، فإن الفلسطينيين الإسرائيليين أيضاً يقدمون إحياء يوم نكبتهم. وكأنهم هم والحاخامية الرئيسة توأم سيامي.

الفلسطينيون في المناطق المحتلة، في المقابل، يحيون الحدث حسب التقويم الميلادي في 15 أيار/مايو، ولا أحد يحيي ذكرى النكبة حسب التقويم الهجري الإسلامي، الذي كما هو معروف يتغير طوال السنة. ربما أنهم اعتادوا على التصرف هكذا خوفا من أن يبعدهم ذلك عن يوم استقلال إسرائيل، وحسب المقولة المنسوبة للنبي محمد «من بين أمم كل العالم، أنتم الأكثر شبها ببني إسرائيل. أنتم تسيرون خلفهم خطوة بخطوة».

الثاني: كل المتهمين بمخالفة جنائية ـ القاتل، المغتصب، اللص أو كل مخالف للقانون ـ دائما يدعون براءتهم. على الاغلب بمساعدة المحامين الاذكياء على أمل أن يحظوا بنقاط في يوم اصدار الحكم. في حالات كثيرة أيضاً بعد إرسال المجرم إلى السجن، يواصل الادعاء بالبراءة والبحث عن دلائل واختلاق بينات والمطالبة بإعادة المحاكمة. هذا يمكن أن يكون مواطناً عادياً أو زعيماً جماهيرياً أو عضو كنيست أو رئيس حكومة.

الصهيوني العادي سواء كان مهاجراً من وراء البحار أو كان من أحفاد المهاجرين لا يختلف من هذه الناحية. فلكونه صهيونيا وبسبب وجوده في هذا المكان هو دائما سيدعي البراءة من تسببه بنكبة الفلسطينيين. هو لن يعترف بالواقع وسيدعي أن النكبة هي كذبة وأنه لا يوجد شيء، لأنه لم يكن هناك شيء. قبل أربع سنوات حاول موشيه آرنس صد كل محاولة ولو بالاشارة للاعتراف بالكارثة التي حلت على سكان البلاد العرب عند إقامة الدولة «اليهودية» («كذبة النكبة»، هآرتس، 21/5/2014).

الثالث: في الطرف الفلسطيني أيضاً، لا يجب علينا أن نتوقع أن عربيا سينبش في أعمال «زعمائه» من تلك الايام وحتى الوقت الحالي، التي أوصلته إلى هذا اليوم. وهو لن يعترف أيضاً بالواقع الذي حدث هنا. ليس صدفة أنه لا يوجد مؤرخون جدد، لا عرب ولا فلسطينيون. من أجل أن يوجد مؤرخون مثل هؤلاء يجب أن توجد في المجتمع العربي بنية تحتية ديمقراطية للتفكير الحر مع انظمة نقد ذاتي.

بنية روحية لمحاسبة النفس لا توجد في الثقافة العربية. النقد الذاتي توجد له تداعيات بعيدة المدى حسب رأي الحكام ورؤساء القبائل العرب في هذا الفضاء. وهي من شأنها أن تؤدي إلى نهاية الهيمنة القبلية لهم وإلى ابراز قبائل اخرى أو طوائف أخرى. هؤلاء سيحلون محلهم، وسيمسكون بزمام السلطة ويملأون جيوبهم وجيوب مقربيهم بالمال. هكذا كان الامر في السابق وهذا هو الواقع حتى الآن.

هكذا وصلنا جميعا إلى هذا اليوم، . هذا يقول كلها لي وذاك يقول كلها لي، ولا يجد أي منهما طريقة للتقاسم، وهكذا على مر السنين شربت هذه البلاد الدماء والعرق والدموع الكثيرة.

يبدو أن هذه البلاد الجيدة تعبت منهما.

هآرتس 22/4/2018
*
نقلاً عن: القدس العربي


Fore Hebrew, press here
For English, press here


الأربعاء، 11 أبريل 2018

مجزرة القومية العربية



سلمان مصالحة ||

مجزرة القومية العربية


الجيش الإسرائيلي يرتكب المجازر خلال قمعه المواطنين الفلسطينيين على حدود غزّة. نظام الأسد يواصل ارتكاب المجازر بحقّ السوريين. العالم بأسره يقف مكتوف اليدين. تغريدات في التويتر، بوستات في الفيسبوك وبلاغات للصحافة. هذه حصيلة الضرائب الكلامية التي يقدمها العالم دفعًا لتأنيب الضمير. لكن، لنترك العالم الكبير للحظة. وهيّا بنا نتركّز في العالم العربي الذي يدّعي عرض نفسه أمّة واحدة.

يجب الاعتراف بأنّ الحصار المفروض على غزّة منذ سيطرت حماس على القطاع ليس حصارًا إسرائيليًّا فقط. الحقيقة التي يجب أن تُقال إنّه أيضًا حصار مصريّ عربيّ. إذ يكفي قرار مصريّ واحد لكسر هذا الحصار في حدود القطاع مع مصر. ألا يرفع المصريّون أيضًا شعار «الأخوة العربية»؟ أوليسوا أيضًا «أشقّاء مسلمون وسنيّون»؟ لكن، ويا للعجب، لا أشقّاء عربًا ولا بطّيخًا. كما إنّ «الرّئيس» الفلسطين ذاته يتّخذ قرارات بتقليص مخصّصات السلطة للقطاع كوسيلة ضغط على أصحاب القرار في سلطة هذه الدويلة المتمرّدة.

طوال عقود شكّلت القضيّة الفلسطينية أداة في أيدي الأنظمة العربية المستبدّة لكبح مطالب المواطنين في بلدانهم بالحرية، والديمقراطية، والتطوير الاقتصادي وتوفير أماكن عمل للأجيال الشابّة. طالما جلدت هذه الأنظمة المستبدّة المواطنين بشعار ”فلسطين قضيّة العرب الأولى“ الذي جرّ معه شعارًا آخر «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة»، معركة «تحرير» فلسطين بالطبع. لقد شكّلت هذه الشعارات أفيونًا خدّرت به هذه الأنظمة شعوبها وكبحت بواسطته كلّ الطموحات بتغييرات سياسية واجتماعية داخلية.

لا عجب، والحال هذه، أنّ الهبّات الشعبية العربية التي أُطلق عليها مصطلح «الربيع العربي» قد نشبت بالذّات في بلدان تلك الأنظمة الرئاسيّة التي رفعت شعار «القومية» العربية مضافًا إلى شعارات فارغة أخرى عن «الحرية» والـ «اشتراكية».

لقد زوّدتنا السنوات المنصرمة صباح مساء براهين على أنّ كلّ هذه الشعارات الطنّانة عن ”الأمّة الواحدة ذات الرسالة الخالدة» التي تفتّقت عنها قريحة حزب البعث، في سورية والعراق، كانت مجرّد هباء تذروه الرياح.

حريّ بنا أن نذكر في هذا السياق أنّه عندما أمسك فرسان «شعارات البعث»، كالأسد الأب وبعدئذ صدام حسين في كلّ من سورية والعراق، لم يظهر في الساحة أيّ تحقيق لأفكار «وحدة الأمة العربية» ولا لـ«رسالتها الخالدة». على العكس من ذلك، ففي كلا البلدين استُخدم حزب «القومية العربية العابرة للحدود» مطيّة يركبها المستبدّون في سورية والعراق لتجذير سلطة طائفية قبلية. هكذا سيطر على المفارق السلطوية الرئيسية أبناء الطائفة والقبيلة من الأبناء والأعمام والأخوال، وبعض الأفراد المرائين للمستبدّين طمعًا بالفوز ببعض الفتات.

لقد انفضح شعار القومية العربية بصورة فجّة ومضحكة في حرب الخليج الأولى في العام 1991 حينما أرسل الأسد الأب جنودًا سوريين للمشاركة في الائتلاف الأميركي الذي حارب صدّام بعد غزوه للكويت. هكذا اتّضح أنّ رافعي راية القومية العروبية في دمشق يحارب إلى جانب القوة الـ«استعمارية»، بتعريف البعث، ضدّ «أشقّاء عرب» يسيرون، ظاهريًّا، على ذات النهج الأيديولويجي.

والسنوات الأخيرة تزوّدنا ليس فقط بشهادات عن فشل مطلق للقومية العربية، بل وتزوّدنا أيضًا بشهادة أخرى عن فشل «الدولة الوطنية» العربية التي خرجت من رحم «سايكس-بيكو». إنّ سورية هي المثال الأبرز على هذا الفشل. إذ إنّ الحرب الأهلية السورية التي أنجبت مئات آلاف الضحايا وملايين اللاجئين والمهجّرين، إضافة إلى هذا الاستخدام للسلاح الكيماوي من قِبَل الأسد ضدّ مواطنين سوريين هو أكبر شاهد على انعدام وجود «شعب» سوري. فالرئيس الذي يرتكب أبشع المجازر ضد أولئك الذين يُفترض أنّهم «أبناء شعبه» أنّما يكشف عن وجهه ذلك القناع القومي الذي لبسه طوال سنوات. إنّه يكشف الحقيقة الطائفية القبلية على الملأ.

وإزاء هذه المشاهد، فإنّ كلّ عربيّ لا يزال يمتلك ذرّة من كرامة، أن يبدأ بإعادة حساباته بشأن شعارات هذه الهويّة وحقيقتها.
*
الحياة، 11 أبريل 2018


***
For English, press here
For Hebrew, press here


الاثنين، 2 أبريل 2018

بلادة


سلمان مصالحة ||

بلادة


سُئِلْتُ عَنِ النَّوائِبِ
فِي بِلادِي،
فَلَمْ أَفْهَمْ سُؤَالاً
مِنْ بِلادِ.

فَرُبَّ نَوَائِبٍ
يَزْدَدْنَ هَوْلاً،
إذَا وَقَعَ السُّؤَالُ
بِغَيْرِ زَادِ.

فَإنْ سَأَلَ البَلِيدُ
فَلا تُجِبْهُ.
لأَنَّ العُتْهَ يَكْبُرُ
كَالمَزادِ.
*

الأربعاء، 28 مارس 2018

دروس من الحرب السورية

 إنّ ما يهمّنا في هذه العجالة هو النّظر إلى طبيعة هذا الكيان السوري الذي وصل إلى هذا الدرك، وعلى جميع الأصعدة السياسية، الاجتماعية، وفوق كلّ ذلك الأخلاقية.

سلمان مصالحة ||

دروس من الحرب السورية


هل هنالك من عبر يخرج بها المتمعّن في الحرب الأهلية الطاحنة التي ضربت سورية في الأعوام الأخيرة؟ إنّه سؤال مؤرّق ومقلق لأنّ الذي انكشف على الملأ هو طرف واحد فقط من جبل الجليد الذي بقي جلّه خافيًا عن الأنظار في أعماق معتمة.
لا مناص من الحديث عن كلّ شيء بصراحة. إنّ مواصلة السلوك كالنعام ودسّ الرأس في الرمال لا يمكن أن تصل بنا إلى حسن المآل أو راحة البال.

طوال هذه الأعوام التي انصرمت على المذبحة السورية خرج الكثيرون في بلاد العرب بمقولات متعارضة ومتناقضة في آن. لقد كشفت المذبحة السورية عن اصطفافات عربية هي أبعد ما تكون عن الأخلاق. وخلال كلّ هذه الأعوام لم يكن الإنسان في مركز هذه المواقف المتناقضة، وإنّما جنحت الأطراف السورية ومن ورائها الأطراف العربية والدولية إلى الاصطفاف مع جمهرة أصحاب المصالح المتناقضة.

لنترك جانبًا الآن القوى العظمى البعيدة والقوى الإقليمية القريبة التي لعبت أدوارًا خبيثة في صبّ الزيت على نار هذه الحرب التي أكلت الأخضر واليابس. كلّ هذه القوى قد تُبدّل مواقفها من النقيض إلى النقيض إذا رأت حاجة لذلك، فلا يُسيّرها سوى مصالحها وهي لا تأبه بأيّ حال بمصائر البشر في هذا البلد المنكوب.

إنّ ما يهمّنا في هذه العجالة هو النّظر إلى طبيعة هذا الكيان السوري الذي وصل إلى هذا الدرك، وعلى جميع الأصعدة السياسية، الاجتماعية، وفوق كلّ ذلك الأخلاقية. والأسئلة التي لا مناص من طرحها على الملأ هي: ما هي الأسس السياسية والاجتماعية التي انبنى عليها بنيان هذا الكيان؟ وهل هنالك من تربة ثقافية واجتماعية رفدت فروع هذه الشجرة بسموم كامنة في ثقافة هذا المشرق فأوصلتها إلى اليبس والانهيار؟

لأجل استجلاء بعض الخطوط العريضة لهذا الوباء الذي ينخر في عظام هذا المشرق، يكفي أن ننظر في هذه الانزياحات الديموغرافية التي تجري على الساحة السورية علانية. من الواضح أنّ الحرب الأهلية السورية التي نشبت في البدء كانتفاضة شعبيّة تنشد الحريّة وضدّ حكم الاستبداد الذي أطبق عقودًا على البلد، سرعان ما تحوّلت إلى عصبيّات طائفيّة عابرة للحدود.

ما كانت هذه الانتفاضة الشعبيّة لتصل إلى هذا الطريق المسدود لولا طبيعة هذه السلطة الحاكمة والمستبدّة بهذا البلد منذ عقود. فطبيعة هذا الحكم، لم تكن في يوم من الأيّام طبيعة وطنيّة جامعة لأطياف البشر الذين يقطنون هذا البلد. ولأنّ السلطة البعثية قد سقطت في براثن الطائفيّة منذ تولّي حافظ الأسد مقاليد الحكم في سورية وتجذيره لهذه الطبيعة، فقد وضع الأسس منذ ذلك الوقت لعملية توريث الحكم مستقبلاً. والتوريث لا يمكن أن يكون بأيّ حال وطنيًّا، فالتوريث قبليّ أوّلاً وقبل كلّ شيء وطائفيّ ثانيًا.

وعلى هذه الخلفيّة، فمن منظور سلطة من هذا النوع فإنّ أيّ حراك شعبيّ ومهما كان ذا صبغة وطنيّة فهو يُشكّل خطرًا على السلطة والحاكم. هكذا كانت الأرضيّة مهيّأة للجنوح إلى البطش وارتكاب المجازر. إنّ أبرز وأبشع ما يمثّل هذه السلطة هو شعارات مثل: «الأسد إلى الأبد» أو «الأسد أو نحرق البلد». أي إنّ الشعارات لم تكن وطنيّة، بل شعارت قبليّة محضة، وطائفيّة في نهاية المطاف.

لولا وجود هذه الجذور الطائفيّة في هذا البلد لما استطاعت الدول الأخرى أن تتلاعب بمصير البشر فيه. لو كان هنالك بنيان وطني قويّ لما استطاعت القوى الخارجية صبّ كلّ هذا الزيت على النار الطائفيّة الملتهبة فيه. وبكلام آخر، لم يُفلح هذا النّظام المستبدّ في أن يخلق شعبًا سوريًّا عابرًا للطوائف. والحقيقة التي أراها أقرب إلى الصواب، هي أنّ هذا النّظام لم يرغب أصلاً في خلق شعب وكيان مبنيّ على أسس وطنيّة، لأنّ الأساس الوطني للبنيان سيدفعه إلى نهايته عاجلًا أم آجلًا. هكذا أوصل هذا النظام البلد إلى ما هو عليه في هذه الأيام.

إنّ الخراب العمراني والإنساني الذي ضرب هذا البلد هو جزء من مخطّط سلطوي يهدف إلى إجراء زحزحة ديموغرافية وجغرافية في هذا البلد بغية الوصول إلى «تجانس» مجتمعي. لقد كشف الأسد عن هذا الوجه في تصريحاته: «خسرنا خيرة شبابنا وبنية تحتية... صحيح. لكننا بالمقابل ربحنا مجتمعًا أكثر صحة وأكثر تجانسًا بالمعنى الحقيقي... هذا التجانس هو أساس الوحدة الوطنية، تجانس العقائد، تجانس الأفكار، التقاليد، العادات».

والمعنى الأبعد لتصريحات الأسد هو أنّ هذا المجتمع في هذا البلد لم يكن في الماضي متجانسًا أبدًا. إنّ انعدام التجانُس هو الجذور الطائفية التي نخرت هذا البلد وأوصلته إلى هذا الخراب. إنّ الـ«تجانس» الطائفي في العقائد والتقاليد والعادات هو ما يُسيّر هذا المشرق بأسره، وليس سورية لوحدها.

والسؤال الذي لا يني يؤرّق هو: هل بوسع مجتمعاتنا في هذا المشرق أن تشقّ طريقها للخروج من هذه الحلقة المفرغة؟ وللإجابة على هذا السؤال، نحن بحاجة أوّلاً إن نسلك طريق التصارُح إذ إنّّها الطريق الوحيدة التي تُفضي إلى التصالُح.
*
الحياة، 28 مارس 2018


الجمعة، 2 مارس 2018

سورية كحقل تجارب للأسلحة الروسية

ألا تعني هذه الحال التي يراها القاصي والداني أنّ ما يُسمّى اصطلاحًا ”عروبة“ هو مجرّد أوهام لا تستند إلى أيّ أساس متين؟

الثلاثاء، 13 فبراير 2018

الحرب التي على الأبواب


سلمان مصالحة ||

الحرب التي على الأبواب


هل يمكن القول إنّ المنطقة قد دخلت مرحلة العدّ التنازلي لحرب قادمة؟ فلقد سبق التصعيد الحربي الذي شهدته الجبهة الإسرائيلية السورية قبل أيام تصعيدٌ إعلاميّ واسع في الأسابيع الأخيرة كان يشي بتسارع الأحداث نحو حالة حربيّة مقبلة.

الاثنين، 12 فبراير 2018

صبحي حديدي || هل يخشى الشعرُ الموسيقى؟



مختارات:



صبحي حديدي ||

هل يخشى الشعرُ الموسيقى؟


البريطاني والتر هوريشيو بايتر (1839 ـ 1894)، الناقد ومؤرّخ الأدب وأحد كبار صنّاع الأسلوب في عصره، خلّف لنا عبارة مفعمة بالجاذبية والغموض واستثارة الحيرة، حول وئام أو اصطراع، وتكامل أو تنافر، أنماط التعبير الفني المختلفة: «كلّ الفنون تطمح إلى بلوغ شرط الموسيقى». وكان الرجل يدرك أنّ الموسيقى لم تصعد أو تهبط في سلّم الفنون الشقيقة، فحسب، بل مضى زمن أُقصيت فيه خارج مضمار الفنّ، نهائياً، و»تيتّمت»، كما عبّر الموسيقيّ الألماني روبرت شومان، بل لم يكن لها أب أو أمّ أو نسل، كما أكملت ليديا غوير أستاذة الفلسفة في جامعة كولومبيا الأمريكية.

وفي فصل ضمن كتاب بالغ الأهمية، صدر مؤخرًا بالإنكليزية تحت عنوان «إلحاح الفنون: الفلسفة وعلم الجمال بعد مطلع الحداثة»، تساجل غوير بأنّ الموسيقى تنازلت للشعر وللرسم عن احتكار المعنى والتمثيل والإشارة، أو تخلت عن الانخراط في «حروب العلامة» و»حروب القول» و»حروب الصورة»، لصالح التجريد الأقصى، عبر الصوت بصفة عامة، والوقع والإيقاع بصفة محددة. لكنّ هذه الخلاصة تحيلنا إلى ملفّ العلاقة بين الموسيقى والمطلق، ثمّ الأثر السحري الذي تمارسه الموسيقى على الروح، وبالتالي على الشعر بوصفه أحد أبرز الفنون التي تخاطب الروح.

هنا نموذج من محمود درويش في «فانتازيا الناي»، حيث تتكثف معادلات اللعب بين الإشارات الصوتية والدلالية، واشتباك المعنى بالإيقاع: «النايُ أصواتٌ وراء الباب. أصواتٌ تخافُ من القمرْ/ قمرِ القرى. يا هل ترى وصلَ الخبرْ/ خبرُ انكساري قربَ داري قبل أن يصلَ المطرْ/ مطرُ البعيدِ ولا أُريدُ من السنةْ/ سنةِ الوفاةِ سوى التفاتي نحو وجهي في حجرْ/ حجرٍ رآني خارجًا من كُمِّ أمّي مازجًا قدمي بدمعتها/ فوقعتُ من سنةٍ على سَنَةِ/ ما نفع أُغنيتي؟».

وكان الإغريق قد فسّروا هذه العلاقة على نحو مثير بالفعل، حين اعتبر الفلاسفة والرياضيون الفيثاغوريون أنّ «العماء السديمي» غير المحدود كان يخيّم على الكون بأسره، حتى ولدت هرمونية الموسيقى، فانتصر النظام على العشوائية، والخير على الشر، والمحدود على اللامحدود. ولأنّ الموسيقى تجلّت أولًا في أصوات الطبيعة من خرير وحفيف وتغريد، ثم لأنّ البشر صنعوا موسيقى خاصة بهم حين نجحوا في محاكاة موسيقى الطبيعة، فإنّ النقلة «التقنية» الكبرى التالية كانت ابتكار مختلف إيقاعات الشعر وأوزانه.

مثير أيضًا ذلك التباين في تفسير الثقافات لمدى ما يكمن في الموسيقى من خير أو شرّ، طبقًا لفيزيائية تكوّن الصوت أو انطلاقه، أو تشكيل النغمة وتأثيرها، الأمر الذي أفضى، أيضاً، إلى إسناد مقدار من «المعنى» لهذا الشكل أو ذاك من إيقاعات الشعر. ففي الشرق كانت النفخة متنفس الروح ومبتدأ الخلق، واحتلت آلات النفخ مكانتها كأسلحة في أيدي الشخوص الأسطورية الخيّرة، أما في اليونان فإنّ آلات النفخ كانت أداة إغواء الروح، واقتيادها إلى عوالم الشرّ السفلية. وليس التباين في التأثيرات الصوتية/ الدلالية لأوزان الشعر، بين ثقافة غربية وأخرى شرقية مثلاً، إلا انعكاس ذلك التضارب في استقبال النفخة روحياً، ثمّ جماليًا بعدئذ بالطبع.

من هذا كله تتضح علاقة وثيقة بين الموسيقى والروح، ثم بين الروح والشعر باعتباره رديف الموسيقى وتوأمها الفنّي منذ أقدم الحضارات الإنسانية. وحين نتحدث عن العلاقة بين الموسيقى والشعر فإننا غالبًا نقصد الأغنية، والمزاج الغنائي، والإنشاد، والترنيم، وما إلى هذا كله. ويجدر التذكير بأنّ العرب كانت تجزم بأنّ «مِقْوَد الشعر الغناء»، وحسّان بن ثابت صاحب بيت شهير يقول: «تغنّ في كل شعر أنت قائلُه/ إنّ الغناءَ لهذا الشعر مضمارُ». ولعلّ أبسط، وربما أدقّ، تعريفات الأغنية هو ذاك الذي يصفها بأنها «قَوْل لفظي يعتمد على الموسيقى للتعبير عن المشاعر»، أي التعريف الذي يقرنها بالشعر على وجه التحديد، ويجعلها مزيجًا موفقًا من تأثير الشعر وتأثير الموسيقى.

وهكذا، في مسعى تبديد الخشية (الافتراضية، بالطبع) بين الشعر والموسيقى، هنالك تصنيفان أساسيان: الأوّل شكلي يدور حول الأوزان الشعرية، والإيقاعات، وتقسيم القصيدة إلى مقاطع قصيرة أو طويلة، واستخدام القافية، وما إلى ذلك، والثاني دلالي يتعلّق بالموضوع، واللغة المستخدمة، والعاطفة السائدة في القصيدة، وسواها. ويصعب في الواقع فصل هذه الاعتبارات إلا في أغراض التحليل النقدي، لأنها جميعًا بمثابة عوامل متكاملة تتوحّد لتحقيق درجة كافية من الاندماج بين الكلمة والنغمة، أو تتفكك فلا تُحقّق الموسيقى، ولا تُبقي الشعر على حاله الأصلية. والتقاء الموسيقى بالشعر يُعدّ الاتصال الأكمل بين قدرة الموسيقى على التعبير الإيحائي عن طريق الأنغام الدالّة المجرّدة، وبين قدرة الشعر على التعبير الإيحائي عن طريق الكلمات الدالّة المحسوسة المعنى.

وقد لا يملّ المرء، هنا، من استعادة تعبير «هيئة الصوت»، الذي أطلقه الشاعر الإنكليزي ديلان توماس ذات يوم، وأعطانا في شرحه هذا النصّ البديع: «لقد رغبتُ في كتابة الشعر لأنني، بادئ ذي بدء، وقعت في غرام الكلمات (…) لقد شدّني صوت الكلمات، ولم أكن أعبأ بما تقوله بقدر حرصي على هيئات الصوت الذي يسمّي، والكلمات التي تصف الأفعال في أذني، والألوان التي ترشق الكلمات على عينيّ».
لماذا، إذن، يُخشـــى على الشــعر من الموسيقى، أو العكس؟
*
القدس العربي، 12 فبراير 2018



الخميس، 8 فبراير 2018

نحن بحاجة إلى قائمة مشتركة، لكن مختلفة


مقالة "هآرتس" العبرية: 

بترجمة عربية في "القدس العربي":

 القائمة العربية المشتركة بتركيبتها الحالية تخدم اليمين في إسرائيل.

سلمان مصالحة ||

نحن بحاجة إلى قائمة مشتركة، لكن مختلفة


كل الاستطلاعات التي أجريت في الأشهر الأخيرة تشير إلى استقرار أو ضعف القائمة المشتركة العربية. إذ أنها ستفقد، في معظم الاستطلاعات، مقعدين من مقاعدها الـ 13 الحالية. كما هو معروف، شكلت هذه القائمة بعد رفع نسبة الحسم قبل الانتخابات الأخيرة. الخوف من أن أحد الأحزاب العربية لن يجتاز نسبة الحسم، دفع الإسلاميين والشيوعيين والقوميين العرب إلى التجمع تحت سقف بالٍ واحد من أجل الوصول إلى الكنيست وأداء يمين قسم الولاء للدولة.
كشفت الأشهر الأخيرة للجميع، على الأقل للجمهور العربي، هشاشة هذه القائمة. يتبين أن الخلافات بين مركبات القائمة تقلصت إلى درجة مضحكة.

لم تتمركز هذه الخلافات حول أمور صغيرة كشؤون المجتمع والدولة والعلاقة بين الأغلبية والأقلية في دولة ديمقراطية، والنزاع الإسرائيلي الفلسطيني أو وضع الأقلية العربية في الدولة. كل خلاف بين مركبات القائمة تركز في اتفاق التناوب الذي وقع بين الأحزاب للمشاركة فيها قبل الانتخابات. الموقعون على الاتفاق لم يخطر ببالهم أن أحد أعضاء الكنيست في القائمة، باسل غطاس (بلد)، سيتصرف بعدم مسؤولية قريب من الجنون، ويجد نفسه خلف قضبان السجن. عضو الكنيست هذا أفسد خطة التناوب، ومنذ ذلك الحين والشارع العربي يشهد تبادل الاتهامات والإدانات المتواصل بين مركبات القائمة، وجري يائس لأعضاء لجنة المصالحة المكونة من «مخاتير» في محاولة للجسر وحل المشكلة مدار الخلاف: مقعد في الكنيست والذي يدعي أعضاء «بلد» حقهم به.

يمكن التخمين أن هبوط مكانة القائمة في الاستطلاعات الأخيرة ينبع ضمن أمور أخرى من الاختلاف المذكور أعلاه الذي يشير أكثر من أي شيء آخر إلى قصر مدة حياة القائمة المنشغلة بألاعيب الكراسي البرلمانية. من الواضح لكل من له عقل أن القائمة في تركيبتها الحالية لا تساعد القائمة العربية بشيء، بل العكس، فهي تضع كل المواطنين العرب في سلة واحدة تقف بشكل متناقض مع السلة الأخرى ـ المواطنون اليهود.

في دولة سليمة، يسعى الجميع إلى الإسهام بدورهم بصورة متساوية في المجتمع المدني، من المحظور أن تتصرف الأغلبية والأقلية حسب قاعدة التوتر العرقي ـ القومي. في هذا الوضع لا يوجد للأقلية أي فرصة للحصول على أي شيء جدي سوى الفتات الذي ترميه لها الأغلبية القومية لأسباب خاصة بها.

أيضا لو زادت القائمة المشتركة قوتها بمقعدين آخرين، وليس هناك احتمال لذلك، فإنه لن يتغير شيء في المعادلة الحالية. لذلك فقد حان الوقت لكسر هذه المعادلة. الأقلية العربية في البلاد بحاجة إلى الدعم الذي يأتي من أوساط الأغلبية القومية. الأقلية يجب عليها البحث عن مسارات لقلوب الأغلبية. من أجل ذلك يجب إيجاد منبر يستند إلى رؤية مدنية تحيد التوترات القومية. هذا المنبر يقتضي وجود قائمة مشتركة، لكن هذه يجب أن تكون يهودية ـ عربية وتفكر بشمولية. يجب عليها أن تتطلع إلى تغيير نظام الحكم القائم وتولي وظائف تنفيذية في نظام حكم بديل.

القائمة العربية المشتركة بتركيبتها الحالية تخدم اليمين في إسرائيل. من جهة، هي تشكل راية حمراء له وشعارًا لتجنيد قبلي في الانتخابات بهدف تخليد الحكم. من جهة أخرى، هي دائما سيلقى بها إلى خارج جدار الشرعية الحاكمة في كل ائتلاف بديل يحل محل حكم اليمين. إن ادعاء «ليس لكم أغلبية يهودية» يتم رفعه دائما أمام كل ائتلاف آخر. كما هو معروف، هذا الادعاء أدى في السابق إلى قتل رئيس حكومة في إسرائيل.
هذه هي الطريق للمستقبل، وليس هناك بديل لها.

هآرتس 7/2/2018
*
نقلا عن: القدس العربي

***
For Hebrew, press here


الأحد، 4 فبراير 2018

هذا الشعب


سلمان مصالحة ||

هذا الشعب


تَلَوَّى بِهِ القَلْبُ،
مَادَتْ بِهِ النَّفْسُ.
وَحَلَّتْ دَوَاهِيهِ عَلَيهِ،
فَمَنْ يَأْسُو؟

الاثنين، 22 يناير 2018

المجلس المركزي الفلسطيني تمخّض فولد فأرًا

ها هو المجلس المركزي قد أدان وسجّل إدانته، بينما لسان حال الفلسطيني القابع تحت الاحتلال يتلعثم في فكّ المعاني الخفيّة الكامنة في هذه الإدانات...

 

سلمان مصالحة ||

المجلس المركزي الفلسطيني تمخّض فولد فأرًا


رغم الجلسات والمداولات و«طقّ الحنك» السياسي في اجتماع المجلس المركزي الفلسطيني الذي انعقد مؤخّرًا في رام الله، لم يطفُ على سطح الإعلام من هذا المنتدى غير تلك المقولة العاميّة التي نبس بها محمود عبّاس موجّهًا الدّعاء إلى الرئيس الأميركي: «يخرب بيتك»، وسط قهقهة المندوبين في القاعة، وقهقهة هازئة في الشارع الفلسطيني من خطاب يستغرق أكثر من ساعتين تذهبان سدى.

فلو عدنا إلى مجمل القرارات التي انبثقت عن مداولات المجلس التي أعقبت الخطاب، فماذا نجد؟

إنّ القرارات الأخيرة التي اتّخذها المجلس المركزي هي نسخة طبق الأصل من كلّ القرارات المتّخذة في المؤتمرات السياسية العربية أكانت هذه مؤتمرات قمّة أم مؤتمرات من نوع آخر. إنّها أشبه بعلكة نافدة يتكرّر مضغها رغم أنّها قد فقدت كلّ مذاقاتها المسجّلة في ماركاتها.

وكالعادة لم يخيّب المجلس المركزي الرأي العام الفلسطيني بخاصّة والعربي بعامّة. فها هو يغرف من بئر اللغة العربية المعلوكة مفردة «الإدانة» لنظمها في بيانه النهائي، إذ يعلن: ”إدانة ورفض قرار ترامب نقل السفارة الأميركية للقدس واعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل“. ليس هذا فحسب، بل وبما أنّ المفردة قد انتشلت من بئر البلاغة فها هو يوظّفها في مكان آخر مُعلنًا على رؤوس الأشهاد: ”إدانة تسريب ممتلكات الطائفة الأرثوذكسية للمؤسسات والشركات الإسرائيلية، ويدعو إلى محاسبة المسؤولين عن ذلك.“

طيّب، ها هو المجلس المركزي قد أدان وسجّل إدانته، بينما لسان حال الفلسطيني القابع تحت الاحتلال يتلعثم في فكّ المعاني الخفيّة الكامنة في هذه الإدانات، وكيف ستؤثّر بلاغة البلاغ هذه على أوضاعه من ناحية عمليّة.

وهنالك قرارات تبدو في الظاهر أنّها عملية وقابلة للتنفيذ الفوري. على سبيل المثال لا الحصر القرار الذي يقضي بـ«تكليف اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بتعليق الاعتراف بإسرائيل إلى حين اعترافها بدولة فلسطين». فما معنى هذا الكلام في السياسة؟ هل الاعتراف لعبة، وماذا يعني تكليف لجنة بتعليق الاعتراف؟ إنّ هذا الكلام يعني شيئًا واحدًا وهو إطلاق كلام شعبوي لامتصاص غضب شعبي، والإحالة إلى اللجنة التنفيذية لتعليق الاعتراف تعني دفن هذا الكلام لأجل غير مسمّى في أروقة لجان قد تجتمع وقد لا تجتمع فلا أحد يتعقّب سلوكيّاتها. وبعد حين يتمّ تناسي كلّ هذا الكلام، وكأنّه لم يكن.

الكلام الممجوج في هذه القرارات يظهر جليًّا فيما يخصّ العلاقات الأمنية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، إذ نقرأ بندًا آخر من قرارات المجلس المركزي ينصّ على: «تجديد القرار بوقف التنسيق الأمني بكافة أشكاله». وبكلمات أخرى، فالقرار ليس جديدًا، وإنّما هنالك دعوة إلى تجديده. فإذا كان ثمّة قرار، فما الحاجة إلى التجديد، وهل من جديد في علك الكلام مرّة أخرى، أم إنّه مجرّد تكرار لشعارات رنّانة لاستدرار العواطف، بينما في الواقع لا يتمّ تنفيذ شيء منها.

مثال آخر على مثل هذه القرارات يتعلّق بالمستوطنات حيث يذكر البيان الختامي للقرارات المتّخذة بندًا يقول: «استمرار العمل مع العالم لمقاطعة المستوطنات الاستعمارية الإسرائيلية في المجالات كافّة». بكلمات أخرى، لا جديد تحت الشمس، بل هو استمرار لقرارات سابقة. غير أنّ من يطلب من العالم مقاطعة المستوطنات، عليه أن يبدأ بنفسه بتفعيل هذه المقاطعة. والواقع يقول شيئًا آخر. إذ إنّ منتجات المستوطنات تملأ الأسواق الفلسطينية. بل والأنكى من ذلك هو عشرات آلاف العمّال الفلسطينيين أنفسهم الذين يقومون يوميًّا بالعمل في بناء هذه المستوطنات وتوسيعها.

غير أنّ قمّة السخف في هذه القرارات هو ذلك البند الذي يتطرّق إلى اتّفاقيات أوسلو، حيث يشير البيان الختامي حرفيًّا: «المجلس المركزي يقرّر أنّ اتفاقيات أوسلو لم تعد قائمة... ويدعو المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته».

مرّة أخرى، إنّ من يدعو المجتمع إلى تحمّل مسؤولياته، عليه أن يبدأ بنفسه في تحمّل المسؤولية. وبكلمات أخرى، إذا كانت اتّفاقيات أوسلو لم تعد قائمة، فمعنى ذلك أن السلطة الفلسطينية ذاتها لم تعد قائمة، لأنّها سلطة فلسطينية قد انبثقت هي بالذات عن اتفاقيات أوسلو. لكن، وعلى ما يبدو فليس هنالك من هو أهل لتحمّل المسؤولية والإعلان عن حلّ هذه السلطة تمشيًّا مع الشعار البلاغي في القرار المتّخذ. غير أنّ هؤلاء لا يملكون الشجاعة الأخلاقية لحلّ هذه السلطة لأنّها بقرة حلوب لأصحاب الامتيازات والمنتفعين من أموال الدول المانحة.

خلاصة القول، هذه هي حال السياسة والسياسيين في فلسطين المحتلّة. وكما يُقال في الكلام الشعبي «لا يوجد على الكلام جمرك». ولهذا، ولأنّ الكلام بـ«بلاش» فلن تبلغ سيول البلاغة والبلاغات الفلسطينية الزبى.
*
الحياة، 22 يناير 2018


الثلاثاء، 16 يناير 2018

عبّاس عبّاس



مقالة شعرية


سلمان مصالحة ||

 عبّاس عبّاس

                   في اقتفاء أثر أبي نواس

”عَبَّاسُ عَبَّاسٌ
إذَا ٱحْتَدَمَ الوَغَى“.
وَالفَتْحُ فَتْحٌ،
وَالحَمَاسُ حَمَاسُ.

الأربعاء، 10 يناير 2018

أي، نعم !


سلمان مصالحة

أَيْ، نَعَمْ!


أَيْنَ مِنِّي طائِرٌ حامَ، وَهَمّْ
أَنْ يُداوِي حَسْرَتِي، أَوْ بَعْضَ غَمّْ

كُلَّمَا دَاعَبْتُهُ طَارَ إلَى
أُفُقٍ قَاصٍ، وَأَبْقَى لِي ٱلأَلَمْ.

الثلاثاء، 2 يناير 2018

في البحث عن إيران أخرى


ولمّا كان الوضع العربي، وبعد كلّ التجارب العربية، ميؤوس منه، وما من بصيص أمل يظهر في الأفق، فإنّ ”الربيع الإيراني“ قد يكون أوّل خطوة للخروج من مآزق هذه المنطقة. 


سلمان مصالحة

في البحث عن إيران أخرى


”منطقتنا بحاجة إلى إيران أخرى...تلك التي تملك إمكانات واعدة لا نملكها“، يكتب الأستاذ حازم صاغية مُذكّرًا القارئ أنّ: ”الوضع العربيّ الذي يئنّ تحت وطأة الثورات المضادّة والهزائم والتفتّت من كلّ صنف لا يملك ما يقدّمه“.

وبالنّظر إلى أحوال العالم العربي، ما قبل وما بعد سنوات هذا ”الربيع“ العربي الدامي، أجدني أتّفق مع ما يرمي إليه الأستاذ صاغية من أنّه: ”ما لم يطرأ حدث كبير في إيران فإنّ شيئًا لن يتغيّر عندنا“. فما لم تخرج إيران من سيطرة الملالي وما يحملونه من أيديولوجيّات فإنّ المستقبل العربي سيظلّ رهينة لنزواتهم وأحلامهم الإمبراطورية القومية الفارسية المختبئة بأقنعة مذهبية صُنعت من حقب الماضي النازف نتيجة للقاء بين العرب والعجم.

ولمّا كان هذا المشرق العربي مأزومًا بتركيبة كياناته الإثنية والطائفية، ومأزومًا بتركيبة زعاماته الطائفيّة والقبليّة التي لم تُفلح في تأمين حياة البشر بكيانات عابرة لهذه النزعات، فإنّ هذا المشرق سيبقى عرضة للتّلاعب بمصائره ومصائر قُطّانه على اختلاف خلفيّاتهم. وسيظلّ هذا العالم العربي مسرحًا تتعارك فيه القوى الإقليمية والقوى العظمى لا يحدوها مصائر أهله بقدر ما تحدوها مصالحها الاستراتيجية في هذه المنطقة.

كما يسعنا القول إنّه وبالنّظر إلى التجارب العربية في هذه الكيانات التي خرجت من الحقبة الاستعمارية إلى حقبة الاستقلالات الوطنية، وطوال عقود طويلة لم تُفلح زعامات هذه الكيانات في بناء دولة واحدة يمكن للإنسان العربي أن يفخر بها. وهكذا يجد الإنسان العربي نفسه محاطًا بعالم يحثّ الخطى عابرًا في قطار التقدّم على جميع الصعد، بينما يقبع هو على قارعة الطريق مُستهلكًا لفتات يلقيه إليه المسافرون من نوافذ هذا القطار السريع.

ولأنّ العرب، وعلى ما يظهر للأسف من التجارب العربية ومن التاريخ العربي، لم ينتقلوا بعد من الطّور القبلي بعصبيّاته إلى طور الشعب العابر للعصبيّات وبناء دولة المؤسّسات، فإنّ مآل هذه الكيانات هو ما يشهده القاصي والداني ممّا آلت إليها من أحوال.

إنّ الوميض الوحيد في هذا الليل العربيّ الطويل الذي يشير إليه الأستاذ صاغية يأتي من إيران ومن ناسها الذين خرجوا للشوارع في العام 2009 في ”ثورتهم الخضراء“، تلك التي قمعها الملالي مستخدمين العنف. وها هي المظاهرات ضدّ نظام الملالي تنفجر من جديد في هذا البلد العريق.

ولمّا كان الوضع العربي، وبعد كلّ التجارب العربية، ميؤوس منه، وما من بصيص أمل يظهر في الأفق، فإنّ ”الربيع الإيراني“ قد يكون أوّل خطوة للخروج من مآزق هذه المنطقة.

ما من شكّ في أنّه لو قُدّر لهذه المنطقة أن تشهد في المستقبل ثورة ديمقراطية حقيقية فإنّ إيران هي المُرشّحة الأولى لثورة كهذه، وليس أيّ كيان عربي آخر. ربّما بعد أن يطيح الإيرانيون بنظام الملالي نافضين عن كاهلهم أغلال القرون الوسطى، قد يجنح العرب إلى تقليدهم فينفضون عن كاهلهم قرونهم الطويلة وعصبيّاتهم السليلة.

قد يكون الكلام أعلاه من بنات الأحلام، غير أنّ الأحلام هي ما تبقّى للعربي في هذا الأوان. كما إنّ الأحلام هي ما لا يستطيع أيّ نظام عربيّ أن يكسرها أو يمحوها مهما تجبّر واستبدّ.
*
الحياة، 2 يناير 2018

الأربعاء، 27 ديسمبر 2017

حين تكون فلسطين مجرّد شعار


على خلفية هذه المستنقعات العربية التي يغنّي فيها كلّ بلد عربيّ على ويلاه، يبدو الفلسطينيون بأنّهم الحلقة الأضعف وهم على شفا الغرق..

الجمعة، 22 ديسمبر 2017

سلام في أحلام اليقظة

مقالة هآرتس -

 محاولة نتنياهــو لمــد ذراعيــه للعنــاق الاقليمــي مــع الدول السنية «المعتدلة» و«المتنــورة» مــن فوق رأس الفلسطينيين هي منــاورة نموذجيــة أخرى لهــذا الشــخص.


الأمير فيصل مع حاييم وايزمان 1918

سلمان مصالحة ||

سلام في أحلام اليقظة


يخطــئ كل مــن يدعي أن رئيــس الحكومــة بنيامين نتنياهو ليســت لديه خطة سياسية. منذ انتخابه لرئاسة الحكومة فهو يســير فــي الطريق التــي رســمها لــه والده: «الصهيونية من أساسها هــي حركــة غربيــة»، قــال الأب، البروفيســور بنتســيون ننتنياهــو، فــي مقابلــة مــع هــذه الصحيفــة وأضاف: «هذه حركة تعيش على حدود الشرق، لكن وجهها دائما نحو الغرب» (هآرتس، 18.9.1998).

منــذ انتخابه لرئاسة الحكومة لم ينحرف الابن بنيامين عن هذه الرؤية. يمكن القول إنه في كل مــا يتعلق بالســلام بين اسرائيل والدول العربية، توجد لرئيــس الحكومة عقيــدة ثابتة اســتوعبها فــي بيــت والــده. «يجب علينــا أن نفهــم»، قــال الأب في مقابلــة اجراها مع القنــاة الثانيــة، «أنه بيننــا وبيــن العــرب يوجد خلاف ثقافي عميق».وليس هذا فقط، بل «هذه البلاد هي ارض يهوديــة وليســت أرضًا للعرب، لا يوجد مكان هنا ولن يكون للعرب». هكذا قال البروفيسور نتنياهو في المقابلة. اذا كانــت الأمــور هكــذا فــي بيــت الوالــد، فــإن الســؤال هو هــل يوجد في جعبة الابن ما يكفي مــن القــوة الروحية من اجل التحرر من الاحتضان الايديولوجي للأب، وهل يوجــد لديه اضافــة الى ذلك مــا يكفي من القوة للتخلــص مــن الريــاح المقدسة لبينيت وأمثاله، التي تهب على البلاد؟.

الصهيونيــة إذًا تعيــش علــى حــدود الشــرق ووجههــا نحــو الغــرب، لكــن ليس فقــط توجّه وجهها، بل ترى نفســها كدرع واق للغرب في وجه الشــرق المتوحش. وقد قال نتنياهــو في مؤتمر لرؤساء الدول عقد مؤخرًا في بودابست: «اسرائيل هي الدولــة الوحيدة في المنطقــة التــي تهتــم بالمصالح الاوروبية»، بل أكد أن اســرائيل تشكل «قاعــدة حصينــة لقيم أوروبا في منطقة مظلمة جدا». يبدو أن هذا هو السبب في أن رئيــس الحكومة وجد فــي المنطقــة المظلمة أصدقــاءه وحلفــاءه «المتنوريــن»، حيث إنه في الآونة الاخيرة يطلق إشــارات عــن العلاقــات الآخــذة فــي التقوّي بين إسرائيل والدول العربية المتنورة، السعودية مثلاً. وعــن هذا قيــل «قل لي مــن اصدقــاؤك أقل لك من أنت».

هكــذا دخلت الــى الحيّ المظلــم لعبــة جديــدة. منذ انتخاب رئيس جديد لأميــركا، فقد ألقيت في ملعب الشــرق الاوســط لعبــة جديــدة تســمى «السلام الاقليمي»، هذا هــو الترامبوليــن الــذي وضعه الرئيس الاميركي فــي المنطقــة. لا داعي للقلــق لأنــه لــن يخرج أي شــيء جيد مــن هذه اللعبة الخطيرة.

محاولة نتنياهــو لمــد ذراعيــه للعنــاق الاقليمــي مــع الدول السنية «المعتدلة» و«المتنــورة» مــن فوق رأس الفلسطينيين هي منــاورة نموذجيــة أخرى لهــذا الشــخص. إن كل مــا يبحــث عنــه هــو أن يلقي المــرة تلو الاخرى المســؤولية على الطرف الفلســطيني. أيضا هذه المنــاورات كشــف عنهــا والــده فــي المقابلــة مع القناة الثانية. «بنيامين لا يؤيد الدولة الفلسطينية، سوى بشروط لن يقبلها العرب في أي يوم، هذا ما سمعته منه».

هكــذا يتصــرف رئيــس الحكومة طوال مسيرته. «الفلســطينيون»، يكرر نتنياهو، «يجــب عليهم اجتياز امتحان الســلام». فــي اختبــارات الســلام الذي يضعها نتنياهو من المؤكد أن الفلسطينيين سيخسرون دائما. اللعبة الجديدة – «سلام ا قليمــي» يتجــاوز الفلســطينيين - حطّمها الــى شــظايا زئيــف جابوتنسكي، معلم وحاخــام نتنياهــو. لا يمكــن اتهــام نتنياهــو أنــه لا يعــرف أقــوال جابوتنسكي. مع ذلك من المناسب العودة والتذكير بهــا. «حســب الكثيرين، الخطــة التاليــة جذابــة جدا: يجب الحصول على الموافقة على الصهيونية ليــس مــن عــرب أرض اســرائيل، لأن هذا الامر غير ممكن، بل من أجزاء العالــم العربــي الأخرى، بما فيها ســوريا وبلاد ما بيــن النهريــن والحجــاز وربما حتى مصر»، كتب جابوتنســكي في «عن الحائط الحديدي». «حتى لو كان هذا الامر ممكنا»، أضــاف، «فإنــه أيضا في هذه الحالة هذا لا يكفي لتغيير الوضع من أساسه:  فــي أرض إســرائيل نفســها، مــزاج العــرب بالنســبة لنا سيبقى كما هو»، لخص جابوتنسكي المشكلة.

أجــل، الســلام الاقليمــي الــذي يتجاوز الفلســطينيين هو حلم من أحلام اليقظة.
*
نقلاً عن: “الحياة الجديدة” 4 ديسمبر 2017

*
For Hebrew, press here


الأربعاء، 20 ديسمبر 2017

يشعياهو: الفصل السادس


 جديد -

ها هي ترجمة جديدة لفصل من التوراة أقدّمها للقارئ العربي:

فلسطين وطني؟


مقالة هآرتس:

لو كان الفلسطينيون يمتلكون خيالاً عربيًا متطورًا، لتصرّفوا بشكل مختلف. في الوضع الحالي، أمامهم خياران:


سلمان مصالحة ||

فلسطين وطني؟


هدّد محمود عباس أكثر من مرّة بأنه سيستقيل، سيحلّ السلطة الفلسطينية ويسلم المفاتيح للحكومة الإسرائيلية. وكالمعتاد، اختفت التهديدات، وواصل الجلوس في المقاطعة وممارسة لعبة الخيال كرئيس فلسطيني.

القادة العرب لا يستقيلون ويخلون الساحة لقيادات جديدة. إنهم لن ينطقوا أبدا بجملة مثل "لم أعد قادرًا". فكم بالحري عندما يتعلق الأمر بشخص مثل أبو مازن، الذي لم يخرج أبدا من المقاطعة، إلا إلى لقاءات مع زعماء في الخارج. إنه لم يقم بجولة في قلقيلية وطولكرم. ولم يزر جنين أو الخليل. ولم يذهب إلى بلعين ليكون مع المواطنين الذين تظاهروا ضد السّياج، كما فعل سلام فياض، الذي شغل لفترة قصيرة منصب رئيس الوزراء حتى تم إقصائه. لقد فعل فياض ذلك لأنه ابن البلاد المزروع في وطنه. ليست هذه هي الحال مع محمود عباس، الذي أصله من صفد.

يرتبط الأمر بمفهوم الوطن في كينونة العربي والفلسطيني. فعلى النقيض من المفهوم الصهيوني التوسّعي لمصطلح "الوطن"، يرى الفلسطينيون المفهوم بطريقة ضيقة. إن المفهوم الفلسطيني يعتبر حدود الوطن هي حدود البلدة والقبيلة ليس إلاّ. 

ولكي نفهم هذه المسألة، حريّ بنا العودة الى كلمات محمود درويش، "الشاعر الوطني" الفلسطيني: "أنا من هناك، ولي ذكرياتٌ. ولدت كما تولد الناس. لي والدة / وبيتٌ كثير النوافذِ. لي إخوةٌ. أصدقاء. وسجنٌ بنافذة باردهْ.../ تعلّمتُ كل الكلام، وفككته كي أركب مفردةً واحدهْ/ هي: الوطنُ..." (من مجموعة "ورد أقل") 

وما هو وطن درويش؟ ليس المقصود كل الفضاء الفلسطيني. وطنه محدود جدًّا. ففي مقابلة نشرت في صحيفة نيويورك تايمز في عام 2001، اعترف درويش في هذه المسألة: "لم أكن في الضفة الغربية من قبل، لذلك فهي ليست وطني الشخصي، بدون ذكريات، ليست هناك علاقة حقيقية بمكان ما". وبكلمات أخرى، فإن وطن الشاعر الوطني الفلسطيني يختلف عن الوطن في المفهوم الصهيوني. فالوطن الفلسطيني شخصي ويقتصر على منطقة القرية والعشيرة والقبيلة. وقد يكون هذا المفهوم أكبر عقبة أمام حل الصراع الإسرائيلي -الفلسطيني.

ما دام أبو مازن يحمل لقب "رئيس فلسطين"، فإنّه سيواصل الجلوس هنا وتمجيد اسم فلسطين. لكنه سيحمل هذا الاسم سُدًى. محمود عباس، الذي جاء من صفد، سيظلّ يُنظر إليه دائمًا على أنه غريب في رام الله، وفي مدن الضفة الغربية.

ولذلك، فلن يستقيل عباس. فمعنى استقالته هو مغادرة فلسطين. لن يذهب عبّاس للإقامة في أريحا أو في غور الأردن، لأجل تنمية قفار فلسطين. ولن يطلب من الشباب الفلسطيني أن يتبعه لتنمية الصحراء. يعلم عباس في قرارة ذاته أنه إذا استقال، فليس لديه ما يبحث عنه في رام الله، وسيغادر فلسطين الى إحدى دول الخليج، وربما الى الأردن، ليكون مع عائلته، مع وطنه الشخصي، غير القائم هنا.

لو كان الفلسطينيون يمتلكون خيالاً عربيًا متطورًا، لتصرّفوا بشكل مختلف. في الوضع الحالي، أمامهم خياران: الأول، هو رمي المفاتيح على طاولة الحكومة الإسرائيلية، التي ستدير الاحتلال، والنضال من أجل دولة واحدة يتمتّع فيها المواطنون بحقوق متساوية. والخيار الثاني، تنظيم احتجاجات شعبية ضد " فاسدي أوسلو" الفلسطينيين، الذين تم إحضارهم من بعيد وتمّ وضعهم كقيادة تخضع للنزوات الإسرائيلية. يتوجّب على هؤلاء أن يفسحوا المجال لقيادة أصيلة، متجذرة عميقًا في المكان. هذه القيادة موجودة، وهي تقبع في سجن إسرائيلي. يجب على الفلسطينيين انتخاب مروان البرغوثي رئيسًا لفلسطين بوجوده في السجن الإسرائيلي. وعليهم تعيين سلام فياض، الرجل المستقيم النزيه والمعتبر، رئيسا لوزراء فلسطين المحتلة. 

فقط قيادة فلسطينية متجذرة عميقًا في وطنها بوسعها أن تتخذ قرارات بشأن اتّفاق بين فلسطين وإسرائيل حول السلام بين دولتين قوميتين.
*

مصدر:  السفير الاقتصادي

***

"هآرتس"، 17 ديسمبر 2017
*
For Hebrew, press here
For English, press here

الاثنين، 11 ديسمبر 2017

أيّام الغضب لا تأتي بشيء

التاريخ لا يتوقّف والعالم يتغيّر. وفي هذا الأوان كلّ قطر عربيّ مشغول بمصائبه التي لها أوّل وليس لها آخر... لقد بلغ التشرذم مرحلة متقدّمة، وهي مرحلة تستدعي استبدال كلّ القيادات الفلسطينية التي أوصلت الفلسطينيين إلى هذا الحضيض.

الجمعة، 1 ديسمبر 2017

قرار التقسيم: سبحان الذي يُغيّر ولا يتغيّر


حريّ بالذي يُطالب باحترام قرار التقسيم أن يحترم التاريخ وأن يجري حسابًا مع النّفس بغية الوصول إلى مسبّبات كلّ هذا الفشل الفلسطيني الذي يخيّم فوق رؤوس الجميع، قيادات وشعبًا طوال عقود.

سلمان مصالحة ||

قرار التقسيم: سبحان الذي يُغيّر ولا يتغيّر


العنوان هو مقولة شعبية تُطلق على صنف من البشر الذين تراهم بعد مرور زمن وتبدّل الأحوال من حولهم يتحوّلون إلى إطلاق شعارات هي في جوهرها نقيض لما دأبوا على إطلاقه في ما مضى من عمرهم. ومناسبة هذا الكلام الآن هي ما أشيع من أخبار عن أنّ وزارة الخارجية الفلسطينية ”تطالب المجتمع الدولي باحترام قرار التقسيم.“

هكذا، إذن. بعد مرور عقود طويلة على التحوّلات التاريخية الكبرى التي حصلت في هذه البقعة من الأرض تطالب الآن هذه الخارجية الفلسطينية احترام قرار التقسيم. فماذا عدا مما بدا الآن؟

لو أننا عدنا قليلاً إلى الوراء وإلى أجواء ردود الفعل العامة، عربيًّا وفلسطينيًّا، في ذاك الأوان الذي صدر فيه قرار التقسيم، فماذا نجد؟

لقد كان ثمّة إجماع عربيّ وفلسطينيّ وبين كافّة التيّارات السياسية من اليمين واليسار على رفض التقسيم، هذا القرار الذي تطالب الآن قيادات فلسطينية باحترامه. فها هو نائب رئيس الهيئة العربية العليا في ذلك الأوان، جمال الحسيني، يُصرّح في حديث صحفي: ”سنقاوم التقسيم بكلّ ما أوتينا من قوة، وإذا أراد الله وزلنا من الوجود أثناء مقاومتنا هذه قبل أن نصل إلى هدفنا المنشود، فسيتولّى عرب الأقطار الشقيقة هذه المقاومة بعدنا.“ (جريدة ”الوحدة“، 30 ديسمبر 1946)

وحين بدأ يظهر الفشل العربي على الملأ العالميو وخاصّة بعد تبدّل موقف الاتحاد السوفييتي من التقسيم، كما تبيّن من خطاب غروميكو في الجمعية العمومية، وهو الخطاب الذي شكّل مفاجأة للجميع، فإنّ موقف الجامعة العربية بقي على ما هو عليه من رفض قرار التقسيم. فها هو عبد الرحمن عزام باشا، الأمين العام لجامعة الدول العربية في ذلك الوقت يُصرّح على الملأ في نيويورك: ”إن الاقتراح الروسي الذي أبداه المسيو جروميكو في الجمعية العمومية لهيئة الأمم بشأن إنشاء دولتين للعرب واليهود، أو دولة ثنائية في فلسطين اقتراح لا يقبله العرب. ثم قال إنّ الحل العملي الوحيد هو أن تنشأ دولة يسيطر عليها العرب ويكون اليهود فيها أقلية.“ (جريدة ”فلسطين“، 16 مايو 1947)

حتّى خطاب غروميكو في الجمعية العمومية كان موقف الشيوعيين الفلسطينيين رافضًا بحزم قرار التقسيم. هذا ما تؤكّد عليه عصبة التحرّر الوطني في خطابها: ”تعود عصبة التحرر الوطني وتؤكّد من جديد رفضها الباتّ لمشروع التقسيم“. ليس هذا فحسب، بل وتؤكّد هذه العصبة على أنّها ”تؤيد جميع الخطوات التي تتخذها الجامعة العربية والهيئة العربية العليا وجميع القوى الوطنية في العالم العربي في سبيل مقاومة التقسيم ومن أجل جلاء الجيوش البريطانية وفي سبيل تحرير فلسطين من الاستعمار والصهيونية.“ (جريدة ”فلسطين“، 17 أكتوبر 1947).

غير أنّ هؤلاء الشيوعيين قد غيّروا موقفهم لاحقًا تمشّيًا مع موقف الاتحاد السوفييتي وأصبحوا من أشدّ دعاة التقسيم. بل، وأبعد من ذلك فقد عادوا وتوحّدوا مع الشيوعيين اليهود في حزب واحد  دخل الكنيست، كما واحتفلوا باستقلال إسرائيل، ليس في إسرائيل فقط بل وفي خارج البلاد.

إنّ أكثر ما يشدّ انتباه المرء المتابع لما يجري في هذه الحلبة من الصراع اليهودي-العربي، الإسرائيلي-الفلسطيني وخلال كلّ هذه العقود الطويلة، هو هذه البلبلة أو هذا الارتباك العربي، والفلسطيني بخاصّة في مواجهة المستجدّات على الساحة. فبعد سبعة عقود من رفض قرار التقسيم والنكبة التي حلّت بالفلسطينيين، ها هي القيادات الفلسطينية في هذا الأوان تستجدي الآن المجتمع الدولي بـ”احترام قرار التقسيم ذاته“.

لو كان الأمر مضحكًا لضحكنا. غير أنّ في الأمر ما هو أكبر من ذلك، فهو دليل صارخ على الوضع الفلسطيني المأزوم، منذ بداية الصراع، بقيادات فلسطينية ومن جميع التيارات السياسية التي لا تعي حقيقة هذا العالم العربي من حولها، كما لا تعرف التعامل مع العالم بأسره. وكلّ هذا ناهيك عن التعامل مع الطرف الإسرائيلي في هذا الصراع المزمن.

حريّ بالذي يُطالب باحترام قرار التقسيم أن يحترم التاريخ وأن يجري حسابًا مع النّفس بغية الوصول إلى مسبّبات كلّ هذا الفشل الفلسطيني الذي يخيّم فوق رؤوس الجميع، قيادات وشعبًا طوال عقود. إنّ الاستمرار في بيع الشعارات والتباكي على الماضي والوقوف على الأطلال لن يجدي هذا الشعب نفعًا.

وعلى هذه الخلفية، فإنّ الفلسطينيّين هم بحاجة ماسّة إلى اختيار قيادات من نوع جديد تعرف التعامل مع هذا العالم المستجدّ من حولهم. لهذه الغاية هم مدعوّون إلى نبذ كلّ القيادات القديمة، فتحاوية وحمساوية، وإحالتها إلى التقاعد. فعلى كلّ هذه القيادات، دون استثناء، تقع مسؤولية الفشل الفلسطيني. بدون استبدال هذه القيادات لن يصل الفلسطينيون إلى سواء السبيل.
*
الحياة، 2 ديسمبر 2017


مسرّة


سلمان مصالحة

مسرّة


لَئِنْ سَأَلَ الجُهَّالُ
عَنْ سِرِّ لَوْعَتِي،
أَجَبْتُ بِبَيْتٍ كانَ
يَعْرِفُ خِلَّتِي.

الخميس، 30 نوفمبر 2017

أحمد حسن الزيات || معارك الزعامات الشعرية


مختارات صحفية:

كلّهم زعماء، كلّهم أمراء، كلّهم سلاطين وكلّهم شعراء هجرتهم الشياطين.
كذا كان وكذا يكون إلى يوم يبعثون.
نختار لكم هذه المقالة الظريفة لصاحب مجلة الرسالة، أحمد حسن الزيات، والتي نشرها في العدد الأول من المجلة التي صدرت في سنة 1933.

الثلاثاء، 28 نوفمبر 2017

شيخ العرب

سلمان مصالحة

شيخ العرب

مَرَّ شَيْخٌ عَنْ كَثَبْ
وَجْهُهُ يُبْدِي ٱلعَجَبْ

السبت، 25 نوفمبر 2017

دول عصابات ونظرة إلى ما هو آت

ماذا يصدّر العرب للعالم غير العمالة البسيطة الباحثة عن لقمة عيش، غير الإرهاب وغير اللاجئين الذين تقطّعت بهم السبل في أوطانهم التي دمّرها المستبدّون؟


سلمان مصالحة || 

دول عصابات ونظرة إلى ما هو آت


درج الإعلام العربي منذ عقود، ولا زال حتى اللحظة، على التهرّب من لفظ اسم إسرائيل. بدل ذلك أطنب في اشتقاق وإغداق نعوت واستعارات عليها خوفًا من أن يُتّهم بالتعامل مع الحقائق الراسخة على الأرض، أو حذرًا من تخوينه من قِبَل ”جبهات الصمود والتصدّي“ فيما مضى من زمان، أو من قِبَل ”الممانعين المقاومين“ في هذا الأوان.

لا شكّ أنّ القارئ العربي لا زال يعثر هنا وهناك في ساحات الخطاب الإعلامي العربي على تعابير مثل ”الكيان المزعوم“، أو ”دولة الكيان“، أو ”دولة العصابات“ وما إلى ذلك من نعوت تتفتّق عنها قرائح الكتّاب والإعلاميين من مشارق العرب إلى مغاربهم.

ليس أسهل على العربيّ القابع في بلاد ينخر فيها الفساد من كيل السباب على العالم بأسره، ما دام لا يقترب سبابه من المنظومات السياسية، الدينية والاجتماعية التي تنيخ عليه كلاكلها. بل، يسعنا القول إنّ إسرائيل هي بمثابة ”الشيطان“ الذي يُرمى بجمار الإعلاميين العرب في كلّ شاردة وواردة، أكانت لها علاقة بأحوالهم في بلادهم أم لا، فهم بذلك يكونون قد أمّنوا أنفسهم من مساءلات ”الأخ الأكبر“ الذي يترقّب كلّ خطوة يخطونها.

وإذا أشحنا بنظرنا قليلًا والتفتنا إلى ما هو حاصل في البلاد العربية، فماذا نحن واجدون؟ أمّة عربية يبلغ عديدها مئات الملايين من البشر هي أمّة مستهلكة وليست منتجة بأيّ حال. لا يمكن مواصلة ربط هذه الحال بالاستعمار الذي لم يعد له وجود منذ عقود. هنالك أمم كثيرة أخرى كان قد حكمها الاستعمار ذاته، غير أنّها انطلقت وسارت في ركب التطوّر بخلاف العرب الذين ظلّوا يقبعون في غياهب من الماضي الموهوم.  ففي الوقت الذي ينظر فيه الآخرون قدمًا يصرّ العرب على التشبّث بمواضيهم السالفة، أكانت هذه المواضي زمنًا مأمولاً أو سلاحًا مفلولاً.

هل يستطيع المرء أن يشير إلى شيء ما بوسع العرب تقديمه إلى هذا العالم المعاصر؟ أين هي الجامعات والمعاهد التكنولوجية مقارنة بسائر العالم؟ أين هي الصناعات المتطوّرة في كلّ مناحي الحياة؟ أين هي الاختراعات والاكتشافات العلمية؟ أين هي الحريّة للأفراد والمجتمعات؟ أين نساء العرب من كلّ هذا؟ أين العرب بأسرهم من كلّ ذلك؟ ماذا يصدّر العرب للعالم غير العمالة البسيطة الباحثة عن لقمة عيش، غير الإرهاب وغير اللاجئين الذين تقطّعت بهم السبل في أوطانهم التي دمّرها المستبدّون؟

هل ”الوطن العربي“، بحسب التعبير الشائع، هو حقًّا وطن للمواطن أم إنّه مسرح تتجاذبه العصبيّات التي لها أوّل وليس لها آخر؟ لننظر من حولنا ونحاول الإجابة على هذه الأسئلة لأنفسنا أوّلًا، هل العراق وطن حقًّا لشيعته، سنّيّيه، أكراده، إيزيدييه، أشورييه إلخ، أم إنّه كيان مزعوم تتناحر عليه العصابات بعصبيّاتها؟ وهل سورية هي حقًّا وطن السوريّين أم هي الأخرى كيان مزعوم مرؤوس من قِبَل مستبدّين دمّروا البلاد فوق رؤوس العباد؟ أوليست ليبيا قد ظهرت الآن على حقيقتها بوصفها كيانًا مزعومًا ودولة عصابات؟ ثمّ خذوا هذا الكيان المزعوم الآخر المسمّى بلبنان. ألم يتمّ إنشاؤه منذ البدء بوصفه دولة عصابات طائفية؟ نستطيع الاستمرار في جردة الحساب هذه مع سائر السلطنات والممالك التي لا تختلف من ناحية الجوهر عن كلّ هذه الأوصاف.

في الحقيقة، لا حاجة إلى الحديث عن كلّ هذه المساحة العربية الشاسعة من العالم. إذ يكفي العربي أن ينظر إلى بلده الصغير، أكان هذا البلد قرية أو مدينة متعدّدة الطوائف، ويرى كيف تسير الأمور وكيف تُدار العلاقات وكيف تنخر العصبيّات في كلّ ركن فيه. فكلّ بلدة في هذا المشرق هي هي عالم صغير يختزل الشرق بأسره.

على من ينشد الخروج من المآزق العربية أن يبدأ من هذا ”العالم الصغير“، فمنه تبدأ رحلة الألف ميل. ما لم يستطع الفرد العربيّ أن ينتقل بعالمه الصغير، قريته وبلدته ومدينته، إلى مرحلة متقدّمة فلن يفلح بشعاراته البلاغية تحويل مسار الشعب والوطن والأمّة إلى مراحل متقدّمة منشودة. فإنّ العصا، كما قالت العرب، من العُصيّة. أليس كذلك؟
*
الحياة، 25 نوڤمبر 2017

الثلاثاء، 14 نوفمبر 2017

صهيونية وأخلاق غير مهذبة


ترجمة القدس العربي لمقالة "هآرتس":

في السنوات الأخيرة، على خلفية سلوك الكنيست والحكومة، يبدو أن أعضاء الكنيست والوزراء ليس فقط «نسوا ما معنى أن يكونوا يهودا»، بل هم نسوا أيضا ما معنى أن يكونوا صهاينة.

الأحد، 5 نوفمبر 2017

السهروردي || قف بنا يا سعد


مختارات تراثية:



السهروردي ||

قف بنا يا سعد


قِفْ بِنا يا سَعْدُ نَنزلْ ها هُنا
فَأثيلاتُ النَّقا ميعادُنا

وَاِبْتغِ لي عَبْرةً أَبكي بِها
فَدُمُوعي نَفَذَت بِالمُنحَنى

الخميس، 2 نوفمبر 2017

حزب ”لا يوجد مستقبل“

ترجمة ”الحياة الجديدة“ الفلسطينية لمقالة ”هآرتس“:
في الوضع الحالي في البلاد وعلى خلفية النزاع القومي الطويل الذي لا نرى نهايته في الأفق، فان اليمين دائما يستل سلاح التحريض القومي...


قضايا عربية
  • دول عصابات

    ليس أسهل على العربيّ القابع في بلاد ينخر فيها الفساد من كيل السباب على العالم بأسره.


  • تفكيك العنصرية

    فإذا كانت هذه هي حال القومجيّين تجاه أبناء جلدتهم، فما بالكم حينما يكون الأمر متعلّقًا بموقفهم تجاه أقوام أخرى لا تنتمي للعرب ولا للعروبة...
    تتمة الكلام...

  • هذيان ثنائي القومية

    على خلفية الحروب في العالم العربي يتم سماع طلبات بضم المناطق الفلسطينية لاسرائيل (من اليمين)، أو اقامة دولة ثنائية القومية في ارض اسرائيل – فلسطين (من اليسار)،...
    تتمة الكلام...

شؤون محلية
  • شعب واحد أم تشعّبات؟

    قد يظنّ البعض أنّ إطلاق الشّعارات يكفي وحده إلى تكوين مجموعة سكّانيّة هوموجينيّة متراصّة لها مقوّمات الشّعب كما يجب أن يفهم هذا المصطلح على حقيقته.

    تتمة الكلام
  • كل يغني على ويلاه

    إنّ القطيعة التي فرضها الإسلام على العرب مع جذورهم الجاهلية قد سجنتهم في بوتقة الواحدية الأيديولوجية التي لا يمكن أن تكون إلاّ كابتة ومستبدّة، أي فاشية في نهاية المطاف.
 

نظرة ليلية على القدس (تصوير: س. م.)
ثقافات
  • القصيدة الشامية

    نَدًى بِعَيْنِكَ، أَمْ دَمْعٌ بِهِ نارُ؟
    أَمْ فَارَقَتْ سِرْبَهَا فِي الجَوِّ أَطْيَارُ؟

    وَمَنْ تَرَجَّلَ جُنْحَ اللَّيْلِ عَنْ فَرَحٍ
    إذْ رَجَّعَتْ حُزْنَهَا فِي الأُفْقِ أَسْحارُ؟

    لا زِلْتَ لَيْلَكَ أَرْضَ الشّامِ تَرْقُبُها
    شَعْبٌ تَمَلْمَلَ مِنْ ظُلْمٍ، لَهُ ثارُ



  • نشيد الأناشيد

    (1) أَنَا زَنْبَقَةُ الشَّارُونِ، سَوْسَنَةُ الوِدْيَانِ. (2) كَسَوْسَنَةٍ بَيْنَ الأَشْواكِ، كَذَا حَلِيلَتِي بَيْنَ البَنَاتِ. (3) كَتُفَّاحَةٍ بَيْنَ شَجَرِ الوُعُورِ، كَذَا حَبِيبِي بَيْنَ البَنِينِ؛ فِي ظِلالِهِ رُمْتُ لَوْ جَلَسْتُ، وَثَمَرُهُ حُلْوٌ فِي حَلْقِي.

    تتمة الكلام
  • بالكريشنا ساما

    مَنْ يُحِبُّ الزُّهُورَ لَهُ قَلْبٌ حَسّاسٌ،
    مَنْ لا يَسْتَطِيعُ اقْتِطاعَ نَوارِها
    لَهُ قلبٌ نَبيلٌ.

    مَنْ يُحِبّ الطُّيُورَ لَهُ رُوحٌ رَقيقَةٌ،
    مَنْ لا يَسْتَطيعُ أكْلَ لَحْمِها
  • رحلة صوفية

    خُذُوا مِنِّي التِّلالَ،
    وَزَوِّدُونِي بِمَا يَكْفِي مِنَ
    القَلَقِ الدَّفِينِ.

    سَئِمْتُ مِنَ التَّرَدُّدِ
    فِي بِلادٍ، رَمَتْ حُلُمِي
    بِمَاءٍ مُسْتَكِينِ.



اقرأ بلغات أخرى
  • געגועים לירושלים

    כל אחד מחפש את ירושלים שלו. ברגע שהוא משיג אותה, הוא פונה לחפש אותה במקום אחר. משורר פלסטיני צעיר, שחזר גם הוא לפלסטין בעקבות הסכמי אוסלו, נדרש להרחיק את עצמו בחזרה אל גלותו בסופיה כדי לכתוב על ירושלים
    כל הפרטים
  • Por Um Lado e Pelo Outro

    No momento em que cada um dos dois povos, em dois Estados independentes, construir um Estado secular e democrático em seu próprio lado, deixando claro, que a fronteira entre ambos não terá nenhum significado.
    Read more

  • Refugee Blues

    Say this city has ten million souls,
    Some are living in mansions, some are living in holes:
    Yet there's no place for us, my dear, yet there's no place for us.

    Read more


لغات الموقع