تعب

سلمان مصالحة || تعب

لَوْلا الرّجَاءُ،
لَمَا نَطَقْتُ، وَمَا
اكْتَوَتْ بِلِسانِيَ
الكَلِماتُ مِنْ وَهَجِ
اللَّهَبْ.

في ذمّ الجهل

الشيخ سلمان مصالحة


لقد نما إلى مسامع الشيخ سلمان بن صليبي آل مصالحة أنّ بعضًا من أيتام ابن تيميّة ومن لفّ لفّهم من أنسال الوهابيّة، قد تطاول بكلام فيه تقذيع وتكفير لبعض البريّة.

ولمّا كان الشيخ سلمان، ورغم عيشه في غربة وطنيّة بعيدًا عن مسقط رأسه في الحارة الغربيّة من بلدة المغار الجليليّة، لا ينسى أصوله العربيّة الأبيّة، بخلاف أولئك المُكفّرين من ذوي الأصول الأعرابيّة الغبيّة. وَلمّا كان أيضًا يأنف من الحديث بلغة سوقيّة كلغة هؤلاء الأذيّة، فقد وطّن النّفس أن يقول كلامًا بلغة يعربيّة أصيلة وجليّة، وبنبرة كثيفة ولطيفة في آن.

فمن يدري؟

لعلّ كلامه هذا يُنظّف قلوب ذوي العقول التامّة من خاصّة الإنسان، ويشنّف آذان العامّة من رعاع العربان.

ومن يدري؟

فلعلّ، وعسى أن يكون هذا الكلام مُحرّكًا لذهن من لا يزال يمتلك ذرّة من بصر أو بصيرة.

سلمان مصالحة || 

في ذمّ الجهل


                        (قصيدة بنبرة صوفية)

العَيْنُ تَقْطُـرُ وَالأَكْبَادُ تُعْتَصَـرُ
فِي مَشْرِقٍ عَاثَ فِيهِ البَدْوُ وَالمَدَرُ.

أَضْحَتْ مَرَابِعُهُ قَفْرَاءَ. وَانْبَعَثَتْ،
مِنْ جِيفَةِ الرَّمْلِ، أَفْكَارٌ بِهَا قَذَرُ.

يَا أُمَّةً جُبِلَتْ بِالحِقْدِ مُذْ دَرَجَتْ
وَبَايَعَتْ جَاهِلاً يُفْتِـي. وَيَحْتَقِـرُ

مَنْ بَارَكَ العَقْلَ، إذْ عَزَّ الأَنَامُ بِهِ
مُذْ أَنْ تَصَوَّرَ فِي الأَرْحَامِ، يَبْتَكِـرُ.

لَوْلا العُقُولُ، الَّتِي شَعَّتْ لِبَارِقِهِ،
لَمَا عَرَفْنَا قَدِيـمًا أَنَّنَا بَشَـرُ.

مَنْ كَانَ مِنْ أُمَّةِ الحَمْقَى الَّتِي رَسَمَتْ
إِمَامَهَا الحِقْدَ، فِي الإظْلامِ يَنْقَبِـرُ.
***
العَيْنُ تَنْظُـرُ حَتَّى صَارَ صَاحِبُهَا،
مِنْ شِدَّةِ الظُّلْمِ فِي العُرْبانِ، يَخْتَصِرُ

سَرْدَ الحَدِيثِ الَّذِي أَمْسَى بِهاجِسِهِ
ثِقْلاً عَلَى الرُّوحِ، فَاسْتَاحَتْ بِهِ الفِكَـرُ.

وَأَوْصَلَتْـهُ مَقَامًا، عَزَّ دَاخِلُـهُ
مُفَارِقًا أَرْضَ مَنْ سَبُّوا، وَمَنْ كَفَرُوا

بِنِعْمَةِ العَقْلِ. لا يَدْرُونَ مَا حَمَلَتْ
وَرْقاءُ هَاتِفَـةٌ يَحْيَى بِهَا السَّحَـرُ.

حِينًا تُوَزِّعُ مِنْ تَنْحابِهَا أَمَلاً،
حِينًا تُرَاقِبُ كَيْفَ الفَجْـرُ يَنْفَجِـرُ.
***
العَيْنُ تُبْصِرُ فِي الأَذْهَانِ، مَا بَصَرَتْ،
سِرًّا تَمَثَّـلَ فِيمَا فَاحَ يَنْتَثِـرُ.

لَيْسَتْ كَمَنْ عُصِبَتْ عَيْنَاهُ فِي نُطَفٍ
بِالْبَطْنِ، بِالفَخْذِ، بِالأَنْسَابِ يَفْتَخِـرُ.

مَنْ قُدَّ مِنْ حَلَكٍ يَبْقَى بِحُلْكَتِـهِ
حَتَّى وَإنْ سَطَعَتْ مِنْ فَوْقِهِ الدُّرَرُ

ذَاكُمْ قَضَاءُ الَّذِي، كَالْكَلْبِ قَدْ سُعِرَتْ
أَحْوَالُـهُ. بِعُواءِ الكَلْبِ يَحْتَضِـرُ.
***
العَيْنُ تَحْفِـرُ فِيمَا شَاعَ مِنْ حَلَكٍ
وَاللَّفْظُ يَذْكُـرُ بَعْضَ الحَقِّ، فَاصْطَبِرُوا!

لَمْ يَبْقَ مِنْ كَلِمٍ يُرْجَى لِمُجْتَـرَبٍ
مِنْ أُمَّةِ الحِقْدِ، أَصْفَى زَيْتِهَا العَكَـرُ.

مَاذَا أَقُولُ، وَقَدْ جَرَّبْـتُ كَابِرَهَا،
فَاسْتَكْبَرَتْ وَبَغَتْ وَاسْتَنْكَـرَتْ تَقِـرُ.

مِثْلَ الحِمَارِ الَّذِي تَنْوِي تُعَلِّمَـهُ،
يَرْتَدُّ فِي عَجَلٍ لِلْأَصْلِ، يَنْحَمِرُ.

مَهْمَا تَبَجَّحَ أَهْلُ الجَهْلِ، لَنْ يَصِلُوا
حَدَّ الشُّـرُوقِ الَّذِي يَسْمُو بِهِ البَصَـرُ.

حَيْثُ الأَنَامُ سَوَاءٌ فِي مَعَارِفِهِمْ
يَسْتَذْكِرُونَ عُلُومًا، آنَ أَنْ فُطِرُوا.

كُلُّ الكَلامِ، وَإنْ جَدَّتْ بِهِ صُوَرٌ
قَدْ كَانَ جَوْهَرُهُ فِي العَقْلِ يَزْدَهِرُ.
***
العَيْنُ تَصْبُـرُ عَنْ قَحْطٍ بِنَاظِرِهَا
وَتَسْتَعِينُ بِنُورٍ لَيْسَ يُبْتَصَـرُ

لَنْ يُدْرِكَ القَوْلَ مَنْ تَحْيَى بِهِ نُطَفٌ
مِنْ مَعْدِنِ الجَهْلِ. فِيهِ الشَّـرُّ يَخْتَمِرُ.

الخَيْرُ وَالشَّـرُّ مَخْلُوقَانِ فِي جَسَدٍ،
وَالعَقْلُ يَعْرِفُ مِنْ أَيٍّ لَـهُ خَطَـرُ.

هذا كَلامِي، فَمَنْ يَدْرِي، لَعَلَّ بِهِ
حَبْلاً لِمَنْ مُسِخَتْ أَجْدَادُهُ الحُمُـرُ.

وَالاَّ، خَلَصْتُ، وَخَيْرُ القَوْلِ خَاتِمَةٌ:
نَاسٌ مَعَ العَقْلِ، وَنَسْلُ الجَهْلِ قَدْ فَشَرُوا.

*
والعقل وليّ التوفيق!

---
نشرت أيضًا في: "شفاف الشرق الأوسط"

كلام الواحد الثاني

سلمان مصالحة || 

كلام الواحد الثاني


الحُلْمُ فِي قَفَصٍ
يَزْقُوهُ صَاحِبُهُ،
بِفِكْرَةٍ وَقَعَتْ مِنْ
غَيْمِ نِسْيَانِ.

يقولون إنّ الحقد


سلمان مصالحة || يقولون إنّ الحقد
 

يَقُولُونَ إنَّ الحِقْدَ
يَنْبُتُ فِي الثَّرَى،
إذَا نُثِرَتْ فِيهِ
بُذُورُ المَرَاجِلِ.

تنويع على لحن شامي


سلمان مصالحة ||

تنويع على لحن شامي



مَا لِي أرَاكَ وَقَدْ أَغْمَضْتَ، يا وَلَدِي،
عَيْنَيْكَ فِي حُلُمٍ، مِنْ دُونِمَا وَسَدِ

إنِّي رَأَيْتُكَ لا تُصْغِي لِجَارَتِنَا
تِلْكَ الَّتِي صَرَخَتْ مِنْ سَكْتَةِ الرَّكَدِ

وَلا نَظَرْتَ إلَى كَهْلٍ قَضَى عَبَثًا
إذْ راحَ يَبْحَثُ عَنْ حُلْمٍ حَبَا بِيَدِ

فَأَيُّ نَوْمٍ هَوَى فِي حَيِّنَا، وَمَضَى
نَحْوَ الأَباعِدِ، حَتَّى امْتَدَّ فِي البَلَدِ

وَمَنْ ذَا تَكَرَّمَ وَاسْتَوْلَى عَلَى حُلُمٍ
وَأَنْبَتَ المَوْتَ فِي سَهْلٍ وَفِي وَهَدِ

لا الطِّفْلُ سَارَ مَعَ الأَتْرابِ مُبْتَسِمًا
وَلا تَراكَضَ نَحْوَ الأَهْلِ، لَمْ يَعُدِ

كُلُّ البِلادِ رُكَامٌ، لَمْ تَعُدْ بَلَدًا
وَلا تَبَقَّى بِهَا بَدْرٌ يَعِي كَمَدِي

مَا كَانَ يَجْمَعُ سُمَّارًا بِدِيرَتِنَا
يَنْهَارُ فِي وَضَحِ التَّنْهِيدِ والسَّهَدِ

لا البَيْتُ بَيْتٌ وَلا الحِيطانُ تَسْمَعُنَا
لَمْ يَبْقَ مِنْ حائِطٍ يُصْغِي إلَى أَحَدِ

طَالَ الزَّمَانُ عَلَى قَوْمٍ بَغَوْا كِبَرًا
وَاسْتَأْسَدُوا كَبُغَاثِ الطَّيْرِ فِي جَسَدِي

مَا لِي أَرَى وَطَنًا قَدْ كُنْتُ أَعْرِفُهُ
أَمْسَى خَرَابًا، كَدَأْبِ العُرْبِ فِي كَبِدِي

فَمَا أُطِيقُ حَيَاةً بَعْدَمَا كَشَفُوا
عَنْ سِرِّ طِينَتِهِمْ مِنْ نُطْفَةِ الرَّمَدِ

لَوْ كُنْتُ أَجْمَعُهُمْ لارْتَحْتُ مِنْ زَمَنٍ
لَكِنَّنِي أَحَدٌ فِي غَيْهَبِ العَدَدِ

*


خلل الضباب



سلمان مصالحة

خلل الضباب


أَرَى خَلَلَ الضَّبَابِ هُدُوءَ بَالِ
وَيُوشِكُ أَنْ يَحِلَّ عَلَى الرِّمَالِ

وَلَـنْ أَرْوِي بِهذَا اليَوْمِ سِرًّا
فَإنِّـي حَافِـظٌ سِرِّي لِحَالِـي

لَقَـدْ أَنْبَـتُّ شَعْرًا فِي لِسَانِي
فَمَا نَفَعَ الكَلامُ، وَلا انْشِغَالِي

بِنَاسٍ لا يَرَوْنَ سِوَى أُنُوفٍ
وَأَيَّـامٍ مِنَ الحِقَبِ الخَوَالِي

يَشُدُّونَ الرِّحَالَ عَلَى رِكَابٍ
مُؤَلَّـلَــةٍ، كَقَافِـلَـةِ الجِمَـالِ

وَيَبْنُونَ البُيُـوتَ إلَى سَحَـابٍ
لِيَقْطُنَـهَا البِغَـالُ مِنَ الرِّجَالِ

تَرَى مِزْوَاجَهُمْ بِـلِـبَاسِ شَيْخٍ
يُطَـلِّــقُ لِليَمِـيــنِ وَلِلشِّـمَـالِ

وَيْبْنِي مُلْكَـهُ فِي بِئْرِ نَفْـطٍ
إذَا نَضَبَتْ يَعُودُ إلَى زَوَالِ

يَعِيشُ الدَّهْرَ مَوْهُومًـا بِمَاضٍ
كَمَـنْ خَلَطَ الحَقِيقَـةَ بِالخَيَـالِ

وَيَنْسَى فِي انْغِمَاسِهِ بِالمَلاهِي
نُزُوحَ الدَّهْـرِ مِنْ حَـالٍ لِحَـالِ

سَيَأْتِي اليَوْمُ، حِينَ تَراهُ يُقْعِي
وَيَنْظُـــرُ لِلنُّجُــومِ ولِلْهِــلالِ

وَيَرْحَـلُ بَاحِثًـا عَنْ نَبْعِ مَـاءٍ
وَيَعْوِي مِثْلَ ذِئْبٍ فِي اللَّيَالِي

يَهِيـمُ كَسَابِحٍ بِبِحَارِ قَفْـرٍ
يَجُوعُ فَيَشْتَوِي لَحْمَ السَّحَالِي

وَحِينَ يُفِيقُ مِنْ نَوْمٍ سَيَبْكِي
عَلَى طَلَـلٍ مِنَ الخِيَـمِ البَوَالِي

سَيَذْكُـرُ خَوْلَةً حِينَ الْتَقَاهَا
بِشِعْــبٍ بَيْنَ حَـلٍّ وَارْتِحَـالِ

وَيَسْمَعُ هَاتِفًا مِنْ جَوْفِ وَادٍ
يُحَدِّثُ فِي تَوَحُّشِهِ السَّعَالِي

يَدُبُّ مُشَرَّدًا، قَلِقًـا كَرِيحٍ
تُخَاتِـلُ مِنْ جَنُوبٍ أَوْ شَمَـالِ

وَتَعْزِفُ لَحْنَ عَوْدَتِهِ لِأَرْضٍ
يُخَالِطُ مَاؤُهَا أَوْهَامَ آلِ

سَيَفْهَمُ حِينَهَا، بِأُفُولِ مُلْـكٍ،
بِأَنَّ الدَّهْرَ يَمْضِي، لا يُبَـالِي

بِمَنْ قَضَّى الزَّمَانَ سَجِينَ مَاضٍ
يَعِـيـشُ بِحَاضِـرٍ كَالڤِيـرْتُوَالِـي

*

فيك وبلاك

إلى كلّ الآباء، والرّجال من العربان على العموم، الّذين يكبتون ويضطهدون بناتهم نهدي هذا الكلام الخاص باللهجة التي يفهمونها:

سلمان مصالحة 

فيك وبلاك 


بِنْتَكْ وِينِ مْخَبِّيهَا يَا بُو كَرْشِينْ 
مْفَكِّرْ إنَّكْ حَامِيهَا مِنْ صِيبِةْ عِينْ؟

بِنْتَكْ بَدْهَا تِتْكَشَّفْ عَى شَمْسِ وْمَيّْ 
وِانْتِ بَدَّكْ تِتْقَشَّفْ، مَا يْشُوفَا حَيّْ 

بُكْرَا الصُّبْحِ بْتِتْطَلَّعْ مِنْ حَوْلَكْ هِيكْ 
بْتِتْرِكْ لَكْ كُلِّ رْجَالَكْ، لا تِعْمَلْ بِيك! 

بِنْتَكْ لِيشِ مْخَبِّيهَا عَنْ عِينِ النَّاسْ 
مْفَكِّرْ إنَّكْ حَامِيهَا مِنْ وَجَعْ رَاسْ؟ 

شُوفِ الدِّنْيَا يَا جَاهِلْ يَا بُو كَرْشِينْ 
رَاسَكْ هُوِّ لِمْخَمِّجْ مِنْ فِكْرِ الشِّينْ 

بِنْتَكْ وِينِ مْخَبِّيهَا فِي كْياسِ وْخِيشْ 
وْهِيِّ شِكْلا زَعْلانِةْ، وِبْتِعْرِفْ لِيشْ. 

كُلَّ ابِّ بْيِيجِي يُومُهْ، بِنْتُهْ بْتِنْـ...اكْ 
مَا يْفَكِّرْ إنُّـهْ مَالِـكْ بِنْتُـهْ أَمْلاكْ 

بِنْتَكْ وِينِ مْخَبِّيهَا يَا بُو عِينِينْ! 
مْفَكِّرْ إنَّكْ حَامِيهَا مِنْ صِيبِةْ عِينْ؟ 

بِنْتَكْ كِبْرَتْ، مَا تْسِيبَا تِقْطَعْ لِسْلاكْ 
وِانْ كَانَتْ تِعْرِفْ دَرْبَا هِيِّ مَلاكْ. 

لا تْفَكِّرْ إنَّا الدِّنْيَا بْتِخْرَبْ لَوْلاكْ 
هَـ الدِّنْيَا صَارَتْ حُرَّةْ، فِيكِ وْبَلاكْ 
*

وصايا عشر للعربي المبتدئ

أرشيف: يوليو 2006


سلمان مصالحة || 

وصايا عشر للعربي المبتدئ

أخي أيّها العربي المبتدئ!
لا تصدّق جميع هؤلاء، فحقيقة الأمراض الذّهنيّة المستترة من وراء تصرّفاتهم جديرة بدراسات اجتماعيّة ونفسيّة تقف على مكامن الخلل في سلوكيّاتهم وثقافتهم.

يا بنت النّاس

سلمان مصالحة

يا بنت النّاس


وَانا سَايِقْ عَنْزاتِي عَى بِير المَيّْ
طَلَّتْ عَلَيِّ السّمْرا وْقَالَتْ لي: شْوَيّْ!

قُلْتِ لْهَا: أَمْركْ يَابَا شُو صَارِ وْصَارْ
قَالَتْ لِي: قَلْبِي تْقَطَّعْ، وْعَقْلِي طَارْ

***

وَانا سَايِقْ عَنْزاتِي عَى بِير المَيّْ
شَلْعَتْ مِنْ قَلْبِي سَخْلِةْ، والله يا خَيّْ!

وْهَايِ السَّخْلِةْ مْرَبّايِةْ، مَا تْروحِ بْعِيدْ
بَسِّ السَّمْرَا الوَلْهَانِةْ، مَا تْخَافِ وْعِيدْ

***

بَدْهَا مِنِّي تِحْلايِةْ، شِمِّ الرِّيحَانْ
وِاللِّي تْفَلَّقْ فِي صِدْرَا خُوخِ وْرُمّانْ

وَانا سَايِقْ عَنْزاتِي عَى طَرْفِ الحَيّْ
حَرْقَتْنِي الشَّمْسِ الحَمْرَا، وْهِيِّي فِي الفَيّْ.

***

قُلتِ لْهَا: هَاتِي السّخْلِةْ يا بِنْتِ النَّاسْ
قالَتْ لي: بَدْهَا قَعْدِةْ عَى رِيحِةْ كَاسْ

قُلْتِ لْهَا: أَمْرِكْ! حاضِرْ، عَى هَذا الرَّاسْ
قَالَتْ لِي: رَاسَكْ يَابِسْ، وِينِ الإحْسَاسْ؟

وَانَا سَايِقْ عَنْزَاتِي عَى بِيرِ المَيّْ
سَرْقَتْ عَقْلاتِي السَّمْرَا، واللّهْ يَا خَيّْ

***

وَانَا رَاسِي فِي لْبَاسِي صَايِمْ سِنْتِينْ
بَسْتَنَّى السَّخْلِةْ تِكْبَرْ، تَى اسِدِّ الدِّينْ

قَالَتْ لِي: بَطْنِي خَوَّرْ، جُوعَانِةْ كْثِيرْ
قُلْتِ لْهَا: يَلاّ لاقِينِي عَى جَنْبِ البِيرْ

***

لَمَّنْ شَلْحَتْ فُسْتَانَا، شُفْتِ البُسْتَانْ
وِعْيُونِي نَطَّتْ تِلْعَبْ مِثْلِ الغُزْلانْ

قَالَتْ: دِينَكْ عَلَيَّ، لا تِخْشَى النّاسْ
احْفِنْ مِنْ كَرْمِي كُومِةْ، وِامْلا لِي الكَاسْ

قُلْتِ لْهَا: كَاسِكْ صَابِبْ مِنْ عِينِي هَيّْ
خَايفْ آبُوكِ يِعْلَمْ، يِشْوِيني شَيّْ.

***

وَانَا أَمْشُقْ رُمّانَا عَى بِير المَيّْ
فَضِّيتِ الخَمْرِ بْكَاسَا، مِنْ بِينِ اجْرَيّْ

وَانَا شَارِدْ فِي حَالِي، عِشْقِ وْوَسْواسْ
شَرْدَتْ عَنْزَاتِي مِنِّي، وَاللّهْ يَا نَاسْ

طْلِعْتِ البَاكِرْ مَعْ شَلْعَةْ عَى بِيرِ المَيّْ
رْجِعْتِ العَصِرْ وِمْقَحِّطْ، مَا عِنْدِي شَيّْ

***

وَانا سَايِقْ عَنْزاتِي عَى بِير المَيّْ
طَلَّتْ عَلَيِّ السّمْرا وْقَالَتْ لي: شْوَيّْ!


مرثية لزمن راهن


قول على قول:



سلمان مصالحة || 

مرثية لزمن راهن



لا تَذْكُرِي أحَدًا بُعَيْدَ فِرَاقِ
اللّهُ فَكَّكِ مِنْ إسَارِ رِفاقِ.

نِعْمَ الرَّحِيلُ إلى مَكانٍ آمِنٍ
لَنْ يُدْرِكُوهُ وَإنْ نَوَوْا لِسِباقِ.

إذْ أَنَّهَمْ نَفَقُوا بِغَيْرِ مُبَشِّرٍ
بِوَفاتِهِمْ دَهْرًا، بِغَيْرِ صَدَاقِ.

أَصْداءُ جِيفَتِهِمْ كَلامٌ فَارِغٌ
بِصَحَافَةٍ سَقَطَتْ مَعَ الأَوْراقِ.

عَاثَتْ بِهَا زُمَرٌ كَسَـرْبِ بَهَائِمٍ
مَجْبُولَةٍ مِنْ مَاعِزٍ وَنِياقِ.

لا تَذْكُرِي أَحَدًا، حَذَارِ، فَقَد قَضَى
خَبَلٌ عَلَيْهِمْ. بِئْسَهُمْ مِنْ بَاقِ!

لَيْسَ الكَلامُ لِمَنْ يُمَجِّدُ مَا مَضَى
إنَّ الكَلامَ لِمَعْشَرِ الأُفَّاقِ.
*

أربعة


سلمان مصالحة || أربعة

أرْبَعَةٌ يَحْيَى بِها
فَرْدٌ خَبِيرٌ بِالمِحَنْ:

إشراقات صباحية


سلمان مصالحة || 

إشراقات صباحية


النُّورُ شَيءٌ لا يَجِيءُ
لِذاتِهِ. لَكِنَّهُ بَصَـرٌ
عَلاهُ ظَلامُ.

أزمنة أخرى

سلمان مصالحة || أزمنة أخرى

بَعْضُ الزَّمانِ
رُجُوعُ أَمْرٍ قَدْ غَبَرْ
مِنْ مَعْدِنِ النّسْيانِ
يَرْفُلُ بِالفِكَرْ.

مواساة

سلمان مصالحة || 

مواساة

البِئْرُ، الّتِي
حَبَسَتْ بِهَا أَسْرارَها،
نَضَحَتْ عَلَى الوَجْهِ
الّذِي لا يَكْذِبُ.

تداعيات صباحية


سلمان مصالحة || 

تداعيات صباحية

وَفِكْرَةٍ،
خَطَرَتْ فِي الصُّبْحِ،
تَحْمِلُنِي عَلَى النُّهُوضِ
مِنَ الأحْلامِ، والسَّفَرِ

إلَى مَكانٍ، ثَوَى
فِي رَبْوَةٍ، حُفِظَتْ
فِي قَبْوِ ذاكِرَةٍ، حَنَّتْ
إلَى المَطَرِ.

فِيهِ ابْتُلِيتُ، بِمَا
أَمْضَيْتُ مِنْ زَمَنٍ.
أَرْعَى النُّجُومَ الَّتِي
تَقْتَاتُ مِنْ بَصَرِي.

فَرَاوَدَتْنِي،
سَحَابَ اللَّيْلِ، مُعْتَكِفًا.
سَاعًا تَغِيبُ
وَسَاعًا تَقْتَفِي أَثَرِي.

كَذَا حَيِيتُ،
أَجُوبُ القَفْرَ فِي حَلَكٍ،
مُسْتَقْبِلاً قَلَقِي،
مُسْتَدْبِرًا خَفَرِي.

فَمَا سَكَنْتُ،
وَلا ارْتَاحَتْ بِنَافِذَتِي،
أَحْلامُ مَنْ كَشَفَ
الأَسْـرَارَ فِي النَّظَرِ.

*

شواطئ

سلمان مصالحة || 

شواطئ



عَلَى مَهَلٍ، تَقَدَّمَ
لِي النَّهَارُ. يُبَشِّرُنِي
بِأَنَّ القَلْبَ دَارُ

لِمَنْ زَرَعَتْ حُرُوفًا
فِي صَباحٍ، بِقَارِعَةٍ
بِهَا كَلِمٌ يَغَارُ

مِنَ الذِّكْرَى الَّتِي
وَسَمَتْ زَمَانِي. لَهَا أَثَرٌ،
كَأَنْ وَقَعَ الخَيَارُ

عَلَى دَرْبٍ. تَعَرَّجَ فِي
خُطَاهَا فُؤَادٌ عَاشَ فِي
طَلَلٍ. يَحَارُ

مِنَ المَاضِي الَّذِي
رُسِمَتْ عَلَيْهِ تَبَارِيحٌ
تَعُودُ، وَتُسْتَثَارُ

إذا سَنَحَتْ زَوَارِقُهَا
بِبَحْرِي. كَأنَّ البَحْرَ
مِنْ وَصَبٍ
بِحَارُ

رَمَتْنِي فِي
شَوَاطِئَ مِنْ خَيَالٍ.
فَمَا أَدْرِي، لِمَنْ
كُتِبَ النَّهَارُ.

فَحَاوَلْتُ التَّصَالُحَ
مَعْ رَمَادٍ. يُذَكِّرُ:
كَانَ فِي الأَعْمَاقِ
نَارُ.

وَحِينَ بَحَثْتُ
عَنْ لَهَبٍ بِرُوحِي،
نَمَتْ فِي الدَّارِ
وَاشْتَعَلَتْ
مَنَارُ
*

شجرة وحيدة


سلمان مصالحة ||

شجرة وحيدة



كَسِدْرَةٍ، رَبَضَـــتْ فِي
صَهْوَةِ التَّــلِّ.
فِي ظِلِّـهَا حَضَنَـــتْ
ما كانَ يَحْلَـوْلِـي

مِنْ هاجِسٍ، ظَـلْـتُ
طُولَ اليَوْمِ أَنْقُفُـهُ.
حَتَّى تَنامَى كَقَمْـحٍ
مَاجَ فِي سَـهْـلِـي.

فَطُفْـتُ أَبْحَــثُ عَنْ
شَـطٍّ لأَشْرِعَـةٍ.
فَما وَجَـدْتُ
سِوَى الأَوْهامِ
فِي الظِّـلِّ.

*

”جسدي ملكي، ليس شرف أحد“


لهذا السبب، فعندما يتمّ وضع هذه المقولة أمام أعين الذّكر العربي فإنّه يُصدم من هولها. وصدمته تكون أشدّ عندما يأتي هذا الكلام من جانب المرأة العربية، كما إنّ الصدمة تتحوّل إلى نكبة ذهنيّة ذكورية عربية عندما يُرفع هذا الشعار على جسد المرأة العاري.

أمينة على الجسد


سلمان مصالحة || 

أمينة على الجسد

        (أمينة، ناشطة نسويّة تونسية: ”جسدي ملكي، ليس شرف أحد“)

لا تَسْأَلِي أَحَدًا
إنَّ الهَوَى شَرَفُ.
وَاسْتَمْتِعِي بِجَمالٍ
حَتَّى يَعْتَرِفُوا

بِأنَّ جِسْمَكِ مُلْكٌ
لِلَّتِي كَشَفَتْ عَنْ صَدْرِها
بِزَمانٍ جُلُّهُ قَرَفُ.

لا تَأْبَهِي بِرِجالٍ
بَاعَ كابِرُهُمْ أوْطانَهُ شَرَهًا
والعُهْرَ يَقْتَرِفُ.

إنَّ البِناءَ
الّذِي تَبْنِينَ مِنْ جَسَدٍ
أَرْكانُهُ صَمَدَتْ
فِي الرِّيحِ، والغُرَفُ.

مَهْما تَنَطَّحَ
مِنْ ناسٍ فَلا تَثِقِي
إلاَّ بِمَا أَنْتِ،
فَرْدٌ
زَانَهُ هَدَفُ.
*

نشرت أيضًا في: "شفاف الشرق الأوسط"

اقرأ أيضًا: "جسدي ملكي، ليس شرف أحد"

صاحب المعرّة

سلمان مصالحة || صاحب المعرّة

( ورد في الأخبار أنّ بعض الإرهابيّين حطّموا تمثالاً لأبي العلاء المعرّي)

مِنْ أَيْنَ جاءَ الخَرابُ
يا صَاحبًا مِنْ مَعَرَّهْ
يَغْزُو البِلادَ يَبابُ
يَمْحُو الهَنا وَالمَسَرَّهْ

البحر

سلمان مصالحة || البحر

البَحْرُ، الّذي حَملَ
الظّعائِنَ باكِرًا، حَمَلَ
الهُمُومَ قُبَيْلَ ذاكَ
بِلَيْلِهِ.

سؤال البيت


سلمان مصالحة || 

سؤال البيت



البيتُ ليسَ كَما يَحْكِي
الّذينَ بَنَوْا جُدْرانَهُ
بِحِجارِ الأرْضِ وَالعَرَقِ.

وَإنَّما فِكْرَةٌ حَلَّتْ عَلَى
بَشَرٍ. تَحْمِي الوُجُودَ
الّذِي يُرْسَى عَلَى قَلَقِ.

فَإنْ طَلَبْتَ مَكانًا،
لا تَكُنْ قَنِعًا إلاّ بِما
يُبْتَنَى فِي خَيْمَةِ الأُفُقِ

فَذاكَ أوْلَى بَمَنْ أمْسَى
بِوَحْدَتِهِ، لا يَطْمَئِـنُّ
إلَى بَيْتٍ بِمُفْتَـرَقِ.

لَأنَّهُ حَمَلَ الأَحْلامَ
فِي كَتِفٍ. وَالبَيْتَ فَرَّقَهُ
فِي مُلْتَوَى الطُّرُقِ.

*

صوت من اليأس


سلمان مصالحة ||

صوت من اليأس


لا مَرْءَ يَبْقَى،
إذا ما دَمْعَةٌ وَقَعَتْ
مِنْ عَيْنِ طِفْلٍ
عَلَى آبائِهِ، بَطَلا.

رؤى

سلمان مصالحة || 

رؤى



العَيْـنُ تُبْصِرُ
ما نَما بِإزائِها.
وَالقَلْبُ يَحْفَلُ
بِالَّذِي
يَتَمَثَّـلُ.


ما كُلُّ ما
شَغَلَ العُيُونَ
مُؤَكَّدٌ، أَوْ كُلُّ
ما طَرَقَ الفُؤَادَ
مُعَلَّـلُ.

الأَمْرُ
ما جَعَلَ الجَوارِحَ
تَنْتَشِي، فِـي رِحْلَـةٍ
بَعُـدَتْ،
وَلَيْسَتْ تَكْمُلُ.

عَيْناكَ
أَدْرَكَتَا المَنَاظِرَ
يَقْظَةً. لَكِنَّ قَلْبَـكَ
لا يَنِي
يَتَبَـدَّلُ

فِـي حَيْـرَةٍ،
مِنْ وَحْدَةٍ أَبَدَيَّةٍ.
دَمَغَتْهُ،
مُذْ نَزَلَ
السُّؤَالُ
الأَوَّلُ
*

مسألة طارئة



سلمان مصالحة || 


مسألة طارئة



حِينًا،
تَهِيجُ شِغافَ القَلْبِ
مَسْألَةٌ تَعْلُو بِلا سَبَبٍ
مِنْ باطِنِ السَّبَبِ.

فَإنْ نَظَرْتَ
إلى ما هاجَكَ، اسْتَعَرَتْ
أرْكانُ قَصْرِكَ
وَانْهارَتْ عَلَى النَّسَبِ.

لا شَيءَ يَبْقَى،
وَإنْ طالَ الزّمانُ،
فلا تَبْنِ قُصُورًا
بِأَرْضِ النّارِ
مِنْ حَطَبِ.




أبد

سلمان مصالحة || أبد

إنْ شِئْتِ أَنْ تَزِنِي الجَوَى
بِجَوارِحِي،
لا تُحْضِرِي أَحَدًا
مِنَ الأَمْواتِ.


ملعـونـة الحَـرْسِ


سلمان مصالحة || ملعـونـة الحَـرْسِ

أَيا مَلْعُونَــةَ الحَـرْسِ،
جَـزاكِ اللّـهُ
بِالخَـرْسِ!

الراقصون على القبور

سلمان مصالحة || الراقصون على القبور

                                     إلى: خالد جبران

هُنـا بَشَـرٌ،
لَوْ يَعْـرِفِ الـمَـرْءُ مِثْـلَهُمْ
لأَنْكَـرَ ما جـاءَتْ بِـهِ
صُدْفَـةُ الـدَّهْـرِ.

زيارة افتراضية


سلمان مصالحة || 

زيارة افتراضية


               إلى: م. ح.


رَأَيْــتُ غَـزالاً
عَـلَـى صَفْحَـتِـي
يُزَيِّـنُ صُبْـحِـي.
فَمَـنْ ذِي الَّتِـي

أَتَـتْ باكِـرًا
تَـرْتَـوِي نَـظْـــرَةً
وَتَـعْصِــرُ
ما خَبَّـأَتْ نَظْـرَتِـي؟

فَـرُحْـتُ أُفَـتِّــشُ
عَـنْ سِـرِّها
وَأَبْحَـثُ
فِـي غـابِــرِ الـمُــدَّةِ.

فَصِـرْتُ كَـمَـنْ
يَرْتَـوِي مِثْـلَها،
وَيَمْحُـو الزَّمـانَ
بِذِي اللَّحْظَـةِ

كِـلانـا
يُـكَــدِّسُ أَيَّـامَـــهِ
رُفُـوفًا عَـلَـى
حائِطِ الوَحْشَةِ.
*

واحد


سلمان مصالحة || 

واحد


النّـاسُ أَجْناسٌ
كَسـائِـرِ خَلْقِـهِ،
وَكَذا النَّبـاتُ
وَسائِـرُ الحَيَــوانِ.

وداع اللّيل


سلمان مصالحة || 

وداع اللّيل


عَلَـى مَهَـلٍ يَجِـيءُ
الصُّبْــحُ، لَـمّـا تُـوَدِّعُ
لَيْـلَــةً، رَحَـلَـــتْ
بِـهَـــمِّ.

وَيَحْمِـلُ صَفْنَــةَ
الـمَاضِـي بِـدَرْبٍ إلَـى
حُـلُــمٍ تَعَثَّــرَ
فِـي الـمُـلِــمِّ.

وَلَيْـسَ لَدَيْــكَ
مِنْ حِيَــلٍ لِتَـنْـجُـو
مِـنَ العاتِـي بِذِهْـنِــكَ
بَعْـدَ نَــوْمِ.

كَذا، كَتَـبَ الصَّبـاحُ
عَلَـيْـكَ، فَاحْمِـلْ
عَلَـيْـــهِ بِكُــلِّ خاطِــرَةٍ
وَعَــزْمِ.

فَإنَّ الهَـمَّ يَكْـبُـــرُ،
فَـارْدَعَـنْـــهُ عَـلَـى
عَجَــلٍ، بِلا وَجَــلٍ،
وَأَنْــمِ

إلَـى مَنْ جَـاءَ
يُلْقِي حِمْـلَ حُــزْنٍ
عَلَـى كَتِـفَيْــكَ، إنَّـكَ
كَـالأَصَــمِّ.

وَلَـنْ تُصْغِـي لِضَيْـفٍ
جاءَ يَـرْمِي قُمامَـتَــهُ
عَـلَـى عَتَبـاتِ
يَــوْمِ.

فَإنَّـكَ
لَـنْ تُصِـيــخَ السَّمْــعَ
إلاّ إلَـى قَـلْـبٍ
تَقَلَّــبَ
فِـي الأَهَــمِّ
*

حمدي الجزار || أحلام الفارس القديم

 خواطر من الثورة المصرية:
حمدي الجزار (تصوير: س. م.)

حمدي الجزّار يتذكّر صلاح عبد الصبور



أحلام الفارس القديم
 1

في عام 1993، كنتُ في الثالثة والعشرين من عمري، أعمل مصححًا للروايات البوليسية، المُترجَمة للعربية، أتقاضي خمسين قرشًا، فقط لا غير، عن كل ساعة عمل، وكان تحت زجاج منضدة عملي الصغيرة قصاصة ورق، كتبتُ عليها كلمات صلاح عبد الصبور:

” في بلد لا يحكم فيه القانون
يمضي فيه الناس للسجن بمحض الصدفة
 لا يوجد مستقبل 
في بلد يتمدد فيه الفقر 
كما يتمدد ثعبان في الرمل 
لا يوجد مستقبل
 في بلد تتعرى فيه المرأة كي تأكل
 لا يوجد مستقبل”.

في مديح الصمت


سلمان مصالحة || 

في مديح الصمت


بَعْضُ الكلامِ كَـلامٌ
فَاقْتَـصِـدْ ذَهَـبَا
مَنْ بَذَّرَ القَـوْلَ
يَحْـيَى دَهْـرَهُ كَـرَبَا

إذا نَطَقْـتَ، فَصَـوِّبْ.
لا تَكُـنْ عَـجِـلاً!
وَاتْـرُكْ لِصَيْــدِكَ
أَنْ يَدْنُـو وَيَقْتَـرِبَا

حَتَّى تَـرَى خَطْوَهُ
فِي الحَقْـلِ مُرْتَـبِكًا،
وَقَـدْ تَعَـثَّــرَ فِـي
قَـوْلٍ، وَما وَثَـبَـا.

يَلْـوِي يَمِيـنًا،
كَمَـنْ ضاعَـتْ قَضِيَّتُـهُ
فِـي مَعْمَـعِ الهَـذْرِ
مِمَّـا قَالَ، أَوْ نَـدَبَا

حِينًا شِمَالاً، وَلكِـنْ
خـابَ مَنْ وَقَعَـتْ
رِجْـلٌ لَـهُ بِشِـباكِ
الجَهْـلِ مُنْـتَسِـبَا

لا يَنْفَـعُ القَـوْلُ
فِيمَـنْ كانَ مُنْتَمِـيًا
لِأُمَّـةٍ، رَفَـعَــتْ
رايـاتِــها كَـذِبَـا

إنَّ الكَـلامَ مَـعَ
الجُهَّـالِ مَضْـيَـعَـةٌ
لِلْـوَقْـتِ،
فَالْـعَنْـهُمُو أُمًّـا،
وَزِدْ: وَأَبَا

وَاحْفَـظْ لِسـانَكَ!
لا تَعْثُــرْ بِلَعْنَتِـهِمْ
فَالصَّمْتُ أَوْلَى
بِمَنْ
قَدْ عاشَ
مُغْتَـرِبَا

*

مرثية الشعر

سلمان مصالحة || 

مرثية الشعر


مَضَـى زَمَـنٌ،
كانَ فِيـهِ خَيـالُ.
بِهِ تُنْصِـتُ الرِّيحُ،
يَحْكِي الهِلالُ

وَأَدْرَكَـنا
مَـوْكِـبٌ مِـنْ أُنـاسٍ
يُشِيعُونَ هَـذْرًا،
كَشِعْـرٍ يُكـالُ.

فَلا نَكْهَـةٌ،
يَنْتَشِـي القَلْبُ مِنْها
وَلا فِكْـرَةً حامِـلاً
مـا يُقـالُ.

مَضَى زَمَنٌ،
كانَ للشّعْـرِ فيـهِ
مَلائِكَـةٌ،
كـانَ فِـيـهِ سُـؤالُ.

فَها نَحْنُ
قَدْ أَوْصَلَتْنا اللَّيالِـي
إلَـى دَرَكٍ
ضاعَ فِيـهِ الجَمـالُ

*

حيرة الشاعر



سلمان مصالحة || 

حيرة الشاعر


سُئِلْـتُ كَـثِـيرًا عَنْ مَخابِـئِ أَضْلُـعِـي
فَحَـيَّـرَنِـي طَـرْحُ السُّــؤَالِ وَلَــمْ أَعِ

بِأَنَّ الكَـلامَ الـمُسْــتَـفِـزَّ لِشــاعِـرٍ
أَتَى مِنْ أُنـاسٍ يَهْزَؤُون بِـمـا مَـعِـي

إلهٌ ضيّع دربه




سلمان مصالحة ||


إلهٌ ضيّع دربه




مَـرَّ الإلـهُ بِنَكْــبَـهْ - مَـعْ أُمَّـةِ الطُّــرُطُـبَّــهْ


لَحاهُمُـو مِـنْ أُنـاسٍ - تَظَاهَـرُوا بِالـمَـحَـبَّــهْ


وَفِي القُلُــوبِ خِبـاثٌ - مِنْ كُـلِّ قُبْـحٍ وَسُـــبَّـهْ


إذا قَضَـى اللّـهُ أَمْـرًا - تَمَثَّــلُوا الحَـبَّ قُــبَّــهْ


فَيـا لَـهُ مِـنْ مُصـابٍ - بِغُـصَّــةٍ وَبِكَــرْبَــهْ


وَهُـوْ إلـهٌ قَـدِيـــرٌ - لَـكِـنَّــهُ كــانَ يَـأْبَــهْ


بِـأُمَّـةٍ لا تُبــالِــي - بِمَـنْ يُـذَبِّــحُ شَــعْـبَـهْ


فَصَارَ فِي الأَرْضِ يَهْـذِي - يَدْعُـو وَيَطْـلُـبُ رَبَّـهْ


فِي الشَّـرْقِ إذْ لَـمْ يَجِـدْهُ - فَهَـامَ ضَيَّــعَ دَرْبَـهْ






*

رِسالَةٌ في ذَمِّ بَنِي ديكْتُوس


من الأرشيف:

تنويه لا بدّ منه: التّحريفات والتّصحيفات (الّتي تظهر باللّون الأحمر) في الأسماء وفي النّصوص المقتبسة تمّت لغاية إغناء النّقاش في القضيّة الحاليّة الّتي شاع الحديث عنها. وما من شكّ في أنّ هذه التّحريفات والتّصحيفات واضحة للعيان ولا تخفى على القارئ النّبيه، ذي البصيرة، العارف ببواطن الأمور، بالمصادر وبالنّصوص التّراثيّة. ولهذا اقتضى التّنويه.


سلمان مصالحة || 

رِسالَةٌ في ذَمِّ بَنِي ديكْتُوس


”كلب العروبة النابح“


وعندما سأل نزار قبّاني: متى يعلنون وفاة العرب؟ فها هي الإجابة الدامية تأتي من بلده، من الشام. وها هم العرب يتوفّون ويموتون في الشام يوميًّا….


سلمان مصالحة ||


”كلب العروبة النابح“


في حضرة النّواسي


سلمان مصالحة || 

في حضرة النّواسي


لِذِكْـرَى صـاحِـبِي حَـرَّرْتُ راسِـي
مِنَ الوَجَعِ الـمُكَـدَّسِ فِي السّياسِـي

رَأَيْتُ الـعُرْبَ فِـي لَـهَـفٍ لِـشَـيْءٍ
تَـمَـثَّـلَ فِـي الجُلُوسِ عَلَى الكَراسِي

فَـما يَـبْـغُـونَ فِـي الدُّنْـيا حَـياةً
سِوَى عَـيْشٍ بِـمَـمْـلَكَـةِ الحَواسِ

خَبَـرْتُ الـعَيْـشَ فـِي بَلَـدٍ تَـرَبَّى
عَـلَـى ذِكْـرِ السَّـلامِ بِلا أَســاسِ

تَـرَى الـدَّجَّـالَ فِيهِمْ قَـدْ تَـوَلَّـى
زَعـامَةَ مَعْــشَرٍ وُسِـمُوا بِـنـاسِ

يُـفَــتِّـلُ شـارِبًا وَيَحُـكُّ كَـرْشًا
وَيَضْـرُطُ في العَـلانِ وَفي الخَـلاسِ

كَـلامًا مُـسْتَــعارًا مِنْ كِــتـابٍ
لَـهُ وَقْـعٌ عَـلَـى هُـبُـلٍ خِسـاسِ

خَـبَـرْتُ العُرْبَ حَتّى صِرْتُ كَـهْلاً
وَأَفْـنَـيْـتُ السِّـنِينَ مَعَ الـمَـآسِي

فَلَمْ أَعْـثُـرْ عَـلَـى مَصْلٍ يَـقِيـنِي
يُـهَــدِّئُ خاطِـرِي وَيَـشُـدُّ باسِي

وَسـاءَلْـتُ الطُّـلُـولَ فَجاوَبَـتْـنِي
بِأَصْداءٍ نَمَـتْ مِـنْ قَحْـفِ كاسِـي

وَحِـينَ نَظَـرْتُ مِنْ حَوْلِـي تَهادَى
تَـمَـثَّـلَ فِـي الـمَكانِ أَبُـو نُواسِ

*


طرف الحنين

سلمان مصالحة || طرف الحنين

                             إلى: دلال، خلف حدود الضباب

إذا شِــئْـتِ التَّلاعُبَ فَاسـمَعِيـنِي
أَصِـيخِي السَّــمْعَ لِلْكَـلِمِ الدّفـينِ

تعليقات شعريّة على أحوال عربيّة


سلمان مصالحة || 

تعليقات شعريّة على أحوال عربيّة



حال المحروسة:

وَقَفْتُ عَلَى الطّلُولِ الدّارِسَاتِ
بِشَاشَةِ مُخْبِـرٍ مِنْ نَايْلِ-سَاتِ

وَلَمْ أعرِفْ بِأنَّ الدّارَ أضْحَتْ
بِأيْدِي الغارقينَ بِهَلْوَسَاتِ

***

عزف شعري على وتر ديمقراطي



سلمان مصالحة ||

عزف شعري على وتر ديمقراطي


يَحلُو الكلامُ عَنِ التّصويتِ، يا عَرَبُ
فِي جَلسةٍ حُرَّةٍ يَرْوِي بِها العِنَبُ


مَنْ كانَ فِي لَهَفٍ للرّاحِ تَأْخُذُهُ
مِنْ بَلَدٍ عالِقٍ فِي النّفْسِ، يَنْتَحِبُ

دعوة لمقاطعة لعبة الانتخابات الإسرائيلية



هنالك دعوات من أطراف يهودية معارضة لنتنياهو لزيادة نسبة التصويت بين العرب بغية عزل نتنياهو، غير أنّ هذه الدعوات تأتي من قبل أطراف مزيّفة لا يهمّها العرب بأيّ حال، إذ أنّ هؤلاء لا يرون الأحزاب العربية جزءًا من أيّ تشكيلة حكومية قادمة، فيما لو أسقطت نتنياهو. لأنّ هؤلاء سيسارعون في نهاية المطاف إلى تشكيل ائتلافات حكومية تاركين العرب خارج اللعبة...

في مديح الهاشميين في هذا الأوان


سلمان مصالحة || 

في مديح الهاشميين في هذا الأوان


منذ مدّة طويلة
يلاحظ القرّاء، في غير مكان من وسائل الإعلام، وفي هذا الموقع بالذّات، بروز هجمة إعلامية يقودها هنا شاكر النابلسي على الهاشميين في الأردن بالذات. لا أريد الدخول في التفاصيل الأردنية الدقيقة لسببين اثنين. أوّلاً، لأنّي لست على علم بها بما يكفي لإبداء رأي قاطع في مسيرة الأحداث. وثانيًا، لأنّ الأمر الأكثر أهميّة في هذا السياق، بنظري، يقع في مكان خارج هذه الأحداث، سأتطرّق إليه لاحقًا.
قضايا
  • كل يغنّي على ويلاه

    إنّ القطيعة التي فرضها الإسلام على العرب مع جذورهم الجاهلية قد سجنتهم في بوتقة الواحدية الأيديولوجية التي لا يمكن أن تكون إلاّ كابتة ومستبدّة، أي فاشية في نهاية المطاف. كذا هي طبيعة الأيديولوجيّات الواحدية، أكانت هذه الأيديولوجيات دينية أو سياسية، لا فرق.
  • شعب واحد أم تشعّبات؟

    قد يظنّ البعض أنّ إطلاق الشّعارات يكفي وحده إلى تكوين مجموعة سكّانيّة هوموجينيّة متراصّة لها مقوّمات الشّعب كما يجب أن يفهم هذا المصطلح على حقيقته.

    تتمة الكلام
 
قراء وتعليقات
  • تعليقات أخيرة

  • جهة الفيسبوك

    قراء من العالم هنا الآن

  • عدد قراء بحسب البلد

    Free counters!